Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ممر "نتساريم" يقطع أمل نازحي شمال غزة بالعودة

بناه عسكريون من قوات سلاح الهندسة وتؤكد إسرائيل أنه للحفاظ على الأمن وليس احتلال القطاع بصورة دائمة

بحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الطريق كان موجوداً قبل الحرب، وتم تجديده بسبب إتلاف المركبات المدرعة له (رويترز)

ملخص

يفصل حرفياً 14 كيلومتراً من مدينة غزة إلى شمال القطاع عن 27 كيلومتراً من وسطه وجنوبه، وإلى جانب امتداده على طول 6.3 كيلومتر، يقطع الممر شارع صلاح الدين الذي يعد من أهم شوارع غزة.

على أمل السماح لها بالعودة إلى منزلها شمال مدينة غزة، تسير روضة العلي (35 سنة) مع أطفالها الثلاثة إلى جانب مئات الآلاف من النازحين على الطريق الساحلي، وعلى رغم الأخطار الكبيرة التي قد يتعرضون لها أثناء السير لساعات طويلة في هذا الطريق، فإنه بات الوحيد المتاح أمامهم الذي يغذي فرصتهم بالعودة إلى منازلهم.

فالطريق السريع "749" الذي شقه الجيش الإسرائيلي، ويبدأ من السياج الحدودي لغزة مع إسرائيل قرب كيبوتس "ناحال عوز" شرقاً وينتهي قرب الساحل في الغرب من دون انقطاع، يشكل عائقاً جسيماً أمام 1.5 مليون نازح في الجنوب يطالبون بالعودة إلى منازلهم في الشمال. ووفقاً لإحصائية من مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فقد كان يعيش في منطقة شمال وادي غزة (تضم محافظتي غزة وشمال غزة) قبل بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع قرابة 54.7 في المئة من مجموع سكانه.

ويحظر القانون الدولي في المادة الـ53 من اتفاقية جنيف الرابعة تدمير الممتلكات الخاصة، ونصت المادة الـ54 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف على أنه "يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والموارد التي لا غنى عنها". وحذر عديد من المسؤولين الأميركيين، فضلاً عن دول غربية وعربية، مراراً وتكراراً من تغيير إسرائيل لحدود غزة أو تقسيم أراضيها.

غزة نصفان

الطريق الفاصل الذي بناه عسكريون من قوات سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي في غضون أشهر، ويطلق عليه "ممر نتساريم" يفصل حرفياً 14 كيلومتراً من مدينة غزة إلى شمال القطاع عن 27 كيلومتراً من وسطه وجنوبه، وإلى جانب امتداده على طول 6.3 كيلومتر، يقطع الممر شارع صلاح الدين الذي يعد من أهم شوارع غزة. ووفقاً للتقديرات الفلسطينية التي جاءت بعد نشر صور للأقمار الاصطناعية للمنطقة، فإن 11 كيلومتراً مربعاً من مجمل مساحة القطاع المقدرة بـ365 كيلومتراً سويت بالأرض، من ضمنها أراض زراعية ومبان سكنية تقدر مساحتها بـ4.32 كيلومتر مربع.

 

 

وكانت جامعة الأزهر ومستشفى الصداقة التركي من بين المباني التي تضررت بشكل جسيم لوقوعهما على مقربة كبيرة من حدود الممر. ووفقاً لمعهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، فإن "ممر نتساريم" مشروع طويل الأمد سيبقي الجيش الإسرائيلي في غزة لأجل غير مسمى، ليس فقط لأنه يمنحهم قدرة كبيرة في إحكام السيطرة والتحرك بحرية في منطقة من شأنها أن تشل الحركة بين قسمي القطاع، ووصولاً سريعاً إلى البحر من وسط غزة، بل وأيضاً تسهيل العملية العسكرية التي يقوم بها.

وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الطريق كان موجوداً قبل الحرب، وتم تجديده بسبب إتلاف المركبات المدرعة له، مؤكداً أن الغرض الأساس منه هو "تسهيل السيطرة اللوجيستية والعسكرية على المنطقة. ويشمل الممر مساراً واحداً للدبابات الثقيلة والمدرعات، وآخر للمركبات الخفيفة، وثالثاً للحركة السريعة.

مضامين إنسانية

يرى مراقبون أن أهداف هذه الخطوة الإسرائيلية قد لا تنحسر بأهداف عسكرية أو ميدانية، بل تحمل مضامين إنسانية وسياسية وتكتيكية خطرة ترمي لاستخدام "ممر نتساريم" كحاجز منيع يحول دون عودة النازحين إلى منازلهم شمال القطاع، خصوصاً أنه يتزامن مع إقامة منطقة عازلة بعمق كيلومتر واحد داخل قطاع غزة ستلتهم قرابة 60 كيلومتراً مربعاً من مساحة القطاع.

ويرجح متخصصون أن يندرج استخدامه ضمن السياسة التي تتحدث عن إيجاد عن إدارات محلية في مناطق مختلفة من القطاع، فيما يقول العقيد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي ميري آيسين إن "استخدام الممر سيمتد لعام 2024 بأكمله"، وأكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جاكوب ناجل، أن من غير المرجح أن يتم بناء أي جدار بجوار الطريق. لكنه أضاف "يمكن أن يكون له نقاط عبور مختلفة بين الشمال والجنوب ستجري حراستها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبرزت، أخيراً، مسألة عودة سكان شمالي قطاع غزة إلى منازلهم كعقبة رئيسة في المحادثات غير المباشرة التي تتوسط فيها القاهرة والدوحة وواشنطن، وفي حين تصر "حماس" على وضع عودة النازحين شرطاً أساسياً ضمن شروط أخرى لإبرام صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل وصولاً إلى وقف إطلاق النار، يشدد الجيش الإسرائيلي على منع عودة النازحين إلى منازلهم في شمالي القطاع معتبراً أنها "منطقة حرب".

وأكد محلل الشؤون السياسية آلون بن ديفيد للقناة "13" الإسرائيلية، أن مسألة عودة النازحين تمثل العقدة الأساسية بين الجانبين، وقد رفضت "حماس" بقوة تأجيل الحديث عنها وأصرت على مناقشتها في البداية لتكون نقطة انطلاق لبقية القضايا.

ولفت المحلل إلى أن موافقة إسرائيل على عودة السكان إلى شمال القطاع تعني تقييد حركة الجيش، ووجود كثير من المعارك في حال قرر الجيش القيام بأي عملية في المنطقة مستقبلاً، مضيفاً أن "الواضح للجميع هو أن ثمن صفقة تبادل الأسرى من الجنود سيكون كبيراً جداً".

قضية شائكة

وفقاً لوسطاء عرب يشاركون في المحادثات، بدت إسرائيل "منفتحة للسماح لألفي شخص يومياً، معظمهم من النساء والأطفال، بالعودة إلى الشمال، على أن يعود 60 ألف فلسطيني كحد أقصى بموجب اقتراح تعتبره إسرائيل مقبولاً". لكن الاقتراح وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية "يستثني الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 18 و50 سنة".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب أن عودة سكان غزة النازحين "قد تبدأ بعد 10 أيام إلى أسبوعين من تنفيذ وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع"، وأن عليهم المرور عبر نقاط تفتيش عسكرية إسرائيلية تسعى إسرائيل من خلالها لمنع عناصر "حماس" المسلحين من التسلل مرة أخرى إلى الشمال، إذ يمكنهم استئناف الهجمات على الجيش الإسرائيلي. لكن "حماس" التي تريد إزالة نقاط التفتيش وتصر على عودة كامل النازحين إلى الشمال، بمن في ذلك الرجال، رفضت المقترح.

 

 

يرى محللون أن قضية عودة النازحين لا تزال قضية شائكة ومعقدة وحساسة في إطار المحادثات، لما لها من ترتيبات يعتقد أنها أبعد من صفقة هدنة، فعودة 1.5 نازح تحتاج مزيداً من الحذر الأمني بالنسبة إلى إسرائيل، ومتطلبات لا حصر لها من الإيواء والمساعدات الإنسانية، خصوصاً أن سكان شمال غزة، الذين يقدر عددهم بـ600 ألف شخص يعيشون وسط مجاعة وشيكة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، ناهيك بأن أكثر من 80 في المئة من المباني هناك دمرت كلياً أو جزئياً. ووفقاً للمحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن، فإن إصرار الجانبين على هذا البند "لا ينبع من منطلق إنساني، وإنما من منطلق حاجات قتالية وعملياتية".

المتخصص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور يربط عودة النازحين بمستقبل القطاع وما يتعلق باليوم التالي للحرب. ويرى أن قبول "حماس" بالصفقة المقترحة حالياً يعني موافقتها على سيطرة إسرائيل وتقسيم القطاع. مستبعداً أن توافق عليها.

خطوط عريضة

في وقت تصر إسرائيل على إحكام السيطرة على عملية تنظيم عودة النازحين شمالاً، بما يضمن عدم عودة عناصر "حماس" إلى هذه المنطقة مجدداً وبقائهم محاصرين في الجنوب، قالت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية قبل أيام، إن وسطاء اقترحوا أن تحل مصر محل الجيش الإسرائيلي في تفتيش النازحين الفلسطينيين الذين سيعودون إلى شمال القطاع، خصوصاً أن الجيش المسيطر على ممر "نتساريم"، الذي يفصل شمال غزة عن الوسط والجنوب، ينوي البقاء هناك لأغراض أمنية، بحسب تعبيره.

وقال مصدران اطلعا على الخطوط العريضة للصفقة للقناة إن "إسرائيل تدرس نشر قوات مصرية لتفتيش الفلسطينيين، ومن المتوقع أن تطالب بوجود ممثلين إسرائيليين في نقاط التفتيش"، لكنهما توقعا أن المصريين لن يكونوا متحمسين للفكرة، لكن لا يبدو أن أحداً غيرهم يمكنه القيام بهذه المهمة ويكون مقبولاً من إسرائيل و"حماس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير