Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعراض تاريخ أزياء كريستيان ديور في متحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن

أكبر استعراض على الإطلاق لتاريخ أعمال دار أزياء كريستيان ديور تجدونه في متحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن هذا الأسبوع

صور من معرض "كريستيان ديور مصمم الأحلام" (تصوير أدريان ديراند، متحف فيكتوريا آند ألبرت)

حين قدم كريستيان ديور مجموعته الأولى، خط الأزياء "كورول" في عام 1947، خرجت مجموعة من النساء إلى شوارع شيكاغو يحملن لافتات كُتب عليها: "سيد ديور، نحن نكره هذه الفساتين إلى أقصى حد!". بعدها بعام واحد، مزّق معارضون لأزياء ديور في العاصمة الفرنسية باريس تنورة امرأة عنوةً عن جسدها من فرط استيائهم من تصميمها.

الطقم الذي أثار كل هذا الاستياء هو الطقم النسائي "بار سوت"، الذي نال إعجاب صحافة الموضة والأزياء آنذاك؛ إلى حد أن وصفوه بـ"الإطلالة الجديدة". تميز الطقم بخصره الضيق وتنورته الواسعة المدلاة حتى الكاحلين بنحو 18 مترًا من قماش ذي انطواءات؛ وهو ما كان خروجاً جذريًا عن موضة الحرب العالمية الثانية التي اتسمت بالرزانة والوقار، والتي فرضها التقنين الصارم للأقمشة في زمن الحرب. بطقم نسائي واحد، تخلص ديور من التصاميم المتخشبة عديمة الملامح في سبيل الاحتفاء بالأنوثة. لكن بالنسبة للبعض، بدا ذلك سلبًا لحرية النساء مرة أخرى؛ كأنهن مجرد زخارف أو زينة لا تتحرك.

كان لذلك الطقم، وأعمال ديور اللاحقة، الفضل في تحديد شكل الموضة في الخمسينيات من القرن العشرين. بذلك، صار ديور أحد أبرز مصممي الأزياء في العالم، بعد أن تغلّب على منافسيه الإيطاليين والأمريكيين، واستعادت باريس عرشها عاصمة الموضة في العالم.

هذا الطقم الكلاسيكي من ديور هو أول ما يجده الزوّار في استقبالهم في استعراض تاريخ أزياء كريستيان ديور في متحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن بعنوان "كريستيان ديور: مصمم الأحلام". هذا العرض هو أكبر عرض على الإطلاق لأعمال أي دار أزياء في المملكة المتحدة. سيُفتح العرض للجمهور هذا الأسبوع.

عرض "كريستيان ديور: مصمم الأحلام" هو إعادة تخيّل للعرض الذي حقق نجاحًا باهرًا العام الماضي في متحف الفنون الزخرفية في باريس بمناسبة مرور 70 عامًا على تأسيس دار الأزياء. "كريستيان ديور: مصمم الأحلام" هو احتفال بديور بحد ذاته كفنان؛ في عرض غني بالأنوثة الرومانسية التي أيّدها ديور ومصممو الأزياء من بعده. غرفة تلو الغرفة، يستمتع الزوّار بجمال أكثر من 500 قطعة معروضة (من بينها 200 قطعة نادرة مصممة بطراز "هوت كوتور" الراقي). للمعرض جمال لا يُمكن إنكاره. مع ذلك، فهو لا يُقدّم الكثير من السياق الثقافي.

للمعرض انطباع مماثل للمعرض السابق له: "أليكساندر ماكوين: سافيدج بيوتي" (الذي جذب 493,043 زائر عبر أبواب المتحف). لكن سر النجاح الباهر لمعرض "كريستيان ديور: مصمم الأحلام" هو المجموعات شبه الشاملة التي صممتها ناتالي كرينير. ما إن يهبط الزوّار درجًا مطليًا باللون الأسود إلى صالة العرض "ساينسبوري جاليري" الجديدة تحت الأرض، حتى يجدوا أمامهم واجهة متجر ديور الأول في 30 شارع مونتيني، ثم ينتقلون عبر قصر بلنهايم خلال "الحقبة الجميلة" الزاخر بالأعمدة البيضاء وبأرضية مبلطة - إلى حديقة عائلة ديور في نورماندي المزينّة بزهور الوستارية المصنوعة من الورق والمتدلية من السقف (وهو منظر جميل توقعوا أن يمتلئ موقع إنستغرام بصوره بسرعة)، وصولًا إلى ورشة عمله التي تتكدس فيها أكوام الأقمشة الخفيفة من الأرض إلى السقف.

كون غرفة لعينات أقمشة الكاليكو البيضاء تعرض تصاميم مجردة حتى أساسياتها واحدةً من أجمل غرف المعرض هو أكبر دليل على قوة شخصية ديور. لكن الأوج هو رواق قاعة الرقص الذي سيجعل المعجبين بالمشاهير يصطفون عند المدخل: إذ إنَّه يعرض أزياء ارتداها مشاهير مثل جنيفر لورانس ونيكول كيدمان ولوبيتا نيونغ‘و وريهانا، بروعتها الجديرة بالبساط الأحمر.

 

أهم ما يجعل استعراض متحف فيكتوريا آند ألبرت مختلفًا عن الاستعراض الأصلي في باريس هو أنَّه يضم صالة عرض مخصصة لديور كمحبّ لإنجلترا. فقد قال ديور ذات مرة: "لا يوجد بلد آخر في العالم، إلى جانب بلادي، أحب أسلوب حياته إلى هذا الحد. أحب العادات والتقاليد الإنجليزية، وأدب أخلاق الشعب الإنجليزي، والنمط المعماري الإنجليزي. حتى إنَّني أحب المطبخ الإنجليزي". أكثر ما يختطف الأضواء هنا هو ثوب مطرّز عاري الكتفين صممه المصمم لترتديه الأميرة مارغريت في صورة عيد ميلادها الحادي والعشرين التي التقطها لها المصوّر سيسيل بيتون.

يعرض المعرض أيضًا أعمال المديرين المبدعين الستة الذين مرّوا على دار أزياء ديور خلفًا لكريستيان ديور الذي ظل يديره طوال عقد من الزمن، وبنفس القدر من الأهمية. إذ تُعرض الفساتين التي صمموها جنبًا إلى جنب مع فساتين ديور الأصلية في راحة تامة وفي معظم الغرف، ولا يتم الفصل بينهما سوى في غرفة واحدة فقط؛ مما يوضح تفسيراتهم الشخصية للحسّ الجمالي لأستاذهم. هنا، تجدون فساتين إيف سان لوران بخطوطها الهندسية الجريئة، وفساتين مارك بوهان المحتشمة، وثياب جيانفرانكو فيري الفاخرة، وقطع الأزياء المسرحية التي صممها جون غاليانو، وفساتين راف سيمونز البسيطة، وأخيرًا تجديدات ماريا غراتسيا كيوري النسوية.

قالت أمينة المتحف أوريول كالن: "كان لتصاميم كريستيان ديور تأثيراً واسع الانتشار، وساعدت في تحديد حقبة كاملة. كل مدير فني لدار الأزياء جاء بعد ديور، قد استقى تصاميمه من تصاميم ديور وأعاد تفسيرها بأسلوبه المنفرد الخاص، وواصل حمل وصية مؤسس الدار لكي يضمن أن تظل دار أزياء كريستيان ديور في طليعة الموضة اليوم".

إنَّه معرض يركز بجرأة على التصميم، ولا يسمح لأي شيء آخر بأن يخطف الأضواء. مع ذلك، فهو يفتقد إلى السياق السياسي والاجتماعي الذي أدى إلى ظهور هذه الموضة، ولا يعرض صورًا كافية من عروض الأزياء والمواد الداعمة الأخرى؛ مما يعطي شعورًا بأنَّ هناك قطعة ناقصة من هذه الأحجية الساحرة. وبالنسبة لدار أزياء لا تخلو من الجدل، يبدو وكأنَّ هناك تنميقًا للسياق إلى حد ما.

مثلاً، لا يذكر المعرض إطلاقًا قصة فضيحة المدير الإبداعي للدار، جون غاليانو: فقد استُبعد من منصبه في عام 2011 بعد تصريحات معادية للسامية قالها في مشاجرة بمقهى في باريس. تصاميم غاليانو تحظى بالاحترام في هذا العرض، لكن تاريخه الشخصي قد نُسي كليًا. كذلك، فإنَّ فساتينه التي استعان فيها بحضارة الأمريكيين الأصليين والحضارة المصرية القديمة والحضارة اليابانية والصينية تُعرض هنا بكل فخر، مع مجرد إشارة سريعة لاستعارته لتلك الحضارات في تصاميمه في بطاقة مكتوبة بجانب الفستان. وفي الوقت نفسه، لا يأتي العرض إطلاقًا على ذكر مغادرة سيمونز دار الأزياء بعد ثلاثة أعوام ونصف فقط من عمله بها والتي بررها بتزايد الطلب التجاري على الملابس وعدم تمكنه من تسليم مجموعات الملابس المطلوبة في الموعد المحدد نتيجةً لذلك.

بالنسبة لعشاق ديور المخلصين، يُعد المعرض فرصة لمعاينة أنساق من الفساتين المذهلة التي صممها ديور في خلفية رقيقة رائعة الجمال تسمح لهم بإمعان النظر في تصميم الأزياء المُخاطة يدوياً. وبالنسبة لحديثي العهد بدار الأزياء، فإنَّ افتقار العرض إلى السياق التاريخي يحرمهم من معرفة متكاملة بالأهمية الحقيقية لدار الأزياء النافذة في عالم الموضة.

"كريستيان ديور: مصمم الأحلام" يُعرض في الفترة من الثاني من فبراير (شباط) إلى 14 يوليو (تموز) 2019.

© The Independent

المزيد من منوعات