Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 أخطار تواجه الأسواق فهل تنتظر الانهيار الكبير؟

التطورات ستحدد ارتفاع مؤشراتها أو تراجعها وصعود قيمة الأسهم الهائل حالياً يذكر بما حدث قبل قرن من الكارثة

تواصل المؤشرات الرئيسة في الأسواق الكبرى الصعود بصورة مطّردة منذ الخريف الماضي (أ ف ب)

ملخص

بحسب تحليل "بلومبيرغ" فإن الغالبية في السوق تتحسب لاحتمال انهيار كبير في قيمة السهم، ومن ثم في مