Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التداول الموازي للذهب ينشط في مصر هربا من المصنعية

مئات الصفقات تجرى يومياً عبر مجموعات الدردشة تفادياً لـ"حيل التجار" وسط تحذيرات من الغش والتلاعب بالأعيرة

يعتبر شراء الذهب القديم أحد أشكال تفادي رسوم المصنعية بعد تجاوزها 4.24 دولار (رويترز)

ملخص

يحرص التجار على إضافة رسوم المصنعية عند بيعهم الذهب وإسقاطها حين الشراء من المستهلك

بعد محادثة هاتفية استمرت بضع دقائق، اتفق سمير السيد ومحمود عبدالعظيم على اللقاء في ميدان الدقي، من أجل تسليم الأول للثاني سبيكة ذهب وزن خمسة غرامات من العيار 24، مقابل 19730 جنيهاً (418.50 دولار)، بعد معاينة السبيكة لدى تاجر مصوغات في الحي الواقع بمحافظة الجيزة المصرية، ثم افترقا بعد الصفقة من دون اتفاق على لقاء آخر.

أمام وجود سعرين للذهب في مصر، أحدهما للشراء والآخر للبيع، مع اتساع الفارق بينهما إلى مستوى 50 جنيهاً (1.06 دولار)، يفضل سمير ومحمود وغيرهما من آلاف الأعضاء في مجموعات الدردشة على موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" تنفيذ تعاملات البيع والشراء في المجتمع الافتراضي بعيداً من المحال المرخص لها بتداول المعدن، مقابل استرداد نصف قيمة المصنعية (رسوم تضيفها الشركات نظير الغرام الواحد) على الجنيهات والسبائك والمصوغات الذهبية في كثير من الأحيان.

شعر سمير السيد، وهو موظف مبيعات في إحدى شركات الاتصالات المصرية، ببعض القلق من استجابة كثيرين لعرضه بيع السبيكة الذهبية على مجموعة الدردشة في "فيسبوك"، فالأمر غير موثوق في ظل مجهولية من أبدوا استعدادهم للشراء، غير أنه بعد محادثة أكثر من شخص منهم، استقر اختياره على محمود عبدالعظيم، لاستشعاره الجدية في عرض الأخير للشراء، واتفاقهما على اللقاء في منطقة عامة، وبعد معاينة تاجر مصوغات للسبيكة للتحقق منها أولاً.

مصنعية مخسرة

يقول سمير السيد لـ"اندبندنت عربية" إنه عرف طريق شراء وبيع السبائك الذهبية عبر مجموعات الدردشة على موقع "فيسبوك" بعد نصيحة زميل له، وتجنباً للخسارة التي قد تلحق نتيجة ما سماه "حيل التجار" من أشكال إضافة للمصنعية المفروضة في حالة البيع وإسقاطها في حالة الشراء والمبالغة في تقديرها، ووجود سعرين للمعدن النفيس في مصر، أحدهما للبيع والآخر للشراء، وكلاهما خسارة للمشتري الذي يضطر إلى شراء الغرام بسعر أعلى 50 جنيهاً (1.06 دولار)، وبيعه في الوقت ذاته بسعر أقل، إضافة إلى خصم التجار مليغرامات قليلة من الوزن بدعاوى مختلفة مثل "الكحت والكشط" كما جرت العادة.

ويضيف الشاب الثلاثيني، في حديثه، إن شراء الذهب من المحال التجارية يعني إضافة التاجر رسوم المصنعية على الغرام الواحد، تختلف من شركة إلى أخرى، وتبدأ من 40 جنيهاً (0.85 دولار) في السبائك والجنيهات الذهبية وتتجاوز 200 جنيه (4.24 دولار) في بعض شركات المجوهرات، وهي رسوم تسقط عند إعادة بيع المستهلك للتاجر، وبحساب المصنعية المضافة وفارق سعر البيع والشراء، قد تقدر خسائر المستهلك عند البيع بنحو 100 جنيه (2.12 دولار) للغرام الواحد في حدها الأدنى.

"الكاش باك"

وخلافاً لسمير السيد وجد أحمد إبراهيم، طريقة أسرع لبيع سبيكة الـ10 غرامات من المعدن الأصفر، إذ عرض الشاب الذي يعمل إدارياً في إحدى شركات المواد الغذائية الخاصة، بيع السبيكة من دون الحصول على "كاش باك" (نصف الرسوم المضافة عند الشراء نظير التغليف)، وهو العرض الذي لاقى استجابة المئات ممن تفاعلوا على منشوره على موقع التواصل الاجتماعي، في مسعى لاغتنام فرصة شراء لا توفرها الشركات.

 

وسجل سعر الذهب في مصر، للغرام من عيار 24 اليوم، 3520 جنيهاً (74.62 دولار) للشراء، و3492 جنيهاً (74.03 دولار) للبيع، وسجل غرام الذهب عيار 21 سعر 3080 جنيهاً (65.29 دولار) للشراء و3055 جنيهاً (64.76 دولار) للبيع، في حين سجل غرام الذهب عيار 18 سعر 2640 جنيهاً (55.97 دولار) للشراء، و2620 جنيهاً (55.54 دولار) للبيع، بينما سجل عيار 14 من الذهب 2053 جنيهاً (43.52 دولار) للشراء، و2036 جنيهاً (43.16 دولار) للبيع، وسجل الجنيه الذهب (8 غرامات عيار 21) سعر 25280 جنيهاً (535.92 دولار) للشراء، و24656 جنيهاً (522.69 دولار) للبيع، وجاء سعر الشراء للأونصة عند مستوى 112218 (2378.96 دولار)، فيما سجل سعر البيع 109476 جنيهاً (2320.83 دولار)، من دون مصنعية أو رسوم ودمغات.

الذهب القديم

في المقابل، يحرص ناصر عبده، مالك مزرعة خضر بمحافظة دمياط شمال البلاد، على شراء "الذهب القديم" الذي لا يشمل أي مصنعية مضافة إليه، يجني بذلك مكاسب أكبر وقت البيع، إذا ما قورن بغيره ممن اشترى ذهباً جديداً مضافاً إليه رسوم المصنعية، بحسب ما يقوله لـ"اندبندنت عربية" موضحاً أن الذهب القديم متاح لدى محلات محددة لبيعه، فيما دأب هو على شراء غرامات المعدن بما يفيض لديه من مدخرات، فالأهم برأيه "الوزن لا القيمة... كلما زاد وزن الذهب بقيمة أقل كان المكسب أكبر".

وفي يونيو (حزيران) من العام الماضي، أعلنت الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، زيادة قيمة المصنعية للمشغولات الذهبية بنسبة 10 في المئة اعتباراً من يوليو (تموز) 2023، بناء على بروتوكول المحاسبة الضريبية الموقع بين الشعبة ومصلحة الضرائب المصرية، معتبرة السبائك عيار 24 وزن 100 غرام فأقل من المشغولات الذهبية ذات المصنعية المرتفعة.

رسوم المصنعية في مصر

وفي منتصف عام 2022، رفعت شعبة الذهب وتصنيع المعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية، رسوم المصنعية وفقاً لتعديلات أدخلتها مصلحة الضرائب المصرية على تعديل آلية تحصيل ضريبة القيمة المضافة على المعادن الثمينة، على أن تؤول حصيلة الزيادة الجديدة بالكامل لخزانة الدولة وليس لأصحاب المصانع أو التجار، ونصت التعديلات على تحصيل ضريبة القيمة المضافة أن تحتسب متوسطات قيم التشغيل المعروفة باسم المصنعية، بنسبة 14 في المئة سنوياً، على أن ترتفع حصيلتها للدولة من دون تغيير نسبتها من طريق زيادة قيمة المصنعية بنسبة 10 في المئة سنوياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقرير لـ"مجلس الذهب العالمي"، فإن المصريين اشتروا في العام الماضي، 57 طناً من بينها 30.3 طن من السبائك والعملات الذهبية، و26.7 طن من المشغولات الذهبية، في حين شهد سعر المعدن الثمين في مصر ارتفاعاً في الغرام نسبته 87.6 في المئة، وارتفاع بنسبة 13 في المئة في سعر الأونصة عالمياً بزيادة 239 دولاراً للأونصة.

التلاعب في سوق الذهب

ومنذ مطلع العام الحالي، علقت منصات بيع الذهب في مصر، أسعار المعدن أكثر من مرة، على خلفية اتهامات بالتلاعب في تسعيره من جانب كبار الذهب، في وقت تصر شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية المصرية على عدالة ومنطقية أسعار المعدن الأصفر، بدعوى تركه لآليات العرض والطلب، فيما أقرت أجهزة الأمن المصرية في يناير (كانون الثاني) الماضي بوجود تلاعب في السوق، وذلك في تحقيقاتها عقب ضبطها "إمبراطور الذهب" وبحوزته 160 كيلوغراماً من المعدن غير المدموغ بفواتير خاصة بضريبة الذهب، في منزله بضاحية "السادس من أكتوبر" جنوب القاهرة.

 

وأمام تعدد مجموعات الدردشة المتخصصة في تداول الذهب على مواقع التواصل الاجتماعي، يحذر عضو الشعبة نادي نجيب، من تعرض المستهلكين للخداع والعش الممنهجين في حال شراء وبيع الذهب على مواقع التواصل الاجتماعي غير المرخص لها بتداوله، مشيراً إلى أن الشعبة تلقت عديد الشكاوى في هذا الشأن، بخاصة التعرض لشراء المعدن غير المطابق للمواصفات، سواء في ما يتعلق بالعيار أو الوزن.

النصب باسم الذهب

ويضيف عضو الشعبة، لـ"اندبندنت عربية" أن المحال المرخص لها قانوناً بتداول المعدن النفيس هي الوحيدة التي يتعين على المستهلكين التعامل معها شراءً وبيعاً، وذلك في ظل ما يمتلكه التجار من خبرة في تمييز الذهب وتسعيره من دون مبالغة، مشيراً إلى أن الممارسات الأخرى من بيع وشراء الذهب عبر المنصات والمواقع غير المرخص لها أمر ينطوي على خطورة بالغة تنذر بضياع مدخرات المستهلكين، كونها تعمل بعيداً من أعين الأجهزة الرقابية وخارج النطاق الرسمي والقانوني للتداول.

وفي تصريحات سابقة له، قال مستشار وزير التموين المصري لشؤون صناعة الذهب، ناجي فرج، إن حالات الغش والتلاعب في الذهب، منتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أن الارتفاع الملحوظ في الطلب على شراء الذهب دفع بعض المستغلين إلى تقديم عروض عبر منصات التواصل الاجتماعي، على رغم أن طبيعة تجارة الذهب مختلفة بشكل جوهري عن تجارة أي منتج آخر، إذ يجب الاهتمام بنواح أساسية مثل التحقق من الدمغة القانونية للمنتجات وضمان سلامة عيار المشغولات والسبائك الذهبية التي تعرض للبيع.

حالات غش

وحذر مستشار وزير التموين المصري لشؤون صناعة الذهب، من تنامي وقائع الغش. وقال إنه يتعين على المستهلكين الحذر من شراء أي من أشكال المعدن النفيس، سواء كانت سبائك أو مشغولات، عبر تلك المنصات، نظراً إلى أن غالبية تلك القطع المعروضة مغشوشة وغير مدموغة من مصلحة الدمغة والموازين بوزارة التموين والتجارة الداخلية.

وبينما يقر سمير السيد وأحمد إبراهيم وغيرهما من أعضاء مجموعات الدردشة بوجود ممارسات مشبوهة بيعاً وشراءً، فإن الأمل معقود على تسعير أنسب لرسوم المصنعية يراعي حاجة المستهلكين أيضاً للكسب من دون خسارة، بحسب روايتهم، في وقت يؤكد المتخصص المالي وليد عادل، أن المعدن الأصفر بوضعه المادي لا يصلح للمضاربة، إنما يحتاج "صبراً أطول" باعتباره مخزناً جيداً لحفظ القيمة، واستثمار متوسط إلى طويل الأجل، محذراً من تداول المعدن النفيس خارج مسالكه القانونية الخاضعة للرقابة.

اقرأ المزيد