Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق متصاعد في سوريا من استخدام دمشق "ساحة للرد الإيراني"

يرى الشارع أنه حان الوقت لتطبيق شعار وحدة الساحات في حين تحدث مراقبون عن فقدان عبارات التهديد "صدقيتها"

البعض في سوريا يعتبر أن إيران ستستمر بسياسة حرب الوكالة بعيداً عن الرد المباشر من أراضيها (أ ف ب)

ملخص

تحدث مراقبون عن سيناريوهات "إما الرد بالمثل أي عبر استهداف مباشر لمقار السلك الدبلوماسي الإسرائيلي في أحد بلدان العالم، أو الرد من أراض سورية أو لبنانية أو عراقية

للوهلة الأولى ظن السوريون أن نبأ قصف السفارة الإيرانية "كذبة الأول من أبريل"، إذ حصل القصف في هذا التاريخ، لكن أهل حي المزة الدمشقي وسط العاصمة كانوا الأقرب من حقيقة المشهد، بعدما سوت ضربة تل أبيب البناء المجاور لمبنى السفارة أرضاً، المكان المخصص لإقامة السفير الإيراني، مستهدفة قادة فيلق القدس من أبرزهم محمد رضا زاهدي ونائبه.

"أسبوع قضى وما زال يترقب الإسرائيليون والأميركيون الرد الآتي، حتى فقدت عبارات التهديد الكثيرة هيبتها"، بحسب أوساط سياسية سورية انتقدت "تكرار التهديدات الإيرانية التي لم ترق إلى مستوى التنفيذ"، بينما يرى السفير الإيراني لدى سوريا حسين أكبري أن إسرائيل "خائفة للغاية من انتقام إيران الحاسم"، محذراً الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة من "السكوت على الجرائم"، بحسب وصفه.

في المقابل قدر رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد حسين باقري رد بلاده بأنه سيكون "بأعلى نسبة من الضرر"، ولم يخف اقتراب موعد الرد وذلك خلال تشييع زاهدي، قائلاً "نحن من يحدد الزمان ونوعية الرد، وسنقوم به في الوقت المناسب". في حين تتأهب الولايات المتحدة للرد، وتوقع مسؤول كبير في الإدارة الأميركية رداً إيرانياً خلال هذا الأسبوع.

وبالنسبة إلى خريطة الرد الإيراني ومداه، تحدث مراقبون عن سيناريوهات "أشبعت دراسة إما الرد بالمثل أي عبر استهداف مباشر لمقار السلك الدبلوماسي الإسرائيلي في أحد بلدان العالم، وهو الخيار الأقرب ولكن ليس سهلاً، وكذلك ليس في متناول اليد خصوصاً مع زيادة التشدد الأمني الحالي، أو الرد من أراض سورية أو لبنانية أو عراقية، وهو الخيار الأقرب والمتوقع".

وبحسب خبراء عسكريين، "في حال اتخاذ طهران أراض غير أراضيها مجالاً حيوياً لشن أي هجوم، فهذا يعد استمراراً لنهج الرد عبر أذرعها في المنطقة، والاستمرار بسياسة حرب الوكالة المتبع منذ زمن. في حين يتوقع الشارع الإيراني من السلطات موقفاً أكثر صرامة، إذ جاءت الضربة كصفعة في عقر دار الدبلوماسية المحظور ضربه بالقوانين الدولية".

وثمة حقيقة لا يمكن إغفالها حيال تأخر إيران بالرد المنتظر بعد كل هذه المدة، بحسب خبراء عسكريين، "كتكتيك يهدف إلى جعل الرد مفاجئاً للمعنيين وللرأي العام". وتطرقت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء إلى اقتراب الرد الإيراني، وحددت مصادر خاصة أماكن عسكرية وحكومية على الأراضي الإسرائيلية يمكن استهدافها بصواريخ عالية الدقة أو بطائرات من دون طيار خلال الأيام القليلة المقبلة. في حين كتب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس عبر حسابه على منصة "إكس" إن "إسرائيل سترد وتهاجم إيران في حال شنت إيران هجوماً من أراضيها".

يوم مقتل قاسم سليماني في الثالث من يناير (كانون الثاني) من عام 2020 من الولايات المتحدة، لم ترد بشكل سريع لكن جاء الرد بطريقة مباشرة وعلى أراض عراقية ومقتصراً على هدف أميركي بهجوم على قاعدتين للقوات الأميركية غرب العراق بـ12 صاروخاً بالستياً، أدت إلى حدوث أضرار في القاعدتين (عين الأسد وحرير) وإصابة جنود أميركيين، بعدها طالبت بالتهدئة.

في المقابل كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سراً في خطاب موجه لداعميه بالانتخابات الرئاسية، أنه "كان عليهم أن يردوا لحفظ ماء وجههم، وهذا أمر طبيعي، ثم أبلغونا أنه سيتم إطلاق 18 صاروخاً على قاعدة أميركية في العراق عين الأسد، لكنها لن تستهدفها مباشرة بل ستستهدف محيط القاعدة".

وعلى رغم الاختراقات الأمنية التي تتوالى على القوات الإيرانية والفصائل الموالية لها، والضربات المتلاحقة على مواقعها في شمال وجنوب سوريا، تظل هي الأرض المواتية لشن هجمات من المتوقع أنها محدودة وسريعة، والأقدر على التحرك بحرية تامة.

ولعل زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق الأخيرة وتدشينه مقر القنصلية الجديد، تأتي لدراسة طريقة الرد وشكله النهائي. وفي حال كان الرد عبر الأراضي السورية، فنحن أمام سيناريو خطر وأيام ساخنة، وفق السياسي العراقي غيث التميمي، الذي كتب عبر صفحته الخاصة "احتمالية الرد الإيراني في الجولان السوري المحتل واردة جداً في سياق زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق، لكن في حال وقوع هذا السيناريو فإنه يعني تسليم سوريا لإسرائيل بعد غزة".

ويعتقد الباحث في الشؤون الإيرانية نبيل العتوم أن "محاولة الحديث عن ضربة من الداخل الإيراني، يدفع إسرائيل إلى الرد بضرب برامج إيران الثلاثة النووي والصاروخي والطائرات المسيرة، ولعل وقف إطلاق النار في غزة هو ثمن اشتراط على إيران بعدم الرد وتلميع صورة إيران".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يأتي ذلك في وقت يخطط الحرس الثوري لاختبار نظام دفاعي صاروخي جديد، بحسب صحيفة "سباه نيوز" التابعة للحرس الإيراني، وفي التفاصيل من المرتقب إطلاق صاروخ من قاعدة مدينة قم، وبالتالي اعتراضه بواسطة نظام دفاعي جديد في مناطق خالية من السكان وسط إيران، بالتوازي مع إيقاف حركة مرور الطائرات المدنية"، علماً أن طهران كانت نفت خبر إغلاق المجال الجوي لإجراء مناورات.

لكن في حال جاء الرد من الأراضي السورية، فسوريا ستكون أمام أزمة، لاسيما أن دمشق تتحاشى فتح معركة على حدودها الجنوبية، فجيش النظام لم يفرغ بعد من حرب ضد أكثر الجماعات المتشددة في الشمال السوري خصوصاً أنهم يتأهبون لحرب استرجاع إدلب بالشمال الغربي بعدما سيطرت عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) منذ أكثر من خمسة أعوام.

ولن يكون بالمقدور فتح جبهة خارجية في وقت تعيش البلاد تصاعد دور الانفصاليين في الشمال الشرقي الواقع تحت حكم القوات الكردية المدعومة من أميركا، ومفاوضات تركية - أميركية من الواضح سيكون لأنقرة دور باستكمال منطقتها الآمنة، علاوة على الأخطار المحدقة من عودة تنظيم "داعش" من جديد، ناهيك عن الحراك الشعبي في السويداء جنوباً، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي والحصار الخانق بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية، وبالتالي لن يكون بمقدور سوريا لملمة كل ذلك.

ومن المألوف أن يتبع القادة الإيرانيون سياسة التريث والتروي إزاء إظهار العداء وفتح جبهة جديدة، لاسيما بعد حوادث متفرقة أتت على عدد من قوات الشرطة والحرس الثوري خلال الأسبوع الماضي في محافظات إيرانية من جماعات متشددة، وانتشار "داعش" وتصاعد خطره على الحدود الأفغانية المشتركة. لهذا ومع تصاعد الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، قد يتخذ قرار يقضي بسحب القادة والمستشارين إلى بلادهم ولو بشكل موقت، مع وجود شكوك باختراقات أمنية تشي عن تحرك القوات الإيرانية وكبار ضباط الحرس الثوري.

الاستهدافات المتلاحقة للقادة باتت مقلقة للجانبين السوري والإيراني معاً، في وقت يرى الشارع السوري أنه حان الوقت لرد إيراني مباشر من ساحتها انطلاقاً من شعار وحدة الساحات الذي نادت به منذ بداية عملية "طوفان الأقصى"، وليس من ساحتها المثقلة بجراح حرب مستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير