Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فتيات مصريات يمثلن ويرقصن سينمائيا في مهرجان "كان"

فيلم وثائقي فاز ب"العين الذهبية" يصور الحياة اليومية في بيئة قبطية

من جو الفيلم المصري الوثائقي "رفعت عيني للسما" (ملف الفيلم)

ملخص

 في فيلم "رفعت عيني للسما" تجول كاميرا المخرجين المصريين ندى رياض وأيمن الأمير في قرية مصرية  قبطية، وتصور الحياة اليومية التي يعيشها الناس هناك، ومنهم مجموعة من المراهقات يهوين التمثيل والغناء والرقص.

في "رفعت عيني للسما" لندى رياض وأيمن الأمير، الفيلم المصري المعروض في "أسبوع النقاد" الذي فاز بـ"العين الذهبية" (جائزة تمنح للأفلام الوثائقية على هامش الجوائز الرسمية) ضمن الدورة الـ 77 لـ "مهرجان كان السينمائي" خلال الفترة من الـ14 وحتى الـ25 من مايو (أيار) الجاري، نتعرف على مجموعة مراهقات يشكلن فرقة مسرحية تقدم عروضاً في الشارع، ويقدمن الغناء والرقص والتمثيل في محاولة دؤوبة لتغيير عقلية البيئة التي يعشن فيها وهي قرية في جنوب مصر، بينما يتعقب المخرجان خطى بضع شخصيات منهن لتوثيق التطور الحاصل في داخلهن.

إنها فكرة الفن الهادف بوصفه أسلوب حياة وأداة تغيير واكتشاف للذات من خلال أدوات الفيلم الوثائقي التقليدي، إذ لا تغيب عناصر من الفيلم الروائي ويدخلنا في تفاصيل عيش شريحة من الناس، وهذا بطول أناة وبحث ورغبة في التقاط التناقضات، وإصرار على الفهم والإحاطة بكل جوانب واقع الشخصيات وعلاقتها بمحيطها، في ظل استحقاقات الحياة المقبلة على هؤلاء والتي لا ترحم أحداً، ولكل شخص طريقة تعامل مختلفة معها.

ما هو مغاير في الفيلم ويميزه عن كثير من الوثائقيات المصرية أن المخرجين يموضعان الكاميرا في بيئة مسيحية، مما يوفر للفيلم احتمالات جديدة في تجاوز واضح للأفلام التي تجري أحداثها في البيئة المسلمة، حيث الصراع بين ارتداء الحجاب من عدمه على سبيل المثال، ويتحول إلى رمز للتحدي، أما المشاكسة هنا فلها مفاهيم أخرى ولو أن ثمة تقاطعات كثيرة بين البيئتين المسلمة والمسيحية، ويبقى أن المسألة مسألة تفاصيل و"هذا القليل الذي يصنع الفرق الكبير"، ولو أننا نصل في نهاية المطاف إلى أماكن متشابهة سواء حدث هنا أو هناك.

ونظراً إلى وقوع مسرح الفيلم خارج المدن الكبرى حيث حضور الحياة الثقافية أقوى، فهذا يبعث على مزيد من الفضول للاحتكاك بهذه الأماكن الهامشية والناس الذين لا يهتم بهم أحد، وهذه إحدى وظائف "الوثائقي".  ويتجاوز الصراع هنا لقطة بعد لقطة البيئة والأشخاص وصولاً إلى الصراع الذي يعيشه الإنسان منذ الأزل، بين أن يبقى وفياً لرغباته فيواجه تحديات متواصلة، أو أن يدخل في قمقم المجتمع الذي سيسهل حياته، وهذه الثيمة ليست أكثر من جزئية في الفيلم، لكنها قادرة على قضم سواها من الثيمات، لأنها أهم ما يقال وتتيح للفيلم الانتقال من محليته إلى كونية تجعل كثيراً من الأشخاص، والفتيات خصوصاً، يجدون أنفسهم فيه. 

في الفيلم شخصيتان والخيارات التي تقومان بها واحدة، تختار الذهاب إلى نهاية الطريق مدفوعة بالفضول للخروج من أسوار القرية التي نشأت فيها، والثانية للأسف تختار البقاء لأنها استسلمت وأُغرمت بشاب يفرض عليها التزام المنزل، وينقل الفيلم في أمانة وواقعية تطورات مرحلة معينة من العمر والتي من المفترض أن ترسم مصير الإنسان بقية حياته. من أين يتأتى الوعي عند بعض الفتيات؟ وكيف يتكون ليصبحن كوردة وسط أرض قاحلة؟ قد لا يطرح الفيلم هذا التساؤل مباشرة، لكننا نخرج من الصالة وفي بالنا رغبة في معرفة مزيد عن هذا الشأن. 

تقول المخرجة ندى رياض إنها قابلت هؤلاء الفتيات في القاهرة عندما كانت تعمل لمصلحة منظمة نسوية تدعم الأعمال الإبداعية عند الفتيات اللاتي يعتبرن من الفئات المهمشة في مصر، وفي هذ الإطار سافرت والمخرج أيمن الأمير إلى جنوب مصر حيث تعرفا إلى البنات اللاتي رأين في الأداة السينمائية طريقة أخرى للتعبير. 

صناعة "الوثائقي" تحتاج إلى نظرة دقيقة تجمع الأخلاقي بالجمالي، وخصوصاً إذا دخل الفيلم في يوميات الأشخاص، وهذا يفترض تأسيس علاقة قوية بين من هم خلف الكاميرا وأمامها، فكيف قاما بالتصوير في مثل هذه المساحات الصغيرة من دون أن يعرقل وجود فريق العمل الحياة اليومية للشخصيات وعائلاتهم؟ سؤال يُطرح عليهما فيرد عليه أيمن الأمير على نحو يكشف شيئاً عن طريقة عملهما، "نحن فريق عمل مكون من ثلاثة أو أربعة أفراد، مما يساعد الشخصيات في الشعور بالراحة أمام الكاميرا، ولحسن الحظ لم يتغير فريق العمل كثيراً خلال أعوام التصوير الأربعة، ويستغرق تصوير كل مشهد بين ثلاث وأربع دقائق إلى ساعتين أو أكثر، ونصور حتى يحدث شيء ما". 

وتقول ندى رياض إنهما أمضيا كثيراً من الوقت مع الشخصيات حتى أنهما في معظم الأحيان كانا يتوقعان تقريباً ما سيحدث، ولكن هناك دائماً مفاجآت. وفي رأيها أن الفيلم الوثائقي مدرسة في الصبر والفطرة، فقد استغرق تصوير الفيلم أربعة أعوام إضافة إلى عامين من التحضير في القرية، وخلال هذه الفترة فتحت عائلات الفتيات بيوتها أمام مخرجي الفيلم ودار كثير من النقاش، مما أدى إلى نشوء علاقة ثقة ضرورية.

ويروي الأمير أنهما أمضيا وقتاً طويلاً في هذه القرية حتى إن إحدى النساء عرضت عليهما شراء منزل لهما. ويقول الأمير عن البيئة التي يحدث فيها الفيلم وعلاقته بمسرح الشارع إن "هؤلاء أقباط ولكنيستهم تقاليد مسرحية غنية جداً، وتستمد هايدي، وهي الشخصية الرئيسة في الفيلم وتريد أن تصبح راقصة، كثيراً من إلهامها من مقاطع الفيديو التي تجدها على الإنترنت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتروي رياض أنها في المرة الأولى التي رأت فيها أداءهن المسرحي شعرت بأن الأمر عبارة عن معجزة صغيرة، "جميعهن لديهن أمهات تقليديات جداً ويرغبن في أن يكن فقط ربات بيوت، ومن خلال هذه المنظمة النسوية التي ذكرتها سابقاً تمكّنا من مقابلة كثير من الناس والتحدث معهم والاستلهام منهم، ولكن بالنسبة إلي أهم شيء هو هذا المجتمع الذي أنشأته، حيث يمكنهن أن يصبحن ما يردن بعيداً من القيود المفروضة عليهن".  ولحسن الحظ أن الامور في الفيلم ليست في حكم الأسود أو الأبيض، فحتى العائلات تختلف في مدى انفتاحها، فمثلاً تحاول عائلة هايدي إقناعها بعدم ترك الفرقة المسرحية لتبدي انفتاحاً أكبر منها.

ويرى الأمير أن من المهم فهم أن العلاقة مع الفتيات وعائلاتهن ليست من طرف واحد، ويقول "في هذا المشهد حين يقنع الأب ابنته بعدم التخلي عن الفرقة والشروع في فكرة الارتباط، طلب مني الأب تصوير المحادثة، ولا شك في أنه كان يأمل في أن يساعده وجودي في تغيير رأي ابنته"، وتؤكد رياض الفكرة نفسها قائلة، "في بعض الأحيان منحت الكاميرا الشخص حرية أن يفعل ما يريد، وفي هذا المشهد أراد والد هايدي أن نساعده في مواجهة ابنته".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما