قالت مصادر بالشرطة إن اشتباكات بالأسلحة اندلعت بين المحتجين وقوات الأمن في مدينة الناصرية جنوبي العراق يوم الأربعاء في حين تم نشر قوات مكافحة الإرهاب بعد أن فقدت الشرطة السيطرة على الوضع.
وقتل اثنان من المحتجين بالمدينة يوم الأربعاء وقتل آخر يوم الثلاثاء بعد أن أطلقت الشرطة الرصاص لتفريق المحتجين.
وقتل خمسة أشخاص في أنحاء البلاد وأصيب 132 على الأقل اليوم الأربعاء مع تجدد الاشتباكات في البلاد بين المحتجين وقوات الأمن العراقية في أكبر تعبير عن الغضب الشعبي ضد حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي التي أمضت عاما واحدا في السلطة.
وكان المتظاهرون قد عادوا صباح يوم الأربعاء الى ساحة التحرير في بغداد وسط انباء عن تظاهرة أيضا في الزعفرانية حيث أفاد شهود عيان عن إطلاق نار من قبل القوى الامنية في محاولة لتفريق الحشود، وسقوط خمسة جرحى. وأشعل شبان إطارات السيارات في عدد من مناطق العاصمة لا سيما في "مدينة الصدر" وحي الشعب، وحي أور. المصادر الأمنية تقول إن الاوضاع تحت السيطرة، وانها تتعاون مع المتظاهرين لتبقى الامور ضمن قواعد التعبير السلمي. كذلك انطلقت تظاهرة من ساحة الطيران في العاصمة، ولكن قامت الشرطة باستعمال الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقها. واتخذت منذ الفجر القوى بعض التدابير إذ قطعت اتجاهات المرور في عدد من الجسور التي تربط بين قسمي المدينة: الكرخ والرصافة.
التظاهرات كانت بدأت الثلاثاء 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، واستخدمت الشرطة ما وصف من بعض السياسيين "العنف المفرط" لتفريق المتظاهرين في وسط العاصمة وبعض المحافظات الوسطى والجنوبية، للمطالبة بالإصلاح ومحاسبة "المسؤولين المتورطين بقضايا فساد". وأعلن الجيش انتشار عناصره في شوارع الناصرية "لدعم قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين". وأعلنت وزارة الصحة العراقية مقتل شخص وإصابة أكثر من 200 متظاهر. وقال المدير العام لدائرة الصحة في ذي قار عبد الحسين الجابري إن "أحد المتظاهرين المشاركين في تظاهرات المحافظة توفي، وأصيب آخران أحدهما جروحه بالغة، إضافة إلى 25 جريحاً من القوات الأمنية".
وفيما أصدرت خلية الإعلام الحكومي بياناً عبرت فيه عن أسفها لما رافقت هذه الاحتجاجات من أعمال عنف صدرت عن مجموعة من "مثيري الشغب"، بحسب وصفها، دعا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، الرئاسات الثلاث لفتح تحقيق "عادل" بما حدث في ساحة التحرير.
أما رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، فاعتبر أن "سقوط عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين والقوات الامنية بحاجة إلى وقفة جادة ومراجعة عاجلة". واستنكر "استخدام العنف المفرط في تفريق المتظاهرين واجراءات تفريق التظاهرات".
ودعا الحكيم مجلس النواب إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة ما رافق تظاهرات الثلاثاء من "خروقات".
تحولت إلى عنف
المتظاهرون رفعوا في مناطق عدة صوراً للفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، الذي قرر رئيس الحكومة عادل عبد المهدي نقله عن جهاز مكافحة الإرهاب، مع هتافات ولافتات تطالب عبد المهدي بالرحيل.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، استخدام القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع والهراوات والرصاص الحي لتفريق حشود المتظاهرين، لدى محاولتهم عبور جسر الجمهورية في اتجاه المنطقة الخضراء، شديدة التحصين حيث المقار الحكومة ومبنى البرلمان العراقي.
وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان في بيان سقوط إصابات بسبب الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته القوات الأمنية، واعتبرت أن "الاعتداءات على المتظاهرين السلميين غير مبررة"، داعية رئيس الوزراء للإيعاز "بإيقاف الاعتداءات وتحمل المسؤولية تجاه مواطنيه".
"الشعب يريد إسقاط النظام"
ومن أبرز الشعارات التي أطلقها بعض المتظاهرين كانت "الشعب يريد إسقاط النظام" و"لا مسير إلى كربلاء قبل رفع الظلم والبلاء"، كذلك طالبوا بإنهاء "الفساد" وتحسين الأحوال المعيشية.
وذكر أحد منظمي التظاهرات أن "بعض الشعارات عفوية ولم يجر التخطيط لها أثناء الدعوة إلى التظاهرات قبل أيام"، مشيراً إلى وجود "لجان تنسيقية للتظاهرات" التي أطلق عليها "تظاهرات أكتوبر"، و"هدفها الأول تصحيح المسار وإنهاء حالة الفساد في البلاد، والوقوف بوجه أحزاب السلطة التي تحاول هدم الدولة وتوريطها في الصراعات الإقليمية".
غير أن بعض الأطراف المدنية وأبرزها الحزب الشيوعي العراقي، أبدت ارتيابها من التظاهرة ورجحت استغلالها من قبل بعض الأحزاب والجهات الدينية، في إشارة إلى اقتحام فصائل في "الحشد الشعبي" ساحة التحرير مساء الاثنين، بحجة تنظيم احتجاجات على سياسة الحكومة إزاء ملف قصف مقار الحشد.
البصرة من جديد
وكانت التظاهرات في مدينة البصرة هي الأكبر مقارنة بباقي مدن الجنوب، بسبب وجود لجان تحضير "تنسيقات" مستمرة في عملها منذ احتجاجات العام الماضي، كانت دعت خلال الأيام الماضية إلى المشاركة في "تظاهرات أكتوبر".
وسارعت القوات الأمنية إلى قطع الطرق المؤدية إلى وسط البصرة منذ ساعات الصباح الأولى، واعتقلت بعض المشاركين في التظاهرة. وعقب ذلك، طالب عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي، الثلاثاء، بإطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين في محافظة البصرة.
وقال البياتي في بيان "إن 15 متظاهراً اعتُقلوا اليوم من قبل الأجهزة الأمنية في ساحة العروسة في محافظة البصرة، بذريعة عدم حصولهم على موافقات بالتظاهر"، مطالباً القوات الأمنية بـ"إطلاق سراحهم".
وأضاف أن "الدستور العراقي كفل حق التظاهر السلمي حسب المادة 38"، داعياً المتظاهرين إلى "الحفاظ على سلمية التظاهرات والممتلكات العامة واحترام الأجهزة الأمنية".