Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حركة مقاطعة إسرائيل" تبدأ العزل وتل أبيب تعتبرها من "الأخطار الإستراتيجية"

في البداية، نجحت الحركة في عزل إسرائيل أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى حدّ ما اقتصادياً

 تعمل حركة مقاطعة إسرائيل على تأسيس رأي عام عالمي (غيتي)

بثلاثة أهداف رئيسة، انطلقت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، المعروفة بـ "BDS"، قبل ثلاثة عشر عاماً، وذلك بعد عقود من تقاعس المجتمع الدولي في إلزام إسرائيل تنفيذ القانون الدولي وتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني.

في البداية، نجحت الحركة في عزل إسرائيل أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى حدّ ما اقتصادياً، حتى باتت تل أبيب تعتبرها من أكبر "الأخطار الإستراتيجية" المحدقة بها.

والحركة فلسطينية المنشأ، عالمية الامتداد، سعت إلى إنهاء الاحتلال في الأراضي الفلسطينية عام 1967، والقضاء على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، إضافة إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948.

واستطاعت الحركة الوصول إلى الجامعات والشركات ومراكز الأبحاث والبرلمانات والنقابات المهنية والعمالية في معظم دول العالم، من الأميركتين الشمالية والجنوبية، إلى أوروبا والهند وأستراليا وجنوب أفريقيا، إضافة إلى العالم العربي.

وتقود حركة "BDS" اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، التي تعمل في شكل لا مركزي، وتضع المعايير والإستراتيجية العامة وتترك لناشطيها في أنحاء العالم اختيار أفضل السبل للعمل من أجل المقاطعة وفق المبادئ الرئيسة للحركة.

ومنذ عام 2015، كلفت الحكومة الإسرائيلية وزارة الشؤون الإستراتيجية التفرغ للتصدي للحركة، ورصدت لها ملايين الدولارات واعتبرتها خطراً إستراتيجياً من "الطراز الأول"، لكنها فشلت في الحد من نشاطاتها، وفق عمر البرغوثي، وهو أحد مؤسسي الحركة.

فالحركة تعمل على تأسيس رأي عام عالمي يتولى عملاً فعلياً لعزل إسرائيل، كونها دولة فصل عنصري، وقد تجاوزت التعاطف الشعبي وحولته إلى حركة فعالة، لكنها تحتاج إلى سنوات من أجل إنجاز مهمتها، وفق البرغوثي.

ويكشف البرغوثي أن الحركة وصلت إلى مجالس الطلاب في عشرات الجامعات الأميركية، مؤكداً أن آلاف الفنانين في أنحاء العالم انضموا إلى المقاطعة الثقافية لإسرائيل كونها دولة متورطة في الاستيطان والفصل العنصري.

لكن البرغوثي يضيف، أن الحركة لم تصل بعدُ إلى مرحلة تشكيل لوبي للضغط في الكونغرس الأميركي، إلا أن لديها شركاء يعملون في مجال الضغط على صانعي القرار في الولايات المتحدة، أهمهم منظمة "صوت يهودي من أجل السلام"، التي تعد أكثر إطار يهودي أميركي نمواً في الأعوام الماضية.

ويؤكد البرغوثي أنه لا توجد رؤية سياسية محددة للحركة، وهي لا تجمع على شيء إلا على مبادئها الثلاثة، مؤكداً أنها لن تتوقف حتى بعد قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، وستستمر حتى إنهاء نظام الفصل العنصري وعودة اللاجئين.

ومع أن منظمة التحرير الفلسطينية تبنّت الحركة رسمياً قبل أربعة أعوام، لا يوجد تنسيق بين الجانبين. ويعتقد البرغوثي أن قوة الحركة تكمن في أنها حركة شعبية لا تتبع أي جهة حكومية ولا تتبنى أي إيديولوجيا سياسية، مشدداً على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

وعن آلية عمل الحركة، يشير البرغوثي إلى أنه حين تعتزم أيّ شركة التعاون مع إسرائيل لتنفيذ مشاريع ضد القانون الدولي، يبدأ الضغط على هذه الشركات من أجل الانسحاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول البرغوثي إن الحركة ضغطت طوال سبع سنوات على شركة "فيولا" الفرنسية، التي كانت شريكة في إنشاء القطار الخفيف داخل القدس المحتلة، وقد خسرت أكثر من عشرين مليار دولار في أنحاء العالم قبل أن تعلن انسحابها من إسرائيل تحت ضغط الحملة. وهناك مجموعة معايير في اختيار حملات المقاطعة، إذ لا بد من أن يكون هناك تواطؤ واضح بين الشركة وانتهاكات حقوق الإنسان، وأن تكون الشركة كبيرة، إضافة إلى إمكان نجاح الحملة، فالحركة لا تسعى إلى هدف غير قابل للتحقق.

ويوضح البرغوثي أن الحركة لا تستطيع وقف تطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل، لكنها تعمل على التأثير في الشعوب، مضيفاً أن الشعب السعودي من أكثر الشعوب العربية التي تعتبر القضية الفلسطينية مركزية، وفق استطلاعات الرأي.

ويرى البرغوثي أن التطبيع الفلسطيني مع إسرائيل شكل الأساس للتطبيع العربي، مشيراً إلى أن الحركة تضغط على السلطة الفلسطينية لحل لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، لأنها "لجنة تطبيع بامتياز وأصبحت حصان طروادة" لاختراق المجتمع، ولم "تلعب أي دور في تقدم شعبنا من أجل حقوقه".

ويؤكد مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، أن الحركة ناجحة وتحقق كل يوم إنجازاً جديداً، مشيراً إلى أنها تزعج إسرائيل، وليست موجهة ضد اليهود، بل ضدّ الاحتلال ونظام الفصل العنصري، وهي تتسع على الرغم من محاولات وقفها.

يتوقف الاختصاصي في الشأن الإسرائيلي عادل شديد عند انقسام النخب في إسرائيل في شأن نظرتها إلى الحركة، فبينما تعتبر الشرائح الأشكنازية اليسارية أنها تتقاطع معها في مناهضة الاستيطان والدعوة إلى إنهاء احتلال أراضي عام 1967، يرى اليمين الإسرائيلي في الحملة خطراً كبيراً على إسرائيل. إذ إنها تضعف شرعيتها الدولية وتُفشل جهود جعل إسرائيل جزءاً طبيعياً من المنطقة وتطبيع علاقاتها مع الدول العربية.

ويؤكد شديد أن النخب اليسارية ترى، أن تعزير الاستيطان وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل سيؤديان إلى أحد السيناريوات الثلاثة، الأول استمرار المواجهة المفتوحة، الثاني دولة فصل عنصري (ستقصّر من عمر دولة إسرائيل)، والثالث دولة لكل مواطنيها أي "القضاء على المشروع الصهيوني".

في السياق نفسه، يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت، إن إسرائيل تعتبر الحملة تهديداً مصيرياً لها على المدى البعيد. يضيف أن الحملة تمس الشرعية الدولية لإسرائيل، وهي "عصب حساس في إسرائيل وركيزة في المشروع الصهيوني". ويعتبر أن "إسرائيل لن تهزم في معركة حربية، إنما بتآكل شرعيتها".

وترى عميره هاس، الصحافية في جريدة هآرتس الإسرائيلية، أنه من المنطقي أن يبحث الفلسطينيون عن طرق أخرى للتواصل مع الرأي العام العالمي لكسب دعمهم لحقوق الفلسطينيين. وتضيف أنه بعد عقود طويلة لم يواجه الغرب انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي وتنكّرها للقرارات الدولية، إلا "برد فعل باهت ومحاباة إسرائيل. ما شجع الأخيرة على مواصلة تعميق انتهاكاتها وتنكّرها لحقوق الفلسطينيين".

وتقول هاس إن الحركة نجحت في ضرب الشرعية الإسرائيلية، خصوصاً أن إسرائيل أخفقت في إفشالها، على الرغم من أن الحملة تواجه هجوماً منظماً وممولاً تقوم به جماعات يهودية إسرائيلية وأخرى موالية لها.

وتضيف هاس أنه "من غير المنطقي أن تواصل إسرائيل الاستيطان ومصادرة حقوق الفلسطينيين الإنسانية والمدنية"، مشيرة إلى أنه كان المطلوب "إيقاظ الإسرائيليين وتنبيههم إلى أن الحياة الطبيعية الإسرائيلية مزيفة".

وتُعتبر هاس من أشد المناصرين للشعب الفلسطيني وتهاجم "سياسات الحكومات الإسرائيلية العنصرية" ضد الفلسطينيين في صحيفة هآرتس.

المزيد من الشرق الأوسط