Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحول ممر نتساريم إلى مستوطنة إسرائيلية داخل القطاع؟

شركات إسرائيلية تروِّج لمشروعات عقارية في غزة وفلسطينيون يؤكدون إقامة وحدات سكنية استيطانية في الممر والجيش ينشر ثكناته

جرف الجيش الإسرائيلي معظم مباني ممر نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه (أ ف ب)

ملخص

عاش المستوطنون في نتساريم حتى 2005 عندما أقرت إسرائيل خطة فك الارتباط وعملت على إجلاء مواطنيها وانسحبت من غزة، لكن في الحرب الدائرة بالقطاع عادت فكرة الاستيطان مجدداً.

يعيش زياد بالقرب من ممر نتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها ويتمركز فيه جنود الجيش الإسرائيلي، وبعينه يكاد يرى أضواء لامعة تسرق عتمة ليل القطاع، كما يسمع بوضوح أصوات أعمال تجريف وتارة يشده نغمات أغان وموسيقى صاخبة.

بواسطة كاميرا هاتفه الذكي الذي يتمتع بقدرة تصوير عالية، يمكن لزياد أن يرى منازل أقامها الجيش في المنطقة وحمامات ومركز توليد طاقة كهربائية، ولوحة حديدية كبيرة كتب عليها باللغة العبرية "مرحباً بكم في قاعدة نتساريم" وهذا يجعله يعتقد أن هناك بؤرة استيطانية أقيمت على أرض قطاع غزة.

تمهيد المنطقة

على بعد نحو كيلومتر واحد من جنوب ممر نتساريم، يقع منزل زياد الصغير للغاية، ولحسن حظ الرجل أنه لم يتعرض للتدمير أثناء العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الأشهر السبعة الماضية.

في بداية الحرب وعند اجتياح الجيش الإسرائيلي لممر نتساريم، نزح زياد من منزله، وبعد نحو خمسة أشهر عاد لبيته، يقول "عندما عدت لم أعرف المنطقة لقد تغيرت ملامحها كثيراً، إذ جرف الجيش الإسرائيلي معظم مباني المنطقة، وعمل على تسوية الأرض وتمهيدها وكأنه يخطط لبناء شيء ما".

نزع زياد الخوف من قلبه، وقرر أن يعيش في بيته القريب للغاية من ممر نتساريم، ويبرر ذلك بأنه لا ينتمي لأي فصيل سياسي، ولذلك لا داعي للخوف من الجنود طالما أنه لا يخطط لأذيتهم.

سكن متكامل

على خلفية حياة زياد في بيته لاحظ الرجل أن الجيش الإسرائيلي يؤسس لشيء أكبر من تشييد طريق يفصل شمال غزة عن الجنوب، بهدف منع عودة النازحين وجعله نقطة انطلاق للعمليات العسكرية البرية، وذلك بحسب الرواية الإسرائيلية الرسمية.

يضيف زياد "من واقع حياتي في المنطقة، لاحظت أن الجيش عمل على تركيب وحدات سكنية متكاملة يمكن أن تكون بذرة أو نواة لإقامة مستوطنة في غزة، وإلى جانب ذلك شاهدت في ممر نتساريم، منشأة لتوليد الطاقة، وساحة صغيرة تستخدم لإقامة حفلات، وأيضاً أبراج مراقبة عسكرية".

في الليل يعم الظلام في جميع أنحاء قطاع غزة بسبب توقف شركة توليد الكهرباء عن العمل، ومنذ 211 يوماً يعيش السكان المحليون من دون كهرباء، لكن في نقطة نتساريم يرى زياد أضواء لامعة وفي بعض الأحيان يرى إنارة راقصة بما يوحي لوجود حفلة.

أضواء لامعة

بجانب زياد يعيش جار واحد فقط، فيما باقي المنطقة لا يوجد بها بشر بسبب أوامر الإخلاء ووجود القوات الإسرائيلية، ويدعى هذا الجار رأفت الذي يقول "في ممر نتساريم هناك ثكنة عسكرية وهذا شيء واضح ومعروف، اعتباراً لأهداف الطريق، لكن بجانبها يوجد مدينة صغيرة بها حياة صاخبة".

يضيف رأفت "دشنت إسرائيل مستوطنة على أراضي غزة، لقد رصدت بيوتاً ويعيش فيها أشخاص لا أعرف إذا كانوا جنوداً أم مستوطنين، وأيضاً هناك تجمع سياحي صغير فيه منطقة مفتوحة لإقامة الحفلات وحمامات عامة ومحطة طاقة صغيرة".

بحسب رأفت فإن ما يراه هو عودة جديدة لمستوطنة نتساريم، وتعيد المشاهد التي يرصدها ذكريات مؤلمة له تعود لما قبل 2005، حين كانت على تلك المنطقة مستوطنة نتساريم ويعيش فيها إسرائيليون.

 ثكنة عسكرية

ما يتحدث عنه الفلسطينيون في غزة من عودة للاستيطان وبخاصة في ممر نتساريم ليس غريباً، بل أمر ذكرته صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها، إذ أفادت بأن الجيش عكف على بناء وتطوير بؤرتين استيطانيتين في ممر نتساريم الذي يقسم قطاع غزة إلى نصفين.

 

 

وبحسب "هآرتس" فإن الجيش الإسرائيلي زوَّد البؤرتين بوحدات سكنية مكيفة الهواء وبنيات أساسية للطاقة الكهربائية ومراحيض وحمامات وساحة عامة، وعلق لافتة كتب عليها "مرحباً بكم في قاعدة نتساريم".

وتقول الصحافية "يبدو أن نتساريم شيدت لتبقى وهي إنجاز طويل الأجل لقد مهد الجيش الأرض ونقل إلى هناك معدات ثقيلة".

مستوطنة قديمة

من غير الواضح إذا كانت الأبنية المركبة في ممر نتساريم عبارة عن مستوطنة كما تدعي "هآرتس" ويؤكد الفلسطينيون ذلك أو أنها مجرد ثكنة عسكرية متطورة ومتكاملة الملحقات، لكن ما هو مؤكد أن تلك المنطقة كانت قبل 2005 عبارة عن مستوطنة نتساريم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في نفس ممر نتساريم الحالي، أي على بعد خمسة كيلومترات من مدينة غزة، شيدت إسرائيل في 1977 مستوطنة نتساريم، وأقيمت على مساحة أكبر من 2،300 دونم (2.3 كيلومتر مربع)، وشيدت طريقاً لتأمينها بمساحة 4.300 دونم (4.3 كيلومتر مربع).

وعاش المستوطنون في نتساريم حتى 2005، عندما أقرت إسرائيل خطة فك الارتباط وعملت على إجلاء مواطنيها وانسحبت من غزة، لكن في الحرب الدائرة في القطاع عادت فكرة الاستيطان مجدداً.

مؤتمر يشجع الاستيطان

جاء حديث "هآرتس" بعد أن عقد في إسرائيل مؤتمر حمل اسم "العودة للاستيطان في قطاع غزة والتهجير الطوعي للفلسطينيين" وشارك فيه 26 وزيراً ونائباً بالكنيست إذ تحدثوا وغنوا ورقصوا بنشوة على إثر إعلان تجديد الاستيطان.

وفي المؤتمر قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير "حان وقت العودة إلى الوطن، حان وقت العودة إلى أرض إسرائيل، إذا كنا لا نريد السابع من أكتوبر آخر، فعلينا العودة إلى ديارنا والسيطرة على الأرض في غزة".

تخطط جمعيات استيطانية بشكل كبير لأجل الاستيطان في غزة، وتقول دانييلا فايس التي ترأس منظمة "ناتشالا" إنها جهزت خرائط للاستيطان في القطاع، ولديها قائمة تضم 500 عائلة مستعدة للانتقال إلى غزة فوراً.

وتضيف فايس "العالم مفتوح على مداه وسيستوعب سكان غزة، لذلك علينا تشجيع الأشخاص الذين يرغبون بالسفر، في أي حال عملت على إعداد خريطة جديدة لغزة، مغطاة بالمستوطنات".

إعلان عن وحدات

هذا الحديث ليس عبثاً، إذ نشرت شركة العقارات الإسرائيلية "جبال الذهب" إعلاناً لمشاريع بناء استيطاني داخل قطاع غزة، بعنوان "الآن وبسعر الاستفتاح"، و"استيقظوا… بيت على الساحل، هذا ليس حلماً"، واشتمل الإعلان على رسم هندسي ومخططات للبيوت المقرر بناؤها وبجوارها صور بيوت الفلسطينيين المدمرة في غزة.

ومن الجيش الإسرائيلي قال قائد كتيبة 82 في لواء المدرعات أوفير كاسبي "عندما ندخل رفح سيتحتم على الجيش إبقاء الأرض تحت سيطرته، من وجهة نظري أن الحل هو الاستيطان".

غضب أميركي وتوضيح إسرائيلي

أثار الحديث عن وجود مخططات استيطانية في غزة غضب الولايات المتحدة وطالبت بعدم وجود تقليص لأراضي غزة، واعتبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار أن خطاب عودة الاستيطان تحريضي وغير واقعي. وقالت "نحن نصدق كلام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما يقول إن إسرائيل لا تنوي إعادة احتلال غزة".

 

 

وبالفعل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "إعادة الاستيطان في قطاع غزة في الوقت الحالي أمر غير واقعي"، كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "لن نسمح بإعادة بناء البؤر الاستيطانية داخل قطاع غزة، والمنطقة العازلة في غزة ستكون موقتة ولأغراض أمنية فقط".

الفلسطينيون خائفون

من جهة الفلسطينيين، يقول المستشار الإعلامي لحركة "حماس" طاهر النونو "تنظيم مؤتمر في إسرائيل يدعو للاستيطان في غزة يكشف نوايا جريمة التهجير والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، ويمثل استخفافاً بالقرارات الدولية، نحن لن نسمح بتطبيق ذلك بالمطلق".

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عليان الهندي أن مخططات الاستيطان في غزة ليست جديدة، وبتتبع كل الحروب التي كان يشنها الجيش على قطاع غزة، يبرز دوماً الحديث من قبل المسؤولين الإسرائيليين ومن جميع الأحزاب اليهودية، عن طرد الفلسطينيين وإقامة المستوطنات".

لكن الهندي يضيف "في الوقت الحالي من الصعب بناء مستوطنات يهودية في قطاع غزة، وجود أسلحة بيد الفصائل وقذائف صاروخية يعرقل ذلك المخطط، أما نتساريم حالياً فهي مجرد ثكنة عسكرية متطورة ومتكاملة لا أكثر من ذلك، ويمكن تفكيكها بسهولة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير