Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جائزة إيمي تتجاهل آراء الناس في خاتمة "صراع العروش"

على الرغم من الغضب بشأن الموسم الأخير منه، إلا أنه فاز بجائزة المسلسل الأفضل

هل نظرت جائزة "إيمي" إلى أبعد من الموسم الختامي في "صراع العروش" كي تمنحه جائزة المسلسل التلفزيوني الأفضل؟ (موقع بريستيج أون لاين.كوم)

لم يكن من المفروض أن يفوز مسلسل "صراع العروش" ليلة أمس بجائزة أفضل مسلسل درامي في حفل توزيع جوائز "إيمي" للمسلسلات والبرامج التلفزيونية. كانت الجائزة بمثابة احتفاء بالموسم الأخير من "صراع العروش" الذي خذل أشد المعجبين بالعمل، وأثار ردة فعل عنيفة في معظم الأوساط، بأنه اندفع نحو نهاية مربكة وغير مرضية إلى حد كبير. بدا فوزه كأنه تعبير عن المسلسل نفسه، وكان بمثابة تنبيه للشكل الذي كان عليه التلفزيون سابقاً. وبغض النظر عما إذا كان الموسم الأخير الذي تسبب في زلزال ثقافي حقيقي، على مستوى رفيع أم لا، شكل الفوز اعترافاً من جوائز "إيمي" بأن التلفزيون كقوة شعبية تجمع الناس بكل أطيافهم بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة.

في ذلك الصدد، ذكر دي بي وايس، أحد الكُتّاب الأسياسيين في "صراع العروش"، متحدثاً في الغرفة الصحفية في حفل جوائز "إيمي" الليلة الماضية، إنّ الأمر ليس متروكاً له أو لكل شخص آخر مشارك في المسلسل، أن يحسم في شأن كيفية شعور الناس حيال العمل في المستقبل. وبحسب رأيه، "ليست هناك وسيلة لمعرفة كيف ستُدرك الأشياء بعد عشر سنوات أو عشرين سنة أوحتى بعد خمس سنوات... إذ تتغير تلك الأمور بسرعة كبيرة. يتغير المشهد التلفزيوني بسرعة كبيرة، إنه يتغير بينما نحن موجودون هنا الآن. إنه لمن دواعي سرورنا أننا وصلنا إلى ذلك العدد الكبير من الناس. آمل أن الأشخاص الذين لم يتمكنوا من مشاهدته حاضراً بسبب سنهم، سيسمعوا عن العمل عندما يكبرون ويشاهدونه في المستقبل".

في المقابل، ألمح الفوز بجائزة "إيمي" إلى شيء غير متوقع مفاده أنه على الرغم من التهويل الكبير الذي سيطر على الإنترنت بسبب الموسم الأخير من "صراع العروش"، فمن المحتمل أن ردة الفعل العنيفة كانت مؤقتة، ومكانة العمل في ذاكرتنا الجماعية ستكون مستقبلاً حالمة أكثر مما يتوقع.

عادة، المواسم الختامية للمسلسلات التي يستمر عرضها لفترة طويلة ولديها قاعدة جماهيرية متحمسة، تكون لها قوة كبيرة، ويمكن أن تكون بمثابة خلاص لمسيرة تخضع لمقامرة من تذبذب الجودة، كما أنها مدمرة تماماً بالقدر نفسه.

وبالاستعادة، جاءت خواتم مسلسلات محبوبة مثل "فريندز" و"بافي قاتلة مصاصي الدماء" و"إي آر" بمثابة محاولة استعمال لصاقات طبية لتغطية جروح القصة العبثية، إذ عملت بشكل تلقائي على إصلاح الحبكات السخيفة أو الاعتذار عنها بعدما نفّرت المشاهدين في أوقات سابقة. لم تأتِ تلك النهايات مستفزة بشكل خاص، بل غالباً ما قدمت للجمهور ما كان يريده بالضبط، لكنها كانت ممتعة للغاية لدرجة أن الأمر لم يعد مهماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يُعتبر مسلسل "ضياع" ("لوست") الذي احتفل خلال عطلة نهاية الأسبوع بمرور خمسة عشرة عاماً على انطلاقه، بشكل نمطي أنه يثير التذمر، لكنه كان أيضاً عملاً يعرف بالضبط ما الذي كان يفعله في جزئه الأخير. من ناحية اخرى، كوفئ المعجبون بسلسلة أفلام "داي هارد" بقرارات صادقة صادرة عن الشخصيات (عند ختام تلك السلسلسة) بدلاً من تخريجة ملفقة محددة عن كل حكاية غامضة جرى استعراضها خلال العمل بأكمله. وفي المقابل، أغضب ذلك  الأمر المشاهدين العَرَضيين الذين لم يتابعوا الأعمال بأكلمها. لقد غيّر مسلسل "ضياع" ملامح التلفزيون إلى الأبد على الرغم من أن ذروته التي جعلت المتابعين يقفون على طرفي نقيض، قد أنهت التعلق الكبير بها حين وصل ذلك العمل إلى نهايته.

حدث تأثير مماثل مع مسلسل "آل سوبرانو". ربما تكون تلك السلسلة قد انتهت بشاشة يكتسحها السواد بطريقة غامضة ومثيرة للفزع نوقِشَتْ لاحقاً حول العالم، لكن النوايا الحسنة الواضحة تجاه العمل بمجمله تعني أن النهاية لم تؤثر على سمعة السلسلة. وبدلاً من ذلك، أصبحت الطبيعة المثيرة للانقسام في اللقطة الأخيرة مجرد مثل آخر على اتخاذ القرارات الإبداعية الشجاعة التي كانت دائماً تميز "آل سوبرانو" بوصفه عملاً تلفزيونياً متفرداً وليس استثناءً نادراً فيه.

من ناحية اخرى، أصيبت مسلسلات اخرى مثل "ديكستر" و"كيف قابلت والدتك" بلعنة بسبب نهاياتها. إذ لم يحظيا بشعبية كبيرة ولديهما سمعة سيئة بين قواعد المعجبين الخاصة بهما. وصارت سمعتهما اليوم سيئة إلى حد كبير. ولم يرغب أحد في رؤية ديكستر" مختتماً بحلقة أخيرة نشاهد فيها رجلاً متسكعاً ومايكل سي هول القاتل والمعادي للأبطال، أثناء تجوالهما بشكل خفي في ولاية أوريغون. واستطراداً، تنصبّ معظم النقاشات المعاصرة التي تتناول العمل على تلك الحقيقة.

وعلى نحو مماثل، لم يُردْ أحد لمسلسل "كيف قابلتُ والدتك"، ذلك العمل "الكوميدي ​​اللطيف" الذي جاء بعد مسلسل "فريندز" الشهير، أن يصل إلى نهايته بحلقة تعج بمعلومات مضللة ظهرت في اللحظة الأخيرة، إضافة إلى أمراض مميتة. في الحالتين كلتيهما، كانت النهاية دليلاً على أن الخاتمة إما ترفع العمل أو تدمره بالكامل.

واستناداً إلى ذلك، ولفترة قصيرة، بدا أن "صراع العروش" يسير في الاتجاه نفسه. ازداد الغضب خلال موسمه الأخير مع ظهور كل حلقة جديدة. وعمل محللون في الإنترنت على تفسير تعبيرات وجه إميليا كلارك عندما كانت تسير على السجادة الحمراء بأنها تتألم بسبب نصوص العمل. وعمد معجبون محبطون إلى التلاعب بنتائج محرك البحث "غوغل" إلى أن أصبح تعبير "كتاب سيئون" مرتبطاً بشكل تلقائي بصانعي العمل وايس وديفيد بينيوف.

واستطراداً، عقب الحلقة الختامية، عبّر ممثلو "صراع العروش" عن استيائهم من الطريقة التي قُدّمت بها تلك الخاتمة. وأشارت ناتاليا تينا إلى إنها "صرخت لمدة ساعة" بعد انتهاء الحلقة، وكشفت لينا هيدي أنها كانت "منزعجة نوعاً ما" من نهاية شخصيتها. ومع ذلك، بعد أربعة أشهر من انتهاء "صراع العروش"، حصلت السلسلة على أعلى وسام يمكن الوصول إليه في الدراما التلفزيونية، ما يشير إلى أن عدم الرضا الآني لا يستحق اليوم أكثر من التجاهل.

وفي مسار مغاير، من المرجح أن يكون "سينفيلد" العمل الأقرب لأن يكون مساوياً لـ"صراع العروش" وعلى نحو غير عادي إلى حد ما. إذ زج "سينفيلد" بأهم شخصياته في السجن في الحلقة الأخيرة، ما أغضب عديدون بين الملايين الذين انتظروا مشاهدتها. ولا تزال هذه الحلقة متربعة على قوائم "أسوأ النهايات على الإطلاق"، بسبب توجهها الأخلاقي غير المعتاد تجاه القسوة المضحكة التي كان العمل يحتفي بها دائماً، ولأنه عمل مصور جرى تضخيمه. لكن التألق العام الذي حظي به "سينفيلد" تفوّق إلى حد بعيد على الثلاثين دقيقة الأخيرة منه. فقد كانت نهايته التي لم تلق استحساناً، مجرد ملاحظة هامشية مقارنة بإرثه الواسع في بقية العمل.

لم يكن "صراع العروش" في يوم من الأيام بنفس عبقرية "سينفيلد". وكذلك لم يغير التلفزيون بنفس الدرجة التي فعلها "آل سوبرانو" أو "بافي" أو "الجنس والمدينة" أو"ذا واير". حتى الأعمال التي اكتسحت التلفزيون لمرة وحيدة مثل مسلسل "ضياع" أو "ربات بيوت يائسات" كانت أكثر طموحاً في طريقة سردها للحكاية وذكية في حلقاتها الأولى.

في المقابل، عرف مسلسل "صراع العروش" كيف يصنع التشويق، إذ دمج سادية شكسبير اللطيفة والمحفّزة على التوتر من جهة، مع الدراما الملتوية للمسلسلات التي تعرض في الليل من الجهة الاخرى.

وكخلاصة، جاء ذلك المسلسل مثيراً للإدمان بلا رحمة، وتغذيه المفاجآت، مع صنع نهايات الحلقات تتمكن من أن تبقي المتفرجين على أعصابهم، إضافة إلى المشهديات الرائعة. وبدا أن فوزه بجائزة "إيمي" دليل أخير على أن صورة العمل هي التي ستبقى عالقة بالأذهان، وليس موسمه الأخير الذي نضب منه الإبداع. لا يبقى  ذلك المشهد الذي تُدفن فيه سيرسي تحت كومة من الصخور، ولا حقيقة أن دينيريس باتت شخصية شريرة رئيسية ببساطة لأن النص كان يتطلب ذلك وليس لأن التحوّل في مسار شخصيتها جاء منطقياً حقاً. ولم ينل "صراع العروش" الجائزة عن موسمه الأخير، لكن مواسمه السابقة كانت تستحقها. في الواقع، كانت الوداع الجدير بالاهتمام والمناسب الذي لم يحظ به العمل على الشاشة.

© The Independent

المزيد من ثقافة