Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أهالي إدلب ينقلبون على حكم "الهيئة" ومخاوف من مواجهات دامية

مصادر تؤكد وجود سوريين وأجانب بالمعتقلات وسلطة "الأمر الواقع" تتهم المتظاهرين بإثارة البلبلة وحمل السلاح ودعوات لعصيان مدني

تظاهرات سابقة لأهالي إدلب ضد حكم هيئة تحرير الشام (غيتي)

ملخص

"لا يمكن إخفاء تخوف الناس وتوجسها في إدلب وأريافها التي تغص بالنازحين، وممن تقطعت بهم سبل العيش من احتمالية الصدام العسكري المباشر، والاقتتال الداخلي، وهذا إن حدث يعني طريقاً دامياً لا عودة منه إلا بنتائج وخيمة على كل الأطراف".

يبدو أن السوريين في إدلب، ومع استمرار احتجاجاتهم منذ بداية العام الحالي، عازمين على تحقيق مطالبهم بإسقاط حكم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتنحي أمير الجماعة المتشددة، أبو محمد الجولاني عن الزعامة، ومن ثم إخراج المتظاهرين والناشطين من أفراد الحراك الشعبي من المعتقلات، وسط مخاوف من انفلات الأمر إلى مواجهات دامية.

وانتفضت الساحات في إدلب، غربي سوريا، الجمعة الماضي، بتظاهرات تطالب بحل جهاز الأمن العام، وإسقاط الحكم وسط ظروف أمنية ومعيشية واقتصادية صعبة يعيشها الناس، حيث انخفضت فرص العمل، واتسع تأثير الضائقة المالية على السكان بعد أزمات الزلزال التي أصابت المدينة وريفها قبل عام.

وكانت هيئة تحرير الشام سيطرت على المدينة عام 2017 بعد تحالف واندماج حركات وفصائل جهادية عدة أبرزها جبهة النصرة، وهي الجماعة الأكثر تشدداً في سوريا بعد تنظيم "داعش"، وتستمد فكرها وعقيدتها من تنظيم القاعدة التكفيري.

في حين يستخدم الحراك الشعبي، ومن يقوده من الناشطين الأسلوب المتبع في الحشد للتظاهرات منذ عقد من الزمن، حيث يتجمعون عقب صلاة الجمعة، لكن الأمر اختلف عقب الجمعة الأخيرة إذ أعلن المنظمون للتظاهرات عن استمرارها وعدم توقفها والخروج بأشكال وطرق مختلفة ومنها العصيان حتى تلبية المطالب وأولها إخراج المعتقلين.

ويرى زعيم الهيئة الجولاني، أن المطالب الشعبية انحرفت عن مسارها، وانتقلت إلى حالة تعطيل عامة في المناطق المحررة (في إشارة إلى المناطق الخارجة عن سيطرة القوات النظامية)، التي تشمل إدلب وريفها وأجزاء من ريف حلب وهي الواقعة في منطقة "خفض التصعيد الرابعة".

واستقرت أغلب قوات المعارضة السورية المسلحة ومن بينها الجماعات المتطرفة في إدلب بعد معارك دامية بين عامي (2013 ـ2017) في وجه قوات حكومة دمشق وإيران وروسيا وانسحبت الفصائل بعد خسارتها من مدن حلب وحمص ودرعا وجرى تجميع كل المقاتلين المعارضين في إدلب عبر وساطة روسية.

بين التفاوض والسلاح

أثناء ذلك، أفادت مصادر أهلية عن اعتقال أجهزة أمن الهيئة لسوريين وأجانب بتهم سياسية، وغير سياسية مؤكدين وجودهم بالمعتقلات، في وقت أعلنت الهيئة إصدارها عفواً عاماً عن المساجين بالتزامن مع خروج تظاهرات بلغت ذروتها في منتصف مارس (آذار) الماضي مع ذكرى الحراك الشعبي في عام 2011 واجهتها قوى الأمن من عناصر الهيئة بالقمع والاعتقال، بينما تتهم الهيئة والتي يطلق عليها (سلطة الأمر الواقع) المتظاهرين بإثارة البلبلة، وحمل السلاح.

ويجزم الناشط الحقوقي، رأفت السيد عمر في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن "الواقع الذي تعيشه إدلب في طريقه للانفجار، وليس لدى أجهزة تحرير الشام رفاهية الوقت لاحتواء الشارع الغاضب والساخط على أساليب القمع المتبعة، بالتالي عليهم الالتفات إلى المتظاهرين واستيعاب الحراك بالطريقة المثلى وعدم إشهار السلاح بوجه مدنيين عزل غايتهم أن يصل صوتهم، ونيل مطالبهم وحقوقهم، وأعتقد في الوقت ذاته أن الجولاني يحاول كسب الوقت لإنهاك الحراك الشعبي وتقهقره مع الزمن، أو بروز أحداث جديدة تحرف مساره".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وأضاف، "لا يمكن إخفاء تخوف الناس وتوجسها في إدلب وأريافها التي تغص بالنازحين، وممن تقطعت بهم سبل العيش من احتمالية الصدام العسكري المباشر، والاقتتال الداخلي، وهذا إن حدث يعني طريقاً دامياً لا عودة منه إلا بنتائج وخيمة على كل الأطراف".

ويرجح عمر "قرب احتمالية الحل السلمي، عبر استخدام أسلوب تفاوضي مع العرابين للتظاهرات السلمية بالرضوخ نهاية المطاف لبعض المطالب كنوع من استيعاب الموقف، ولعل تحقيق مطالب شعبية جزئية يندرج ضمن رغبة تحرير الشام بالحفاظ على ديمومة سلطة الأمر الواقع، بخاصة أنها مارست أسلوباً متشدداً بالحكم والتضييق على القاطنين بالمدينة".

وكانت الهيئة أغلقت قبل أيام مركزاً للتجميل بذريعة مخالفته "الشريعة" في أعقاب طرح حكومة الإنقاذ قانوناً للآداب العامة فيه تدخل بحياة الناس الخاصة، ومن البنود والمواد (تحريم النرجيلة والتدخين، وتقييد لباس المرأة، وإزالة الصور والشعارات الفاحشة والخادشة للحياء).

في المقابل يحاول الجولاني زعيم الهيئة خلال العامين الماضيين الظهور بمظهر عصري، وأكثر تمدناً سعياً منه لاستمالة الغرب وأميركا لإزالة تنظيمه من قوائم الإرهاب العالمي، فأزال غطاء رأسه الذي يشبه إلى حد كبير أغطية رأس جماعة تنظيم "القاعدة"، واستقبل الصحافي الأميركي، مارتن سميث وقال "كنا ننتقد السياسات الغربية في المنطقة لكن لا نريد أن نشن هجمات عليها".

الإضراب العام

وكثفت الدوريات الأمنية من شرطة وأمن تحركها على جميع محاور المدينة بغية حفظ أمن وسلامة المواطنين، بحسب ما جاء في تصريحات المسؤولين بالهيئة، حيث تعيش المدينة أجواء توترات أمنية غير مسبوقة.

وجاء على لسان قائد شرطة المدينة من هيئة تحرير الشام، الرائد طاهر العمر، توقيف شخص عمد إلى إطلاق النار بشكل عشوائي في أحد الأحياء بهدف ترويع الأهالي، وأحيل للقضاء المتخصص بحسب قوله، بينما يتهم المتظاهرون قوى الأمن باستخدام العنف أثناء التعامل مع الاحتجاجات الشعبية.

تأتي هذه التطورات بينما لم يمضِ وقت طويل عن اعتقالات شملت ما يناهز ألف شخصية من المقربين لجماعة النصرة ومن بينهم المدعو أبوماريا القحطاني على خلفية اتهامات تتعلق بالتخابر مع جهات خارجية، ليصدر عفو عنه لكن بعد خروجه من السجن قتل بتفجير عبوة ناسفة أعلنت الهيئة عدم مسؤوليتها ووعدت بإيجاد الفاعلين.

في غضون ذلك دعا تجمع الحراك الثوري في إدلب إلى تظاهرات حاشدة في كل المناطق، واعتصام بالسيارات على طريق إدلب سرمدا مدته ساعة يومياً، إضافة إلى اعتصام بالسيارات على المحاور الرئيسة في (إدلب وسرمدا، حزانو) مدته نصف ساعة يومياً، وكذلك تظاهرات عند معبر باب الهوى، كما تشمل دعوة الحراك إضراباً عاماً وإغلاق للمحال التجارية في المناطق المحررة.

وفوجئ أعضاء "تجمع الحراك الثوري" الذي لم يتوقف عن التظاهرات، وبشكل متقطع منذ فبراير (شباط) الماضي، بقيام سلطة الأمر الواقع (هيئة تحرير الشام) وعبر جهازها الأمني بسلسلة اعتقالات طاولت كوادرها، أول من أمس الجمعة، بمداهمة منزل عضو مجلس إدارة الحراك، فاروق كشكش واختفائه، ثم احتجاز كل من آدم سليمان، وأحمد الشغري في مدينة جسر الشغور، في ريف إدلب، واعتقال رامي عبدالحق، ويحيى سيد يوسف في مدينة إدلب.

جاء ذلك بعد يوم شهدت فيه إدلب تظاهرات سلمية عارمة، وعلى رغم استجابة الحراك لطلبات التهدئة فإن الاعتقالات التي نفذتها الهيئة اعتبرها الحراك الثوري "تعكس رغبة باستفزاز الشارع وضرب مبادرات الحوار المجتمعي".

وبررت سلطة الأمر الواقع والمتمثلة بهيئة تحرير الشام وعبر ما تسمى "حكومة الإنقاذ" حملة الاعتقالات تلك برفض متزعمي التظاهرات للحوار، متهمة المعتقلين بممارسة ما وصفته بـ"الإرهاب الفكري على المتظاهرين، وتشويه الإصلاح"، وقال بيان لوزير الداخلية بالحكومة، محمد عبدالرحمن، إن المعتقلين كان لهم دور في التشجيع على حمل السلاح والأحزمة الناسفة. وأضاف، "عدا عن السب والشتم والقذف والإساءة إلى المسؤولين والموظفين، والتسبب بتعطيل عمل المؤسسات في كثير من الأوقات".

المزيد من متابعات