Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة السوداني واشنطن... عهد جديد أم تحديات متجددة؟

انقسام داخل "الإطار التنسيقي" في شأن مستقبل العلاقات العراقية – الأميركية

السوداني مستقبلاً مجموعة من الأطفال والجمعيات الخيرية في بغداد، الخميس 11 أبريل الحالي (صفحته على فيسبوك)

ملخص

ثمة قلق يدور حول زيارة السوداني واشنطن، إذ يرى مراقبون أن هذه الزيارة ستزيد من الأزمة داخل "الإطار التنسيقي" المنقسم حيال الزيارة، والذي تنبثق منه حكومة السوداني، مما يضع الأخير أمام تحديات لإبقاء التوازن مع المحور الأميركي من جهة، والمحور الإيراني من جهة أخرى.

زيارة طال انتظارها سيجريها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن، الإثنين المقبل الـ15 من أبريل (نيسان) الجاري، هي الأولى له منذ توليه المنصب أواخر عام 2022. زيارة يترقبها الجميع وينتظرها البيت الأبيض واضعاً على الطاولة ملفات دسمة، بدءاً من الوجود الأميركي في العراق، وانتهاءً بأطر التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف الجوانب.
وتأتي زيارة السوداني واشنطن بناءً على رغبة أميركية ودعوة رسمية وجهها الرئيس الأميركي جو بايدن للأول لزيارة البيت الأبيض. وسيحمل السوداني في هذه الزيارة التي يصفها مراقبون بـ"التاريخية"، ملفات العراق الأبرز من أجل رسم علاقات ثنائية بين البلدين، وسط ضغوط داخلية وخارجية، ورهانات على إقناع الجانب الأميركي بقدرة العراق على إدارة ملفاته الأمنية والسياسية ومحاربة الإرهاب.

ملفات دسمة

في الوقت نفسه، يرى متفائلون في زيارة السوداني أنها حدث مهم ينطوي على فرص تأسيس علاقات جديدة مع الإدارة الأميركية وتعزيز التعاون المشترك في مجالات متنوعة، علاوة على الملفات الدسمة التي وضعت على طاولة البيت الأبيض قبيل الزيارة.
وأكد السوداني لوسائل إعلام محلية أن "العراق اليوم لا يحتاج إلى قوات قتالية، التحالف الدولي شكل في 2014 لمواجهة (داعش). انتهى (داعش)"، وعلى رغم تمسك الجانب العراقي بالملف الأول، وهو سحب القوات الأميركية من البلاد، لم يشر الطرف الأميركي إلى قضية الانسحاب الكلي أو إنهاء وجوده بالمطلق، في وقت يرى فيه أن خطر "داعش" ما زال يهدد أمن العراق والمنطقة.
يذكر أن العراق أبرم مع الولايات المتحدة في عام 2008 اتفاقية الإطار الاستراتيجي، التي مهدت لخروج القوات الأميركية نهاية عام 2011، ووفق لهذه الاتفاقية، تنظم على ضوئها العلاقات بين البلدين بجوانب مختلفة، منها السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، وما إن انسحبت القوات الأميركية حتى عادت مرة أخرى بناءً على طلب رسمي تقدم به العراق، لمحاربة تنظيم "داعش"، الذي سيطر على نحو ثلثي مساحة العراق في يونيو (حزيران) 2014، ليطرد كلياً في يوليو (تموز) 2017، بعد حرب عنيفة مستمرة قادتها القوات العراقية بدعم من طيران التحالف الدولي.
في المقابل، ثمة قلق يدور حول زيارة السوداني واشنطن، إذ يرى مراقبون أن هذه الزيارة ستزيد من الأزمة داخل "الإطار التنسيقي" المنقسم حيال الزيارة، والذي تنبثق منه حكومة السوداني، مما يضع الأخير أمام تحديات لإبقاء التوازن مع المحور الأميركي من جهة، والمحور الإيراني من جهة أخرى.

انقسام في صفوف "الإطار"

إن الانقسام ضمن كتلة "الإطار التنسيقي"، وموضع السوداني في منتصف هذا الانقسام، بين مؤيد للزيارة، ويجد فيها مهمة جديدة في رسم علاقات متينة مع البيت الأبيض، وطرف آخر يتمتع بعلاقة حميمة مع الجانب الإيراني، ويريد أن يضع شروطه على السوداني قبيل زيارته المرتقبة.

ويقول المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية مخلد حازم إن "زيارة السوداني واشنطن جاءت بعد عناء طويل بعدما أعطيت مواعيد سابقة وأجلت بسبب (طوفان الأقصى)، وما حصل من قبل فصائل المقاومة ضد المصالح الأميركية في العراق. وقد تسببت زيارة السوداني في انقسام ضمن كتلة الإطار التنسيقي، فهناك من يريد أن يملي على السوداني بعض الشروط التي لا تأتي لمصلحة العراق، أما القسم الآخر، فيدفع باتجاه ذهاب السوداني إلى واشنطن من أجل بناء علاقات استراتيجية معها".
ويعتقد حازم أن السوداني لن يتطرق إلى موضوع الانسحاب الأميركي من العراق في زيارته هذه، على أساس أن الموضوع حسم في وقت لاحق، وشكلت على أساسه لجان تقوم بأعمالها بخصوص إنهاء فترة بقاء التحالف الدولي، وهذا يأخذ وقتاً من الزيارة. كما يرى أنه "في حالة جرى الحديث بملف الانسحاب، فإنه سيجرى خلال لقاءات جانبية وليس ضمن لقاءات خاصة وحصرية لها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت حازم إلى أن "السوداني يحمل في حقيبته ملفات ستتم مناقشتها، لا سيما تلك المتعلقة باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تحدد نوع العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، والتحول المتفق عليه بين الطرفين، من علاقة مع تحالف دولي إلى علاقات ثنائية أمنية مستدامة. كما من الممكن أن يكون هناك لقاء مع (الفيدرالي الأميركي) في ما يخص ملف الأموال".

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في وقت سابق، عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً، وسبقتها عقوبات على 4 مصارف أخرى بتهمة غسل الأموال وتحويل الدولارات إلى إيران، مما تسبب بأزمة مالية في سوق العملة العراقية، إذ شهد سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية ارتفاعاً كبيراً مقابل الدينار العراقي، فبلغ نحو 1550 ديناراً للدولار، فيما بلغ سعر الصرف الرسمي 1320 لكل دولار، ونتج من ذلك أزمة في الحصول على الدولار بالسعر الرسمي.

كتابة فصل جديد

في السياق، يقول الزميل الأقدم في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بلال وهاب إن "ملف إنهاء التحالف الدولي ضد (داعش) بقيادة الولايات المتحدة هو الموضوع الأساس لهذه الزيارة، ويمكن أن أعبر عن ذلك بأنه بداية لكتابة الفصل القادم للعلاقات العراقية - الأميركية. وهذا يعني أن العلاقات بين البلدين لن تنتهي بسحب القوات الأميركية، في عهد (الرئيس السابق دونالد) ترمب وحكومة (رئيس الوزراء السابق) عادل عبدالمهدي، وتظاهرات تشرين وقتل (قاسم) سليماني وأبو مهدي المهندس، كادت حينها أن تنتهي العلاقة بطريقة عدوانية، لكن في الوقت الحالي، هناك طريقة للحوار وكتابة الفصل التالي في العلاقة بين الجانبين". وأضاف وهاب، "يعبر الجانب العراقي في موضوع الوجود الأميركي عن رغبته بإنهاء هذا الوجود، فيما التعبير الحكومي العراقي يعبرون عنه بطريقة إنهاء التحالف الدولي، وطبعاً هناك رغبة لدى إدارة بايدن بحدوث نوع من التحول بالعلاقة، فمثلاً وجود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هو عبء مالي وسياسي وعسكري كبير على خزانة الولايات المتحدة، فواشنطن تريد تقليل هذه الكلفة من جانب ومن المسؤولية من جانب آخر، في وقت يرون فيه أن الهجمات التي طاولت القوات الأميركية في العراق بعد السابع من أكتوبر، حولت دورها من قوات استشارية لمحاربة (داعش) إلى التركيز على حماية نفسها".

وأشار وهاب إلى أن "الموقف العراقي بالتحول من دور التحالف الدولي إلى دور العلاقات الثنائية بين البلدين لا تعارضه الإدارة الأميركية، وقد مرت الولايات الأميركية في الآونة الأخيرة بانسحابين فاشلين للقوات الأميركية، الأول الانسحاب من أفغانستان بطريقة غير منتظمة ولم تسمح للحكومة الأفغانية أن تبقى واقفة، ما أدى إلى عودة (طالبان). والانسحاب الآخر هو الانسحاب الأميركي من العراق تحت إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما، بضغط من الجانب العراقي وضغط سياسي داخلي في نهاية عام 2011، ما أدى إلى دخول داعش للعراق وعودة القوات الأميركية مجدداً. هناك رغبة عراقية - أميركية متطابقة للمناقشة والحوار في شأن طبيعة العلاقة بين الجانبين، على ألا تكون بانسحاب غير مقنن وغير مدروس يسمح بعودة (داعش)".
وأكد المتحدث ذاته أن "العلاقة من وجهة نظر واشنطن بصورة خاصة، تركز على ملف إيران وتبعاتها من الميليشيات والتأثير الإيراني على النفط والغاز والكهرباء والدولار، أو على ملف (داعش)، لكن هناك ملفات أخرى منسية من قبل الجانبين، منها ملفات الاقتصاد والمناخ والزراعة والتبادل التجاري والثقافي والأكاديمي، لا الجانب العراقي مستثمر بهذا الموضوع، ولا الجانب الأميركي مستثمر فيها بصورة جدية".

ويجد وهاب أن "مرافقة رجال أعمال للسوداني إلى واشنطن دليل يعبر عن رغبة العراق في تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة وعدم حصر العلاقة بالملف الأمني فحسب، وليس مستبعداً أن تكون هناك ملفات جانبية أخرى تطرح في لقاءات خارج البيت الأبيض، مثل ملف إقليم كردستان، وملف الغاز الإيراني، والاقتصاد والتبادل التجاري".
وما بين الفرصة التاريخية التي تتقدم للسوداني في رسم خريطة طريق وتعاون جديد مع الولايات المتحدة، وبين العقبات على طريقه، والمتمثلة في ضغوط إيران والفصائل الموالية لها، تنتصب أمامه مسؤولية ليست سهلة من أجل تحقيق نتائج ملموسة تعزز أمن واستقرار العراق، الذي يشهد هزات أمنية. وتعتمد نتائج الزيارة على مدى قدرة السوداني على إقناع البيت الأبيض في حسم الملفات أو إدارتها، كمحاربة "داعش" والتعاون الأمني مع الولايات المتحدة وصورة العلاقات مع إيران وكبح توسع مصالحها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات