Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من المستفيد من إقصاء إبراهيم رئيسي؟

إذا كانت فرضية السقوط المتعمد صحيحة بالفعل فإن هذا يعني أن الصراع على السلطة في إيران وصل إلى مراحل متقدمة وحرجة

قد يكون تحطم مروحية رئيسي ورفاقه بسبب حادثة غير متوقعة وغير مقصودة لأسباب مختلفة (أ ف ب)

ملخص

أصبحت هذه القضية الآن محط اهتمام وأنظار مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما المحللين السياسيين، إذ يتحدثون عن أشخاص مثل نجل المرشد علي خامنئي، مجتبى خامنئي، ويؤكدون أنه هو المستفيد من القضاء على رئيسي، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك، وطرحوا فرضيات مثل "اتفاق النظام مع الدول العظمى على إقصاء رئيسي". وبالتالي فإن الأحداث التي قد تحدث في الأيام المقبلة لا سيما كيفية انتخاب الرئيس المقبل، ستكمل الأجزاء الأخرى من هذا اللغز.

أثار تحطم المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه عدداً من التساؤلات والشكوك في الوسط الإيراني، وبعد مرور أيام عدة على هذه الحادثة، تتزايد التكهنات حول أسباب سقوطها، إذا إن هناك من يرى أن الظروف الجوية غير مناسبة وربما الخلل الفني وراء تحطم المروحية، وهناك من لا يستبعد فرضية العمل التخريبي.

في الواقع بدأت تناقضات المسؤولين منذ الساعات الأولى لتحطم المروحية، إذ إن عودة المروحيتين المرافقتين من دون أية مشكلة، وحقيقة إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بالمروحية (وهذا ما أكده وزير النقل التركي)، ومقابلة والد المسؤول عن حماية إبراهيم رئيسي وغيرها من الأدلة الأخرى، زادت من الشكوك حول سبب سقوط مروحية الرئيس ورفاقه.

هذه الورقة تتحدث عن بعض الاحتمالات والفرضيات حول السبب الذي أدى إلى سقوط مروحية رئيسي ورفاقه وتحطمها، مع الإشارة إلى أن هذه السيناريوهات لم ترفق بعد بمعلومات قطعية ونكتفي بسردها.

السيناريو الأول: السقوط ناتج من حادثة غير متوقعة

قد يكون تحطم المروحية بسبب حادثة غير متوقعة وغير مقصودة لأسباب مختلفة، ومنها عطل فني أو خطأ الطيار أو نتيجة لظروف جوية غير مواتية.

ومن أولى الفرضيات التي أثيرت حول سقوط المروحية الخلل الفني، وذهب بعض من الشخصيات السياسية المحسوبة على النظام مثل وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف إلى أبعد من ذلك، واتهموا الولايات المتحدة زاعمين أن مروحية رئيسي تحطمت بسبب خلل فني ناجم عن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وتأثر كثيراً الأسطول الجوي الإيراني بالعقوبات الدولية المفروضة على طهران، إذ توقف عدد كبير من الطائرات الآن عن الطيران بسبب عدم القدرة على استيراد قطع الغيار وإصلاحها، ولكن ما إذا كان الرئيس الإيراني استقل مروحية لم تكن آمنة للطيران، فسؤال هذا أجاب عنه الخبراء بسرعة.

عادة ما تفحص الحالة الفنية للمروحيات والطائرات قبل كل رحلة، وإذا ما كان ركاب الرحلة من المسؤولين والعسكريين، فتتم هذه الفحوصات الفنية بحضور الفريق الأمني، عدا عن أن المروحية التي استقلها رئيسي كانت واحدة من أفضل المروحيات، وبالتالي فإن فرضية وجود خلل فني في المروحية هي الخيط الذي لم يتمكن حتى مسؤولو النظام من الإمساك به. وأما عن خطأ الطيار فلا يوجد حتى الآن أي تقرير يتحدث عن هذا الموضوع.

كما أن الظروف الجوية غير الملائمة هي إحدى الفرضيات التي أثيرت في حادثة تحكم المروحية، إلا أن السلطات الإيرانية ووسائل الإعلام قدمت ادعاءات متناقضة حول هذه الفرضية، وقال رئيس مكتب الرئيس غلام حسين إسماعيلي، في مقابلة تلفزيونية بعد يومين من تحطم الطائرة، إنه لم تكن هناك اضطرابات جوية وقت وقوع الحادثة، وكان الطقس صافياً كلياً.

وعلى رغم ادعاء هذا المسؤول الحكومي، أرجعت قوات الإنقاذ ومسؤولون حكوميون آخرون فشل البحث عن الجثث وحطام المروحية إلى سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف في موقع الحادثة.

وطرح هذا السؤول أيضاً أنه لماذا وصلت المروحيتان المرافقتان لرئيسي بسلام على رغم سوء الأحوال الجوية بينما تحطمت المروحية التي كانت تقل الرئيس ورفاقه؟ وهل لم يؤخذ في الاعتبار سلامة الطيران؟ وفي هذا السياق انتقد النائب مسعود بزشكيان قائلاً "ما كان يجب أن تحلق المروحية التي كانت تقل رئيسي في ظل الإنذار البرتقالي للطقس".

وهاجم موقع "نور نيوز" التابع لمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني المنتقدين، ونفى أي تجاهل لشروط سلامة الطيران، وجاء في هذا التقرير: "إن وجود تسعة ركاب بدلاً من 14 راكباً يدل إلى أن ذلك مخالف للحقائق فحسب، بل تم اتخاذ إجراءات السلامة اللازمة كافة لضمان سلامة الطائرة التي استقلها الرئيس الإيراني". واعتبر الموقع أن "استخدام مروحية من طراز 212 بمحركين قويين التي يمكنها أن تحلق بمحرك واحد، والاستعانة بطاقم طيران ذي خبرة، والتحقق من الظروف الجوية المتوقعة، فهذا يدل على سلامة الإجراءات التي اتخذت لهذه الرحلة"، كما زعم التقرير أن "الأحوال الجوية غير المتوقعة تغلبت على التوقعات التي ينبغي أخذها في الاعتبار بناء على البروتوكولات التقنية والأمنية".

وأعاد تقرير "نور نيوز" إلى الأذهان نقاطاً أساسية عدة أولاً، لم تكن المروحية التي كانت تقل رئيسي تعاني مشكلات فنية، ولذلك فإن ادعاء السقوط بسبب العقوبات غير صحيح، وأما ثانياً فورد في التقرير أن عدد ركاب المروحية كانوا تسعة أشخاص.

في الساعات الأولى من الحادثة أعلن أن عدد ركاب المروحية تسعة أشخاص، لكن بعد ذلك أعلنوا ثمانية أسماء فقط، وإذا أعلن بشكل خاطئ أن عدد الركاب تسعة أشخاص، فهذا يدل قبل كل شيء إلى عدم التزام السلطات الإيرانية بإجراءات السلامة، لأنهم لم يعرفوا حتى عدد الركاب بالضبط، وإذا ما كان هناك بالفعل تسعة أشخاص في هذه المروحية فمن الشخص التاسع، ولماذا لم يعلن اسمه؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السيناريو الثاني: تحطم الروحية على إثر عملية متعمدة

وهناك فرضية أخرى مفادها بأن المروحية التي كانت تقل الرئيس ورفاقه تحطمت نتيجة عملية تخريبية متعمدة، إذ كثيراً ما تم تداولها في الأيام الماضية. وبشكل عام إذا كانت هناك بالفعل عملية متعمدة، فمن المحتمل أن تكون هذه العملية تمت بإحدى طرق التخريب في النظام الفني أو تفجير قنبلة أو تعرضت المروحية لهجوم انتحاري، وهذا ما يرفضه المسؤولون الحكوميون.

وآخر المسؤولين الحكوميين الذين كان له تعقيب على الحادثة هو ممثل العاصمة طهران في البرلمان محمد آقا ميري، إذ طلب من القوات الأمنية التحقيق في الحادثة بعناية، وقال إن "هناك أحاديث طرحت حول الحادثة وقد لا تكون مجرد حادثة".

وفي وقت تحاول السلطات الإيرانية أن تخفي الأسلة المتعلقة بأسباب سقوط المروحية من خلال الدعاية الواسعة لإظهار رئيسي بطلاً، ينشغل عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والمحللين بالمناقشة وتبادل الآراء حول العوامل الخارجية أو الداخلية المحتملة في تحطم المروحية التي كانت تقل رئيسي ورفاقه.

في هذا السياق وفي الساعات الأولى بعد تحطم المروحية، وجه عدد من الأشخاص المقربين والمحسوبين على الحكومة أصابع الاتهام إلى إسرائيل، إذ طرحوا فرضية التخريب في النظام الفني للمروحية خلال رحلة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى جمهورية أذربيجان.

وكتب الناشط السياسي الإصلاحي محمد علي أبطحي، وهو أحد هؤلاء الأشخاص على منصة "إكس"، ووضع صورة رئيسي بجوار صورة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية سرعان ما نفت هذه المزاعم.

وبعد ذلك توجهت أنظار الجمهور إلى العوامل الداخلية التي ربما لها دور في تحطم المروحية بشكل معمد، وأشار بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى بعض الأدلة الموجودة لإثبات فرضية أن المروحية تحطمت عمداً، ومن بين هذه الأدلة والشواهد مقابلة والد رئيس حماية رئيسي سيد مهدي موسوي، إذ ادعى فيها أن ابنه كان يعلم أنه لن يعود من الرحلة سالماً.

كما أن تصريحات وزير النقل التركي عبدالقادر أورال أوغلو حول عدم وجود جهاز إرسال واستقبال في المروحية أو أنه كان متوقفاً، كانت لها تداعيات عالمية وأثارت الشكوك حول كون الحادثة متعمدة.

وبعد تصريحات وزير النقل التركي انتشر بشكل واسع مقطع الفيديو الذي يعود للصحافي التركي الذي كان موجوداً في مكان الحادثة، إذ تحدث هذا الصحافي قائلاً إنه يشعر بأن المروحية "اصطدمت بشيء ما".

وإضافة إلى ما ورد أعلاه فإن ادعاء رئيس مكتب رئيسي بأنه كان على اتصال هاتفي مع إمام جمعة تبريز لمدة أربع ساعات تقريباً بعد وقوع الحادثة لافت للنظر ويستحق التمعن، لأن قوات الإنقاذ ظلت تصرح وتقول إنه لم يكن هناك أي أثر أو إشارة اتصال منذ يوم الأحد حتى صباح يوم الإثنين عندما عثر على جثث رئيسي ورفاقه.

فرضية السقوط المتعمد... هل كانت بتدخل خارجي أم داخلي؟

والآن يستعد النظام لإجراء الانتخابات الرئاسية، وفي الوقت نفسه اصطفت وسائل الإعلام المرتبطة بالنظام لإضفاء طابع أسطوري على رئيسي، وبطبيعة الحال هذه القصة لا تنتهي عند هذا الحد، وأن معظم المواطنين الإيرانيين في الداخل والخارج صحيح أنهم سعداء بوفاته، إلا أنهم يريدون معرفة الأسباب التي أدت إلى تحطم مروحية الرئيس ورفاقه.

إن معرفة الحقيقة في هذه القضية قد يساعد الإيرانيين في التنبؤ بنهاية عمر النظام، لأنه إذا بالفعل صحت فرضيات التحطم المتعمد للمروحية، فهذا يعني أن الصراع على السلطة خلف الكواليس وصل إلى المرحلة الحرجة المتمثلة في القضاء على المنافس.

وعليه أصبحت هذه القضية الآن محط اهتمام وأنظار مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما المحللين السياسيين، إذ يتحدثون عن أشخاص مثل نجل المرشد علي خامنئي مجتبى خامنئي، ويؤكدون أنه المستفيد من القضاء على رئيسي، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك، وطرحوا فرضيات مثل "اتفاق النظام مع الدول العظمى على إقصاء رئيسي". وبالتالي فإن الأحداث التي قد تحدث في الأيام المقبلة لا سيما كيفية انتخاب الرئيس المقبل، ستكمل الأجزاء الأخرى من هذا اللغز.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير