Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طالعات" في فلسطين... حركة نسوية ضد العنف والقتل

قُتلت 28 امرأة منذ بداية العام تحت عنوان "حماية الشرف"

داخل غرفة العمليات في مستشفى فلسطين الطبي بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، يحاول الأطباء إنقاذ سيدة فلسطينية كان شقيقها قد اقتادها إلى بيت مهجور، وأغلق فمها وعينيها وضربها "بمطرقة" على قدميها حتى تهشمت وتكسرت، لأنها طالبت بحقها في العمل. وفي الخارج، تظاهرة حاشدة لنساء فلسطينيات قررن إعلاء الصوت بوجه العنف والقتل الممارس ضدهن، عبر حراك موحد أطلقن عليه اسم "طالعات"، نظّمته مجموعة نساء فلسطينيات مستقلّات، في 26 سبتمبر (أيلول)، يسعين إلى بناء حراك نسوي مستقل وشامل، للنّضال ضدّ كل أشكال العنف الممارس على المرأة الفلسطينية، في أماكن وجودهن كافة.

نورا وسارة وناهد ومئات غيرهن من النساء اللواتي قرعن الطبول وهتفن غاضبات "من رام الله لجرش يقطع إيد اللي تحرش، اصرخي اصرخي علّي صوتك ما تخلّي الحرية تفوتك".

طالعات

المظاهرات التي بدأت من حيفا، مروراً بالطّيبة ورام الله ورفح والجشّ والقدس ويافا والنّاصرة وعرّابة، ووصلت إلى بيروت وبرلين أيضاً، خرجت تحت شعار "لا وجود لوطن حرّ إلّا بنساء أحرار".

شذى الشيخ يوسف، المتحدثة باسم الحراك، تقول لـ"اندبندنت عربية" إن "طالعات" لا يناضل ضد القتل فحسب، "بل لوقف كل أنواع التّعنيف والترويع الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي والسياسي، التي تعيشها النساء الفلسطينيّات بشكل يومي في العمل وداخل بيوتهن. قضية حرية النساء وحمايتهن، ليست قضية اجتماعية مؤجلة، يجب وضعها على الرف، بل هي أولوية وطنية، وليست نتاج أحداث فردية جنائية، بل نتاج منظومات من العنف والفساد البنيوي المتجذر، وشأن يتعدى الحيز الخاص، ويجب أن يشغل كل فلسطينية وفلسطيني".

غير مرحب بالإسرائيليات

ما إن بدأ حراك "طالعات" النسوي بالتوسع في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل عام 1948، حتى سارعت بعض الجهات النسوية الإسرائيلية إلى طلب الانضمام إلى الحراك الفلسطيني. وهو طلب جوبه بالرفض القطعي من قبل الحراك.

راية هواري، إحدى منظمات الحراك، تقول "بادرنا لهذا التحرك كوننا نساء فلسطينيات نعيش في ظل المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية، التي نواجه عنفها بشكل يومي. وفي هذه الظروف، نناضل ضد التعنيف والترويع الذكوري داخل مجتمعنا. هذا النضال هو من أجل أن يكون هذا المجتمع آمناً وحراً وعادلاً لنا ولأفراده كافة، ولن نقبل بأن يكون طريقاً لشرعنة العنف الإسرائيلي".

وتضيف "نحن نعتبر السعي إلى فرض هذه التوجهات علينا محاولة لفرض الهيمنة الإسرائيلية على خطاب أي تحرك فلسطيني وسقفه مساحته. لذلك، نرفض التعامل والتعاطي مع أي منصة أو جهة إسرائيلية. وطلبنا من الجميع عدم السعي لذلك".

قانون مؤجل

وفق الدراسات والإحصاءات التي نشرتها "طالعات"، فإن 28 امرأة في فلسطين، قُتلن منذ بداية العام الحالي، في حين حصد عام 2018 أرواح 35 امرأة.

الباحثة المتخصصة في قضايا المرأة ناهد أبو طعيمة طالبت بالإسراع بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف والتمييز، وبشكل خاص قانونَيْ حماية الأسرة من العنف وقانون العقوبات، مشيرة إلى أن العنف حدث ولا تزال كثيرات من النساء الفلسطينيات يتعرّضن له في ظروف غامضة وهي جرائم قتل بادعاء الشرف، وإعدام تعسفي خارج نطاق القانون، فـ"قُتلت أكثر من 70 امرأة في الأراضي الفلسطينية تحت ما يُسمى جرائم الشرف بين عامي 2010 و2015".

وتتساءل أبو طعيمة "لماذا لم يأخذ أصحاب القرار السياسي والتشريعي مطالب النساء على محمل الجد بعد 20 عاماً ونيف من المطالبة والاستجداء؟ في حين أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحكومة حركة حماس في قطاع غزة، استطاعتا إقرار 200 قانون وأكثر، لكنهما لم تكترثا لقوانين تحمي الأسرة الفلسطينية".

وعود رسمية واستراتيجيات مستقبلية

مؤسسات المجتمع المدني وشبكة المنظمات الأهلية في الضفة الغربية وإثر قضية مقتل الشابة إسراء غريب (21 عاماً) على يد أفرادٍ من عائلتها في أغسطس (آب) الماضي، التي أثارت ضجة عربية وعالمية، طالبت بضرورة الإسراع في إصدار قانون حماية النساء من العنف، ما دفع بوزارة العدل الفلسطينية إلى الإعلان عن إجراء التعديلات اللازمة على قانون العقوبات رقم 16 لعام 1960 المطبق في فلسطين، بما يشمل تشديد العقوبات بحق المجرمين والمخالفين، مع ضمان مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، ومن ضمنها: المساواة بين الرجل والمرأة، وضمان معاقبة مرتكبي الجرائم بداعي الشرف، وتجريم الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للنساء والفتيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتضمن التعديلات القانونية، وفق الوزارة، تجريم العنف ضد الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية والإتجار بهم، وتشديد العقوبات على الجرائم بحقّهم، وتجريم التعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام، وتجريم التحرش بجميع أشكاله، وتجريم العنف بجميع أشكاله، إضافةً إلى تشديد العقوبات على الجرائم بحقّ ذوي الإعاقة، وتجريم استئصال الأرحام للإناث منهم، وتجريم حبسهم في المنازل والعنف ضدهم.

ووفق ما قال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة للوكالة الرسمية الفلسطينية، فإن "غياب المجلس التشريعي كان سبباً في عدم إقرار القانون سابقاً، إضافةً إلى وجود نقاط خلافية غير جوهرية، مثل: تكوين الأسرة لضمان أكبر حماية لأفرادها كافة والعاملين لديها وغيرها".

منسقة منتدى المنظمات الأهلية صباح سلامة تقول لـ"اندبندنت عربية"، "أطلقنا في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة خطة استراتيجية لمناهضة العنف ضدها، تضمن المساواة وعدم التمييز، ومناهضة جميع أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، من خلال حملات الضغط والمناصرة وإيجاد القوانين والتشريعات التي تحسّن ظروف النساء المعنفات وتوفّر المساعدة القانونية لهن. والخطة تستند أيضاً إلى ضرورة العمل على رفع درجة الوعي المجتمعي سواءً في المدارس عبر المناهج أو عبر عملية تربوية شاملة تعيد الاعتبار لروح الشراكة المجتمعية ومنظومة القيم والأخلاق التي ينشدها الشعب الفلسطيني".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط