بالتزامن مع احتفالات السعودية بيومها الوطني ال 89 والتي تشهد تغييرات سياسية واجتماعية واسعة ومتسارعة، في اتجاه تمكين المرأة ومشاركتها في ميادين الحياة العامة، منذ اعلانها في أبريل (نيسان) 2016 عن "رؤية 2030"، وهي الاستراتيجية السياسية والاقتصادية المستقبلية للسعودية، التي نصت على أن الحكومة "ستستمر في تنمية مواهب المرأة واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعها واقتصاد بلدها".
وخلال السنوات القليلة الماضية نجحت المرأة السعودية في اختراق جدار العزلة الذي يفرضه عليها المجتمع المحافظ والتيارات الدينية المتشددة، واقتحمت مجالات التعليم والعمل والسياسة، وبات يسمح لها بالعمل في مجال القضاء والطيران والمحاماة والعمل في السلك العسكري والدبلوماسي، ورغم حصول المرأة على حقوقها التي كانت غير متاحة لها في السابق والسماح لها بامتهان كثير من المهن ماتزال هناك مهن دخلت المرأة فيها وتعتبر غريبة على أعين الناظرين.
مجال العمل العسكري
ولعل تجربة الشابة السعودية إلهام العريني 26 عاما خير دليل على قدرة المرأة على تحمل أعباء أي ملفات حتى ولو كانت مصيرية، وأبدت العريني لـ"اندبندنت عربية" تحمسها لاقتحام مستقبل الحياة العسكرية بشكل متفائل " تم اختياري من قبل مؤسسة مسك الخيرية للالتحاق بدورة " تطوير قدرات المرأة العربية في مجال العمل العسكري وحفظ السلام" في مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية بأبوظبي والتي استغرقت 4 أشهر" وتابعت " تعتبر هذه الدورة الأولى من نوعها في الوطن العربي وضمت 7 دول عربية شملت السعودية والإمارات ومصر والسودان والأردن واليمن، تم بنهايتها تخريج 11 شابة سعودية من بين 134 متدربة عربية".
واستحقت المتدربة السعودية على شهادات عدة في الاستجداد، والانتقال من الصبغة المدنية إلى الصبغة العسكرية، ثم في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، واجتياز مهارات الدفاع عن النفس والمسعف المقاتل.
وفي الوقت الحالي تعيش النساء السعوديات على إيقاع وتيرة من التغييرات والإصلاحات المتسارعة، جعلتهن أكثر تطلعا إلى مستقبل تسود فيه مساواة حقيقية بين المرأة والرجل، والتطلع للمزيد من تفعيل مشاركتهن في الحياة المهنية وميادين العمل خاصة بعد فتح المجال لهن في الالتحاق بالحياة العسكرية برتبة جندي، وأوضحت إلهام " أن تجربة الأسلحة التي شملت التفكيك والتركيب واطلاق النار من الأمور الصعبة لكنني أحببتها و زادتني يقينا بدور المرأة السعودية وقدرتها على الانخراط في المجال العسكري والسياسي، كما أن مشاركتي مع جنسيات عربية أخرى وارتداء الزي العسكري بكل فخر وانتماء وقوة أكد على مكانة المرأة السعودية في دعم الأمان والاستقرار في الوطن العربي وحفظ عمليات السلام في العالم".
وعن بيئة التدريبات العسكرية لخصت العريني تجربتها "لم أعتد التدريبات في المنطقة الصحراوية ولكن مع بدايتها شعرت بالارتياح بين زميلاتي وأظهرت مهاراتي في استخدام الأسلحة الحقيقية ومهارات المعركة، أيضا حرصت على اتقان الحركات الصامتة في القتال من قائد الحظيرة أو الفصيل باستعمال إشارات الميدان والصفارة وذلك لصعوبة السيطرة بالصوت في أرض المعركة، والانضباط بالتشكيلات في رأس سهم أو رأس حرب أم خط منفرد ومزدوج".
وتأمل إلهام وكثيرات غيرها في الحصول على وظائف عسكرية خاصة مع توجه بلادهن للتوسع في تمكين المرأة في شتى المجالات العملية ومنها القطاع العسكري الذي ظل محتكرًا لسنوات طويلة للرجال وهو ما فرضته التقاليد المحافظة والقيود الصارمة التي ضيقتها الحلقات المتشددة من رجال الدين لتكبل بها طموحات النساء السعوديات، وتفرض عليهن العمل في مجالات مهنية محدودة، لكن فتح المجال أمام الفتيات للتدريب ومعايشة الحياة العسكرية يعطي مؤشرا جديدا على أن رواسب الماضي بدأت بالزوال والنهاية.