ماراثون شراء الذهب يشتعل وسط توقعات بصعود الأونصة إلى 2600 دولار

تتزايد الرهانات على مواصلة صعود أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، بدعم من التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية وارتفاع وتيرة التوترات الجيوسياسية وزيادة الطلب المادي على الذهب، بخاصة في آسيا، في وقت سجل المعدن الأصفر قمة تاريخية أول من أمس الجمعة، حين بلغ في تعاملاته الفورية مستوى 2330 دولاراً للأونصة.

وبينما أكد رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي جيروم باول الأربعاء الماضي أن البنك لن يتعجل في خفض كلفة الاقتراض بعد أن أبقى سعر الفائدة من دون تغيير في نطاق يراوح ما بين 5.25 و5.50 في المئة الشهر الماضي، فإن المتعاملين يتوقعون حالياً فرصة بنحو 59 في المئة لخفض أسعار الفائدة الأميركية في يونيو (حزيران) المقبل، مما يقلل من كلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً.

رفع توقعات الذهب

ومن الرهانات الأخيرة على ارتفاع أسعار الذهب، ما أفادت به مجموعة MKS PAMP السويسرية التي تملك واحدة من أكبر مصافي المعدن الأصفر في البلاد، إذ عدلت توقعاتها لمتوسط سعر المعدن النفيس في 2024 إلى 2200 دولار للأونصة من 2050 دولاراً في أرقامها السابقة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، مشيرة إلى أن صعود الذهب يأتي في ظل طلب مادي قوي والتحول في سياسات البنوك المركزية الخاصة بأسعار الفائدة.

وتشير المجموعة السويسرية في مذكرة حديثة إلى أن صعود سعر الذهب يتوقف على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي)، إذ تستبق صعود الذهب دورة خفض أسعار الفائدة الفيدرالية، في حين لا يزال طلب البنوك المركزية والطلب المادي الآسيوي بلا هوادة.

واستبعدت المجموعة في السابق إجراء خفوضات من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي في الربع الأول من عام 2024، مرجحة أن تكون الخطوة في نهاية الربع الثاني من العام، لتتماشى بذلك مع البنوك المركزية العالمية الرئيسة الأخرى بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، ومتوقعة أن يصل الذهب في 2024 إلى 2600 دولار للأونصة.

احتياطات البنوك المركزية 

وتظهر بيانات مجلس الذهب العالمي لفبراير (شباط) الماضي أن احتياطات البنوك المركزية العالمية من المعدن الأصفر ارتفعت بمقدار 19 طناً للشهر التاسع على التوالي من النمو، وإن جاءت المشتريات أقل بنسبة 58 في المئة من إجمالي مشتريات يناير 2024 البالغة 45 طناً، مما يعني على أساس سنوي أن البنوك المركزية أضافت 64 طناً خلال أول شهرين من العام الحالي.

وكان بنك الشعب الصيني أكبر مشترٍ خلال الشهر قبل الماضي، إذ زاد احتياطاته من الذهب بمقدار 12 طناً إلى إجمالي 2257 طناً، لتنمو بذلك احتياطات "المركزي الصيني" من الذهب لمدة 16 شهراً متتالياً، فيما زاد بنك كازاخستان الوطني احتياطاته بمقدار ستة أطنان ليرفع إجمال الحيازات إلى ما يزيد قليلاً على 306 أطنان.

وأظهرت البيانات الأسبوعية الصادرة عن بنك الاحتياط الهندي أن احتياطاته من الذهب صعدت بمقدار ستة أطنان أخرى في فبراير، مما يرفع مشترياته منذ بداية العام إلى أكثر من 13 طناً وإجمالي حيازات الذهب إلى 817 طناً، في حين قفزت احتياطات المعدن الرسمية لدى البنك المركزي التركي بمقدار أربعة أطنان، مما رفع الحيازات إلى 556 طناً، وأضافت سلطة النقد السنغافورية طنّين إلى الاحتياطات في الشهر قبل الماضي، وهي أول زيادة في حيازات الذهب منذ سبتمبر (أيلول) 2023، ليبلغ إجمالي احتياطات الذهب لديها 232 طناً.

التوترات الجيوسياسية 

استقرت أسعار الذهب أمس الأربعاء قرب مستوى مرتفع قياسي سجلته في الجلسة الماضية مع استفادة الملاذ الآمن من المخاوف المرتبطة بمزيج من أخطار التضخم التي تلوح في الأفق والتوترات الجيوسياسية المستمرة.

وبقيت أسعار الذهب في المعاملات الفورية من دون تغير يذكر عند 2355.29 دولار للأونصة بعد أن ارتفعت لمستوى قياسي عند 2365.09 دولار أول من أمس الثلاثاء، في حين زادت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.5 في المئة إلى 2373.50 دولار.

وفي الآونة الأخيرة، زادت رهانات بنوك عالمية وإقليمية على ارتفاع أسعار الذهب بحلول منتصف العام الحالي، إذ يتوقع بنك "لومبارد أودييه السويسري" بلوغ متوسط سعر الذهب 2250 دولاراً للأونصة بنهاية العام الحالي للأسباب ذاتها، فيما توقعت أبحاث "بي سي أي" العالمية مواصلة البنوك المركزية شراء المعدن لرغبتها في تنويع الاحتياطات الأجنبية بعيداً من الدولار الأميركي، مع وجود حال متزايدة من عدم اليقين الجيوسياسي على خلفية الحرب في أوكرانيا وغزة، مما يضمن تداول المعدن فوق 2200 دولار للأونصة في المتوسط هذا العام.

وفي وقت سابق الشهر الماضي، توقعت رئيسة قسم أبحاث السلع في "جيه بي مورغان" ناتاشا كانيفا أن يصل الذهب إلى 2500 دولار للأونصة هذا العام، ويتوقف هذا التقدير على استمرار الاعتدال في معدلات التضخم وبيانات التوظيف الأميركية إلى جانب التحول المتوقع من بنك الاحتياط الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة، في حين يعتقد بنك "يو بي أس" بأن سعر الذهب في طريقه إلى 2250 دولاراً، مما يجعل المعدن وسيلة جيدة للتحوط ضد ارتفاع الأخطار، بحسب مذكرة البنك، موصياً بتخصيص خمسة في المئة من المحافظ الاستثمارية للمعدن الأصفر.

وتظهر بيانات مجلس الذهب العالمي بلوغ الطلب السنوي على الذهب عام 2023 مستوى قياسياً عند نحو 4899 طناً، من 4448 طناً في 2022، في وقت حافظت عمليات شراء البنوك المركزية على وتيرة سريعة من الشراء بصافي 1037 طناً تقريباً، ووصل حجم الطلب على المعدن في الربع الأخير من عام 2023 إلى 1150 طناً بأعلى ثمانية في المئة من متوسط الأعوام الخمسة الماضية.