Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب متاريس وكواليس على الطريقة الروسية

معركة إدلب التي اشترى أردوغان تأجيلها من بوتين وروحاني تخاض بالتقسيط

صورة سوريا مشوشة (أ. ف. ب)

صورة سوريا بدت مشوشة على الشاشة في قمة أنقرة الثلاثية. والفارق كبير بين صورة سوريا في عيون السوريين وصورتها في عيون الرؤساء الروسي والتركي والإيراني فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وحسن روحاني.

فما فعله هؤلاء، شراء الوقت الذي هو من دم ودمار بالنسبة إلى السوريين. وما كان ملحاً أمامهم كالعادة حفظ التوازن بين اهتمامات كل منهم في صوغ البيان المشترك، بصرف النظر عن الواقع.

وإذا كان يوري أوشاكوف مستشار بوتين يصف ما قدمته القمة بأنه "إعادة ضبط الساعات"، فإن السؤال هو: ضبط الساعات على أي توقيت ومن أجل ماذا؟ هل هو لتحديد نهاية الحرب وبداية مسار التسوية السياسية؟ هل هو للفرصة الجديدة التي أعطيت لأردوغان من أجل تنفيذ ما التزمه في اتفاق سوتشي حول إخراج "هيئة تحرير الشام" وبقية التنظيمات الإرهابية من منطقة خفض التصعيد في إدلب قبل أن تعاود موسكو ودمشق المعركة العسكرية؟ هل هو لتسليط الأنظار على شرق الفرات حيث قوات الكرد بدعم أميركي وسط اتفاق أميركي – تركي يحمل عوامل الخلاف بين أنقرة التي تريد "منطقة أمنية" واسعة وعميقة في سوريا وبين واشنطن التي تتحدث عن "آلية أمنية" في منطقة محدودة لتحقيق هواجس أردوغان؟ أم أنها من أجل شيء آخر يدخل في باب المفاجآت حيث لم يبق للمفاجآت مكان في حرب سوريا الطويلة؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يقول "إن الحرب في سوريا انتهت فعلياً، وبقيت بؤر توتر عدة منفردة". وهذا كلام كثير الدلالات. فالكل يعرف، ولافروف في الطليعة، أن حرب سوريا لم تنتهِ، وأن معركة إدلب، ولو اكتملت، لن تكون نهاية الحرب.

ومن لا يزال يحتفظ بذاكرته يمكن أن يتذكر أن روسيا التي تدخلت عسكرياً في حرب سوريا في خريف 2015 لم تعلن أهدافها الحقيقية. إذ أوحت أن المهمة مؤقتة لأشهر، وأعلنت بعد أشهر عدة أن عملياتها الأساسيّة انتهت، وسحبت عدداً من الطائرات والجنود، ومن ثم تبين أن هذه مجرد حيلة.

ومن الصعب القول إن استئناف التفاوض على التسوية السياسية المتعثرة كان ينتظر تشكيل اللجنة الدستورية لإعداد دستور جديد، في حين أنها في نظر دمشق لجنة مناقشة الدستور الحالي.

والأصعب تصديق خرافة أسهم في تعزيزها اللاعبون الكبار والصغار والموفد الدولي، وهي أن ما أخّر التوافق على تشكيل اللجنة المؤلفة من 150 عضواً، ثلثهم للنظام وثلثهم للمعارضة، والثلث المتبقي للمستقلين بإشراف الأمم المتحدة هو الخلاف على ستة أسماء.

لا بل إن الخلاف انحسر ليقتصر على عضو وحيد هو دحام الجربا الذي فاخرت قمة أنقرة بأن الاتفاق عليه من إنجازاتها". لكن اللعبة لها "ملحق" هو الخلاف والاتفاق على "قواعد عمل" اللجنة.

الواقع أن معركة إدلب التي اشترى أردوغان تأجيلها من بوتين وروحاني تخاض بالتقسيط على الطريقة الروسية. شيء في الكواليس، وشيء في المتاريس. تصعيد وخفض تصعيد. وهي، مثل معظم المعارك الأساسية في الحرب، تدار بالسياسة قبل أن تتقدم الدبابات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معركة السيطرة على شرق حلب فتحت الطريق إلى نجاحها صفقة روسية - تركية واكتملت بمعركة السيطرة على الغوطة مقابل دخول الجيش التركي إلى الشمال السوري عبر عمليتَي "غصن الزيتون" و"درع الفرات".

معركة السيطرة على الجنوب حيث درعا والقنيطرة سبقها تفاهم أميركي – روسي، أردني، إسرائيلي. والمفارقة أن الرؤساء الثلاثة الذين فرضوا حقائق على الأرض تحت شعار مكافحة الإرهاب، يعلنون في بيان القمة "رفض محاولة خلق حقائق على الأرض تحت عباءة مكافحة الإرهاب" والمقصود أميركا وقوات سوريا الديمقراطية التي قاتلت داعش وأخرجته من عاصمته الرقة وكل شرق الفرات.

والسؤال هو عن الوقت المحدد لضبط الساعات في قصة إدلب؟ هل تنضج الصفقة السياسية أم تدعم روسيا المغامرة العسكرية على الرغم من وجود ثلاثة ملايين مدني وعشرات آلاف المقاتلين المتطرفين والمعتدلين الذين جرى تجميعهم في "سيبيريا السورية" بواسطة روسية؟

الواضح حتى اليوم أن حرب سوريا، سواء كانت "مؤامرة" إقليمية ودولية أو "حرباً كونية" بحسب خطاب النظام وحلفائه أو محاولة للهرب من حل الأزمة السياسية التي قادت إلى الانتفاضة السلمية في البدء، بحسب خطاب المعارضين، أسهمت في إحداث متغيرات مهمة في الصراع الجيوسياسي الدائر في الشرق الأوسط. وهي حققت كثيراً من الأهداف لأطراف عدة في الداخل والخارج. ولكن، ماذا عن واقع السوريين اليوم وموقع سوريا ودورها؟ من يخرج القوات الروسية والأميركية والإيرانية والتركية منها؟

صورة سوريا، بحسب التوقعات المتفائلة، هي "ستاتيكو" مستمر إلى ما بعد العالم 2021، إلاّ إذا حدثت معجزة.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء