Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعليقات على الهجوم على بقيق

وقف العمل في المنشأة جاء تطبيقا لإجراءات السلامة... لذا فالقول إن المسيّرات أوقفت نصف إنتاج النفط في السعودية خاطئ

أعمدة الدخان تتصاعد من موقع الهجوم على معامل بقيق السعودية النفطية (أ.ف.ب.)

النفط سلعة استراتيجية، ويمكن فصل النفط عن الماء، ولكن لا يمكن فصله عن السياسة.

تاريخياً، تُهاجم المنشآت النفطية والأنابيب والناقلات حول العالم عند حدوث أي خلاف سياسي داخلي أو خارجي، وعند نشوب الحروب، ويجب وضع الهجوم على "بقيق" في هذا الإطار، ولهذا فإن ما حصل في بقيق يمكن أن يحصل لأي منشأة نفطية أو محطة كهربائية في أي مكان في العالم.

"بقيق" من أكبر المنشآت النفطية في العالم، لهذا فإن الاهتمام العالمي بالحادثة، والضجة الإعلامية التي صاحبت ذلك، وارتفاع أسعار خام برنت بأكثر من 10 دولارات عند افتتاح الأسواق الآسيوية يوم الاثنين، يعكس حجم وأهمية المنشأة.

حجم الانخفاض في الإنتاج بسبب حادثة "بقيق" هو الأكبر في تاريخ صناعة النفط كرقم، ولكنه ليس الأعلى بالنسبة إلى الإنتاج العالمي. ولكنه بالتأكيد الأضخم إذا نظرنا إليه من ناحية أن الانخفاض كان كبيرا ومفاجئا خلال يوم واحد، فقد انخفض الإنتاج بشكل كبير في الماضي، ولكن جزءا كبيرا منه لم يكن مفاجئا.  

وفيما يلي لمحة مختصرة عن انقطاع الإمدادات تاريخيا:

الأكبر حتى الآن كرقم هو انخفاض الإنتاج في السعودية، والذي قدر بـ5.7 مليون برميل يوميا. يليه انخفاض بقيمة 5.6 مليون برميل يوميا في إيران أثناء إضرابات العمال في 1978 ثم الثورة الإيرانية في بداية 1979. يليه انخفاض إنتاج أغلب الدول العربية النفطية بمقدار 4.3 مليون برميل يوميا بسبب المقاطعة النفطية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الثاني) 1973 أثناء حرب رمضان. يليه انخفاض بنحو 4.1 مليون برميل يوميا من إيران والعراق بعد بداية الحرب بينهما في عام 1980 وقيام كل دولة بتدمير البنية التحتية النفطية للدولة الأخرى. يليه انخفاض الإنتاج بمقدار 2.6 مليون برميل يوميا في بداية 2002 خلال إضراب عمال شركة النفط الفنزويلية، ثم الانقلاب الذي تلاه، ثم فشل الانقلاب، ثم طرد العمال المضربين من الشركة.  ما تبقى من انخفاض بسبب حوادث أخرى يتراوح حول مليوني برميل يوميا.

كل منشأة نفطية حول العالم لديها إجراءات سلامة يجب اتباعها عند حدوث أي مشكلة، سواء كانت طبيعية أو فنية أو إرهابية.  لهذا كان وقف العمل في المنشأة تطبيقا لإجراءات السلامة. من هذا المنطلق، كانت العناوين الصحافية التي تقول إن المسيّرات أوقفت نصف إنتاج النفط في السعودية خاطئة.  المسيّرات أحدثت دمارا في جزء من المنشأة، ولكن إجراءات السلامة أوقفت المنشأة لوقف تسرب السوائل والغازات، ومنع المزيد من الحرائق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هنا علينا أن نتذكر أن معامل معاجلة النفط والغاز والمصافي من أخطر الأماكن في العالم. تصور: نار فوقها قِدر ضخمة، وهذه القِدر تحتوي على أكثر المواد اشتعالا في العالم، أو خزانات ضحمة تحتوي على مواد سريعة الاشتعال أو شديدة الانفجار. لهذا فإن ما رآه الناس من نيران ودخان وأصوات انفجارات نتيجة طبيعية لمكان مثل هذا.

لدى كل المنشآت النفطية الكبيرة، بما في ذلك معامل بقيق، طاقة إضافية احتياطية لأكثر العمليات، وذلك لتغطية أي مشاكل يمكن أن تحصل في المنشأة، ولاستخدام المنشآت الاحتياط وقت الصيانة الدورية. لهذا فإنه يمكن أن يعود الإنتاج لجزء من معامل بقيق بسرعة بسبب وجود هذه المنشآت الاحتياطية، إلا أن البعض يشكك الآن في وجودها حيث يقولون إنها تعرضت للهجوم أيضا.

نشرت الحكومة الأميركية بعض صور آثار الهجوم على معامل بقيق. الصور تشير إلى نتيجة واحدة وهي: دقة الإصابات، ولأهم أجزاء المعامل، ونوع الأسلحة المستخدمة يدل على أنه عمل استخباراتي يتطلب مهارات وخبرات ومعلومات لا تملكها إلا دول.

الأثر في الأسواق

نظرا لأن الهجوم حصل عندما كانت الأسواق مغلقة في عطلة نهاية الأسبوع، لم يظهر أثر الهجوم مباشرة في الأسواق، إلا أنه حتى بعد يومين من الانتظار كان هناك تضارب كبير في آراء المحللين والخبراء وغيرهم.

وتوضح الاستبانة التالية التي أجريتها في "تويتر"، وبأكثر من 5000 مشارك، فيهم عدد كبير من تجار النفط والمستثمرين والمحللين والمتابعين، مدى تضارب وجهات النظر.

وعندما افتتحت الأسواق، ارتفعت أسعار خام برنت بنحو 19% (أكثر من 10 دولارات)، وهي أعلى نسبة ارتفاع في تاريخ أسواق النفط، والأعلى كرقم منذ عام 1991. ولكن بدأت الأسعار تنخفض بعد دقائق من افتتاح السوق، وكانت الزيادة بنحو 10% قبل افتتاح الأسواق الأميركية. ولعل السبب الأساس في عدم ارتفاع أسعار النفط أكثر من ذلك، ثم انخفاضها من مستوياتها العليا، هو تصريح ترمب عبر "تويتر" قبل أن تفتح السوق بأربع دقائق، حيث أمر بسحب كميات لم تحدد بعد من الاحتياطي الاستراتيجي.

الاستبانة أعلاه، وتذبذب أسعار النفط يوم الاثنين، يعكسان مدى ضبابية الوضع، لهذا يصعب التنبؤ بما سيحصل في الأيام التالية. إلا أن هناك قواعد عامة يمكن الاعتماد عليها، حيث إن الأسعار ستعتمد على مدى سرعة التعويض عن الإنتاج الذي تم خسارته، وإذا ما كانت أنواع النفط المستخدمة في التعويض مناسبة أم لا، واستخدام الاحتياطي الاستراتيجي من قبل الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية، وكمية النفط التي سيتم استخراجها من الاحتياطي الاستراتيجي.

بشكل عام، ستستمر الأسعار في الارتفاع إذا كانت إمكانية التعويض غير كافية، بخاصة أن وصول الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي للأسواق العالمية سيستغرق عدة أسابيع، كما أن قيام السعودية وغيرها بالاعتماد على المخزون يعني إعادة ملء المخزون في المستقبل، ربما في الربع الأول من العام المقبل عندما ينخفض الطلب على النفط فصليا، وهذا يدعم الأسعار وقتها.

من ناحية أخرى، عودة إنتاج النفط السعودي إلى حالته الطبيعية، بعد قيام بعض دول أوبك بزيادة إنتاجها، واستمرار نمو الاقتصاد العالمي بالهبوط، سيخفض الأسعار عن مستوياتها الحالية.

ختاماً، إن الهدف الأساس من الهجمات في النهاية ليس ما حصل في "بقيق"، ولكن ضرب الهدف الاسترايتجي للسعودية، وهو كونها مصدرا آمنا للطاقة يمكن الاعتماد عليه عالمياَ.  وقد رأينا في اليومين الماضيين آراء وتصريحات تؤكد هذه الفكرة.  فقد قام شخص مشهور بالتغريد بأنه يجب الانتقال إلى السيارات الكهربائية بسرعة لتفادي ما حصل في المستقبل. لهذا فإن قيام أرامكو بالتعويض بسرعة وتخفيض أسعار النفط، يعزز من فكرة كونها مصدرا يمكن الاعتماد عليه.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء