Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتراضات وطنية على "طائفية" قانون العطلات الرسمية في العراق

حذف القانون مناسبات جامعة مهمة ومفصلية في تاريخ البلاد وركز على المناسبات الدينية

متظاهر عراقي يلوح بعلم بلاده تحت قبة البرلمان (أرشيفية - رويترز)

ملخص

قانون العطلات الرسمية أحد القوانين في العراق التي جرى عليها تعديلات وتغييرات كثيرة لأسباب سياسية تتعلق بالتقلبات في الدولة منذ تأسيسها.

غيب قانون العطلات الرسمية الذي صوت عليه مجلس النواب العراقي، السبت الماضي، المناسبات ذات الطابع الوطني بتركيزه المنصب على المناسبات الدينية، وهو ما أثار جدلاً خلال الأشهر الماضية.

وأثار إقرار قانون العطلات العراقي اعتراض بعض الأوساط السياسية والشعبية لكونه لم يحمل أي مناسبة جامعة للهوية الوطنية، إذ إنه يعد من القوانين التي جرى عليها تعديلات وتغييرات كثيرة لأسباب سياسية تتعلق بالتقلبات في الدولة منذ تأسيسها وحتى الآن.

وشمل القانون أيام الجمعة والسبت كعطل رسمية في عموم العراق، إضافة إلى أعياد الفطر والأضحى والعمال والغدير والأول والـ10 من محرم، والمولد النبوي الـ12 من ربيع الأول، ورأس السنة الميلادية، وعيد الجيش في السادس من يناير (كانون الثاني)، وعيد نوروز في الـ21 من مارس (آذار)، كما أضيفت الـ16 من مارس في اللحظات الأخيرة لمناسبة ذكرى فاجعة حلبجة.

وفور تصويت مجلس النواب العراقي على القانون الذي تضمن عطلة "عيد الغدير" وهي مناسبة دينية يحتفل بها الشيعة وتختلف عليها بقية المكونات الأخرى، قال رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي في بيان له، إن مشروع القانون "يهدف إلى إبراز المناسبات المرتبطة بحياة ومشاعر الشعب العراقي، وتنظيم العطلات الرسمية في البلاد، إذ إن القانون شمل جميع العطل والمناسبات والأعياد الرسمية في البلاد".

وأضاف أن "رئاسة مجلس النواب منحت اهتماماً خاصاً لمشروع قانون العطلات الرسمية، وحرصت على جعل يوم الـ18 من ذي الحجة عطلة عامة، وذلك لرمزية يوم الغدير لدى غالبية العراقيين"، بحسب وصفه.

ومنح القانون الجديد بعض العطلات الرسمية "المخصصة" أي ليست عمومية للأقليات من المسيحيين والصابئة والأيزيدية، لكن الكتل المسيحية اعترضت على عدم اعتبار ميلاد السيد المسيح الـ25 من ديسمبر (كانون الأول) عطلة رسمية وعيداً عاماً، واقتصرت على تعطيل الدوام للمسيحيين فقط، فيما اعتبرت قرار المجلس بعدم التصويت على ميلاد المسيح كعيد عام، بأنه "ممارسة طائفية" من البرلمان، وإشارة سلبية لن تنسى.

وأثار القانون حذف مناسبات مهمة ومفصلية في تاريخ العراق والعراقيين، من بينها الـ14 من يوليو (تموز) وهو ذكرى سقوط الملكية وتأسيس الجمهورية العراقية، وكذلك الـ10 من ديسمبر ذكرى النصر على "داعش"، والعيد الوطني العراقي في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ذكرى انضمام العراق إلى عصبة الأمم والاعتراف به دولة رسمياً. في المقابل، ركز القانون عموماً على المناسبات الدينية إذ غيب أي مناسبات تتعلق بهويات جامعة.

 

 

ورداً على ذلك، أكد عضو مجلس النواب العراقي، ماجد شنكالي، أن قانون العطلات الذي تم تشريعه أحد أفشل وأسوأ القوانين لأنه يقوم على أساس الانتماء والعاطفة.

وتساءل النائب "هل تم حساب الأثر الاقتصادي والمالي والاجتماعي لهذا الكم من أيام العطل على مؤسسات الدولة والمواطن أم أن المواطن ومعيشته والدولة واقتصادها لا أهمية لها؟".

وتابع أن "المشكلة الكبرى أن هذا القانون أرسل من الحكومة التي كان عليها تقييم آثار تشريع هذا القانون من جميع الجوانب قبل تقديمه إلى البرلمان".

إقرار القانون جعل رئيس الكتلة التركمانية النائب أرشد الصالحي يجمع نحو 50 توقيعاً نيابياً، لإدراج مقترح اعتبار يوم الشهيد التركماني عطلة رسمية ضمن مشروع قانون العطلات الذي يصوت عليه البرلمان.

ما سر المناسبة الدينية؟

يعد المسلمون الشيعة "عيد الغدير" الذي صوت عليه البرلمان كعطلة رسمية من أهم الأعياد الدينية، على أساس أنه ذكرى تجديد البيعة والولاء للإمام علي بن أبي طالب.

ويحيي الشيعة هذه المناسبة في الـ18 من شهر ذي الحجة من كل عام، بعد أن كانت المحافظات العراقية ذات الغالبية الشيعية هي التي تحييه فقط وتعطل الدوام الرسمي. وصوت مجلس الوزراء في يوليو 2023 على اعتبار يوم الغدير عطلة رسمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

‎وفور التصويت على القانون، دعا زعيم التيار الصدري العراقيين إلى التوجه للمساجد "متشحين بالرداء الأخضر للصلاة ركعتين شكراً لله تعالى".‎

وفي الـ19 من أبريل (نيسان) الماضي، قال الصدر على حسابه في منصة "إكس" إنه "بأمر من الشعب والغالبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب تشريع قانون يجعل من الـ18 من شهر ذي الحجة (عيد الغدير) عطلة رسمية عامة لكل العراقيين، بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم".‎

وكان "الحزب الإسلامي العراقي" أعرب عن معارضته لمقترح اعتماد "عيد الغدير" عطلة رسمية في البلاد، معتبراً هذه مناسبة لها خصوصيتها لدى مكون دون آخر، وستعيد إنتاج دوامة الفعل ورد الفعل بما لا يخدم المصلحة الوطنية العليا.

قانون للعيد الوطني

من جهته كشف عضو اللجنة القانونية النائب رائد المالكي، تحديد اليوم الوطني وفق قانون تحديد علم وشعار الدولة العراقية ونشيدها الوطني، مضيفاً "ننتظر" ليتم إرسالها من الحكومة الفيدرالية.

النائب المالكي ذكر أن البعض من الإخوة يتساءلون عن عدم وجود العيد الوطني العراقي في قانون الأعياد الرسمية، موضحاً أنه يستند إلى نص الدستور في تعريفه بعلم جمهورية العراق وشعاره ونشيده الوطني وجميعها تحدد بقانون، ولأن العيد الوطني مرتبط بتلك الرموز فإن هناك خلافاً حول أي يوم سيكون إجازة، تأسيس الدولة أم الاستقلال أم الجمهورية، فترك تحديده لهذا القانون الخاص ولم يدمج مع الأعياد.

تقلبات الوضع السياسي

بدوره، اعتبر المتخصص الحقوقي صائب هدر أن قانون العطلات الرسمية واحد من القوانين التي تعرضت إلى تعديلات وتغييرات كثيرة لأسباب سياسية تتعلق بتقلبات الوضع السياسي في العراق منذ تأسيس الدولة وحتى الآن.

وأوضح أن قانون العطل والأعياد الرسمية في ما يخص الأقليات ومنها (الأيزيدية) لم يأت بجديد، فهذه الأعياد معترف بها منذ خمسينيات القرن الماضي وغالب الموظفين والعسكريين كانوا يتمتعون بذلك دون الحاجة إلى موافقات وزراء أو مجلس وزراء.

ونوه بأنه كان يجب أن توضع التسميات الدينية للأعياد الأيزيدية أمام التاريخ أسوة بباقي المكونات، فالتقويم الشرقي غير معروف بالعراق وهذا ما كان يتطلب ذكر اسم العيد أيزيدياً لأن ذلك يعطي تأكيداً للتاريخ والهوية.

لكن المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي أثير الدباس انتقد حذف الـ14 من تموز من جدول العطل الرسمية في الدولة العراقية، معتبراً أنه إلغاء يوم مهم من تاريخ الدولة العراقية.

ورأى أن هذه الثورة غيرت مسار البلد، وحررت الشعب من الإقطاع والعبودية، وذهبت بالبلاد إلى مسار الحرية.

الدباس ذكر في تصريح صحافي أن مشروع القانون الذي قدم إلى مجلس النواب أول مرة كان يتضمن وجود عطلة ليوم الـ14 من تموز، لكن في ما بعد تم سحبها من المشروع، لافتاً إلى أن الغاية من ذلك هو محو آثار وفكر ومنها هذه الثورة التحررية.

 

 

وأضاف أن سحب مناسبة الثورة من قائمة العطل الرسمية للدولة محاولة بائسة لتغييب كل ما هو وطني، موضحاً أن تلك المحاولات لن تمحوها من ذاكرة العراقيين.

وشدد على أن ثورة الـ14 من تموز المجيدة أسقطت الحكم الملكي، وحققت قفزة كبيرة على المستوى الوطني، وخلصت الشعب من معاناة ومآس كبيرة.

ومنتصف مايو (أيار) الجاري أكد الحزب الشيوعي العراقي أنه "تفاجأ" بأن مشروع قانون العطلات الرسمية الذي أحالته الحكومة على مجلس النواب لمناقشته وإقراره "لم يتضمن وضع ثورة الـ14 من تموز 1958 ضمن قائمة الأعياد الرسمية، ولم يحدد اليوم الوطني لجمهورية العراق وقد أضيفت له أعياد جديدة".

الحزب نبه إلى أن "الحكومة أحالت على مجلس النواب في عام 2008 مشروع قانون للعطلات الرسمية يشتمل على يوم إعلان الجمهورية في الـ14 من تموز، إضافة إلى جميع أيام العطل الأخرى".

ووصف الحزب أن المشروع "مثير للانقسام اجتماعياً وسياسياً"، لافتاً إلى أنه "يتجاهل واحداً من أهم الأحداث في تاريخ الدولة العراقية الحديثة، يوم انبثاق وميلاد العراق الجمهوري في أعقاب ثورة الـ14 من تموز عام 1958".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات