Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناهج تربوية لبنانية مر عليها الزمن والطلاب يدفعون الثمن

لم يحصل أي تطوير أو تعديل فيها منذ عام 1997

ثمة تجارب ناجحة في المدارس الرسمية والسبب بفضل مديرين يتبعون نهجاً مختلفاً (موقع بيكسلز)

ملخص

تنقسم المدارس على الأراضي اللبنانية بين رسمية وخاصة، إنما هذا لا يشكل أساس التفاوت الحاصل في المستويات التعليمية بين الطلاب، فضمن المدارس الخاصة تلك التي تتبع المنهج اللبناني في التعليم، ومنها المدارس التي تتبع المنهج الأجنبي أي الفرنسي أو الأميركي أو البريطاني.

توضع المناهج التعليمية في قطاع التربية والتعليم كخطط شاملة هدفها تنظيم الدروس ومخططاتها وفق أهداف تعليمية الغاية منها التطوير الشامل للطالب في مختلف المستويات الأكاديمية والمراحل التعليمية. ومن المفترض بهذه المناهج التربوية أن تواكب كل تطور حاصل لتؤكد فاعليتها في تأمين معرفة أكثر شمولية للطلاب، لكن هذا الأمر قد لا ينطبق على الواقع اللبناني، أو في الأقل ليس في المدارس كافة، ولهذا التفاوت الواضح بين المدارس أساس في المناهج التعليمية التي تتبعها، مما يستدعي إعادة النظر في عناصر عديدة تسهم في اتساع الهوة بين الطلاب على اختلاف الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.

 

الهوة بين المدارس الرسمية والخاصة

تنقسم المدارس على الأراضي اللبنانية بين رسمية وخاصة، إنما هذا لا يشكل أساس التفاوت الحاصل في المستويات التعليمية بين الطلاب، فضمن المدارس الخاصة تلك التي تتبع المنهج اللبناني في التعليم، ومنها المدارس التي تتبع المنهج الأجنبي أي الفرنسي أو الأميركي أو البريطاني. وعلى رغم التفاوت في المستويات التعليمية بين هذه المدارس عامة، وحتى بين تلك تتبع المنهج نفسه أحياناً، يبقى أساس الاختلاف بين المدارس التي تتبع المنهج اللبناني وتلك التي تتبع منهجاً أجنبياً. وفي الواقع هذا ما يولد تفاوتاً كبيراً في المستويات التعليمية بين الطلاب، وتقول رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء هيام إسحاق "لم يحصل أي تطوير أو تعديل في المناهج التربوية في لبنان منذ عام 1997، مما يجعلها بعيدة كل البعد من التطور الحاصل في العقود الأخيرة في عالم العلم والمعرفة والتكنولوجيا، إذ لم يحصل أي تطوير من ناحية الكفايات والمعارف وفي مواكبة المواضيع الجديدة والوسائل التعليمية الحديثة".

ويبدو أنه في القطاع التربوي، كما في مختلف القطاعات الأخرى، تحصل تدخلات لتشكل عائقاً أمام أي تطور، فتبرز هنا إشكالية لها علاقة بنواح سياسية وأمنية ودينية منعت أي تطوير في المناهج التربوية طوال السنوات الماضية. وبحسب إسحاق "على الدولة التي تعمل على مواكبة التطورات الحاصلة في عالم المعرفة والعلم والتكنولوجيا في مناهجها التربوية، أن تتمتع بحد أدنى من الرفاهية، إضافة إلى التوافق السياسي والتوازن الأمني والتربوي. انطلاقاً من ذلك، يمكنها أن تطور المناهج التربوية لديها بمساواة بين المدارس كافة على أراضيها. فهي عملية مركبة يكثر الجدل حولها مما يمنع أي تطوير فيها".

وكون المدارس الرسمية وقسم من المدارس الخاصة تتبع المنهج اللبناني، وهي لم تتعدل منذ 27 سنة، يغلب عليها الطابع النظري حكماً "وضعنا حالياً إطاراً وطنياً لتطوير المناهج التربوية، ويجري العمل حالياً على تأمين خبراء يسعون إلى مواكبة تطورات العصر في المناهج التربوية الجديدة بعد التعديل".

المنهج هو المعيار

وعلى رغم أن التفاوت واضح بين المدارس الرسمية والخاصة، حتى ضمن المدارس الخاصة ثمة اختلاف كبير بين المدارس الخاصة، وخصوصاً بين المدارس التي تتبع المنهج الفرنسي وتلك التي تتبع المنهج الأميركي أو البريطاني، فلكل منها مقاربات مختلفة في التعليم، إنما في كل الحالات، لهذه المدارس على اختلافها مناهج متطورة مواكبة للعصر، وتؤمن للطالب معرفة شاملة هي مطلوبة في عصر التكنولوجيا والتطور العلمي السريع، كما تغلب في هذه المدارس الأساليب التطبيقية في التعليم مع تجديد سنوي للمناهج لمواكبة أي تغيير أو تطور أو حدث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المناهج التي يعمل عليها المركز التربوي للبحوث والإنماء حالياً في مواكبة لتطورات العصر فمبنية على الكفايات، بحسب إسحق، "بما يؤمن المساواة بين الطلاب في التعليم والمعرفة، علماً أنها مناهج تعمل على النواحي الصحية والأخلاقية والمواطنة وعلى تعزيز التفكير النقدي لدى الطالب، كما أنها مناهج دامجة للطلاب على اختلاف بيئاتهم مع متابعة لتطور الطالب في مختلف المراحل التعليمية المدرسية، وأيضاً مواكبة للتطور في المجال الرقمي والتكنولوجي، مع جانب تفاعلي بات أساسياً في أيامنا هذه، علماً أنها المرة الأولى في لبنان التي توضع سياسات في المجال التربوي تمهيداً لوضع مناهج تربوية مع إطار وطني، فالتركيز على مختلف هذه الجوانب بات حاجة ملحة اليوم حرصاً على إعداد الطالب لسوق العمل حتى يتمكن من التعامل مع متطلبات العصر. على رغم ذلك ليس من المتوقع أن تعتمد المناهج التربوية الجديدة قبل عامين، لأن عمليتي تأليف الكتب وإتمام مراحل التطوير تتطلبان وقتاً لا يمكن الاستهانة به".

تفاوت مؤسف بين الطلاب

وانطلاقاً من تجربته في هذا المجال، يوضح المتخصص في التربية والتعليم وسام عبدالصمد أن التفاوت واضح وأكيد حتى ضمن المدارس الخاصة بوجود مستويات عديدة منها، ومناهج عدة أيضاً وبحسب الطبقة الاجتماعية فيها، مشيراً إلى "وجود مدارس خاصة شبه مجانية وضعها أقرب إلى المدارس الرسمية، إذ لا تتوافر فيها الوسائل التكنولوجية الحديثة بالحد الأدنى منها، كما لا يتلقى الأساتذة فيها أي تدريب لمواكبة التطور الحاصل. لكن حتى في المدارس الرسمية، هناك استثناءات ويسلك بعضها طريقاً مختلفاً باتباع أسلوب مختلف في الإدارة والتعليم وبالتركيز على الأساليب التطبيقية في التعليم، وعلى مواكبة التطور الحاصل في العالم".

ويعتبر ميل مديري المدارس إلى مواكبة التطور عنصراً أساسياً، كما يبدو واضحاً، مع الإشارة إلى أن المنهج اللبناني ليس فيه أي تجديد أو تطوير، ولا يفتح أي مجال للاختبارات الجديدة والأعمال التطبيقية بطرق عصرية، وهنا يكمن أساس التفاوت بين المدارس، فهذه المساحات التي تخصص للطالب لمواكبة التطور، وتبني الوسائل التكنولوجية الحديثة، غير موجودة إلا في قسم من المدارس الخاصة، وتحديداً تلك التي تتبع منهجاً أجنبياً. فمن هذه المدارس تلك التي تخصص طوابق فيها للتكنولوجيا والعلوم والأعمال التطبيقية مع مختبرات مجهزة بالكامل، كما تحرص المدارس التي تتبع المناهج الأجنبية على تدريب الأساتذة ليتمكنوا من مواكبة كل التطورات. إلا أن هذه المدارس لها أقساط هي الأعلى في لبنان، وكأنه بقدر ما يرتفع المستوى التعليمي في المدرسة، ويواكب التطور بمعدلات كبرى، ترتفع أقساط المدارس.

ويتابع عبدالصمد "مما لا شك فيه أن ثمة تفاوتاً واضحاً بين الطلاب في لبنان من ناحية سعة المعرفة والاطلاع بحسب المدارس التي ينتمون إليها، والمناهج التي تتبعها هذه المدارس. هذا ما يعتبر مؤسفاً فعلاً لأن ليس من المفترض أن يكون هناك كل هذا التفاوت بين طلاب لبنان. هي مسألة يمكن ملاحظتها مباشرة عند لقاء طلاب يواكبون التطور ويستخدمون الوسائل التكنولوجية الحديثة، ويجري التركيز في تعليمهم على التفكير النقدي والأعمال التطبيقية، يتميزون بسعة التفكير والقدرة على إنجاز المهام بسرعة كبرى بينما لا يتوفر لدى بعضهم في مدارس باقية أي اطلاع في هذه المجالات ويقتصر تعليمهم على النهج النظري".

وتبدو تجربة مدير إحدى المدارس الرسمية نعمان إدريس مشابهة لمعظم التجارب في المدارس الرسمية، إذ تمتد تجربته في إدارة المدارس إلى عقود، لكنه يشير إلى أن مساعيه فردية للتطوير وإدخال طرق جديدة في التعليم، ويعتبر أن الحفظ جريمة في حق الطالب، كما كان أحد الأساتذة يؤكد له، ويمكن له أن يعتاد على الطرق الجديدة والمواد التفاعلية ويتطور معها بدلاً من الاستمرار بأسلوب المتلقي والنهج النظري الذي يفقده القدرة على التفكير النقدي، لكن، بما أن المدرسة تتبع المنهج اللبناني وتعتمد المناهج التربوية الخاصة به، فهي تعتمد الأسلوب التقليدي في التعليم، فلا مختبرات ولا أعمال تطبيقية إلا بصورة محدودة على رغم محاولاته إدخال بعض التطوير، علماً أن مثل هذه الأمور تتطلب مزيداً من الدعم المادي ما ليس متوافراً للمدرسة.

في المقابل، تعتبر تجربة ثانوية "مارون عبود الرسمية" من التجارب الناجحة بين المدارس الرسمية التي تؤكد وجود استثناءات، فمن لحظة تسلمها إدارة المدرسة، أرادت مديرتها أن تتبع نهجاً مختلفاً غير تقليدي في ظل المناهج التعليمية البالية التي مر عليها الزمن، إذ تدرك أن هناك مواد ثابتة لا يمكن التغيير فيها كالرياضيات مثلاً، في المقابل، ثمة مواد يتلقى فيها الطالب معلومات مر عليها الزمن، ولم تعد صالحة في زمننا هذا، حتى إن الأرقام كلها تغيرت ولم يحصل أي تعديل فيها بحيث لا تلبي حاجات الطالب.

وسنحت الفرصة للمدرسة، منذ نحو ثلاث سنوات، للتعاون مع إحدى الجمعيات التي أسهمت بإنجاز المختبرات، فجهزت بالكامل بالوسائل التكنولوجية الحديثة، بحيث يتمكن الطالب من إنجاز كل ما في ذهنه في مجال مفتوح للإبداع والتطور، وقد تدرب هنا الطلاب ودربوا زملاء لهم ليتسلموا من بعدهم، حتى أنهم يدربون طلاباً من مدارس أخرى رسمية وبخاصة بمجهود شخصي منهم ومن المدرسة، مما يشكل حافزاً للطلاب ليحضروا باندفاع إلى المدرسة، حتى أنهم في أوقات الفراغ، يتوجهون إلى المختبر حيث تعطى لهم مطلق الصلاحية ويتحملون المسؤولية بطريقة منظمة. أما في المواد الباقية فأي تطوير وتعديل يكون بمبادرات خاصة من الأساتذة، علماً أن وزارة التربية كانت قد ألغت الدروس الخاصة بالمختبر في المناهج التربوية لضيق الوقت.

المزيد من تحقيقات ومطولات