Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبعاد قضية جنوب السودان وماذا تمثل للاتحاد الأفريقي؟

ترجع الأزمة بين رياك مشار وسلفا كير إلى التنافس القبلي حول تقاسم السلطة والثروة

التجارب السابقة لمفوضية الاتحاد الأفريقي في أزمات القارة الكثيرة لا تبشر بالخير إلا إذا صادفت هوى من المجتمع الدولي (أ ف ب)

ملخص

ينذر توقيف نائب رئيس جمهورية جنوب السودان رياك مشار، بنشوب حرب أهلية جديدة، بينما لم تتجاوب حكومة جوبا مع معطيات الاتحاد الأفريقي السلمية.

في ظل التطورات الأمنية المتفاقمة التي يشهدها جنوب السودان أعرب الاتحاد الأفريقي عن "قلقه البالغ" إزاء توقيف نائب رئيس الجمهورية رياك مشار، محذراً من نشوب حرب أهلية جديدة، فإلى أين تقود التطورات الحاصلة في دولة جنوب السودان الأوضاع في ذلك البلد؟ وماذا تمثل جوبا في الأمن الإقليمي للمنطقة؟ وما مدى الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي للحيلولة دون نشوب حرب جديدة؟ 
جاء بيان الاتحاد الأفريقي كبادرة رد فعل رسمي يصدر عن مفوضية الاتحاد المنتخبة حديثاً إزاء الأحداث التي يشهدها جنوب السودان، ضمن أزمات أمنية لا تزال تعصف بدول أفريقية عضوة في المنظمة القارية. وعبر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السفير محمود علي يوسف عن قلقه العميق حيال التقارير في شأن اعتقال النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان، رياك مشار، الذي وضعته حكومة جنوب السودان وعلى رأسها الرئيس سلفاكير ميارديت تحت الإقامة الجبرية في مقر إقامته في العاصمة جوبا الشهر الماضي، حسبما أعلن حزبه، في خطوة حذرت أوساط دولية من أنها قد تجر البلاد إلى حرب أهلية جديدة.

امتداد للتنافس

تأتي التطورات الحالية في حيثيات التنافس السياسي والقبلي بين الرئيس سلفا كير المنتمي إلى قبيلة الدينكا، كبرى قبائل جنوب السودان، ونائبه مشار من قبيلة النوير. وكانت جنوب السودان نالت استقلالها عن جمهورية السودان عام 2011 لتكون الدولة الأحدث في عضوية الاتحاد الأفريقي، وجاء الاستقلال عبر استفتاء شعبي لمواطني جنوب السودان بعد فترة حكم ذاتي استمرت خمسة أعوام اختار بعدها شعب الجنوب الانفصال عن السودان بعد حرب استمرت عقوداً.
ظهر أول خلاف بين الطرفين الجنوبيين بعد أشهر قليلة على استقلال جنوب السودان، وبدأ الخلاف تنافساً سياسياً وقبلياً ليتصاعد عام 2013 إلى حرب بين القبيلتين الكبيرتين الدينكا والنوير راح ضحيتها ما يزيد على 500 ألف شخص من سكان الجنوب بحسب إحصاءات منظمات إنسانية.
وكان اتفاق أُبرم عام 2018 بإشراف أممي برعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيغاد"، نص على أن يُنزع السلاح القبلي، ويُكون جيش جنوبي موحّد، ويُكتب دستور جديد للبلاد، تُنظم في إطاره انتخابات ديمقراطية، وهي بنود لم ترَ تنفيذاً على أرض الواقع.
ويحل الصراع الحالي كامتداد للتنافس وعدم توافر الثقة بين الجانبين، إذ أكد مسؤول في حزب مشار أن نائب الرئيس وزوجته لا يزالان محبوسين بمنزلهما في جوبا، وكانت قوة كبيرة تابعة لحكومة سلفاكير اقتحمت منزل نائب الرئيس واعتقلته في خطوة حذرت الأمم المتحدة من أنها قد تجر البلاد إلى حرب أهلية جديدة.
وتشير الدلائل إلى أن انفجار الأزمة الجديدة يرجع إلى أشهر مضت، حينما طالبت القوات الحكومية التابعة لقبيلة النوير في مدينة الناصر، تبديل قوات حكومية مركزية مكثت في المنطقة فترة طويلة، وعملت لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في اتفاق السلام على التقصي، موجهة بتبديل القوات، لكن الحكومة المركزية في جوبا حاولت إرسال قوات غير تلك المفترض نشرها بحسب اتفاق السلام، مما تسبب في مهاجمة ميليشيات "الجيش الأبيض" المحسوبة على مشار، القوات الحكومية في قيادة الجيش بمدينة الناصر. وحاولت بعثة السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان التدخل وإجلاء المحاصرين، لكن العملية فشلت بعد هجوم المسلحين، مما أدى إلى مقتل قائد الجيش المركزي، مجور داك وعدد من جنوده، لتتفجر الأحداث.
ويتشكل الجيش الأبيض من شبان ينتمون إلى قبائل النوير، كانت قد أدت دوراً بارزاً في النزاع السابق بين الحكومة والمعارضة. وقال نائب رئيس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي يتزعمه مشار، أويت ناثنيال بيرينو، إن اعتقال مشار يعني "إلغاء" اتفاق السلام الموقع عام 2018، وأضاف أن "آفاق السلام والاستقرار في جنوب السودان أصبحت في خطر شديد".
من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة المركزية في بيان إن "مشار وزملاءه المناهضين الذين اعتُقلوا سيُحقق معهم"، مضيفاً أنه "من حق الرئيس سلفاكير اعتقالهم وتقديمهم للعدالة"، متهماً مشار بالسعي إلى "شن تمرد على الحكومة بهدف تعطيل السلام، والانتخابات المزمع إجراؤها في الـ22 من ديسمبر (كانون الأول) 2026".
مثلت الأحداث في جنوب السودان اختباراً جديداً للاتحاد الأفريقي الذي يواجه أزمات عدة سواء في الكونغو أو الصومال، فضلاً عما يشهده السودان من حرب أهلية منذ عامين.

وكان وسطاء من الاتحاد الأفريقي يمثلون "مجلس الحكماء" وصل إلى جوبا الأربعاء الماضي لإجراء محادثات بهدف الحيلولة دون نشوب حرب أهلية جديدة بعد وضع مشار قيد الإقامة الجبرية، ودعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في بيان الأسبوع الماضي إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن مشار، قائلاً إن التطورات الأخيرة تهدد اتفاق السلام الموقع عام 2018.


أبعاد قضية الجنوب

حول أبعاد قضية جنوب السودان وأصل المشكلة، يرى رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية يس أحمد أن "الصراع في جنوب السودان يمكن تصويره في محاور عدة، المحور الأساس هو كونه امتداداً للصراع الذي صاحب فكرة انفصال جنوب السودان، والخلاف مع الشمال بقيادة جون قرنق، وكان الدينكا يمثلون الغالبية الأكثر وجوداً ونفوذاً في الحركة الشعبية لتحرير السودان"، ويضيف أن "رغبة قرنق في أن يظل جنوب السودان جزءاً من السودان وألا ينفصل ظهرت أخيراً قناعاته بأن الخلافات الموجودة بين الدينكا والنوير والشلك وبقية القبائل الأخرى هي أكبر من أن يحويها مشروع الدولة، لذا فإن وجودهم في تحد أكبر مع الشمال كان يجعلهم قادرين على حل مشكلاتهم، ولذلك كان تحول جون قرنق الأخير نحو السودان القومي المتحد مع الشمال وهو ما أدى إلى مقتله".
ويشير أحمد إلى أن "مشكلة رياك مشار الممثل لقبيلة النوير وسلفاكير المتحدر من قبيلة الدينكا ترجع إلى التنافس القبلي حول تقاسم السلطة والثروة. مشار يعتبر أن الدينكا استأثروا بالسلطة وخلافاتهم تعود لأكثر من 10 أعوام، وحصلت تدخلات أجنبية كبيرة من أجل إشراك النوير في السلطة، لكن طبعاً تظل الدولة تفتقر إلى العامل الأساس وهو عامل المنهج السياسي والنضج السياسي، ولا تزال الدولة غارقة في نظرة المصالح القبلية الضيقة، ولم يتمكن الجنوبيون حتى الآن من تحديد ماهية الدولة، وما الحاضنة الاجتماعية لها؟ وما هوية الدولة؟ وما هدفها؟ وفوق ذلك هناك الفساد الإداري، وبالطبع وضمن هذه التحديات يأتي العامل الاقتصادي كتحد وامتداد خطر ضمن التنافس بين الأفراد وامتداده لمصالح القبيلة والقومية، وتحقيق النفوذ عبره، وهو ما ظهر أخيراً في استغلاله وتدخل أطراف خارجية طامعة ليتحول ذلك إلى عامل خطر ضمن الصراع".
يتابع المتحدث ذاته أن "عجز سلفاكير عن إدارة السلطة يأتي امتداداً للأزمة، وذلك بسبب مرضه، إذ تشير بعض المعلومات إلى أنه لم يعد قادراً على متابعة كل أمور الدولة، مما زاد من الأطماع المتنافسة حول خلافته"، ويخلص إلى أن "مشكلة الحرب في السودان كان لها تأثير سلبي في تعطل الدور السوداني المباشر في جوبا، تبعه تدخل الأوغنديين الذين يناصرون قبيلة الدينكا لتحقيق مصالح إستراتيجية واقتصادية، وقد يتبع التدخل الأوغندي تدخل آخر مناصر لجماعات النوير وهي القبيلة المشتركة مع إثيوبيا، والمنتشرة على الحدود الإثيوبية".

مزيد من التأزم

من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية محمد حسب الرسول إن "الأمور في الجنوب تمضي نحو مزيد من التأزم، وتسير في طريق تسعير الحرب الأهلية التي قضت في الفترة ما بين عامي 2013 و2018 على نحو نصف مليون مواطن. ويبدو أن الخارج لا يأبه بأخطار هذه الحرب على السلام الداخلي وعلى التعايش الاجتماعي، وتأثيراتها في مستقبل دولة الجنوب والإقليم"، ويضيف، "تعرض اتفاق الخرطوم الموقع عام 2018 بين حكومة الرئيس سلفا كير والمعارضة بقيادة مشار لضربة كبيرة، طاولت أهم ركيزتين من ركائزه وهي قسمة السلطة، وقسمة الثروة، والآن تطاول ركيزة الأمن بعد تدخل القوات الأوغندية لمصلحة سلفاكير، وشنها هجمات استهدفت مناطق النوير، فضربت حال الأمن والاستقرار ونالت من سيادة دولة الجنوب بتدخلها عسكرياً وسياسياً في شؤونها".
ويشير حسب الرسول إلى أن "هناك جانباً خطراً آخر وهو الصفقة الإماراتية التي أُبرمت مع حكومة سلفاكير واستحوذت فيها دولة الإمارات على بترول جنوب السودان لمدة 20 عاماً بواقع 600 ألف برميل يومياً مقابل 12 مليار دولار، فالبترول يُنتَج في مناطق قبيلة النوير بولايتي أعالي النيل والوحدة، وقد جلب الاتفاق تنافساً على الثروة التي تحاول جماعة سلفاكير تسخيرها لمصالح لا تصب في خانة تنمية الجنوب بقدر ما تُعتمد كوسيلة لتكريس السلطة والقبلية، وهو ما دعا المعارضة التي تمثلها جماعة مشار إلى التحرك تجاه ما يرونه خطراً مستقبلياً"، ويتابع "عزز الاتفاق الشعور عند قبيلة النوير بأنها مهددة بفقد ثروتها (من البترول)، التي تُعد ثروة قومية، في حين أن المستفيد من هذا الاتفاق هو دولة الإمارات وبعض رموز السلطة من قبيلة الدينكا، وبموجب التدخل الإماراتي عُين مسؤولون جدد من قبل سلفاكير في مواقع تخدم المشروع الخارجي في جنوب السودان وفي محيطه على حساب الداخل".
على مستوى آخر يلفت حسب الرسول إلى أنه "نمت شائعات بأن حكومة سلفاكير قررت تجريد بعض شباب القبائل من السلاح، بما فيها عناصر الجيش الأبيض المنتمي إلى قبيلة النوير، مما تسبب في المواجهات التي راح ضحيتها قائد الجيش في مدينة الناصر بولاية أعالي النيل وعدد من الجنود الحكوميين عندما هاجمت عناصر الجيش الأبيض طائرة أممية كانت تقلهم"، ويضيف، "يزيد الأزمة الحالية تردياً وضع مشار رهن الإقامة الجبرية وإخضاعه للتحقيق كما تقول الحكومة، في حين أن التدخلات والمطامع الإقليمية لدول كأوغندا والإمارات، تسهم في تحويل الأزمة إلى حرب أهلية طاحنة يتضرر منها غالبية السكان"، ويوضح، "أما على مستوى جهود الاتحاد الأفريقي فمن الواضح أن حكومة الجنوب بقيادة سلفاكير لم تتجاوب مع معطيات الاتحاد السلمية، إذ أوفد إلى جوبا السبت الماضي ممثلين له للتوسط. وتشير معلومات إلى أن جهود رئيس الوزراء الكيني السابق رايلا أودينغا الذي أرسل كمبعوث خاص للاتحاد للتوسط في الأزمة بين سلفاكير ومشار، وتخفيف حدة التوترات باءت بالفشل. وذكرت وسائل الإعلام في كينيا أنه مُنع من مقابلة مشار، وأُرسل بدلاً من ذلك للقاء الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في عنتيبي، وقال أودينغا: ’طلبتُ السماح لي بالتحدث مع الدكتور مشار، لكنهم لم يسمحوا لي برؤيته، وأوصوني بلقاء الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني‘، مما أثار شكوكاً كبيرة حول قدرة الاتحاد الأفريقي على استكمال جهده الهادف إلى ايجاد تسوية بين الأطراف تعيد الحياة إلى طبيعتها، بخاصة في ظل التدخلات الإقليمية المتفاقمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قضية معقدة

في السياق يشير الكاتب المتخصص في الشؤون الأفريقية فرحان حرسي إلى أنه "منذ عام 2013 أصبحت مشكلة جنوب السودان إحدى المشكلات المدرجة في جدول أعمال الاتحاد الأفريقي، وقد كان اتفاق السلام المبرم عام 2018 بارقة أمل لإنهاء المشكلة في هذا البلد الذي نال استقلاله حديثاً"، ويضيف أن "قضية جنوب السودان معقدة ومتشابكة تحيط بها عوامل تصعّب التوصل إلى حل دائم أبرزها:

- تباين المواقف الإقليمية: إذ إن هناك بعض الدول ترى مصالحها في أحد أطراف الصراع، فتقف إلى جانبه، مما يزيد من اشتعال الصراع.

- الهيمنة القبلية وتقاسم السلطة والثروة بمحاصصة قبلية، ولذلك فإن أي اختلاف بين الفرقاء السياسيين يُترجم إلى صراع قبلي، فبدل حل القضايا السياسية بالتفاوض والتنازل تكون ساحات القتال واللجوء إلى البنادق هي الفيصل، مما ينجم عنه سقوط ضحايا مدنيين ونزوح سكاني وندرة في المواد الغذائية وتفاقم أزمة الجوع في البلاد، أضف إلى ذلك غياب آلية التنفيذ للاتفاقات. كل الاتفاقات التي أبرمت تحطمت عند صخرة التنفيذ، فلم يُحاسب المتورطون في انتهاكات أدت إلى إزهاق أرواح بريئة، كما لم يُنفذ البند المتعلق بتأسيس محكمة تتولى هذا الشأن، عدم الخوف من المحاسبة يؤدي إلى تكرار نشوب الحرب لأتفه الأسباب".
ويشير فرحان حرسي إلى أن "مفوضية الاتحاد الأفريقي تبذل قصارى جهدها لنزع فتيل الأزمة، وإيجاد صيغة توافقية تكون بمثابة الحل للأطراف المعنية بالصراع، وقد أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف إرسال لجنة حكماء إلى جوبا، من أجل التواصل مع الأطراف المتنازعة، وتعزيز الحوار وللحيلولة دون تفاقم الأزمة، وهو أول تحرك رسمي من المفوضية لأخذ زمام المبادرة وقيادة الجهود الرامية للتقريب بين الأطراف المتصارعة، ويُعتبر تطور وتفجر الأوضاع في جنوب السودان اختباراً جديداً لآليات اتحاد القارة السمراء التي ظلت تعاني مشكلات ضمن تحديات عدة في محدودية القرار الأفريقي الذي لا يزال في محبس المصالح المتشابكة"، ويوضح أن "فشل الوساطة الأفريقية وعدم نجاحها هذه المرة يمثل نكسة تضاف إلى المشكلات والاضطرابات الأمنية في كل من السودان والكونغو وإثيوبيا والصومال، وعموماً التجارب السابقة للمفوضية لا تبشر بخير إلا إذا صادفت هوى من المجتمع الدولي، الذي يملك القدرة على فرض الضغوط التي تجعل المتحاربين يستجيبون لها، ومن ثم لا بد من تضافر الجهود الدولية والإقليمية لإنجاح مساعي السلام".

الحكم لاحقاً

يوسف ريجان الكاتب المتخصص في الشؤون الأفريقية يقول عما تمثله قضية جنوب السودان من تحد لمفوضية الاتحاد الأفريقي إن "ملف السودان كان حاضراً في منضدة القيادة السابقة لمفوضية الاتحاد الأفريقي وفشلت فيه، ولربما يمكننا الحكم لاحقاً على تجربة المفوضية الجديدة في تحدي ملف جنوب السودان هل ستنجح فيه أم ستخفق"، ويضيف أن "الوضع في جنوب السودان يعتبر من الملفات المعقدة كونها تحمل تحدياً جنوبياً داخلياً، حيث ما زالت القبيلة تؤدي دوراً رئيساً في تشكيل المشهد من خلال تقاسم السلطة والثروة".
ويلفت إلى أنه "لم يكن متوقعاً لتجربة قضت زهاء الأعوام السبعة من عام 2018 وحتى عام 2025، أن تكون هشة وتفضي إلى توتر جديد ربما يتصاعد إلى حرب أهلية، وهذه حال محبِطة لشعب جنوب السودان، إذ إن أحلامه بدولة مستقرة تتبدد في كل مرة، وأعتقد أن جنوب السودان تحتاج إلى أن تعالج هذا الوضع مستقبلاً وأن تقدم تجربة عملية في رفع الوعي الجماعي برؤية وطنية وقومية وإنتاج معادلة جديدة لها القدرة على إدامة حال الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. وتهدئة الأوضاع هي العتبة الأولى وما يستلزم ذلك من توافر للثقة واستتباب أمني، وتشكيل لجان للتحقيق والتواصل بشكل معلن بين الرئيس ونائبه، مما يرسل رسالة تطمين يحتاج إليها الشارع في الوقت الراهن، ولا أظن أن الاختلاف الحالي يمكن أن يفضي إلى نشوب حرب على غرار ما سبق، إذ لم تظهر إلى الآن مؤشرات تدل على ذلك".
يتابع ريحان "للإعلام دور مهم يؤديه في تعزيز الوحدة الوطنية، وتكبر أهميته في هذه المرحلة الحساسة لكي يتجاوز الجنوب تلك المحنة، أما في ما يخص الاتحاد الأفريقي ومفوضيته التي تقع عليها أعباء كثيرة ويمكن أن تقدم تجربة مختلفة في حل النزاعات من خلال العمل الجماعي المشترك، فعليه التحرك بشكل أسرع، مع بقية الشركاء الدوليين، وستشكل هذه التجربة للمفوضية ملامح منهجية العمل الجديد كونها اختباراً حقيقياً لكيفية تعاملها مع الملفات الساخنة"، ويتابع "إن واحداً من أهم واجبات الاتحاد الأفريقي هو المحافظة على السلم والأمن في دوله، مما يسهم في السلم والأمن الأفريقيين بصورة عامة، ولإقليم وسط وشرق أفريقيا بوجه خاص، فتأثيرات الحرب وما تخلفه من وقف لحركة التجارة البينية، وتتسبب فيه من نزوح إلى دول الجوار وقتل الأنفس وتدمير البنية التحتية، تهدد الاستقرار وتنسف جميع خطط التنمية، وحتمية تأثير الحرب في الجوار وتأثرها به تتطلب تعاوناً جماعياً لوقف الحرب والعيش في سلام".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات