Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد الحرب التجارية... الاقتصاد العالمي أمام أزمة نفطية جديدة

تطمينات من البيت الأبيض و"أوبك" وسط هبوط جماعي للأسهم الأميركية والاوروبية

قفزت أسهم شركات الطاقة في البورصات الأميركية والأوروبية والآسيوية (رويترز)

شهدت الأسواق المالية والنفطية الاثنين 16 سبتمبر (أيلول) يوماً طويلاً مليئاً بالأحداث السريعة والدراماتيكية، بدءًا من تقلبات أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ 30 عاماً، مروراً بتصريحات البيت الأبيض ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ووصولاً إلى تراجعات حادة في أسواق الأسهم التي غطت على الحرب التجارية الأميركية - الصينية.

فبينما أغلق النفط على ارتفاع بلغ 15 في المئة هو الأعلى منذ ثلاثة عقود وبأحجام تداول قياسية، على خلفية الهجوم على منشأتي خام سعوديتين خفّض إنتاج السعودية بمقدار النصف، عادت التراجعات إلى سوق الأسهم الأميركية بنسبة وصلت إلى ما يقارب واحداً في المئة، خصوصاً للأسهم الصناعية التي ستتأثر سلباً في ارتفاعات النفط الفجائية وغير المتوقعة.

تراجع البورصة وقفزة أسهم النفط

وعلى العكس تماماً، قفزت أسهم شركات الطاقة في البورصات الأميركية والأوروبية والآسيوية، إذ استفادت من عدم يقين في الأسواق حول إمدادات النفط ومدى تمكن المخزونات من تعويض النقص المتوقع. وتراجع مؤشر "داو جونز" الذي يقيس الأسهم الصناعية بنسبة تقارب واحداً في المئة، وهبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الذي يقيس أكبر 500 شركة أميركية بنسبة تقارب 0.3 في المئة، ونزل مؤشر "ناسداك" الذي يقيس أسهم التكنولوجيا بالنسبة ذاتها تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزاد حدة أزمة النفط، الإضراب الذي شارك فيه حوالى 50 ألف عامل من شركة "جنرال موتورز" لصناعة السيارات في الولايات المتحدة، الذي اعتُبر أكبر إضراب تشهده الشركة منذ أكثر من عقد بسبب خلاف حول الأجور، وأدى إلى تهاوي سهم الشركة بنسبة تزيد على 4 في المئة في جلسة أمس وحدها.

من أزمة التجارة إلى أزمة النفط

وكانت مؤشرات إيجابية ظهرت الأسبوع الماضي، دفعت أسواق الأسهم إلى التفاؤل بعدما تراجعت الولايات المتحدة الأميركية عن فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية تصل إلى 30 في المئة، وسط ترقب لحلحلة في الملف الذي شغل العالم منذ مايو (أيار) الماضي، عندما قررت الإدارة الأميركية الذهاب بعيداً في الحرب التجارية مع بكين بفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية بنسبة تصل إلى 25 في المئة، فاتحةً الباب أمام أزمة ركود عالمي.

ومنذ هجمات السبت، تحوّلت الأنظار من أزمة التجارة الدولية إلى أزمة النفط والإمدادات التي ستهدد بدورها نمو الاقتصاد العالمي في حال استمرت المضاربات على الأخبار، وتفاقمت التهديدات لمنشآت نفطية في الشرق الأوسط.

الإدارة الأميركية: لا ارتفاعات قياسية

لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قلّل من التخوف من ارتفاعات قياسية في أسعار النفط، قائلاً إن "الأسعار لم ترتفع كثيراً وإنّ بوسع الولايات المتحدة ودول أخرى تخفيف الزيادة بالإفراج عن مزيد من المعروض". وأضاف "لم ترتفع (أسعار النفط) كثيراً جداً ولدينا احتياطات نفطية استراتيجية هائلة، ويمكننا الإفراج عن جزء صغير منها، والدول الأخرى باستطاعتها أن تكون أكثر بذلاً للنفط، وبهذا تدفعه إلى الانخفاض على الفور".

لكن وزير الطاقة الأميركي ريك بيري، اعتبر أنه "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة يجب أن تسحب من احتياطاتها البترولية الاستراتيجية، بانتظار أن نحصل على تقييم لفترة توقّف هذه المنشأة".

أوبك: لا اجتماع عاجل

في سياق متصل، الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو وفي مقابلة مع "بلومبيرغ" حول توقعاته للدعوة إلى اجتماع "أوبك" بشكل عاجل عقب الهجمات، قال "حتى الآن لا يتطلب الأمر اجتماعاً عاجلاً لأوبك، وأرامكو تتواصل معنا وتقدم تقارير بشكل يومي لتحديد حجم الخسائر والمدة لإعادة الوضع إلى سابق عهده. وهم يتعاملون بشفافية كاملة معنا، لكن الوضع العام لم يدخل حيز الذعر حتى الآن".

ولفت باركيندو إلى أن موضوع الأمن حول منشآت النفط يشكل قلقاً أكبر لنا في الوقت الحالي وذلك ليس فقط في السعودية، وسنعمل على رفع مستوى الأمن حتى لا تتكرر أحداث مشابهة مستقبلاً.

أسعار النفط القياسية

ووصلت أسعار تسوية العقود الآجلة لخام برنت أمس إلى 69 دولاراً للبرميل، مرتفعاً 8.80 دولاراً بما يعادل 14.6 في المئة، في أكبر زيادة بالنسبة المئوية ليوم واحد منذ 1988 على الأقل، وأغلقت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط عند 62.90 دولاراً للبرميل، مرتفعة 8.05 دولارات أو 14.7 في المئة، في أكبر زيادة مئوية ليوم واحد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2008، بحسب بيانات "رويترز".

وفي البورصات الأوروبية، صعد مؤشر قطاع النفط والغاز الأوروبي 2.8 في المئة، مسجلاً أكبر مكاسبه بالنسبة المئوية منذ يناير (كانون الثاني) 2019. وصعدت أسهم النفط 20 في المئة صباح أمس، وحقق خام برنت أكبر مكاسبه خلال يوم الاثنين منذ أزمة حرب الخليج في 1990 و1991، لكنه تراجع لاحقاً عن أعلى مستوياته تلك ليستقر عند 15 في المئة تقريباً.

وقفزت أسهم شركات النفط الكبرى "بي.بي" و"شل" و"توتال" بين 2.5 وأربعة في المئة، في حين زاد سهم "تالو أويل" للتنقيب عن النفط ومقرها في بريطانيا وأيرلندا 8.4 في المئة.

أسواق الأسهم الخليجية

وفي أسواق الخليج، تمكنت البورصة السعودية من استيعاب صدمة الهجمات، وأغلق المؤشر الرئيسي للسوق السعودية مرتفعاً واحداً في المئة، بعدما تراجع 1.1 في المئة يوم الأحد. وزاد المؤشر العام لسوق أبو ظبي 1.7 في المئة، وزاد مؤشر سوق دبي 0.3 في المئة، وارتفع مؤشر بورصة قطر 1.1 في المئة. لكن الوضع لم يكن كذلك في البورصة المصرية التي تراجع المؤشر الرئيس فيها 0.4 في المئة.

تأثير التفجيرات

وكان الهجوم على منشأتين نفطيتين سعوديتين أدى يوم السبت الماضي إلى توقف إنتاج حوالى 5.7 مليون برميل يومياً من الخام، ودفع الأسعار العالمية إلى الصعود بشكل حاد. وربما يؤدي توقف لفترة طويلة، يتجاوز بالمستويات الحالية خمسة في المئة من إمدادات النفط العالمية، إلى ارتفاع أسعار الوقود على المستهلكين. والسعودية هي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، وتشحن أكثر من سبعة ملايين برميل يومياً.

وقالت السعودية إنها ستواصل صادراتها المعتادة هذا الأسبوع عن طريق السحب من المخزون.

بدورها، أوضحت كوريا الجنوبية أنها ستدرس السحب من احتياطاتها الاستراتيجية إذا تفاقمت الأوضاع على صعيد واردات الخام، فيما أكدت الحكومة الألمانية أن إمداداتها من النفط لن تتأثر بالهجوم، وإن أي قرار بالسحب من الاحتياطات الاستراتيجية يجب أن يُتخذ بشكل مشترك مع الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد