ملخص
يعكس الرقم الجديد "عودة قوية للنمو السكاني بعد تباطؤ ملحوظ خلال سنوات جائحة 'كوفيد-19'، إذ أظهرت البيانات أن السكان تعافوا من تأثيرات الجائحة التي شهدت خلالها بعض الدول الخليجية انخفاضاً في أعداد المقيمين".
سجَّلت دول مجلس التعاون الخليجي زيادة سكانية لافتة بلغت نحو 36 في المئة في عام واحد مع وصول عدد السكان إلى نحو 61 مليون نسمة بنهاية 2024 بزيادة أكثر من 21 مليون نسمة مقارنة بعام 2023، وفق بيان أصدره المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي على هامش الاحتفال بيوم السكان العالمي الذي يصادف الـ11 من يوليو (تموز) من كل عام.
ويعكس الرقم "عودة قوية للنمو السكاني بعد تباطؤ ملحوظ خلال سنوات جائحة 'كوفيد-19'، إذ أظهرت البيانات أن السكان تعافوا من تأثيرات الجائحة التي شهدت خلالها بعض الدول الخليجية انخفاضاً في أعداد المقيمين"، خصوصاً في فئة العمالة الوافدة التي اضطرت إلى مغادرة المنطقة بسبب الإغلاقات وتباطؤ الأنشطة الاقتصادية.
ومنذ عام 2021 زاد عدد سكان دول المجلس بنحو 7.6 مليون نسمة، مما يدل على أن التعافي لم يكن تدريجاً فحسب، بل شهد قفزة كبيرة في 2024. ويفسر ذلك باستئناف المشاريع الاقتصادية الكبرى في السعودية والإمارات وقطر وعمان، إضافة إلى استقطاب العمالة الأجنبية بكثافة لدعم هذه الخطط التنموية، وعلى رأسها رؤية السعودية 2030، واستحقاقات تنظيم الأحداث الكبرى مثل كأس آسيا 2023 في قطر، والمشاريع العقارية والصناعية العملاق في دبي والرياض.
سر الفارق الكبير بين أعداد الجنسين
ويظهر المركز ومقره سلطنة عمان أيضاً اختلالاً كبيراً في التوازن الديموغرافي، إذ بلغ إجمالي عدد الذكور نحو 38.5 مليون نسمة مقابل 22 مليون أنثى، مما يعني وجود نحو 169 ذكراً لكل 100 أنثى، وهو فارق كبير جداً مقارنة بنسبة النوع عالمياً البالغة 101 ذكر لكل 100 أنثى. هذه الفجوة تعود أساساً إلى اعتماد دول الخليج على العمالة الوافدة من الذكور للعمل في قطاعات البناء والصناعة والخدمات مع قلة توافد الأسر المقيمة بصورة دائمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يلاحظ أن سكان دول مجلس التعاون يشكلون 0.7 في المئة من سكان العالم فحسب، على رغم الثقل الاقتصادي الكبير للمنطقة، مما يعكس محدودية الكتلة السكانية الخليجية مقارنة ببقية دول العالم، لكن هذه النسبة مرشحة للارتفاع إذا استمرت المنطقة في استقطاب مزيد من العمالة الأجنبية وتنفيذ مشاريع ضخمة مع خطط بعض الدول لتحفيز نسب التوطين وتقليل الاعتماد على العمالة الخارجية على المدى الطويل.
قبل جائحة "كوفيد-19" كان النمو السكاني في الخليج مدفوعاً بنمو اقتصادي متسارع وازدهار قطاعات البنية التحتية والإنشاءات والخدمات، لكن الجائحة تسببت في عودة مئات الآلاف من العمالة إلى بلدانهم، مما أدى إلى تراجع موقت في أعداد السكان، مع التعافي الاقتصادي وتخفيف القيود الصحية عادت المنطقة بقوة إلى استقطاب العمالة مجدداً، بل بوتيرة أعلى لتلبية الطلب على الأيدي العاملة في مشروعات التحول الاقتصادي الطموح.
ديموغرافيا الخليج تحت المجهر
تعكس القفزة السكانية في تقدير المراقبين تعافياً واضحاً للاقتصاد الخليجي وثقة متجددة في استقرار المنطقة وقدرتها على استقطاب المواهب والعمالة لدعم مشاريعها العملاق مع استمرار الحاجة إلى معالجة الاختلالات الديموغرافية والبحث عن مزيد من التوازن بين العمالة الوطنية والوافدة، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى تحديات ديموغرافية وضغط على الخدمات في دول المنظومة.
وكانت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية كبرى دول المجموعة الخليجية كشفت هذا الأسبوع عن أن عدد سكان السعودية بلغ نحو 35.3 مليون بنهاية 2024 بزيادة 6.1 في المئة عن عام 2023 بعدما كان العدد نحو 33.7 مليون. ويمثل السعوديون نحو 55.6 في المئة (19.6 مليون نسمة)، بينما يبلغ عدد المقيمين 44.4 في المئة (15.7 مليون نسمة)، كما أظهرت البيانات تبايناً ملحوظاً في التوزيع الجنسي، إذ بلغ عدد الذكور 62.1 في المئة مقارنة بـ37.9 في المئة إناثاً، كما شكلت فئة الشباب (بين 15 و64 سنة) نحو 74.7 في المئة، بينما كانت نسبة الأطفال دون 15 سنة 22.5 في المئة، وكبار السن فقط 2.8 في المئة.
وتؤكد هذه الإحصاءات أن النمو السكاني السعودي لا يزال مدعوماً بقاعدة شبابية قوية، وهو ما يعكس ميزات عدة، إلى جانب حاجة مستمرة إلى الاستثمار في التعليم والتدريب وتطوير رأس المال البشري، كما تعزز قاعدة المقيمين الكبيرة (نحو 15.7 مليون) من الطلب على الخدمات العامة والبنية التحتية.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة تمثل أكبر دولة في المساحة وعدد السكان داخل مجلس التعاون، مما يجعل مراقبة تطور هذه الأرقام أساساً لفهم الاتجاهات الديموغرافية وتأثيراتها المحتملة على سوق العمل والسياسات الاجتماعية في الخليج.