Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حان الوقت للتحرك ومساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة خلال الحروب

على رغم الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية خلال العقود الأخيرة لتوفير الحماية لهم يجب تعزيز هذه الجهود وتوسيع نطاقها للتخفيف من معاناتهم حتى لا تصبح طي النسيان

رجل مسن ولديه إعاقة يجلس على سرير داخل مبنى مدمر جزئياً جراء القصف في خاركيف الأوكرانية (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

في كل بقعة تشهد ويلات الحروب والنزاعات، يواجه ذوو الإعاقة مأساة إنسانية مشتركة، بغض النظر عن موقع الصراع. ففي خضم الصراعات، يصبح ذوو الإعاقة عالقين، عاجزين عن الفرار، وقد يتخلى عنهم أحباؤهم، وذلك بسبب عدم تجهيز أنظمة الإنذار وإجراءات الإخلاء والملاجئ لاستقبالهم، وعدم مراعاة حاجاتهم الخاصة.

تكشف الصور المروعة للحرب في أوكرانيا النقاب عن وحشية الصراعات المسلحة وتأثيرها المدمر في حياة المدنيين، إذ يلوح في الأفق خطر الإصابة أو الموت جراء القذائف والصواريخ بصورة دائمة، ناهيك بالنقص الحاد في الغذاء والماء يومياً، وتدمير المدارس والمستشفيات، مع ازدياد أخطار العنف والاعتداء الجنسي بأنواعه.

ومع ذلك، تظهر الدراسات أن التأثير السلبي للنزاعات لا يصيب جميع المدنيين على قدم المساواة، بل على العكس، تلحق الحروب ضرراً أكبر بالفئات المهمشة، مما يفاقم من أوجه عدم المساواة ونقاط الضعف القائمة داخل المجتمع.

وبالفعل، اتخذت المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة خطوات ملموسة من خلال عديد من التدابير والمبادرات لضمان توفير الحماية والمساعدة اللازمتين للنساء والأطفال. إلا أن الأشخاص ذوي الإعاقة، على رغم كونهم من أكبر الأقليات على مستوى العالم (15 في المئة من سكان العالم أو نحو مليار شخص)، ما زالوا يعانون الإهمال وعدم الحصول على الدعم الكافي.

لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وصفت هذه الفئة بـ"ضحايا الصراع المنسيين". فهم لا يواجهون فحسب نفس الأخطار المرتبطة بتدمير الخدمات الأساس، بل يتعرضون أيضاً لتحديات إضافية في الوصول إلى الموارد والخدمات المحدودة أصلاً، أو في مواجهة الأخطار. ويعود ذلك بصورة رئيسة إلى الحواجز المادية وسياسات الإقصاء والوصمة الاجتماعية والتمييز، مما يجعل أمنهم وسلامتهم في خطر أكبر.

في كل بقعة تشهد ويلات الحروب والنزاعات، يواجه ذوو الإعاقة مأساة إنسانية مشتركة، بغض النظر عن موقع الصراع، سواءً كان في أوكرانيا أم سوريا أم جمهورية الكونغو الديمقراطية أم ميانمار أم إثيوبيا. ففي خضم الصراعات والغارات الجوية والقصف، يصبح ذوو الإعاقة عالقين، عاجزين عن الفرار، وقد يتخلى عنهم أحباؤهم، وذلك بسبب عدم تجهيز أنظمة الإنذار وإجراءات الإخلاء والملاجئ لاستقبالهم، وعدم مراعاة حاجاتهم الخاصة. وحتى بالنسبة لمن يحالفهم الحظ بالنجاة والوصول إلى مراكز الإغاثة، لا تنتهي معاناتهم، بل يواجهون تحديات جديدة تتمثل في برامج المساعدات التي تعاني قيوداً مادية وإجرائية تحول دون حصولهم على الخدمات الأساس، ناهيك بالوصمة الاجتماعية والتمييز اللذين يلاحقانهم حتى قبل أن ينشأ الصراع.

يتفاقم إهمال حاجات ذوي الإعاقة خلال النزاعات المسلحة بصورة صادمة، إذ تكشف الأبحاث ارتفاع معدلات الإعاقة لتصل إلى 20 في المئة بين السكان المتضررين من الصراعات. ولا يقتصر أثر الصراع على تفاقم الإعاقات القائمة فحسب، بل يتسبب أيضاً في إعاقات ثانوية جديدة، بمعنى آخر، كلما ارتفع عدد ذوي الإعاقة وحاجاتهم، تتراجع قدرة البنية التحتية المتهالكة أصلاً على توفير الدعم والخدمات اللازمة، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة هذه الفئة بصورة مستمرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تلزم اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقانون الدولي الإنساني الدول وأطراف النزاع بوجوب ضمان حماية الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم أثناء النزاعات. وعلى رغم التقدم الهام الذي أحرز في العقود الأخيرة، إلا أن ثلاثة تقارير صادرة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تسلط الضوء على أوجه القصور الكبيرة في تدابير الحماية هذه. ولا يزال الأشخاص ذوو الإعاقة غير مرئيين وسط ضباب الحروب.

لقد كشفت دراساتي الخاصة أنه إضافة إلى عدم حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، تقوم الدول وأطراف النزاع الأخرى باستهداف هذه الفئة تحديداً خلال الصراعات المسلحة - كما توضح التحقيقات التي تجريها "اندبندنت". غالباً ما تمر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة هذه دون أن يلاحظها أحد، على رغم الالتزام الدولي بضمان المساءلة عن مثل هذه الفظائع.

ليس من الضروري أن تكون الأمور كذلك. فالأسس القانونية وأطر السياسات والأخلاقيات الإنسانية تتفق جميعها فيما يتعلق بالقضية، مع التزامات واضحة ومفصلة. وما ينقص هو العزم والإرادة على ضمان احترامها وإنزال العقوبات بالجناة.

يجب على الدول وأطراف النزاع اتخاذ إجراءات جوهرية لمراجعة مبادئهم العسكرية، وخطط الطوارئ والإجلاء، وقواعد الاشتباك، والتوجيهات العملياتية والاستراتيجية والتكتيكية، وأطر حماية المدنيين. وذلك من أجل الاستجابة للحاجات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة (على مستوى الحماية والمساعدة الإنسانية). ولا يعد هذا مجرد تصرف صحيح أو واجب أخلاقي فحسب، بل هو أيضاً التزام قانوني بموجب القانون الإنساني الدولي. وعلى رغم صعوبة المهمة الظاهرية، فقد أجريت تغييرات مماثلة لحماية النساء والأطفال. وعلاوة على ذلك، لا يجدر بالدول الاستمرار في إلحاق الأذى المستمر بإحدى الأقليات الكبرى ضمن سكانها.

 

ويليام بونز هو المستشار القانوني السابق للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو حالياً زميل في مشروع كلية الحقوق بجامعة هارفرد المعني بالإعاقة وأستاذ مساعد في كلية الحقوق بجامعة ماريلاند. الآراء والتصريحات الواردة في هذا المقال خاصة به ولا تعكس مناصب أو آراء أو أفكار أي منظمة أو فرد.

© The Independent

المزيد من تقارير