ملخص
على رغم تأكيد وزارة الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلية أنها اتخذت احتياطاتها لمواجهة الاحتمالات، فإن المخاوف تتزايد من احتمال نقص الوقود.
في بيان لها الخميس الـ19 من يونيو (حزيران) الجاري، قالت الحكومة الإسرائيلية إن لديها مخزوناً كافياً من مشتقات تكرير البترول لتعويض توقف المصافي حالياً. وعلى رغم أن الصحف الإسرائيلية بدأت تتحدث عن احتمالات أزمة وقود، فإن الحكومة أكدت أن وضع الطاقة تحت السيطرة. ونشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً الأربعاء الماضي عن احتمالات حدوث أزمة وقود في البلاد وربما أيضاً التأثير في إنتاج الكهرباء إذا استمر إغلاق المصافي.
أصدرت "غلوبال كوموديتي إنسايتس" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" الجمعة تقريراً عن تبعات توقف مصافي التكرير في إسرائيل. وجاء في تقرير "غلوبال" أن "إسرائيل ستواجه تحديات هائلة في إمدادات الوقود إذا لم تتمكن من إصلاح الأضرار في مصفاة التكرير الكبرى في حيفا (نتيجة القصف الإيراني) التي جعلت البلاد من دون مصافٍ عاملة فترة أسابيع في الأقل".
تعد مصفاة حيفا، التي تديرها مجموعة "بازان" الأكبر في إسرائيل وتزود البلاد بنسبة 60 في المئة من حاجات الديزل ونسبة 50 في المئة من البنزين، أما المصفاة الأخرى الأصغر في أسدود فهي مغلقة لعمليات صيانة وتحسينات، ولا يتوقع أن تعود للعمل قبل أسبوعين تقريباً، وعندما تعمل مصفاة حيفا بنسبة تشغيل 85 في المئة فإنها تنتج 197 ألف برميل يومياً من المشتقات. وفي الفترة الأخيرة قبل توقفها عن العمل كانت تنتج بمعدل 150 ألف برميل يومياً، إذ إن مشتقات التكرير التي تنتجها تستخدم بصورة أساس في قطاع النقل والمواصلات الذي قل نشاطه أخيراً.
مخاوف واحتمالات
على رغم تأكيد وزارة الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلية أنها اتخذت احتياطاتها لمواجهة الاحتمالات، فإن المخاوف تتزايد من احتمال نقص الوقود. وقالت الوزارة في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية إن "إسرائيل لديها وقود واحتياطات ولا يتوقع أي نقص"، لكن صحيفة "هآرتس" ذكرت أن شركة "سونول" وهي من كبرى شركات التجزئة للبنزين أبلغت عملاءها التجاريين أن "الاضطرابات أدت بالفعل إلى صعوبات في توريد البنزين، بخاصة في حالات محددة".
حتى الآن، لا توجد أزمة في محطات البنزين، كما أن نسبة قليلة من الديزل هي التي تستخدم في محطات توليد الكهرباء التي تعمل معظمها بالغاز، ثم إن هناك مخزوناً كبيراً من المشتقات في مصفاة التكرير بأسدود، كانت خزنته تحسباً للتوقف قبل دخولها في عمليات الصيانة.
يشير تقرير الصحيفة إلى أن مما يخفف احتمالات الأزمة أن استهلاك الوقود في النقل والمواصلات شهد انخفاضاً واضحاً في الآونة الأخيرة، ثم إن إسرائيل حتى في الأحيان العادية، ومن دون توقف المصافي فيها، تستورد المشتقات المكررة بالناقلات بخاصة من أوروبا. ويمكن زيادة الاستيراد الآن لتفادي اللجوء إلى احتياط الطوارئ من المشتقات البترولية، إلا أن هذا قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود للمستهلكين نتيجة كلفة الاستيراد العالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع بدء الحرب مع إيران أوقفت إسرائيل الإنتاج في حقلي ليفياثان وقارش للغاز في البحر المتوسط، إلا أن حقل تامار البحري للغاز ما زال يعمل وهو ما يوفر الغاز لمحطات توليد الكهرباء. ربما تكون الأزمة في الكيروسين المستخدم كوقود للطائرات، لكن مع توقف الطيران المدني انخفض الاستهلاك، وإن كانت طلعات الطائرات الحربية لضرب إيران أصبحت تستهلك وقوداً أكثر.
تعويض بالاستيراد
يبدو أن إسرائيل بدأت بالفعل تعويض توقف المصافي بالاستيراد، على رغم أنها تقليدياً معروفة بالاكتفاء الذاتي من المشتقات المكررة وإن كانت تستورد الخام لمصافيها. تشير بيانات متابعة حركة السفن والناقلات إلى ارتفاع ملحوظ في استيراد المشتقات بخاصة وقود الطائرات والبنزين والديزل.
تقدر "غلوبال" أن توقف مصفاة حيفا قد يضطر إسرائيل إلى زيادة وارداتها من البنزين من نحو 10 آلاف برميل يومياً إلى 50 ألف برميل يومياً، أي مضاعفة الاستيراد خمس مرات، كذلك سيكون عليها زيادة وارداتها من الديزل من 10 آلاف برميل يومياً إلى 60 ألف برميل يومياً، أي مضاعفة الاستيراد ست مرات، أما بالنسبة إلى وقود الطائرات فقد يكون على إسرائيل زيادة الاستيراد من نحو الصفر تقريباً إلى 10 آلاف برميل يومياً.
بحسب بيانات شركة "كبلر"، في العادة تستورد إسرائيل شحنة واحدة من وقود الطائرات كل ثلاثة أو أربعة أشهر، كانت آخر شحنة في أبريل (نيسان)، إلا أن زيادة استهلاك الطيران الحربي للوقود سيجعل الخيار أمام إسرائيل هو زيادة الاستيراد، وإن كان تقرير "غلوبال" يشير إلى أن إسرائيل "تتوجه لحلفائها الغربيين على ما يبدو لتوفير متطلباتها. وأكدت بريطانيا في الـ14 من يونيو أنها سترسل طائراتها للتزود بالوقود في الجو إلى الشرق الأوسط من أجل ما وصفته الدعم الطارئ، كما نقلت الولايات المتحدة طائرات تزويد بالوقود في الجو إلى أوروبا"، إلا أن هناك تحدياً آخر وهو قدرة الموانئ الإسرائيلية المجهزة لاستقبال الناقلات على استيعاب كثافة الاستيراد. وفي مذكرة لشركة "أس أند بي راتينغس" نشرت في بورصة تل أبيب، حذرت من أن "موقع أسدود قد يعاني صعوبات في دعم الاستيراد لتعويض توقف مصفاة حيفا مما يزيد أخطار الإمدادات".
بحسب أرقام وبيانات شركة "كبلر" فإن طاقة استيعاب أسدود للواردات في أفضل الأحوال هي عند 25 ألف برميل يومياً، أي أقل من نصف الكميات التي تقدر "غلوبال" أنه قد يكون على إسرائيل استيرادها.