Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات مصرفية دولية ... زيادة الديون قد يفاقم الأزمة المالية العالمية

حجم الاقتراض في العالم بلغ نحو 250 تريليون دولار وسط تعثر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة

مقر بنك التسويات الدولية في بازل بسويسرا (رويترز)

في تقريره ربع السنوي هذا الأسبوع، حذر بنك التسويات الدولي ـ الذي يوصف بأنه البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم ـ من أن ارتفاع معدلات قروض رهن الدين في الآونة الأخيرة يشبه إلى حد كبير فقاعة قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة التي سبقت انهيار مصرف ليمان براذرز الاستثماري وكانت شرارة الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عقد من الزمن.

ومع أن حجم تلك الديون الرديئة يظل صغيرا مقارنة بحجم الدين العالمي الهائل، إلا أنها قد تصبح في أي لحظة الشرارة التي تؤدي إلى انفجار فقاعة الدين وبالتالي انكماش الائتمان كما حدث في 2008 وربما بدرجة أشد هذه المرة.

ويذكر تقرير بنك التسويات الدولي أن "النمو المتسارع في قروض رهن الدين Leveraged Loans وشهادات ضمانات القروض الرهنية CLO يشبه إلى حد كبير التطورات في سوق الرهن العقاري الأميركية وسوق شهادات ضمانات القروض CDO ما قبل الأزمة المالية العالمية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تكرار الخطر

تلك المشتقات عبارة عن أدوات مالية تبتكرها البنوك الاستثمارية وسماسرة السندات للمستثمرين بغرض التغطية على مشكلات المديونية، وهي ذات الآلية التي نفخت فقاعة الائتمان حتى 2007 في ظل المغالاة في قيمة الأصول خلال الدورة الاقتصادية العالمية السابقة على الأزمة المالية.

وقروض رهن الدين، هي قروض مصرفية من البنوك للشركات المتعثرة التي انهار تصنيفها الائتماني إلى وضع "خردة" وبالتالي لا تستطيع توفير الأموال من السوق. أما شهادات ضمانات القروض الرهنية CLO فهي شكل من أشكال توريق الدين للشركات التي يزيد حجم ديونها عن خمسة أضعاف عائداتها، وتمثل تلك الشهادات نحو 60% من سوق الديون الرديئة. وهي مملوكة لدائنين أقل شفافية من البنوك مثل صناديق التحوط وصناديق إدارة الأصول ومجموعات تأمين وصناديق توريق ديون.

وتكاد تكون التطورات متطابقة فعلا مع ما جرى في السنوات الأولى من القرن الحالي، كما يحذر بنك التسويات الدولي. فمع التضخم الكبير في قيمة الأصول في السنوات السابقة على 2007 لجأت بنوك الاستثمار والمؤسسات المالية لابتكار مشتقات استثمارية لتغليف الديون الرديئة، خاصة في القطاع العقاري الذي شهد غليانا غير مبرر في قيمة الأصول.

ومع أول صدمة عادية، انكشفت البنوك والصناديق التي تملك تلك المشتقات على مخاطر هائلة أدت إلى شطب قدر كبير من قيمتها ولم تستطع توفير السيولة لتغطية مراكزها ما اضطر الحكومات للتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر تصفيات واستحواذ واندماج وشراء البنوك المركزية سندات دين إلى آخر الإجراءات التي شهدها عاما 2008 و2009.

موقف البنوك

صحيح أن القطاع المصرفي هذه المرة يبدو أفضل مما كان عليه قبل 2008، ويخضع باستمرار لعمليات اختبار لقدرته على مواجهة المخاطر، إلا أن أي شرارة تدفع باتجاه عمليات بيع هائلة وبشكل مستمر ستجعل سوق الديون تنهار.

وإذا كانت البنوك المركزية استنفدت كل أدواتها في الأزمة المالية العالمية السابقة فإن كثيرين يرون أنها لم يعد لديها الكثير لتفعله في مواجهة أزمة جديدة. حتى سلاح التيسير الكمي (أي ضخ النقد في السوق) قد لا يصبح فعالا في حال عمليات بيع جماعية هائلة للسندات والمشتقات.

ومع الأخذ في الاعتبار الزيادة المضطردة في تراجع تصنيف الديون ما جعل الأغلبية من السندات تفقد ما بين 5 إلى 25% من قيمتها، يمكن توقع تأثير أي تغير طفيف في أسعار الفائدة. إذ سيكون رد الفعل عمليات بيع بالجملة لسندات وأوراق الدين ما يعني انهيارا شاملا.

وربما لهذا السبب تضغط الحكومات على البنوك المركزية لخفض الفائدة. لكن ذلك السلاح قد لا يصبح مجديا بعدما وصلت نسب الفائدة إلى الصفر أو بالسالب في كثير من الاقتصادات الرئيسة في العالم.

وأصدرت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني تقريرا، الشهر الماضي، حذرت فيه من مخاطر قروض رهن الدين وشهادات ضمانات القروض الرهنية CLO، وذكر التقرير أن المستثمرين غير البنوك دخلوا بقوة في هذه السوق. وحذر تقرير فيتش من أن "مخاطر السيولة قد تصبح حادة جدا بالنسبة للصناديق التي تملك كميات كبيرة من قروض رهن الدين صعبة التسييل" ونبه إلى أن "عدم التكافؤ الهيكلي بين الاستحقاق والصرف الفوري يزيد من احتمالات عمليات البيع الهائلة".

ويتراوح نصيب البنوك من هذه السوق ما بين 30 و40%، لكن ذلك يمكن أن يصبح خطرا في حالة الضغط المالي. وحذرت فيتش من أن تأثر البنوك قد يؤدي إلى عدوى تصيب السوق بأزمة كبيرة جدا.

فقاعة الدين

يصل حجم الديون الرديئة التي حذر منها تقرير بتك التسويات الدولي وتقرير مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إلى نحو 1.5 تريليون دولار. وقد يبدو ذلك قدرا ضئيلا من حجم الدين العالمي، السيادي وديون الشركات والقطاع الخص، لكنه مثل "التفاحة المعطوبة" التي يمكن أن تفسد قفص التفاح كله.

ويبلغ حجم الدين في العالم الآن نحو 250 تريليون دولار، وهو يساوي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي تقريبا (320%). بينما كان حجم الدين عام 2008، سنة الأزمة المالية العالمية، نحو 175 تريليون دولار مثلت وقتها نسبة 256% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وبينما بلغت الزيادة في حجم الدين العالمي في العقد الأخير نحو 43% لم يزد حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي سوى 25% (الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2008 كان 64 تريليون دولار والآن هو عند 81 تريليون دولار).

وتتصدر الولايات المتحدة العالم في حجم الدين، الذي يبلغ نحو 70 تريليون دولار، أي ما يمثل 256% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، نحو ثلثه هو دين سيادي (سندات خزينة وقروض حكومية) تجاوزت نسبته 100% من الناتج المحلي الإجمالي (101%). وتستدين حكومة الولايات المتحدة تقريبا نحو تريليون دولار سنويا.

والحال ليس بأفضل في بقية الدول من بريطانيا إلى اليابان، فعلى سبيل المثال يصل حجم الدين في بريطانيا إلى 257% من الناتج المحلي الاجمالي، نحو ثلثه دين خاص.

صحيح أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، حتى لو صلت لأكثر من ثلاثة أضعاف، قد لا تكون خطرة جدا إنما وجود خلل هيكلي في سوق الدين هو الخطر الحقيقي. وهذا ما يحذر منه كثيرون وليس فقط المؤسسات الكبيرة في العالم.

وغالبا ما تعطي السوق إشارات قبل أي أزمة محتملة، وهذا ما حدث فعلا في 2007 لكن فورة الاقتصاد وقتها جعلت الأغلبية، بما في ذلك الحكومات وبنوكها المركزية، لا تنتبه لتلك الإشارات. ولعل العالم تعلم من التجربة السابقة وينتبه لهذه الإشارات الآن.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد