Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تتحرك لمناهضة الاعتراف بـ "دولة فلسطين"

غالانت يلغي قانون "فك الارتباط" وسموتريتش يهدد بتكثيف الاستيطان والضغط اقتصادياً عبر وقف تحويل الأموال للسلطة

توسعت إسرائيل في بناء المستوطنات بالضفة الغربية بعد هجوم السابع من أكتوبر الماضي (اندبندنت عربية)

ملخص

اعترفت 147 من إجمال 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية مما أثار موجة غضب عارم في إسرائيل.

في ظل الزخم المتنامي داخل البرلمانات والمجتمعات الأوروبية لدعم حقوق الفلسطينيين وتعزيز مكانتهم السياسية على الصعيد العالمي، وتزايد الدعوات الدولية إلى وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تعد القضية الفلسطينية التي غابت لأعوام عن الأجندة الدولية مجرد نزاع سياسي مع إسرائيل منذ عقود، بل باتت في سلم أولويات المجتمع الدولي الذي يسعى اليوم إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عبر إرساء حل الدولتين، ويرى أن السلام المنشود في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق من دون الاعتراف بفلسطين كدولة.

وعلى رغم الاعتراض الأميريكي والضغط الإسرائيلي لوقف تمكين دولة فلسطين من الحصول على صفة عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، اعترفت 147 من إجمال 193 دولة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، مما أثار موجة غضب عارم في إسرائيل التي اعتبرت أن الاعترافات الأوروبية الأخيرة بالدولة الفلسطينية خطوة تعزز "الإرهاب"، وتحمل وزناً دبلوماسياً من شأنه أن يزيد تمثيل الموقف الفلسطيني في أوروبا، خصوصاً وأن كثيراً من دول الاتحاد الأوروبي أشارت خلال الأسابيع الأخيرة إلى خطط للاعتراف بدولة فلسطين، والتي سبقت خطوة قضائية تاريخية أيضاً تمثلت بإعلان المدعي العام في "المحكمة الجنائية الدولية" كريم خان تقديم طلب إلى المحكمة لإصدار مذكرات توقيف دولية ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم "تشمل التجويع والقتل العمد والإبادة".

 

 

وفي أبريل (نيسان) الماضي استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، بعدما كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت بالغالبية "لمصلحة عضوية فلسطين الكاملة"، في قرار يحمل طابعاً رمزياً.

عقوبات دولية

وفور إعلان كل من إيرلندا وإسبانيا والنرويج أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيدخل حيز التنفيذ في الـ 28 من مايو (أيار) الجاري، لم تتوان إسرائيل عن التصريح بسلسلة من الإجراءات العقابية ضد تلك الدول التي بدأت باستدعاء الخارجية الإسرائيلية للسفيرين الإسرائيليين في إيرلندا والنرويج.

ووفقاً لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية فإن الوزارة تدرس من بين أمور أخرى تشديد تأشيرات الدخول للدبلوماسيين في مكاتب التمثيل الأوروبي في السلطة الفلسطينية، في خطوة ستجعل من الصعب عليهم العمل مع الفلسطينيين.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية (كان-11) فإن الخارجية الإسرائيلية عرضت على سفراء النرويج وإيرلندا وإسبانيا لدى تل أبيب مقطع الفيديو الذي عممه منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ويظهر مشاهد من عملية أسر عدد من المجندات الإسرائيليات من قاعدة "ناحل عوز" العسكرية خلال هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وذكرت "كان-11" أن إسرائيل "تسعى إلى عزل هذه الدول دبلوماسياً ومقاطعتها عبر عدم استدعائها للإيجازات أو الإحاطات التي تقدمها الخارجية وتأخير معاملاتها"، وبحسب الإذاعة العامة الإسرائيلية فإن تل أبيب تبحث في اتخاذ خطوات إضافية محتملة ضد هذه الدول، رداً على الاعتراف المرتقب بالدولة الفلسطينية.

وبالتزامن مع ذلك اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "مكافأة للإرهاب"، وقال بحسب ما جاء في بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن "هذا القرار لن يشكل الأساس للمفاوضات المستقبلية ولا يهدف إلى تعزيز الحل السلمي، ولن يغير وضع الأراضي المتنازع عليها ولن يوفر أي حقوق للسلطة الفلسطينية، ولا ينتقص من أي حقوق لدولة إسرائيل".

وأضاف نتنياهو، "لن تمنعنا لا الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا أي كيان آخر من ممارسة حقنا الأساس في الدفاع عن أنفسنا، ولن نسمح بأي مكافأة للفلسطينيين بعد هجوم ’حماس‘ في السابع من أكتوبر 2023"، مردفاً " لن نسمح بإقامة دولة إرهابية من الممكن أن تهاجمنا مستقبلاً بشكل أكبر".

 

 

أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد فقال إن "قرار النرويج وإسبانيا وإيرلندا الاعتراف بفلسطين مشين، لكنه ليس نتاج أزمة بل نتاج فشل سياسي غير مسبوق".

كارثة اقتصادية

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المعروف بعدائيته الكبيرة للفلسطينيين، رد على الاعترافات بإعلان وقف تحويل عائدات الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية "حتى إشعار آخر"، وهي التي تشكل قرابة 63 في المئة من الدخل الشهري للحكومة الفلسطينية التي تعاني أزمة مالية حادة، مطالباً رئيس الوزراء بإقرار حزمة عقوبات عليها وتقييد تحركات مسؤوليها عبر إلغاء تصاريح كبار الشخصيات بصورة دائمة، وفرض عقوبات مالية إضافية عليهم. 

وهدد سموتريتش بأنه سيأمر بإلغاء الإعفاء الذي تحتاجه البنوك الإسرائيلية للحفاظ على علاقاتها مع نظيراتها الفلسطينية، إذا ما حصلت السلطة الفلسطينية على الاعتراف كدولة من قبل مجلس الأمن، أو إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة أو جنود إسرائيليين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويسهل الإعفاء المقرر أن ينتهي أول يوليو (تموز) المقبل على السلطة الفلسطينية استيراد الضروريات مثل الغذاء والماء والكهرباء إلى الضفة الغربية وغيرها من الأمور الحياتية، ووفقاً لبيانات الحكومة الأميركية فإن ما يقارب 8 مليارات دولار من التجارة بين إسرائيل والضفة عبر القنوات الإسرائيلية كل عام، 2.3 مليار دولار منها للغذاء، و540 مليوناً للكهرباء، و145 مليوناً لخدمات المياه والصرف الصحي.

ويرى مراقبون أن تهديدات سموتريتش بعدم تجديد الإعفاء كرد على اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطين سيؤثر بشكل كبير وجسيم في عمليات الاستيراد والتصدير، وسيعوق بشدة قدرة السلطة الفلسطينية على العمل ويشل النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية التي يسعى الفلسطينيون إلى اعتبارها دولتهم المستقبلية المرتقبة.

ووفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية فإن واشنطن تقود ضغوطاً لتجديد الإعفاء، وتطلب من الحلفاء ممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لعدم جر المنطقة الى أزمة خطرة من شأنها أن تؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الضفة.

من جهته حذر البنك الدولي في تقرير حديث من أن السلطة الفلسطينية تواجه أخطار حصول "انهيار في المالية العامة بسبب نضوب تدفقات الإيرادات وانخفاض النشاط الاقتصادي" الذي تأثر بالحرب المستمرة في قطاع غزة، متوقعاً أن يبلغ العجز لدى السلطة الفلسطينية 1.2 مليار دولار خلال الأشهر المقبلة، وهو ما قد يضاعف الفجوة التمويلية التي كانت 682 مليوناً بنهاية عام 2023.

