Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتوقف الخسائر الكارثية بالبورصة المصرية عند إفلاس شركات السمسرة؟

المتعاملون خسروا 16.85 مليار دولار... والأسهم دون قيمتها عند الطرح

تشير البيانات إلى أنه منذ جلسة 27 أبريل 2018 وحتى تعاملات أمس الأربعاء خسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة نحو 16.85 مليار دولار (حسام علي. إندبندنت عربية)

خسائر عنيفة وصادمة تكبَّدتها البورصة المصرية بعدما تعافت من قرارات التعويم وتحرير سوق الصرف في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016 إلى أن بلغت قمماً ومستويات تاريخية كان نهايتها في أبريل (نيسان) من العام الماضي.

وعلى الرغم من المحاولات الحكوميَّة المستمرة في وقف نزيف الأسهم المدرجة، التي يجرى تداولها بأقل من قيمتها الحقيقية، وربما بأقل من سعرها عند الطرح، لكن كل هذه الإجراءات فشلت في تصحيح المسار وإعادة التوازن أو التماسُك إلى الأسهم المدرجة التي تواصل النزيف حتى الآن.

وما بين خسائر يتحمَّلها صغار المستثمرين وحَمَلة الأسهم الصغيرة والمتوسطة، وخسائر أكبر تتكبَّدها الصناديق والمؤسسات، انتهى الحال عند شركات السمسرة التي بالفعل اقترب بعضها من إعلان إفلاسه بعد تهاوي قيم وأحجام التعاملات بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية.

أرقام سلبيَّة وخسائر صادمة منذ أبريل 2018
البيانات والأرقام الرسميَّة تشير إلى أنه منذ جلسة 27 أبريل (نيسان) من العام 2018 -وهي الجلسة التي شهدت أعلى قمة بلغتها السوق المصرية- وحتى جلسة تعاملات أمس الأربعاء، خسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة نحو 279 مليار جنيه (16.85 مليار دولار)، بعدما هوى رأس المال السوقي من مستوى 1006 مليارات جنيه (60.78 مليار دولار) في جلسة 27 أبريل (نيسان) 2018 إلى مستوى 727 مليار جنيه (43.92 مليار دولار) في نهاية تعاملات أمس، بنسبة تراجع تقدَّر بنحو 27.73%، أي ما يتجاوز ربع قيمة الأسهم المدرجة.

على صعيد المؤشرات، هوى المؤشر الرئيس "إيجي إكس 30" بنسبة 25.71% فاقداً نحو 4722 نقطة، بعدما انخفض من مستوى 18363 نقطة إلى مستوى 13641 نقطة في نهاية تعاملات أمس الأربعاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الخسائر أشد وطأة في الأسهم المدرجة على قائمة مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70"، الذي تراجع بنسبة 38.72% فاقداً نحو 335 نقطة، بعدما تراجع من مستوى 865 نقطة في أبريل (نيسان) 2018 إلى مستوى 530 نقطة في إغلاق تعاملات أمس.

أيضاً هوى المؤشر الأوسع نطاقاً "إيجي إكس 100" بنسبة 40.15% فاقداً نحو 920 نقطة بعدما تراجع من مستوى 2291 نقطة إلى نحو 1371 نقطة.

وقال المحلل المالي محمد جاب الله، "إن ما يحدث حالياً سواء بالعالم أجمع سياسياً واقتصادياً، وما يحدث بسوق المال المصرية خصوصاً هو ما يشبه (لعبة الكراسي الموسيقية)، فلا تندهشوا مما سيحدث، هناك شخصيات وكيانات بارزة سوف تختفي للأبد، وستظهر كيانات جديدة خلال الفترة المقبلة، كما ستظهر شركات وستختفي شركات أخرى".

وأوضح أنه "لا صعود حقيقياً للسوق إلا بعد انتهاء هذه اللعبة تماماً"، مشيراً إلى أنه "بداية من الشهر المقبل سوف تبدأ السوق في الاستقرار استعداداً لموجة صعود كبيرة".

لماذا فشل برنامج الطروحات الحكوميَّة في وقف النزيف؟
وفي الوقت الذي تواجه فيه البورصة المصريَّة هذه الخسائر العنيفة، أعلنت المجموعة المالية "هيرميس" بدء الحملة الترويجية لطرح شركة "فوري" للمدفوعات الإلكترونية.

يأتي هذا الطرح في إطار برنامج الطروحات الحكوميَّة، الذي أعلنته البورصة المصرية العام الماضي، وبدأت بطرح جزء من أسهم الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني".

وكانت الحكومة المصرية تعوَّل على برنامج الطروحات في إنهاء سلسلة الخسائر العنيفة التي تواجهها البورصة المصرية، لكن المعوقات الكثيرة التي حالت دون تنفيذ البرنامج وفق المخطط الرسمي المعتمد من قبل وزارة القطاع الأعمال، أسهم في أن يتحوَّل هذا البرنامج إلى مصدر ضغط جديد على الأسهم المدرجة.

وتوقَّعت مصادر مطلعة أن يبدأ طرح "فوري" مطلع أغسطس (آب) المقبل. وأكدت أنه سيجرى استخدام طريقة السعر الثابت في تحديد السعر النهائي للطرح، وليس آلية بناء سجل الأوامر. ورجحت أن تخصص حصة كبيرة من الطرح لمستثمرين استراتيجيين.

ولم يحدد حجم الحصة المزمع طرحها حتى الآن. إلا أن مصادر توقَّعت في وقت سابق، أن تصل الحصة إلى 45% من رأسمال الشركة، على أن ينفذ الطرح قبل عطلة عيد الأضحى المبارك.

وأضافت المصادر أن شركة "فوري" تستهدف جمع ما بين 2 و2.5 مليار جنيه (0.12 مليار إلى 0.15 مليار دولار) من الطرح، ليصل بذلك إجمالي قيمة الشركة بين 4.5 و5.5 مليار جنيه (0.271 مليار إلى 0.332 مليار دولار)، ليصبح أكبر طرح في البورصة المصرية منذ طرح إعمار مصر عام 2015.

الأسباب الجوهريّة للأداء السلبي
الخبير الاقتصادي والرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، هاني توفيق، أرجع الأداء السيئ للبورصة المصرية خلال الفترة الماضية، إلى أسباب داخلية تتعلق بالبورصة، أبرزها "إلغاء الإعفاء الضريبي للشركات المقيدة والمتعاملين بالسوق. إذ كانت الشركات المقيدة بالبورصة المصرية تُعفى من الضرائب حتى نسبة 10% من رأس المال لإغراء أصحاب الشركات على القيد بالبورصة، وأُلغي هذا الامتياز عام 2005، كما كان يُعفى المتعاملون من ضرائب على الأرباح الرأسمالية، وأُلغي، وفُرِضَت ضريبة الدمغة على التعاملات بنسبة 1.5 في الألف على التعاملات سواء ربحاً أو خسارة"، الأمر الذي يتسبب في تحقيق خسائر تصل إلى نصف رأس المال خلال عام للمتعاملين بكثافة، وذلك وفقاً لدراسة حديثة أجريت في هذا الشأن.

وقال "إن ضريبة الدمغة التي فرضتها الحكومة المصرية، إضافة إلى عدم عدالتها، فإنها تدفع المتعاملين إلى تحقيق خسائر كبيرة".

وأوضح خلال مشاركته في اجتماع لجنة البنوك بجمعية رجال الأعمال المصريين، تحت عنوان "الوضع الحالي للبورصة المصرية... الأسباب والنتائج"، أن "الضرائب والرسوم والأتعاب للبورصة وهيئة الرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة سبب رئيس في تدهور أداء البورصة"، مشيراً إلى أن "تلك الجهات أصبحت تحقق أرباحاً بمئات الملايين جراء رسوم التداول. كما تسبب عدم تنوّع الشركات وآليات التداول في إحجام الإقبال على البورصة المصريَّة".

أرقام صادمة مقارنة بعام 2004
لكن في الوقت نفسه، ذكر توفيق أن "ما تمر به البورصة المصرية هو عرضٌ، وليس مرضاً"، موضحاً أن "البورصة المصرية هي ثالث أقدم بورصة بالعالم، إذ بدأت في الإسكندرية عام 1883 بعد بورصتي نيويورك ولندن، وبعدها بعشرين عاماً أنشئت بورصة القاهرة، وظلتا تعملان معاً لفترة، وحقق كثير من المتعاملين أرباحاً طائلة من فرق السعر للسهم نفسه المدرج في بورصتين".

وقارن بين نسبة رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة في البورصة المصرية بالناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالأسواق المجاورة، كدليل على مساهمتها في الاقتصاد، مضيفا أن "رأس المال السوقي لبورصة السعودية يبلغ نحو 533 مليار دولار تعادل 66% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي قطر 144 مليار دولار تعادل 85%، وفي الإمارات 233 مليار دولار تعادل 63%، وجنوب أفريقيا 335 مليار دولار تعادل 330% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن في مصر 42  مليار دولار فقط تعادل 19%، وهو ما يثبت تدني حجم رؤوس الأموال المدرجة في البورصة المصرية".

وبلغ عدد الشركات المقيدة بالبورصة المصرية عام 2000 نحو 1071 شركة، مقابل 250 شركة حالياً بانخفاض تتجاوز نسبته نحو 75%، كما كان رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة عام 2000 من الناتج المحلي الإجمالي في حدود 29% أصبح حالياً نحو 19% فقط.

فيما بلغ حجم التداول اليومي عام 2004 نحو ملياري جنيه تعادل ما بين 300 إلى 400 مليون دولار يومياً، أمَّا حالياً فيصل إلى 20 مليون دولار، وبلغ عدد المتداولين في عام 2004 نحو 300 ألف مستثمر نشط، وحالياً لا يوجد سوى 4 آلاف مستثمر نشط فقط، وهو ما يشير إلى نتائج محبطة دفعت شركات السمسرة والأوراق المالية إلى الإفلاس.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد