Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العيدية... "فائض قيمة" المحبة

بدأت أيام المماليك في شكل ملابس أنيقة ثم أصبحت نقوداً ذهبية في عهد العثمانيين واليوم تتكفل بها تطبيقات إلكترونية

تتفاوت "العيدية" في يومنا هذا من مبلغ مالي صغير إلى هدية باهظة تزيد قيمتها على آلاف الدولارات أحياناً (مواقع التواصل)

ملخص

أخذت "العيدية" حديثاً مزيداً من الأشكال من خلال بعض التطبيقات المعاصرة لتواكب الزمن في وقتنا هذا، إذ أصبحت توزع آلياً من خلال تطبيقات رقمية على حسابات بنكية وتؤدى على شكل حوالات يحصل عليها مستحقها ضمن تاريخ محدد.

ارتبط مفهوم "العيدية" بيومي الفطر والأضحى، وخلال قرون من الزمن حوّل العرب العيد من مناسبة للعب واللهو إلى فرصة لغفران الذنوب، وبذلك ظهر مفهوم "العيدية" في الإسلام للمرة الأولى من منظور ديني بحت، كونها جائزة إلهية تعبر عن كثرة عوائد العبادة وأهمها الغفران. وحديثاً انتقل مفهوم "العيدية" من عادة سنوية للتعبير عن الفرحة بحلول العيد إلى دليل على جملة من السلوكيات الخاطئة، كرغبة بعض الفئات في التباهي بالثروة أو السلطة.

وبعد ظهورها قديماً لدى الفاطميين والمماليك والعثمانيين ضمن شكلها التقليدي المعروف، أخذت "العيدية" حديثاً مزيداً من الأشكال من خلال بعض التطبيقات المعاصرة لتواكب الزمن في وقتنا هذا، إذ أصبحت توزع آلياً من خلال تطبيقات رقمية على حسابات بنكية وتؤدى على شكل حوالات يحصل عليها مستحقها ضمن تاريخ محدد.

من جهة أخرى ظهرت في زمننا هذا "العيدية" الرومانسية التي تأخذ شكل أموال وهدايا فاخرة تقدم في مغلفات رقيقة أو ضمن قالب هدايا ثمينة من الورود وأصناف الحلويات والملابس أو المصوغات والمجوهرات النفيسة.

 

 

وتتفاوت "العيدية" في يومنا هذا من مبلغ مالي صغير إلى هدية باهظة تزيد قيمتها على آلاف الدولارات أحياناً، ومع تطور المفهوم دخلت "العيدية" دائرة التفاعل الاجتماعي المتسارع لتصبح بمثابة أيقونة تؤشر إلى تفاوت كبير في مفهوم العيد قديماً وحديثاً، ومن أهم مظاهر "العيدية" انتقال السلطة في الأسرة سنوياً لمرة واحدة أو مرتين من يد الرجل لتصبح في أيدي النساء، وفي هذا الصدد يرى متخصصون اجتماعيون واقتصاديون أن "العيدية" ثقافة جميلة لم ينكرها الإسلام، لكنها بحاجة إلى إعادة تقييم بشكل مستمر يواكب تغيرات العصر.

ثقافة جميلة

وعلى رغم أن العيدية انعكاس للتقاليد العربية والإسلامية المميزة ولا تمثل أي امتهان للمرأة لأنها تقدم إليها من قبل إنسان قريب، فإنها تحولت في زمننا هذا إلى عبء مالي كبير يتذمر منه كثير من الرجال، لدرجة أن بعض متخصصي الاجتماع، ومنهم عروب أبو زعرور، يرون أنها تحولت إلى ذريعة لقطع الأرحام، إذ حذرت عروب من تحويل "العيدية" إلى ظاهرة سلبية ومسيئة للعلاقات الاجتماعية بخاصة ضمن دائرة الأسرة الواحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق موقع "الإسلام سؤال وجواب" فإن الحكم الشرعي لـ "العيدية" لا يشكل حرجاً دينياً بالنسبة إلى الملتزمين بها شرط أن يراعي الرجل العدل في العطاء تجنباً لإيغار الصدور أو إيقاع الحسد والبغضاء في الأسرة الواحدة ومن ثم في المجتمع.

ومع ذلك تطور مفهوم "العيدية" بشكل سلبي في اتجاهات عدة، وأخذت "العيدية" سياسياً شكل "إتاوات" تفرض على الفقراء من بعض أوجه السلطة والاحتلال الأجنبي أثناء الحروب، فـ"العيدية" وفق المفهوم الشرعي تعطى من قبل الرجال للأطفال تحديداً، كما يقدم المقتدرون مالياً مبالغ محددة للنساء بغية توزيعها على الأطفال أيضاً، وبذلك تظل "العيدية" محصورة في سياق العائلة ولا تتوسع أكثر من ذلك.

وتميز مبلغ "العيدية" بعدم الثبات لأنه مرتبط بطبيعة المجتمع والفترة الزمنية التي يعبر عنها، فـ"العيدية" خلال فترة المماليك كانت عبارة عن ملابس جديدة توزع من قبل السلطة، لذلك استمر تقليد شراء الملابس في العيد حتى يومنا هذا.

وفي زمن العثمانيين أخذت "العيدية" شكل المبالغ المالية والذهب، وفي وقتنا هذا لا يوجد مبلغ محدد لها بل تزيد أو تنقص بحسب حال المجتمع الاقتصادية، إذ وصلت "العيدية" في بعض المجتمعات العربية الميسورة إلى مبلغ يقارب الـ 100 دولار، فيما قدر آخرون على بعض مواقع الصحف العربية مبلغ "العيدية" بما لا يزيد على خمسة دولارات.

المشكلة والحل

ويؤكد بعض المعلقين على مواقع التواصل أن ارتفاع مبلغ "العيدية" أدى إلى خلق مشكلة اجتماعية عويضة يعجز معظم الرجال عن إيجاد حلول ناجعة لها، ويرون أن المشكلة تكمن في "عيدية" النساء تحديداً، فبعضهن موظفات لا يحتجنها لكنهن يسعين إليها بوصفها حقاً مكتسباً، كما أن تقديم مبلغ مالي قليل يعرّض الرجل للذم والقدح بدل الشكر والمديح.

يذكر أن المجتمعات العربية الحديثة تقدم "العيدية" لفئة واسعة من النساء، مثل الأخت والزوجة والبنت والعمة والخالة وأخت الزوجة وكثير من الأقارب، إذ تكون النتيجة عجز كثير من الرجال عن مجاراة الأثرياء ووقوعهم في مشكلة لا حل لها.

وتضج مواقع تجارية على الإنترنت بالإعلانات التي تروج لتطبيقات آلية تتكفل بمهمة توزيع العيديات، وتمكنت الآلة في وقتنا هذا من إيصال هذه المبالغ للمستحقين عبر حسابات بنكية وفق جداول زمنية تراعي وقت إرسال "العيدية".

 

 

من جهة ثانية تفننت بعض المواقع في عرض مطبوعات تتضمن عشرات التصميمات الأنيقة التي تقدم "العيدية" من خلالها في ظروف ومغلفات خاصة تشبه مغلفات وظروف البريد، وفي الوقت ذاته ظهرت "العيدية" الرومانسية، وهي التي تأخذ شكل هدايا قيمة من الورد والحلوى والهدايا المحببة التي يقدمها الخطيب لخطيبته أو الأزواج لزوجاتهم.

وعلى رغم أنها تعبر عن مفهوم إبهاج المرأة لمرة واحدة أو مرتين في العام، إلا أن بعض الاقتصاديين المشغولين كثيراً بلغة الأرقام حذروا من ظاهرة وصول كمية كبيرة من الأموال إلى أيدي كثير من النساء.

ومع أن هذه الأموال ليست أموالاً مخصصة لمصروف البيت، كونها أموالاً خاصة تحظى المرأة غير العاملة تحديداً بملكيتها، فإن بعضهم ينتقدون طريقة إنفاق المرأة لهذه الأموال التي يمكن أن تذهب إلى رفد الاقتصاد الوطني أو لسداد بعض الالتزامات الحرجة للأسرة بدلاً من إنفاقها على الترفيه أو شراء الذهب وكنزه.

ويقال إن عادة "العيدية" بدأت في الدولة الفاطمية بمصر، وتكرست في العهد العثماني، ولم يعرفها العرب قبل الإسلام لأنهم احتفلوا بأعيادهم ضمن سياق فردي ومن خلال مجتمعات صغيرة، وكانت أشهر أعياد العرب عيد "السباسب" الذي ورد ذكره في قصائد للشاعر النابغة الذبياني، إذ احتفل العرب من خلاله بتوزيع الريحان على بعضهم بعضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات