ملخص
ناقش الكابينت المصغر في إسرائيل تنفيذ خطة في غزة بمشاركة عدد كبير من الوحدات العسكرية، ستركز من جديد على تشديد الحصار على القطاع والتوغل في المدن التي تدعي إسرائيل أن "حماس" توجد فيها، وهو الخيار الذي، كما يبدو، يحظى بأكثرية ويدعمه نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. إلا أن مصادر سياسية عدت هذا الخيار هو الأسوأ خصوصاً بعد الحملة الدولية الواسعة التي تعكس معاناة الفلسطينيين وما يعانيه الأطفال تحديداً جراء الجوع والمرض.
من دون رفض أميركي ولا ضوء أخضر، كُشف أن وزراء في الكابينت المصغر الإسرائيلي ناقشوا إمكانية ضم أراض من قطاع غزة لإسرائيل. ونُقل عن مصدر عسكري أن النقاش حول ضم أراض من غزة كان في مركز مناقشات الكابينت حول العمليات في غزة اذا فشلت جهود التوصل إلى اتفاق حول صفقة قريباً. وأشار هذا المصدر الى أن الولايات المتحدة لا ترفض الفكرة بشكل قاطع.
ولم تجد الضغوط الأميركية والعالمية وحتى في الداخل الإسرائيلي، نفعاً لتغيير موقف الحكومة الإسرائيلية إزاء حربها في غزة والعمل على تقصير مدتها وإنهائها. وأبقى الكابينت المصغر، الذي انعقد لساعات امتدت حتى قبيل منتصف ليل الأحد، وسط خلافات ونقاشات مع المستوى العسكري، طبول الحرب تقرع وقد أمهل أياماً قليلة ووضع أمامه خيارين لا ثالث لهما، إما إعادة احتلال قطاع غزة من جديد، أو فرض حصار شامل على المدن التي تخضع لسيطرة "حماس".
في الخيار الأول طالب معظم الوزراء وقف المساعدات الإنسانية، على رغم الحملة الدولية وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أوضحت ما يتعرض له الغزيون والأطفال بينهم تحديداً، من جوع ومرض.
وكشف عن أن اجتماع الكابينت شهد خلافات ونقاشات عمقت الشرخ بين قيادة الجيش والمستوى السياسي، الذي ادعى عسكريون أنه لا يتعاون بالمطلق من أجل التقدم في خطوات عملية مما أبقى الوضع من دون حسم عسكري ولا صفقة ولا سياسة موحدة فيما المعركة في غزة تراوح مكانها، وفق مسؤول عسكري.
وحذر مطلعون على المشاورات الإسرائيلية حول غزة من نية رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو عدم التوصل إلى وقف نار دائم وسعيه بكل الطرق لعرقلة صفقة تضمن إنهاء الحرب.
مفترق طرق من دون قرار حاسم
بحسب الخطة التي ناقش الكابينت تنفيذها في غزة بمشاركة عدد كبير من الوحدات العسكرية، ستركز من جديد على تشديد الحصار على غزة والتوغل في المدن التي تدعي إسرائيل أن "حماس" توجد فيها، وهو الخيار الذي، كما يبدو، يحظى بأكثرية ويدعمه نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.
مصادر سياسية عدت أن هذا الخيار هو الأسوأ خصوصاً بعد الحملة الدولية الواسعة التي تعكس معاناة الفلسطينيين وما يعانيه الأطفال تحديداً جراء الجوع والمرض، ما استدعى حتى من الرئيس الأميركي، تأكيد التقارير حول هذا الوضع بعكس ما حاول الترويج له وادعاءه نتنياهو، بأن المساعدات الإنسانية تصل وبكميات كبيرة ولا جوع في غزة.
الكابينت الذي اجتمع حتى قبيل منتصف ليل الأحد ناقش الخيارين لكنه لم يتخذ قراراً حاسماً وأبقى الأمر بانتظار تطورات صفقة الأسرى وما إذا كانت "حماس" ستوافق على التوصل إلى صفقة من دون التزام وقف الحرب، وبحسب ما أكد مصدر عسكري فإن الجيش على أهبة الاستعداد بانتظار أوامر المستوى السياسي.
خطة الجيش لا تشمل، في هذه المرحلة، تصوراً لاحتلال كامل للقطاع، ونقل عن مصدر مطلع على تفاصيل الخطة أن الجيش "لم يطلب منه حتى اللحظة إعداد خطة للسيطرة الكاملة على غزة، وفق ما يطالب أعضاء الكابينت، لكن المؤكد هو توسيع العمليات والتوغل في مناطق واسعة.
مسؤول سياسي وصف الوضع الحالي بالأسوأ، وقال "نحن اليوم في أسوأ وضع منذ بداية الحرب... المفاوضات في شأن صفقة التبادل في جمود تام، الجيش في حال تراجع ميداني، الجنود يقتلون، بينما 'حماس' لا تشعر بأي ضغط وفوق هذا كله يطلق الرئيس ترمب تصريحات يقر فيها بوجود مجاعة في غزة، وهذا وحده ضربة كبيرة لإسرائيل".
إزاء عدم الحسم حذرت الأجهزة الأمنية من عدم اتخاذ قرارات حاسمة معتبرة إسرائيل أمام "مفترق طرق" خطر، خصوصاً مع استمرار عرقلة الصفقة وهو ما يضع كل ملف غزة في وضع غير مستقر وخطر. وبحسب مسؤول أمني فإن "الزخم الذي كان قائماً لإنجاز صفقة التبادل قد تبخر فمشروع توزيع المساعدات والسيطرة على الأرض كان طموحاً، وقد عزز الصفقة، لكنه تبخر. الآن انتقل الزخم إلى الطرف الآخر، ومهمتنا اليوم استعادته".
الحكومة الإسرائيلية التي تتعرض لضغط دولي وداخلي غير مسبوق لا تأخذ بالاعتبار هذه الضغوط ولا تصريحات ترمب، ويسعى وزراء اليمين إلى التوصل إلى مسار في غزة يضمن إبقاء الجيش ووقف المساعدات الإنسانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نتنياهو وتوجهه الجديد
عضو الكنيست عن حزب الليكود موشيه سعادة، كشف بعد النقاش الإسرائيلي حول الانقسام في شأن غزة أن "نتنياهو سيعمل ضمن توجه جديد يتمثل في فرض السيطرة المباشرة على غزة وإنشاء منطقة إنسانية، ويتحدث عن احتلال غزة، وإنشاء مدينة إنسانية نوفر فيها الطاقة والغذاء والرعاية الصحية، ثم نسمح بالهجرة".
وزراء الائتلاف وفي مقدمتهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، يرفضون قبول أي حل لا يضمن وضع غزة تحت سيطرة إسرائيل، وقال في مؤتمر عقده "مركز تراث غوش قطيف" بمرور 20 عاماً على تنفيذ خطة الانفصال عن القطاع، "غزة جزء لا يتجزأ من إسرائيل لن ننسحب منها"، وبحسبه "في الوقت الحالي تعمل الحكومة على دفع عملية استراتيجية لا مجال للتوسع فيها لكن خلال وقت قصير سنعرف إذا كانت ناجحة وإلى أين نتجه".
نقتل البعوض ولا نجفف المستنقع
انهيار آخر في السياسة وقع بالنسبة إلى التموين الذي يسمى خطأ "مساعدات إنسانية"، هكذا عد رافضو تقديم المساعدات الإنسانية لغزة بعد البدء بتطبيق قرار الهدنة المستمرة بين الساعة العاشرة صباحاً والثامنة مساء، والخلافات في إسرائيل حولها، في مقابل ما تتعرض له تل أبيب في العالم من انتقادات لسياسة التجويع في القطاع.
المتخصص في الشؤون الإسرائيلية- الفلسطينية أرئيل كهانا، يرى أنه إزاء كل الخلافات، يبقى ملف غزة عالقاً "صحيح أن قواتنا تواصل ضرب البنى التحتية للإرهاب التي لا تنتهي لحماس من فوق ومن تحت الأرض، لكن لم يدخل الجيش بعد إلى الـ25 في المئة من أراضي غزة التي لا تزال حماس تحكمها، بحيث أننا عملياً نقتل البعوض لكننا لا نجفف المستنقع".
ويتبنى كهانا الموقف الرافض لتقديم المساعدات بل يعده خطوة في غير مصلحة إسرائيل، ويقول إن "حملة الأكاذيب شديدة القوة وكأنه يوجد جوع في غزة أجبرت نتنياهو على أن يأمر سلاح الجو بأن ينزل بنفسه المؤن من الجو إلى المناطق التي تسيطر عليها حماس. كما تمت زيادة كمية الشاحنات التي تدخل مباشرة إلى غزة بصورة كبيرة، في تضارب تصريح مع سياسة الإغلاق التي قررها الكابينت قبل بضعة أشهر. هذا ما يسمى انهيار السياسة".
وبرأيه فإن المشكلة الأكبر والأكثر تعقيداً التي تشهدها إسرائيل هي "أن أحداً في القيادة الإسرائيلية لا يعرف كيف يمكن الخروج من المتاهة التي ترتبط عناصرها جيداً الواحد بالآخر. هكذا يفهم من الحديث مع المحافل العسكرية والسياسية على حد سواء".
وإزاء الخلافات المحتدمة داخل الحكومة والكابينت وبين المستويين العسكري والسياسي حذرت جهات عدة من تداعيات وخطورة عدم حسم الوضع وقدمت توصيات من جهات عدة، جاء في واحدة منها أنه بدل الوضع القائم ومن أجل إخراج العربة الإعلامية من الوحل الغزاوي هناك حاجة إلى أن يكف نتنياهو ووزيراه كاتس وسموتريتش ورئيس الأركان أيال زامير عن الخلافات في ما بينهم والدخول، بعصف أدمغة للتوصل إلى خطة متفق عليها تحسم ملف غزة.