وصف محللون وخبراء ردة فعل البورصة المصرية أمس الأحد 22 سبتمبر (أيلول) متأثرةً بالتظاهرات المحدودة التي شهدتها العاصمة القاهرة وبعض المحافظات المصرية مساء الجمعة 20 سبتمبر (أيلول) بالمبالغ فيها.
وتكبّدت البورصة المصرية خسائر هي الأكبر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وهي الفترة التي شهدت قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وهو ما يعرف إعلاميا بقرار "التعويم".
2.2 مليار دولار خسائر في أولى جلسات الأسبوع
ووفقاً لبيانات البورصة المصريَّة في نهاية تعاملات الأحد 22 سبتمبر (أيلول)، خسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة نحو 36 مليار جنيه (2.2 مليار دولار أميركي)، وهو ما يمثل انخفاضا بمعدل 5%، وذلك بعدما تراجع من مستوى 738 مليار جنيه (45.35 مليار دولار) في إغلاق تعاملات الأسبوع الماضي إلى نحو 702 مليار جنيه (43.16 مليار دولار) بنهاية تعاملات جلسة أمس الأحد.
ورغم قرار مجلس إدارة البورصة المصرية بوقف التداول لمدة تقترب من النصف ساعة، وهي النسبة المقررة وفقاً للقانون، لم يوقف القرار النزيف واستمر حتى ختام التعاملات، بعد هبوط المؤشر "إي.جي.إكس 100" بنحو 5%، وهو أكبر نزول يومي للمؤشر منذ سبتمبر (أيلول) 2018.
وكانت البورصة المصرية قد أوقفت التداول مرتين قبل أمس الأحد، المرة الأولى في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، عندما هبطت بأكثر من 5% وسط اضطرابات سياسية حادّة، ثم جاءت المرة الثانية عندما أُوقف التداول ثلاثين دقيقة على خلفية قرار حكومي بفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية في 2014، قبل أن تتراجع الحكومة عنه فيما بعد.
تراجع غير مفهوم ومبالغ فيه
وقال وائل النحاس، أحد المحللين وخبراء أسواق المال، إن ردة فعل البورصة المصرية في أولى جلسات الأسبوع غير مفهومة، موضحا لـ"اندبندنت عربية "أنه عند وقوع مثل هذه الأحداث السياسية فإن المؤسسات هي التي تقوم بعمليات البيع على نطاق واسع"، مؤكدا أن ما حدث يوم الأحد الدامي في البورصة هبوط غير مبرر يحكمه الأفراد وليس المؤسسات.
وحول استمرار تراجع مؤشرات البورصة المصرية خلال الأيام المقبلة، أكد النحاس أن "ذلك ليس مسلمة أو قاعدة، وأن البورصة المصرية تمثل دائما لوغاريتما ولغزا"، واستشهد بخسائر مشابهة وتراجع مماثل للبورصة في اليوم التالي لاندلاع ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، والتي جاءت بعد فترة من الاحتقان السياسي.
أحداث لا تستحق الهلع
شريف سامي، الرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية المصرية، يرى أن ما حدث في جلسة "الأحد الدامي" بالبورصة المصرية ليس له أي مبرر، مؤكدا أن التظاهرات المحدودة لا تستحق هذا الهلع ولا توازي الخسائر والتراجع الذي حدث لأسواق المال.
وأوضح سامي أن اللافت للنظر هو أن المستثمر بأسواق المال، سواء أفراد أو مؤسسات، لا يبني قرارات البيع والشراء بناء على جلسة واحدة أو جلستين، مؤكدا أن الوقت الحالي مثالي وفرصة أمام المستثمرين الباحثين عن أرباح سريعة في البورصة، وأن الإقبال على الشراء في ظل أحجام وقيم التداول الحالية لا يمثل بوصلة يمكن الاهتداء بها لتحديد توجهات السوق في الفترة القصيرة المقبلة".
المصريون والعرب يبيعون
مؤشر البورصة المصرية الرئيسي أغلق أمس الأحد على تراجع بنسبة 5.32%، متداولا عند مستوى 13958 نقطة مقابل 14742 نقطة، وانخفض سهم البنك التجاري الدولي، صاحب الوزن النسبي الأكبر بالمؤشر الثلاثيني، بنسبة 3.35%، وأغلق عند مستوى 77.71 جنيه (4.8 دولار أميركي)، بينما تراجع كل من مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة EGX 70 وEGX 100 الأوسع نطاقاً بنسبة 5.66%، و5.68% على الترتيب.
في حين سجلت أحجام التداولات 837.557 مليون جنيه على 179 شركة من خلال 25781 عملية، وتراجعت الأسعار السوقية لأسهم 157 شركة من أصل 179 مقابل ارتفاع 3، في حين لم تتغير أسعار 19 شركة وسيطر الاتجاه البيعي على تعاملات المستثمرين المصريين وسجلوا صافي بيع بقيمة 103.8 مليون جنيه (نحو 6.5 مليون دولار أميركي)، منها 53 مليون جنيه (نحو 3.3 مليون دولار) للمؤسسات و50 مليون جنيه (نحو 3.1 مليون دولار) للأفراد، بينما سجلت تعاملات المستثمرين العرب صافي مبيعات بقيمة 49 مليون جنيه (نحو 3 ملايين دولار) بدفع من المؤسسات التي حققت صافي بيع بقيمة 52 مليون جنيه (نحو 3.2 مليون دولار)، مقابل مليوني جنيه (نحو 125 ألف دولار) صافي شراء من الأفراد.
المستثمرون الأجانب يشترون
أما تعاملات المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية فاتجهت نحو الشراء محققين صافي بقيمة 154 مليون جنيه (نحو 9.6 مليون دولار أميركي) بدعم من المؤسسات التي سجلت صافي مشتريات بقيمة 168 مليون جنيه (نحو 10.5 مليون دولار أميركي) مقابل 14 مليون جنيه (نحو 875 ألف دولار أميركي) صافي بيع من الأفراد.
إغلاق المراكز المالية للأفراد بالسوق
رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار "فاروس"، قالت، في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، إن "المؤسسات المالية ستنتهز فرصة التراجعات وستقوم ببناء مراكز شرائية في الأسهم، وما يحدث نتيجة إغلاق المراكز المالية للأفراد المستثمرين بالسوق".
التراجع له جانب إيجابي!
حنان رمسيس، محللة بالبورصة المصرية، أكدت أنه رغم التراجع الغريب والمريب للبورصة يوم الأحد فإن هناك بعض الإيجابيات. وأوضحت أن تراجع البورصة المصرية خلال تعاملات الأمس لأكثر من 5% لديه جانب إيجابي يخدم المستثمرين، فهذا "التراجع دفع العديد من الأسعار السوقية لأغلبية الأسهم للانخفاض إلى مستويات الدعوم الرئيسة الخاصة بها، مما يجذب العديد من المستثمرين لاقتناص فرص شرائية جديدة".
موجة تصحيحية ضخمة
ومن وجهة نظر مغايرة لآراء نظرائه، اعتبر منصف مرسي، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار"سي آي كابيتال"، خسائر الأحد لا تعدو كونها موجة تصحيحية ضخمة ورد فعل للأرباح التي حققتها البورصة منذ مطلع العام الحالي وحتى شهر أغسطس (آب) الماضي، "فلا داعي للمبالغة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد مرسي أنه "يجب علينا ألا نغفل الاضطرابات العالمية والتوترات التجارية، ومن بينها الاضطرابات التي تحدث في أسواق المال بدول الخليج خلال الأيام الماضية، وأنها رفعت من حدة القوى البيعية للمستثمرين العرب بشكل خاص، وهو ما زاد من وتيرة الخسائر في جلسة بداية الأسبوع".
وتوقع "مرسي" أن تتجه البورصة المصرية للتحرك عرضياً خلال باقي جلسات الأسبوع الحالي، حتى اتخاذ المركزي لقراره الخاص بأسعار الفائدة، والذي بناء عليه يحدد موعد ارتداد السوق إلى أعلى.
وأضاف مرسي أن هذا التراجع لديه جانب إيجابي على مستوى الأسعار السوقية للأسهم، موضحاً أن هناك العديد من الأوراق المالية التي تتحرك عرضياً منذ بداية العام وحتى الآن.
مصدر بارز: نناقش الأمر في الغرف المغلقة
وبعد إجماع غالبية المحللين على أن مع حدث يوم الأحد مبالغ فيه وغير مفهوم، توجهت "اندبندنت عربية" بسؤال إلى مصدر بارز بمجلس إدارة البورصة المصرية، رفض ذكر اسمه، والذي أكد أنه في حالة وجود عمليات تداول، سواء بيع أو شراء، غير مفهومة وغير مبررة، تقوم جهات بالبورصة بدراسة ومناقشة ذلك في الغرف المغلقة وليس في العلن، وهذا أمر طبيعي، ومن أهم مهام عمل الجهات التنظيمية بسوق المال، لافتا إلى أن ذلك يجرى دون المساس بحرية التعامل، سواء على مستوى البيع أو الشراء، لأن ذلك هو أساس عمل أسواق المال.
البورصة المصرية تتحرك دون أسباب واضحة
ووصفت بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، جلسة الأحد ببورصة الأوراق المالية المصرية بالجلسة "الاستثنائية"، ورفضت، في تصريحات خاصة، ربطها بدعوات التظاهر والاحتجاج الجمعة الماضي، مؤكدة أنه في بعض الأحيان تتحرك مؤشرات البورصة دون أسباب واضحة ملموسة للمحللين.
وتوقعت "بسنت" أن تستمر الحركة العرضية المائلة للهبوط في النصف الأول من جلسة الاثنين 23 سبتمبر على أن تشهد السوق ارتدادا طفيفا إلى أعلى بالنصف الثاني.