خطوات انتقامية

ولم تقتصر الخطوات الانتقامية الإسرائيلية على اعتراف ثلاثة دول أوروبية بالدولة الفلسطينية بعقوبات اقتصادية مؤلمة للسلطة، فقد ألغى وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت ما يسمى قانون "فك الارتباط" بشمال الضفة الغربية، بزعم أن "السيطرة اليهودية على الضفة الغربية تضمن الأمن وتطور الاستيطان"، وأعلن وفقاً لما نقتله إذاعة الجيش الإسرائيلي، إلغاء تعليمات سابقة بإخلاء ثلاثة مستوطنات شمال الضفة، وهو ما وصفه رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية شمال الضفة الغربية يوسي دغان بأنه "لحظة تاريخية من التصحيح"، فمع إلغاء غالانت قانون "فك الارتباط" لم تعد المستوطنات مناطق عسكرية مغلقة، وبات بإمكان المستوطنين العودة لها من دون الحصول على أمر عسكري، مما دفع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي يهودا فوكس إلى توقيع أمر فوري يعيد هذه المستوطنات لمناطق عسكرية مغلقة مرة أخرى، ليس لمنع المستوطنين من التدفق الفوري إلى المواقع وإقامة المستوطنات وحسب، بل لأن هذه المنطقة بحاجة إلى ترتيبات أمنية مضاعفة تستغرق وقتاً. بحسب تعبيره.

 

 

خطوة غالانت تعزيز الاستيطان في أكثر المناطق حساسية في الضفة الغربية والمثيرة للجدل على الصعيد الدولي، جاءت بالتزامن مع دعوة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى عقد اجتماع فوري لمجلس التخطيط في الضفة للمصادقة على 10 آلاف وحدة سكنية استيطانية جديدة، بما في ذلك المنطقة E1)) التي تعد أكبر مشروع استيطاني شرق القدس، وذلك كرد على خطوة الاعترافات الأخيرة التي أعقبها مصادقة الهيئة العامة لـ "الكنيست" بالقراءة التمهيدية في اليوم نفسه على مشروع قانون ينص على ضم أراض في الضفة الغربية إلى إسرائيل، واعتبار منطقة جنوب الخليل التي تضم 15 مستوطنة بينها "كريات أربع" في الخليل وعدداً كبيراً من البؤر الاستيطانية العشوائية، جزءاً من النقب التي يسري عليها قانون سلطة تطوير النقب من عام 1991.

بدورها أكدت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك في كلمة لها داخل "الكنيست الإسرائيلي" أنه لا حق للفلسطينيين في إقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدة أن رفضها للفكرة "ليس لكونها فقط غير مستحقة ومن دون حق تاريخي، وإنما أيضاً لأنها تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل والسلام العالمي".

تسريع الاستيطان

وفقاً لحركة "السلام الآن" الإسرائيلية المهتمة بمراقبة الاستيطان في الضفة الغربية، أنشأ المستوطنون ما لا يقل عن 26 بؤرة استيطانية جديدة غير قانونية عام 2023، منها ما لا يقل عن 10 أقيمت خلال الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023، وأكدت أنه حدث في الفترة نفسها "المضي قدماً في إضفاء الشرعية على 15 بؤرة استيطانية غير قانونية".

وأظهرت وثائق التخطيط والبناء الإسرائيلية أخيراً أن الحكومة الإسرائيلية قامت بتسريع بناء المستوطنات شرق القدس، والمضي قدماً في الموافقة على أكثر من 20 مشروعاً يبلغ مجموعها آلاف الوحدات السكنية منذ بدء الحرب، إذ رجحت صحيفة "غارديان" البريطانية أن تؤدي الموافقة السريعة أو بناء المستوطنات غير القانونية بموجب القانون الدولي إلى إلحاق مزيد من الضرر بعلاقة إسرائيل مع إدارة الرئيس الأميريكي جو بايدن.

 

 

في حين أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 التي توسعت على نحو غير مسبوق، "تهدد بالقضاء على أي احتمال عملي لقيام دولة فلسطينية".

يذكر أن تزايد الدعوات الدولية إلى إحياء جهود التسوية على أساس حل الدولتين دفع "الكنيست" الإسرائيلي نهاية فبراير (شباط) الماضي نحو  المسارعة إلى التبني بغالبية كبيرة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الرافض إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد، والتأكيد أن "أي اتفاق دائم مع الفلسطينيين يجب أن يتوصل إليه من خلال مفاوضات مباشرة بين الجانبين، وليس من خلال إملاءات دولية"، بحسب وصف الحكومة الإسرائيلية.

وقال نتنياهو عقب القرار، "موقفي لا يزال واضحاً في أي وضع، وسواء مع أو من دون تسوية دائمة، فستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الكاملة على كامل المنطقة الواقعة غرب الأردن، وهذا يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير