Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة الاعتبار للورقة والقلم في المؤسسات التعليمية

بهدف سلب الطلاب الأداة التي استبدلوا بها عقولهم ووضعهم وجهاً لوجه أمام الاختبار الحقيقي ثانية

أصبح من السهل الوصول إلى بوتات المحادثة التي تكتب مقالات متكاملة وتجيب عن أي سؤال (pixabay)

ملخص

يلوح تحد يتعلق بتكيف الطلاب ثانية مع استخدام الورق، فبعد أعوام من هجرها قد تبدو الكتابة اليدوية بمثابة تغيير في وتيرة التعلم، وفي حين احتجنا في وقت سابق إلى إعداد الطلاب لتبني التحويل الرقمي، نجد أنفسنا اليوم نحاول أن نعود لنقطة البداية بصعوبة.

كان لجائحة كورونا الدور الأبرز في تسريع التحول الرقمي، إذ لم تترك خياراً آخر لدى البشر سوى إنجاز مهماتهم والتزاماتهم من بعد بدلاً من الانقطاع عنها أو التضحية بها، وهذا ما حصل على مستوى التعليم بخاصة، إذ تحولت طريقة تقديم الاختبارات لتصبح اختبارات رقمية، ومع أهمية دورها في استمرار العملية المعيارية إلا أن مزيداً من المؤسسات التعليمية تعود اليوم للاختبارات التقليدية أو الورقية، فما السبب وراء هذه العودة؟

الغش الأكاديمي

ربما يبدو أن مواجهة مستخدمي "شات جي بي تي" في أغراض يفترض أن يكون أساسها الصدقية التي يختصرها الحديث النبوي "من غش فليس منا"، إذ تأتي القرارات المؤسساتية اليوم لتقول بصراحة إن من غشنا ليس منّا، وإن مواجهة عمليات الغش المتكررة يجب أن تقابل بمجموعة إجراءات رادعة، فمع الفشل المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي المصممة لرصد الغش أصبح خارج السيطرة فعلياً، ومع سهولة الوصول إلى بوتات المحادثة التي تكتب مقالات متكاملة وتجيب عن أي سؤال، بدأ طلاب المدارس الثانوية والجامعات بممارسة الغش تاركين للخوارزمية مهمة التفكير وإجراء الاختبارات نيابة عنهم، إذ أظهر استطلاع حديث أن 89 في المئة من طلاب الجامعات أقروا باستخدامهم "شات جي بي تي" لإنجاز واجباتهم المدرسية، وشهدت الجامعات والمدارس الأميركية ارتفاعاً غير مسبوق في حالات الغش الأكاديمي.

بيئة آمنة

وتجد المؤسسات التعليمية في العودة للاختبارات التقليدية باستخدام الورق حلاً لا بديل عنه اليوم لسلب الطلاب الأداة التي استبدلوا بها عقولهم، ووضعهم وجهاً لوجه أمام الاختبار الحقيقي ثانية، فخلال مايو (أيار) الماضي أُخبر فصلان دراسيان في السنة الثالثة في "جامعة فيكتوريا" بالتحول للكتابة بخط اليد خلال اختباراتهم المقبلة، وفي هذا الإجراء محاولة لإعادة ضبط العملة الاختبارية التي خرجت عن السيطرة، فالامتحان الرقمي يثير كثيراً من القلق حول النزاهة والصدقية، في حين توافر الاختبارات الورقية مزايا يصعب تحقيقها في نظريتها الرقمية، فهي أكثر موثوقية وتؤمن بيئة تخضع للضبط والمراقبة وتوفر حد أدنى من الإنصاف، ويبدو الطلاب فيها أكثر تفاعلاً وتركيزاً بسب بعدهم من تأثير الشاشات المشتت، والأهم أنها في متناول الجميع بغض النظر عن مواردهم، إذ لا تتطلب بنية تحتية رقمية وبخاصة للطلاب في مناطق ذات وصول محدود للتكنولوجيا.

القلم والورق ينتصران

ومن المفارقات أن نرى شركة Roaring Spring Paper، وهي الشركة التي تحتل سوق الورق وتنتج غالبية الكراسات الزرقاء "بلو بوك" التي تباع في مكتبات الجامعات، تقر بأن عصر الذكاء الاصطناعي الجديد كان جيداً لأعمالها، فبعد انخفاض مبيعاتها عامي 2020 و2021 بسبب الوباء، عادت لتنتعش خلال الأعوام الأخيرة، وكشفت "وول ستريت جورنال" أن مبيعات كراسات "بلو بوك" نمت بصورة كبيرة منذ إطلاق "شات جي بي تي" أواخر عام 2022، واستناداً إلى بيانات عدد من الجامعات الحكومية الكبرى فقد "ارتفعت مبيعات الكراسات هذا العام الدراسي بأكثر من 30 في المئة في جامعة Texas A&M، وبنحو 50 في المئة في جامعة فلوريدا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى مدى العامين الدراسيين الماضيين ارتفعت مبيعات "بلو بوك" في متجر طلاب كاليفورنيا 80 في المئة بسبب الغش باستخدام "شات جي بي تي"، لتجد نفسها في الصفوف الأمامية لحروب الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية.

والمثير للتأمل أن الطلاب الذين كانوا في السنة الأولى عند إصداره عام 2022 سيصبحون طلاباً في السنة الأخيرة العام المقبل، مما يعني أنهم تمكنوا طوال فترة دراستهم الجامعية تقريباً من الوصول إلى أقوى أجهزة الغش على الإطلاق وأصبحوا يعتمدون عليه، وفقاً للصحيفة.

وأبرز ما يميز النمو الهائل لـ "بلو بوك" هو انخفاض استخدام "شات جي بي تي" بنسبة تقارب 10 في المئة بين مايو ويونيو (حزيران) عندما لم يكن الطلاب في المدرسة، ويبدو في هذه الإحصاءات إعلان لانتصار القلم والورقة على "شات جي بي تي"، وفي حين يبرز هذا الحل كخطوة في الاتجاه الصحيح لكنه بالتأكيد ليس حلاً شاملاً لمختلف المشكلات الناجمة عن استخدام الطلاب الذكاء الاصطناعي.

تحول صعب

وعندما نعود لتبني النهج التقليدي فنحن نتحدث عن عملية يدوية برمتها، بدءاً من الموارد البشرية واللوجستية وصولاً إلى أدق التفاصيل المتعلقة بالموارد وتنظيمها على أرض الواقع، ولا بد من أن ترافق هذه العملية التراجعية جملة من التحديات ومنها العبء الإداري الذي سيزداد طرداً تبعاً لحجم الفصل الدراسي، ولو أن التصحيح الرقمي سيخفف جزءاً منها، وكذلك كلفة الطباعة وتأمين بيئة آمنة وعادلة، إضافة إلى أن نهج استخدام الورق والحبر يتعارض مع توجهات الاستدامة، لكن مع الوقت ستكتشف بعض المدارس خيارات ورقية مستدامة أو نماذج مختلطة لتقليل التأثير البيئي مع الحفاظ على نزاهة التقييمات الورقية.

كما يلوح تحد يتعلق بتكيف الطلاب ثانية مع استخدام الورق، فبعد أعوام من هجرها قد تبدو الكتابة اليدوية بمثابة تغيير في وتيرة التعلم، وفي حين احتجنا في وقت سابق إلى إعداد الطلاب لتبني التحويل الرقمي، نجد أنفسنا اليوم نحاول أن نعود لنقطة البداية بصعوبة، إذ يحتاج الطلاب إلى دعم حقيقي للتكيف مع الاختبارات الورقية، بخاصة أولئك الذين سيواجهون الاختبارات الحضورية للمرة الأولى منذ الجائحة، ويبدو أن تبني مناهج هجينة ومختلطة، تجمع بين الجوانب الجيدة من الاختبارات الورقية والرقمية، يعد حلاً أولياً مناسباً، كأن يجري المعلمون الاختبارات ورقياً ثم يستخدمون منصات رقمية لإدارة عملية التصحيح والملاحظات، إذ تكمن الفكرة في إيجاد نهج متوازن يوظف التكنولوجيا لتبسيط عملية التقييم مع الحفاظ على نزاهة الاختبارات الورقية للوصول إلى تقييمات عادلة وموثوقة تساعد الطلاب في التعلم والنجاح.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم