ملخص
وفقاً لمصادر عسكرية، تمكن الجيش من السيطرة على طريق الصادرات بارا - أم درمان من اتجاه البنك العقاري، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف يأتي من أجل إجبار قوات "الدعم السريع" على التراجع، وإفساح المجال لقوات الجيش التي تقترب من السيطرة على غرب أمبدة وصولاً إلى طريق الصادرات الذي يربط بين ولايتي الخرطوم وشمال كردفان.
استهدفت ضربة نفذتها قوات الدعم السريع لأول مرة مطار بورتسودان، المدينة الواقعة على البحر الأحمر والتي تتمركز فيها الحكومة الموالية للجيش، على ما أعلن المتحدث باسم الجيش الأحد.
وقال المتحدث إن قوات الدعم السريع "استهدفت هذا الصباح قاعدة عثمان دقنة الجوية ومستودعا للبضائع وبعض المنشآت المدنية بمدينة بورتسودان بعدد من المسيرات الانتحارية" من غير أن يسفر الهجوم عن وقوع ضحايا.
وتصاعدت حدة التوترات في إقليم كردفان، غربي السودان، لليوم الثالث على التوالي، فبينما أعلنت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، بعد معارك مع قوات الجيش التي انسحبت من مدينة النهود، أول من أمس الجمعة، شن طيران الجيش، أمس السبت، غارات جوية مكثفة على مواقع "الدعم السريع" بمدن النهود والخوي والديبيبات وبارا وجبرة الشيخ بولاية غرب كردفان، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
بالتزامن أكد نائب القائد العام للجيش السوداني شمس الدين كباشي أن الحرب ذاهبة إلى نهاياتها بهزيمة قوات "الدعم السريع" التي وصفها بأنها "مجرد أداة في مخطط كبير يستهدف البلاد".
وفي بيان لها عقب سيطرتها على مدينة الخوي، قالت "الدعم السريع"، "تواصلت الملاحم البطولية التي تخوضها قواتنا، حيث حققت انتصاراً جديداً بتحرير مدينة الخوي في ولاية غرب كردفان، وذلك بعد يوم واحد من تحريرها مدينة النُهود، وتمكن الأشاوس من فرض سيطرتهم الكاملة عليها".
واتهمت المفوضية السودانية لحقوق الإنسان قوات "الدعم السريع" بقتل 300 مدني بينهم 21 طفلاً في مدينة النهود بولاية غرب كردفان عقب سيطرتها عليها، فضلاً عن ممارسة انتهاكات واسعة بحق سكانها العزل.
ودعت المفوضية السودانية المجتمع الدولي للضغط على هذه القوات المتمردة وداعميها لضمان حق المدنيين في مغادرة مناطق الحرب.
وبحسب شهود فإن "الدعم السريع" مارست عمليات نهب وسرقة لممتلكات وأموال وسيارات مواطني النهود، فضلاً عن إجبار مناطق جنوب المدينة على التهجير القسري ونزوح آلاف الأسر على أرجلهم باتجاه القرى المجاورة.
وتأتي تحركات "الدعم السريع" بتوسيع معاركها في إقليم كردفان لإعاقة محاولات الجيش لإرسال الإمدادات إلى معقله في مدينة الفاشر، التي لا تزال تحت سيطرته، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة ويعكس تصاعد الصراع بين القوات المختلفة.
محور الفاشر
وفي محور الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور اندلعت، أمس السبت، معارك عنيفة بين طرفي القتال تمركزت في الأجزاء الجنوبية من المدينة، فبينما بث أفراد من "الدعم السريع" مقطع فيديو يظهر ألسنة أعمدة الدخان بصورة كثيفة وتعالي أصوات القذائف والرصاص بالقرب من منطقة زريبة المواشي جنوب المدينة، وقول أحدهم إنهم يتقدمون بثبات نحو مقر الفرقة السادسة مشاة التابع للجيش بمدينة الفاشر، قال بيان للجيش "تمكنت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر من قطع الطريق على قوة من ميليشيات آل دقلو الإرهابيـة مكونة من خمس عربات قتالية من بينها ثلاث عربات (صرصر)، جنوب شرقي مدينة الفاشر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع البيان، "أسفرت العملية عن تحييد عربتي صرصر، وتدمير عربة مزودة بمدفع عيار 23، إضافة إلى تعطيل مركبة قتالية أخرى، وإصابة كثير من عناصر الميليشيات".
وأشار البيان إلى أن قوات الجيش تمكنت خلال عملية تمشيطها لأحياء المدنية من قتل 10 عناصر من الميليشيات إلى جانب ضبط عناصر من الأطفال بالأحياء الجنوبية للمدينة تتراوح أعمارهم ما بين 10 و12 سنة، وهم يحملون أسلحة خفيفة ويرتدون الزي المدني يتبعون للميليشيات كانوا هاربين من محيط الفاشر، حيث يريدون العودة إلى أهاليهم لما تلقوه من عذاب وإهمال من قادتهم الذين فروا وتركوهم للجوع والعطش منذ معركة الإثنين الماضي، وأوضحوا أنهم اقتيدوا قسراً للمشاركة في المعركة".
محور أم درمان
في غضون ذلك، صوب الجيش السوداني، أمس، مدفعيته الثقيلة بصورة عنيفة ومتواصلة من منصة وادي سيدنا على تمركزات قوات "الدعم السريع" في مناطق غرب أم درمان.
ووفقاً لمصادر عسكرية، تمكن الجيش من السيطرة على طريق الصادرات بارا - أم درمان من اتجاه البنك العقاري، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف يأتي من أجل إجبار قوات "الدعم السريع" على التراجع، وإفساح المجال لقوات الجيش التي تقترب من السيطرة على غرب أمبدة وصولاً إلى طريق الصادرات الذي يربط بين ولايتي الخرطوم وشمال كردفان.
ولفتت المصادر إلى أن الأيام المقبلة ستشهد عمليات عسكرية مكثفة بين الطرفين، إذ إن الجيش يسعى إلى إلحاق هزيمة نكراء لهذه الميليشيات ليعلن ولاية الخرطوم خالية تماماً من وجود قوات "الدعم السريع".
ومنذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي حقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في محلية أمبدة غرب أم درمان، وسيطر على مواقع كانت توجد فيها قوات "الدعم السريع" منذ اندلاع الحرب، بهدف استعادة آخر معاقلها في غرب أم درمان وجنوبها.
من جانبها، أشارت شبكة أطباء السودان، إلى مقتل 11 شخصاً بينهم أربعة من أسرة واحدة نتيجة الاشتباكات المسلحة بمنطقة صالحة جنوب أم درمان.
وذكرت الشبكة في بيان أمس، "تطالب المدنيين تجنب مواقع الاشتباكات المسلحة وعدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة كما تدعو إلى تجنب الاقتتال بمواقع المدنيين وفتح مسارات آمنة للسكان للخروج من مواقع الصراع حفظاً لحياتهم وتجنيبهم الموت".
في الأثناء، تنوي قرى الريف الجنوبي لأم درمان رفع دعوى قضائية في محاكم العدل والجنائية الدولية ضد قوات "الدعم السريع"، لما ارتكبته من إبادة جماعية وتهجير قسري في حق سكان هذه المناطق.
وتعرضت هذه القرى لهجمات انتقامية من قبل قوات "الدعم السريع" المنسحبة من الخرطوم في 27 مارس (آذار) الماضي وأجبرت السكان على إخلاء المنطقة، بعد استمرار الاستهداف لنحو شهر.
وقتلت قوات "الدعم السريع" 200 شخص ومارست التصفيات الجسدية ضد الشباب وكبار السن والأطفال، كما تحتجز العشرات من شباب قرى الجموعية بتهمة التخابر مع الجيش السوداني، فضلاً عن مفقودين يفوق عددهم 50 شخصاً منهم أطفال ورجال ونساء وكبار سن.
خطر السلاح
من جهته، أكد نائب القائد العام للجيش السوداني شمس الدين كباشي أن القوات المسلحة السودانية في أفضل حالاتها على رغم تقلبات الأوضاع، مشيراً إلى أن الأمور ستمضي إلى الأفضل بالسيطرة الكاملة واستعادة كل شبر دنسته الميليشيات المتمردة.
ونوه كباشي خلال لقائه ولاة الولايات وبعض الوزراء في مقر حكومة ولاية البحر الأحمر، أن انتشار السلاح يشكل تحدياً يفوق خطر "الدعم السريع"، كما حذر من أخطار الاستقطاب الأهلي.
وطالب بإبعاد القوات المقاتلة من المدن التي استعادها الجيش، على أن تؤول مهام حفظ الأمن إلى الشرطة. مؤكداً اهتمام الدولة بالمحور الأمني باعتباره العامل الأساس لتقديم الخدمات واستقرار الأوضاع الاجتماعية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
وأضاف، "في بعض المدن والولايات نرى حشداً كبيراً للقوات التي نحتاج إليها في مناطق القتال المتقدمة، وهي بحاجة إلى قوات الشرطة التي نوصي بتوفير حاجاتها".
وأوضح كباشي أن الحرب أفرزت خطاب كراهية وعنصرية وجهوية، مشدداً على أن ذلك أمر غير مقبول، مطالباً ولاة الولايات بمعالجة قضايا الإدارات الأهلية (قادة القبائل) التي انساقت وراء "الدعم السريع".
وزاد، "الحرب ذاهبة إلى نهاياتها، لكننا نواجه واقع عدم تماسك المجتمع، حيث حدثت شروخ تحتاج إلى معالجات واعية".
وطالب ولاة الولايات بضرورة الاهتمام بأمر المقاومة الشعبية ووضعها في قوالبها الصحيحة، معلناً رفض الدولة لأي قوات خارج مظلة المقاومة. ونوه إلى وجود تدابير لمواجهة المسيرات الاستراتيجية التي تقصف المرافق الخدمية، في القريب العاجل، مؤكداً أن "الدعم السريع" مجرد أداة في مخطط كبير يستهدف البلاد.
مشكلات مياه
إلى ذلك، أشارت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف"، إلى تضرر 70 في المئة من مرافق المياه في 13 من أصل 18 ولاية في السودان، جراء تدمير البنية التحتية.
واتجه كثير من السودانيين في تلك المناطق إلى شرب مياه النيل أو المياه الجوفية من آبار سطحية، مما أدى إلى تفشي الأمراض، حيث تفاقم الوضع مع توقف ما يصل إلى 80 في المئة من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع و45 في المئة في المناطق الأخرى.
وذكرت "يونيسف"، في بيان لها، أن "النزاع دمر البنية التحتية للمياه والطاقة في 13 ولاية، مما أثر على عمل مرافق المياه بنسبة 70 في المئة بسبب الأضرار الجزئية أو الكاملة".
وأكد البيان أن الضرر الذي لحق بمحطات معالجة المياه والآبار وخزانات التخزين وشبكات النقل أدى إلى حرمان نحو 9 ملايين امرأة وطفل من الحصول على مياه شرب آمنة في منازلهم ومدارسهم ومرافقهم الصحية.
وشددت المنظمة على أن النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء يواجهون خطراً أكبر، حيث تقل فرص الحصول على مياه شرب آمنة وخدمات صرف صحي كافية.
ويوجد في السودان 11.2 مليون نازح على الأقل، يعيش معظمهم في مخيمات ومراكز إيواء تفتقر إلى خدمات المياه والصحة.