Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أفلست بنوك عملاقة بكبسة زر؟

أسهم انتشار الأخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل وسحب الودائع من خلال التطبيقات الرقمية في سرعة نقل العملاء أموالهم من "وادي السيليكون" و"سيغنتشر" و"فيرست ريبابليك"

أسهمت عمليات السحب المفاجئ للودائع المصرفية مع تطور التكنولوجيا الرقمية في إخفاق بنك "وادي السيليكون" (رويترز)

ملخص

وأوضح تقرير الصندوق أن "سحب الأموال حدث بسرعة غير مسبوقة، ففي الفترات السابقة من موجات سحب الودائع المصرفية، مثلما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية، لم نكن قد سمعنا عن وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة أو كانت بالكاد موجودة".

"أسهمت عمليات السحب المفاجئ للودائع المصرفية بعد أن تسارعت وتيرته نتيجة التكنولوجيا الرقمية في إخفاق بنوك ’وادي السيليكون‘ و’سيغنتشر‘ و’فيرست ريبابليك‘ في الولايات المتحدة، و’كريدي سويس‘ في سويسرا ربيع عام 2023".

كانت تلك مقدمة ساخنة أبرزها تقرير لصندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، إذ قال إن "مجموعة معقدة من العوامل أدت إلى فقدان العملاء ثقتهم في السلامة المالية لهذه البنوك، إذ أسهم انتشار الإشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإمكان سحب الودائع بنقرة زر واحدة من خلال تطبيقات الأجهزة المحمولة في السرعة التي نقل بها العملاء أموالهم من البنوك".

ويضم تقرير صندوق النقد الدولي آراء عضو مجلس محافظي البنك المركزي الدنماركي سيني كروكستروب، ورئيس قسم الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية في البنك المركزي الدنماركي توماس سانغيل، وميتيه فون سيكارد وهي كبير المستشارين وتشرف على الأمور المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وبنك التسويات الدولية.

وأوضح تقرير الصندوق أن "سحب الأموال حدث بسرعة غير مسبوقة، ففي الفترات السابقة من موجات سحب الودائع المصرفية، مثلما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية، لم نكن قد سمعنا عن وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة أو كانت بالكاد موجودة".

وأشار التقرير إلى أن الحال تختلف من بنك إلى آخر وتختلف الأسباب التي قد تجعل العملاء يشككون فجأة في امتلاك البنوك لمقومات البقاء، ومع ذلك، كما توضح أحداث عام 2023، فإن أخطار موجات سحب الودائع المصرفية المفاجئة قد تتأثر عموماً بتقدم الحدود الرقمية في مجال الخدمات المصرفية.

وتابع، "موجة سحب الودائع المصرفية تبدأ عندما يقوم عدد كبير من العملاء بسحب ودائعهم في الوقت نفسه لشعورهم بالقلق إزاء السلامة المالية للبنك، وعلى رغم أن بعض الودائع تكون مؤمنة في كثير من الأحيان من خلال البرامج الوطنية لضمان الودائع، فقد تسحب الودائع غير المؤمنة في حال وجود شواغل إزاء سلامة البنك، وحتى لو كانت أساسات البنك سليمة فمن المحتمل أن يؤدي الشك في وجود مشكلات إلى تحققها ذاتياً إذا لم تكن لدى البنك أموال سائلة كافية لتغطية سحب العملاء للودائع المصرفية".

ولفت التقرير إلى أن السيناريو الحالي الأسوأ يكمن في أن ينهار البنك الذي كان يمكنه البقاء، إذا أدت الشواغل إلى موجة سحب الودائع المصرفية، وتأثيرات موجات سحب الودائع المصرفية يمكن أن تتجاوز الكلفة التي يتحملها أصحاب البنوك ومن تبقى من الدائنين، ويمكن أن تصبح مصدر قلق في شأن الاستقرار المالي، ويمكن أن تكون موجات سحب الودائع المصرفية معدية وأن تؤثر سلباً في النمو الاقتصادي العيني، ولهذا السبب قامت السلطات المالية والأجهزة التنظيمية بوضع إطار حوكمة لاحتواء هذه الأخطار".

تسارع عمليات سحب الودائع

ويقول الصندوق إن "البنك العادي يمول نفسه بصفة أساس من خلال ودائع عملائه من الشركات والأفراد، ويحتفظ البنك بجزء صغير من هذه الودائع لتغطية عمليات سحب الودائع المحتملة، بينما يستخدم الجزء الباقي في توليد دخل للبنك، فعلى سبيل المثال يقدم البنك قروضاً للأفراد أو الشركات التي تحتاج إلى تمويل".

ويضيف، "يعتمد نموذج العمل هذا على عدم قيام المودعين بسحب أموالهم في الوقت نفسه، وفي هذه الحال لا يستطيع البنك سداد كامل المبلغ لأن الودائع أصبحت مقيدة بإقراض أطول أجلا لعملاء البنك الآخرين".

ويشير الصندوق إلى أنه في الأوقات العادية يكون تمويل الودائع لأنشطة الإقراض المصرفي مستقراً إلى حد ما، وعادة ما يحتفظ المودعون برصيد معين في حساباتهم لدفع نفقات مثل السكن وشراء البقالة، وعادة ما تتلاشى تقلبات حسابات المودعين الأفراد بمرور الوقت نتيجة وجود عدد كبير من أصحاب الحسابات في البنك"، مستدركاً "لكن إذا ظهرت إشاعات تفيد بأن أحد البنوك قد يكون معرضاً لخطر الانهيار فقد تحدث عمليات واسعة لسحب الودائع المصرفية، وإذا حدثت عمليات سحب الودائع ببطء فسيكون لدى البنك الوقت اللازم للعثور على تمويل من مكان آخر أو بيع الأصول لتعبئة الأموال، وعلى العكس من ذلك يمكن أن تؤدي عمليات سحب الودائع السريعة إلى انهيار البنك قبل أن يتمكن من تأمين وسائل تمويل بديلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد الصندوق أن "السرعة المحتملة لعمليات سحب الودائع تكتسب أهمية بالغة، ومع تقدم الحدود الرقمية للخدمات المصرفية أكثر من ذلك يمكن أن تزداد سرعة عملاء البنوك في سحب ودائعهم المصرفية"، ويحذر أنه من دون التعديلات المناسبة في إدارة البنوك لأخطار التمويل هذه فقد يشكل ذلك تهديداً محتملاً للاستقرار المالي.

وحول الذكاء الاصطناعي يقول تقرير صندوق النقد الدولي إن "التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية في مجال الخدمات المصرفية غير مؤكد، فمن الممكن أن نتخيل زيادة معدل تواتر موجات سحب الودائع المصرفية بصورة كبيرة".

سرعة التحويلات بين البنوك

ويتابع أنه يمكن أن تصبح عمليات سحب الودائع المصرفية أسرع من خلال التحويلات الأسهل والأسرع إلى البنوك الأخرى، فقد كانت تحويلات الودائع بين البنوك محدودة إلى حد ما في الماضي، مشيراً إلى أن من أسباب ذلك أن عدداً كبيراً من عملاء البنوك يحتفظون عادة بحسابات في بنك واحد وحسب، وذلك لأسباب أهمها أن جمع المعلومات عن الشروط والأحكام وفتح حساب في بنك جديد يستغرق وقتاً طويلاً، وقد يكون تغيير البنوك مكلفاً أيضاً، وقد تؤدي التكنولوجيا الجديدة إلى إزالة بعض العقبات، فعلى سبيل المثال سهلت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والأجهزة المحمولة على العملاء تحويل الأموال بين البنوك على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتؤدي زيادة إمكان الوصول إلى نظم الدفع الفوري الرخيصة إلى تقليل الوقت الذي يستغرقه العميل في تحويل الأموال من بنك إلى آخر، ومن المحتمل أيضاً أن تؤدي العلاقات المصرفية الشخصية وما يرتبط بها من ولاء للبنك دوراً أقل عندما تصبح العلاقات المصرفية رقمية بصورة متزايدة.

وقد يؤدي الذكاء الاصطناعي أيضاً إلى تسريع عمليات سحب الودائع المصرفية والتحويلات المصرفية، فاليوم تستطيع الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تحلل كمية غير محدودة تقريباً من البيانات بسرعة عالية، بما في ذلك الشروط والأحكام الخاصة بالبنوك وتدفقات الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية أكثر مثل الصحف، وبناء على هذا التحليل فإن الأدوات المستقبلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد عملاء البنوك في إعادة توزيع الودائع تلقائياً وفورياً عبر البنوك المختلفة، بناء على المعايير التي يحددها العميل.

ويضيف، "يمكن أن تشمل هذه المعايير الفائدة التي تدفع على الودائع أو السلامة المتصورة عن البنوك أو رغبة العميل في التنويع بين البنوك"، مستدركاً أنه "قد لا تمنع الشروط التنظيمية، مثل شروط التحقق من هوية العملاء الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من فتح حسابات بالنيابة عن العميل، إذ بمجرد قيام العميل بتحميل المستندات والتفويضات اللازمة إلى أداة تعمل بالذكاء الاصطناعي فيمكن أن تدخل هذه الأدوات في حوار مع كثير من البنوك وتؤكد هوية العميل، وفي حين أن التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية في مجال الخدمات المصرفية غير مؤكد، فمن الممكن أن نتخيل زيادة تواتر موجات سحب الودائع المصرفية بصورة كبيرة".

مكافحة التكنولوجيا بالتكنولوجيا

وحول مكافحة ذلك يقول الصندوق في تقريره إنه "على رغم أن التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تزيد أخطار موجات سحب الودائع المصرفية فإن البنوك يمكن أن تستخدم التكنولوجيا أيضاً للحد من الأخطار"، ويوضح "على سبيل المثال يمكن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة السيولة ومراقبة أنماط سحب الودائع المصرفية، مما يمكن أن يساعد في تقليل أخطار موجات سحب الودائع المصرفية".

ويشير إلى أن الأدوات الأخرى المستخدمة في الحد من أخطار موجات سحب الودائع المصرفية تشمل توفير التمويل الكافي مثل مزيد من التمويل بالأسهم أو مزيد من الأصول السائلة في الموازنات العامة للبنوك، والذي يمكن استخدامه بسرعة لتعبئة الأموال بغرض سداد أموال المودعين، وقد تجد البنوك نفسها أنه من الأمثل استخدام مزيد من التمويل بالأسهم أو الاحتفاظ بمزيد من الأصول السائلة أو قد يشترط عليها القيام بذلك إذا كانت السلطات تشعر بالقلق إزاء الأخطار المالية النظامية، ويمكن للسلطات أيضاً أن توسع نطاق التأمين على الودائع والاستفادة من تسهيلات التمويل لدى البنك المركزي في حال حدوث أزمة.

وإضافة إلى ذلك يمكن للنظم المناسبة لمعاودة النشاط وتسوية الأوضاع في المؤسسات المصرفية أن تساعد في استعادة الثقة في النظام المالي بعد الوقوع في حال من الإخفاق المصرفي لتجنب انتشار موجات سحب الودائع المصرفية.

ويعتبر الصندوق أن مجموعة الأدوات ليست حلاً سحرياً، ويمكن أن تكون لكل أداة آثار جانبية غير مرغوب فيها، وينبغي موازنتها مع المنفعة التي تحققها في تقليل الأخطار.

وضرب مثالاً حول الشرط المحتمل المتمثل في أن تضع البنوك مزيداً من ودائعها في أصول يمكن بيعها على الفور من دون أية كلفة مثل السندات الحكومية عالية الجودة، وفي حال حدوث موجة من سحب الودائع المصرفية يمكن للبنك أن يبيع السندات بسرعة ويسدد مستحقات المودعين لديه، وفي الحالات القصوى يمكن وضع كل التمويل بالودائع في أصول آمنة عالية السيولة، وهو ما يتغلب فعلياً على موجات سحب الودائع المصرفية، غير أن ذلك يعني أيضاً أنه يجب تمويل القروض التي يقدمها البنك للأسر والشركات بوسائل أخرى، ولا سيما الأسهم أو الاقتراض طويل الأجل من جانب البنك.

وهناك خطر أن يؤدي ذلك إلى خفض الإقراض للاقتصاد العيني بصورة موقتة أو دائمة، ومن الممكن أن يؤثر ذلك أيضاً في الموازنات العمومية للبنوك المركزية والحكومات، وكذلك على أسعار الأصول بسبب ارتفاع الطلب على الأصول السائلة الآمنة.

وخلص تقرير صندوق النقد إلى أنه إذا أدت التكنولوجيا المستقبلية في مجال الخدمات المصرفية إلى زيادة كبيرة في سرعة السحب المحتمل للودائع المصرفية، فقد لا تتأثر موجات سحب الودائع المصرفية حتى بوجود عدد غير محدود من العملات رقمية للبنوك المركزية، إذ نملك أدوات متاحة للتصدي لأخطار موجات سحب الودائع المصرفية، ولكن من الأهمية بمكان أن نعترف بعدم وجود حل سحري.