Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سفير النرويج في السعودية يبوح بسر الاعتراف بفلسطين

هكذا أعلن مبعوث "أوسلو" في الرياض نفسه سفيراً لبلاده في رام الله وسط دهشة الحضور... وهذا ما قاله لـ "اندبندنت عربية" عن خطوة بلاده التالية بالتنسيق مع السعوديين

ملخص

أعرب السفير النرويجي في الرياض توماس ليد بيل في تصريحات خاصة لـ "اندبندنت عربية" عن سروره بالموقف الذي اتخذته بلاده، بوصفه قراراً لا يقبل التأجيل، "فلم يعد بإمكاننا الانتظار حتى يتم حل الصراع قبل أن نعترف بدولة فلسطين، ولقد دعمت مشاركة النرويج طويلة الأمد حل الدولتين وسعت إلى تعزيزه". وأضاف، "نحن نقدر الحوار الوثيق مع السعودية في هذا الصدد، وتتخذ النرويج خطوات نشطة لحشد الدعم الأوروبي لرؤية السلام العربية، وقد استضافت النرويج والسعودية أخيراً اجتماعاً رفيع المستوى لوزراء الخارجية في الرياض لمناقشة هذه المبادرة.

لم تبدأ علاقة "أوسلو" بالقضية الفلسطينية قريباً، وهي التي حملت اتفاقاً سمي باسمها ياسر عرفات على الأكتاف إلى رام الله، لكن الاتفاق الذي صار معروفاً على نطاق واسع كيف تسابق زعماء إسرائيل بعد إسحاق رابين إلى دفنه بتفريغه من مضمونه، لم يعد كافياً لضخ الحياة في جسد الدولة الفلسطينية الموعودة، التي يفترض أن يكون "أوسلو" الاتفاق بشر بميلادها.

 ولهذا كانت خطوة السعودية التي ألقت بثقلها خلف الاتفاق الأول 1993وفق ما يوثق الأمير بندر بن سلطان، بأن وظفت المملكة الأوروبية مجدداً في حراك الرياض الجديد للدفع نحو اعتراف دولي "لا رجعة عنه" بفلسطين كدولة بشكل ثنائي، تمهيداً لفرض رام الله دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، في موقف موحد مع المجموعة العربية والإسلامية وحلفائها في الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق يمكن فهم تقدم مملكة النرويج الجهد الأوروبي المنسق في سبيل الاعتراف الثنائي بفلسطين بالتنسيق مع الرياض التي قال سفير فلسطين فيها باسم الآغا لـ "اندبندنت عربية" إن بلاده تلاحظ "تبدلاً أوروبياً متنامياً نحو مناصرة الحق الفلسطيني، ولا سيما من جانب دول كبرى مثل فرنسا وإسبانيا، حدث بفضل ضغوط السعودية التي وعدتنا بالدولة والعاصمة القدس، وبأنها لن تدخر جهداً في سبيل ذلك".

النرويج: ثمن الاعتراف إصلاحات فلسطينية

وأعرب السفير النرويجي في الرياض توماس ليد بيل في تصريحات خاصة لـ "اندبندنت عربية" عن سروره بالموقف الذي اتخذته بلاده، بوصفه قراراً لا يقبل التأجيل، "فلم يعد بإمكاننا الانتظار حتى يتم حل الصراع قبل أن نعترف بدولة فلسطين، ولقد دعمت مشاركة النرويج طويلة الأمد حل الدولتين وسعت إلى تعزيزه".

وأضاف، "نحن نقدر الحوار الوثيق مع السعودية في هذا الصدد، وتتخذ النرويج خطوات نشطة لحشد الدعم الأوروبي لرؤية السلام العربية، وقد استضافت النرويج والسعودية أخيراً اجتماعاً رفيع المستوى لوزراء الخارجية في الرياض لمناقشة هذه المبادرة.

وفي غضون أيام قليلة سيكون هناك اجتماع بالصيغة نفسها في بروكسل، وستترأس النرويج أيضاً اجتماعاً دولياً للشركاء حول فلسطين في بروكسل، حيث سيقدم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد والحكومة الفلسطينية خططهما الإصلاحية".

وتظهر بيانات التبادل التجاري بين كل من الرياض وباريس ومدريد تنامياً ملاحظاً خلال الأعوام الأخيرة، وصفت من دبلوماسيين في العواصم الثلاثة بأنها ترقى إلى "الشراكة" التي تتجاوز العلاقات العادية جراء تقاطع المصالح بقدر أكبر.

وأعلنت كل من النرويج وإسبانيا وإيرلندا اليوم بالتزامن اعترافاً ثنائياً بالدولة الفلسطينية، في حين قادت فرنسا موقفاً أوروبياً نادراً يضغط لمصلحة الفلسطينيين، ودعم توجه المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي تلاحقه بتهم "جرائم حرب في غزة"، وسط تأييد أكثر قوة من النرويج التي حذر وزير خارجيتها أسبن بارث إيدي أمس إسرائيل من أنه إذا أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت فإن بلاده ستضطر إلى اعتقالهما إذا وصلا إلى النرويج.

وقال إيدي في مقابلة مع وسائل الإعلام المحلية "إن المحكمة هي التي تقرر ما إذا كانت ستصدر مذكرة اعتقال أم لا، لكن إذا أصدرتها فيجب على جميع الدول الموقعة أن تتحرك بناء على ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 الخطوة التالية أعضاء مجلس الأمن

ورحبت السعودية بالاعتراف الأوروبي الثلاثي، وقالت الخارجية فيها إن "المملكة تثمن هذا القرار الصادر من الدول الصديقة والذي يؤكد الإجماع الدولي على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وتدعو بقية الدول إلى المسارعة في اتخاذ القرار نفسه الذي من شأنه الإسهام في إيجاد مسار موثوق به ولا رجعة فيه، بما يحقق سلاماً عادلاً ودائماً يلبي حقوق الشعب الفلسطيني".

وأكدت دعوتها المجتمع الدولي وبخاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية إلى أهمية "الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع".

يأتي ذلك في وقت أكد سفير النرويج ليد بيل أن تنسيق بلاده مع السعوديين قطع أشواطاً كبيرة، ولا سيما في الدفع بمسار حل الدولتين نحو التطبيق وإيقاف الحرب في غزة، وأكثر من ذلك فاجأ حضور احتفالاته باليوم الوطني لبلاده في الرياض في الـ 17 مايو (أيار) الجاري بأنه سيكون "سفير أوسلو" بعد شهرين في فلسطين.

أوسلو تنقل سفيرها في الرياض إلى فلسطين

وقال، "سيكون هذا آخر احتفال باليوم الوطني هنا في المجمع لي ولزوجتي كاميلا، إذ في نهاية أغسطس (آب) المقبل سأتولى منصبي كممثل للنرويج لدى السلطات الفلسطينية"، وذلك في أعقاب تأكيده أن هناك "حاجة ملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق الرهائن، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق لتخفيف المعاناة غير المسبوقة للمدنيين في غزة، ووضع حد للعنف المتصاعد في أماكن أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ولفت إلى أنه "لابد من نقل الصراع إلى مسار سياسي يهدف إلى التوصل إلى حل سياسي عبر تنفيذ حل الدولتين الذي يلبي حق الشعب الفلسطيني، ويضمن الأمن لإسرائيل ويمهد الطريق لتعزيز الأمن في المنطقة الأوسع"، مؤكداً أننا اليوم "أكثر من أي وقت مضى"، ومن الضروري أن نولي الأهمية الحاسمة لاحترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.

وفي إشارة إلى موقف بلاده الصريح تجاه انتهاكات تل أبيب، أشار إلى أنه "في أوقات النزاع المسلح فعلينا أن ندافع عن القانون الدولي، بغض النظر عمن ينتهكه"، سواء في أوكرانيا أو غزة أو السودان، بحسب تعبيره.

ولم يجد المسؤول الأوروبي حرجاً في الإقرار بأن تنسيق المواقف بين المملكتين في الشأن السياسي جاء نتيجة "تطور علاقاتنا أكثر خلال العام الماضي، من خلال الحوارات الثنائية حول مجموعة من القضايا والزيارات والفعاليات المختلفة، بما في ذلك زيارتان وزاريتان سعوديتان إلى أوسلو، وبالعكس زيارتان وزاريتان نرويجيتان إلى الرياض".

 وعلى هامش الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) الذي أقيم في الرياض، ترأس وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ووزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي اجتماعاً ركز على الحاجة الملحة إلى إنهاء الحرب في غزة، واتخاذ الخطوات اللازمة لوقف إطلاق النار والدفع نحو مسار حل الدولتين.

"أوسلو" ثانية بعد الأولى

ولدى سؤال "اندبندنت عربية" مسؤولاً سعودياً سابقاً عن العلاقات الأوربية - الخليجية، قال مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "النرويج تمايزت في موقفها المشرف من القضية الفلسطينية دائماً عن بقية دول الاتحاد الأوروبي، وهي بالفعل تقود التحرك نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومثلها مملكة بلجيكا".

واعتبر أن علاقة بلاده مع أوسلو "اتسمت دائماً بالتفاهم والدعم المتبادل في كثير من القضايا في المحافل الدولية"، ويكتسب ذلك أهمية كبيرة بسبب التقاء مصالح الدولتين الاقتصادية، "باعتبار النفط أحد المجالات المهمة لكليهما، في إطار أهداف استقرار سوق البترول العالمي".

وتعتبر النرويج من بين أكثر الدول الأوربية إنتاجاً للغاز والنفط مما يجعلها من بين العواصم المعنية بتحولات سوق الطاقة في العالم.

وتعليقاً على إعلان الثلاثي الأوروبي اعترافه بدولة فلسطين، قال مسؤول في رام الله تحدث إلى "اندبندنت عربية"، وهو غير مأذون له بالحديث، "إن مخاض الدولة الفلسطينية بدأ من السعودية حقاً، وهذا حق طال انتظاره ودفع الشعب الفلسطيني الكثير ثمناً له في آلامه وأكفانه وتضحياته، لكن العقبة كانت دائماً الداخل الإسرائيلي والأميركي، ولا نزال في انتظار وترقب، والوضع لا يزال صعباً".

براعة في تعبيد المسار

وقال رئيس مركز الخليج للدراسات عبدالعزيز بن صقر إن الرياض "لعبت دوراً محورياً في كثير من جهود المصالحة في جميع أنحاء المنطقة، ولا سيما في سياق أزمة غزة، وكانت هذه المشاركة النشطة فعالة في الدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مما يؤكد التزام المملكة بالاستقرار والسلام الإقليميين"، منوهاً في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن بلاده وعلى رغم المصالح المتباينة والصراعات المتفاقمة في المنطقة، إلا أنها لم تتأخر في استخدام نفوذها، "وأظهرت مهارات دبلوماسية متجددة وبراعة في ما يتعلق بتمهيد الطريق لمسار أفضل للشعب الفلسطيني على مدى الأشهر القليلة الماضية".

ورأى أن القرارات الصادرة عن مملكة النرويج ومملكة إسبانيا وجمهورية إيرلندا تعد خطوات مهمة في "اتجاه التسوية السياسية والشاملة، بما يتماشى مع التفكير السياسي السعودي".

"القرار الصحيح في هذه اللحظة"

وأعاد سفير النرويج الأزمة الحالية "لغياب عملية السلام والحل السياسي للصراع، فمن دونهما سارت التطورات في الاتجاه الخاطئ، فلا الشعب الفلسطيني ولا الشعب الإسرائيلي يستطيع أن يعيش حياته في أمان، ولهذا السبب نحتاج إلى التفكير بشكل مختلف والتصرف وفقًا لذلك، ولم يعد بإمكاننا الانتظار حتى يحل الصراع قبل أن نعترف بدولة فلسطين، ولقد دعمت مشاركة النرويج طويلة الأمد حل الدولتين وسعت إلى تعزيزه".

ورجح في حديثه مع "اندبندنت عربية" إلى أن الاعتراف بفلسطين كدولة "يسلط الضوء بشكل أكبر على الموقف النرويجي الراسخ بأن الحل الدائم للصراع في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حل الدولتين، وللشعب الفلسطيني حق أساس ومستقل في تقرير المصير، ولكل من الإسرائيليين والفلسطينيين الحق في العيش بسلام في دولتيهما، ولن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط من دون حل الدولتين".

وعلى رغم غضب إسرائيل من قرار أوسلو إلا أن بيل دافع عنه بشدة، قائلا "أعتقد أن هذا هو القرار الصحيح في هذه اللحظة، أولاً أوضحت الحرب الدائرة في غزة بشكل لا لبس فيه أن تحقيق السلام والاستقرار يجب أن يرتكز على حل القضية الفلسطينية، وهذه الحرب هي أدنى نقطة في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي طال أمده، ولم تكن الحال في الشرق الأوسط بهذه الخطورة منذ أعوام عدة".

أما السبب الثاني وراء قرار النرويج فهو كما يذكر يعود لـ "الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت أخيراً قراراً ينص على أن فلسطين مؤهلة تماما لعضوية الأمم المتحدة، إذ صوتت لمصلحته غالبية ساحقة من 143 دولة"، أما السبب الثالث وفقه تصريحاته لنا فلأن "الجهود جارية لرسم رؤية عربية شاملة للسلام، ويشارك عدد من الدول العربية في هذا الأمر، والاعتراف بفلسطين كدولة هو عنصر أساس".

ولدى اتصال "اندبندنت عربية" مع مسؤول يعمل في الاتحاد الأوروبي في الرياض، قال "إن المزاج العام في أوروبا بشكل عام يميل إلى الاعتراف بدولة فلسطين"، وعندما سألته هل يمكنني نشر ذلك قال، "ليس في حال ذكرت اسمي، لست مهتماً بموقف إسرائيل هنا ولكن واشنطن هي النقطة التي يحذر منها الاتحاد، وحان الوقت لظهور شخصية أوروبا مستقلة في ملفات عدة في العالم، وقضية فلسطين واحدة منها".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تقود بلاده أوروبا أكد في أكثر من مناسبة هذا العام أن على القارة أن تعتمد على نفسها أو تعرض نفسها للزوال، في إشارة إلى ما يشاع عن دوران دول المجموعة في فلك الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.

وكان مما قال ماكرون نهاية نيسان (أبريل) الماضي أمام 500 ضيف من بينهم سفراء الدول الـ26 الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطلاب وباحثون مع أعضاء حكومته، "علينا أن نكون واضحين اليوم في شأن حقيقة أن أوروبا مهددة بالموت ويمكن أن تموت، والأمر يعتمد فقط على خياراتنا، لكن هذه الاختيارات يجب أن نتخذها الآن، إذ في أفق العقد المقبل هناك خطر كبير يتمثل في إمكان أن نضعف، أو حتى نتراجع"، وفق ما أوردت الصحافة الفرنسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير