ملخص
على مدى أسبوع، كان القادة الإيرانيون يخططون لاحتمال تعرضهم لهجوم إسرائيلي في حال فشلت المحادثات النووية مع الولايات المتحدة. ومع ذلك ارتكبوا خطأً استراتيجياً كبيراً، وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، لم يتوقعوا أن تبادر إسرائيل بالهجوم قبل الجولة المقبلة من المفاوضات المقررة في عمان
أكثر من 24 ساعة عصيبة مرت على منطقة الشرق الأوسط بعد اندلاع ما بات يطلق عليه في أوساط المتابعين "الحرب الإسرائيلية الإيرانية"، والتي بدأت بمهاجمة تل أبيب، فجر أمس الجمعة، مواقع استراتيجية وشخصيات عسكرية قيادية ونووية في إيران، فردت طهران مساء اليوم نفسه بإطلاق صواريخ باليستية سقط جزء منها في الداخل الإسرائيلي، وسط أنباء عن سقوط عدد من القتلى والجرحى الإسرائيليين.
وفيما لا تزال التطورات على حالها مع تهديد الطرفين بضربات موجعة، تكثر التساؤلات عن الفشل الاستخباراتي الواضح الذي منيت به طهران في توقع الضربة وتوقيتها، خصوصاً أن إسرائيل كانت توعدت منذ أشهر بهجوم قاس، وقالها علانية مسؤولوها وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك فعل المسؤولون الأميركيون الذين حذروا مراراً إيران من عدم المضي باتفاق نووي.
إيران "فشلت" في تقدير التوقيت
يكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نشر قبل ساعات، عن توقع إيران لضربات عسكرية إسرائيلية لكنه يقول إنها "فشلت" في تقدير التوقيت واتخاذ الإجراءات الكافية، مما تسبب في سقوط خسائر كبيرة في قياداتها وضربات قاسية طاولت منشآت نووية وعسكرية.
ويقول معدو التقرير عن كواليس ما دار قبل الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مواقع حساسة في إيران، إن المسؤولين الإيرانيين عدوا أن التهديدات مجرد تهويل ودعاية إسرائيلية للضغط عليها لتقديم تنازلات في برنامجهم النووي ضمن جولة المفاوضات النووية المقبلة مع أميركا، التي كانت مقررة في عمان غدٍ الأحد، وإن السلطات الإيرانية كانت تتحضر لضربات معادية محتملة منذ نحو أسبوع، لكنها توقعت أن يحصل الأمر بعد جولة المفاوضات، إن فشلت، وليس قبلها.
وتضيف الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين تساهلوا في اتخاذ الاحتياطات الأمنية الضرورية بسبب ما قالوا إنه "الاطمئنان الزائف"، فيما الاحتياطات التي كانت مقررة تم تجاهلها، مما أدى إلى نتائج كارثية في الأرواح والمواقع الاستراتيجية. ونقلت الصحيفة عن شخصيات إيرانية قيادية أن قادة عسكريين كباراً، من بينهم قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني الجنرال أمير علي حاجي زاده، عقدوا اجتماعاً طارئاً في قاعدة بطهران، على رغم التحذيرات، وقتلوا إثر استهداف القاعدة. كما يكشف المسؤولون الإيرانيون أنه في ليلة الهجوم الإسرائيلي، لم يلتجئ كبار القادة العسكريين إلى المخابئ الآمنة، بل بقوا في منازلهم، وهو قرار مصيري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في وقت مبكر من صباح الجمعة، عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، المكون من 23 عضواً ويتولى مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي، اجتماعاً طارئاً لبحث كيفية رد البلاد على الهجوم. وبحسب ما أفاد به مسؤولان مطلعان على مجريات النقاش للصحيفة الأميركية فقد ظهرت انقسامات في الرأي في شأن توقيت الرد الإيراني وكيفيته، وما إذا كانت إيران قادرة على خوض حرب طويلة الأمد مع إسرائيل، قد تجر معها أميركا، نظراً إلى الضرر الكبير الذي لحق بقدراتها الدفاعية والصاروخية، فيما قال أحد المسؤولين خلال الاجتماع إن أي رد إسرائيلي يستهدف البنية التحتية في إيران أو منشآت المياه والطاقة، قد يؤدي إلى احتجاجات أو اضطرابات شعبية ضد النظام.
تخطيط سري دام ثمانية أشهر
في سياق متصل، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله، إن العملية الإسرائيلية ضد برنامج إيران النووي وقيادتها العسكرية وترسانتها الصاروخية "لم تقترب من الانتهاء"، إذ خططت إسرائيل لـ14 يوماً من العمليات.
وكانت تل أبيب أعلنت أنها خططت لعملية "طويلة الأمد" بعد سلسلة ضربات على إيران، فيما أشار موقع "أكسيوس" إلى أن العملية العسكرية جاءت بعد ثمانية أشهر من التحضيرات السرية المكثفة. وفي وقت سابق، قال نتنياهو إن بلاده تسعى إلى "القضاء" على القدرات النووية والصاروخية الإيرانية من خلال هذه العملية التي من المتوقع أن تستمر "بقدر ما تستغرقه من أيام"، فيما توقع مسؤولون إسرائيليون آخرون أن تستمر العملية لأسابيع.
الضربات الإسرائيلية المفاجئة، فجر أمس، دفعت أيضاً كثيرين للتساؤل عما إذا كانت واشنطن "تخدع" طهران في سياق مساعيها ضمن المفاوضات النووية، إذ فيما كانت إدارة ترمب تسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي، كانت تل أبيب تجمع معلومات وتتحضر لتنفيذ الهجوم الكبير.
وينقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهما، إن ترمب ومساعديه كانوا "يتظاهرون" بمعارضة الهجوم علناً، لكنهم لم يعترضوا عليه في جلسات خاصة، وقالا إن الهدف من هذا التكتيك كان منع إيران من توقع هجوم وشيك، والتأكد من أن الأهداف الإيرانية المدرجة على قائمة الاستهداف الإسرائيلية لن تغير مواقعها.