ملخص
حصان زمننا هذا متحدر من أسلافه التي دجنها الانسان قبل أكثر من 4 آلاف عام
غير استخدام الحصان وجه تاريخ البشرية، وفي جعبة العلماء الآن فكرة أوضح عن الفترة التي باشر فيها البشر في تغيير الحصان نفسه [عبر تدجينه لتلبية بعض حاجاته مثل التنقل وغيرها من منافع...].
منذ نحو 4 آلاف و200 عام مضت، أصبحت سلالة معينة من الخيول، وفي وقت قصير، السلالة المهيمنة في مختلف أنحاء أوراسيا، مما يؤشر إلى أن البشر بدأوا في تلك الفترة في نشر الخيول المستأنسة في مختلف أنحاء العالم، وذلك وفق بحث نشر، الخميس الماضي، في مجلة "نيتشر" Nature العلمية.
وبطبيعة الحال، حمل ذلك الحصان سمة ميزته عن غيره من الأحصنة، إذ كانت لديه طفرة جينية وراثية أعطته ظهراً مختلف الشكل، مما جعل امتطاءه أسهل مقارنة مع غيره من أبناء جنسه على الأرجح.
تطرق إلى النتائج بابلو ليبرادو، عالم في الأحياء التطورية في "المجلس الوطني الإسباني للبحوث" في برشلونة وباحث مشارك في الدراسة الجديدة، فقال إنه "في الماضي، كان ينتشر كثير من سلالات الخيول المختلفة. وبدا هذا التنوع الجيني واضحاً في عينات ضاربة في القدم مأخوذة من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين أو الـ"دي أن أي" DNA حللها الباحثون من مواقع أثرية موزعة في أنحاء أوراسيا، ويعود تاريخها إلى 50 ألف سنة خلت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن التحليل المخبري الذي أجراه الباحثون على 475 جينوماً أو شريطاً وراثياً، لخيول تعود إلى أزمنة غابرة، كشف عن تغير جيني ملحوظ طرأ عليها منذ نحو 4 آلاف و200 عام مضت.
حدث ذلك عندما بدأت سلالة محددة من الخيول نشأت للمرة الأولى في ما يسمى منطقة "سهوب بونتيك- قزوين" الممتدة مما يعرف الآن بشمال شرقي بلغاريا وفي أنحاء أوكرانيا وعبر جنوب روسيا، في الظهور في مختلف أنحاء أوراسيا وسرعان ما حلت محل السلالات الأخرى. وفي غضون 300 عام، أصبحت الخيول في إسبانيا مماثلة لنظيرتها الموجودة في روسيا.
تحدث في هذا الشأن أيضاً الباحث المشارك لودوفيك أورلاندو، عالم في علم الآثار الجزيئي في "مركز علم الأحياء الأنثروبوبي وعلم الجينوم" في تولوز في فرنسا، فقال: "لقد رأينا هذا النوع الجيني ينتشر في كل منطقة تقريباً في أوراسيا، ويبدو واضحاً أن هذا النوع من الخيول الذي بدأ محلياً عرف انتشاراً عالمياً بسرعة كبيرة".
أما هذا التغيير فمرده، كما يعتقد الباحثون، إلى أن شعباً من العصر البرونزي يسمى "سينتاشتا" Sintashta اختار تدجين حصانه المحلي وبدأ في استخدام هذه الحيوانات لمساعدته على توسيع أراضيه حتى مساحات شاسعة.
يقول العلماء إن تربية الخيول البرية في سهول أوراسيا كان عملية متكاملة وليست حدثاً واحداً منعزلاً.
وسبق أن وجد علماء آثار أدلة على أن الناس تناولوا حليب الخيل، وذلك في بقايا أسنان يعود تاريخها إلى نحو خمسة آلاف و500 سنة مضت، والبرهان الأحدث على ركوب الخيل يعود إلى نحو 5 آلاف سنة. ولكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن أفراد قبيلة "سينتاشتا" هم من نشروا في أنحاء أوراسيا تلك الخيول المحددة التي دجنوها وروضوها.
ويعتقد الباحثون أن الأسلاف الأولى للخيول نشأت في أميركا الشمالية، ثم تجولت عبر مضيق بيرينغ [يفصل بين آسيا وأميركا الشمالية] ودخلت آسيا منذ نحو مليون سنة. وقد عاشت هذه الحيوانات وتكاثرت في آسيا، بيد أنها انقرضت في الأميركتين.
قبل آلاف السنوات من تدجين الخيول، دجن البشر حيوانات أخرى، من بينها الكلاب والخنازير والماشية والماعز والأغنام. ولكن يتبين في البحث الجديد أن تقلص التنوع الجيني المرتبط بالتدجين حدث بصورة أسرع بكثير لدى الخيول [تصبح الحيوانات معتادة على سيطرة الإنسان عبر تغيير يطرأ على المستوى الجيني لديها من طريق إبراز الصفات التي يحتاج إليها البشر].
أما لوران فرانتز، الذي يدرس علم الوراثة لدى الكائنات الضاربة في القدم في "جامعة لودفيغ ماكسيميليان" في ميونيخ بألمانيا ولم يشارك في الدراسة، فقال في هذا الصدد: "لقد غير البشر جينوم الحصان بسرعة مذهلة، ربما لأننا كنا نملك أساساً خبرة في التعامل مع الحيوانات".
ويكشف هذا التحول، وفق فرانتز، "عن المكانة الخاصة للخيول في المجتمعات البشرية."
يتلقى قسم الصحة والعلوم في وكالة "أسوشيتد برس" الدعم من "مجموعة الإعلام العلمي والتعليمي" التابعة لـ"معهد هوارد هيوز" الطبي في الولايات المتحدة. "أسوشيتد برس" المسؤولة الوحيدة عن جميع محتويات التقرير.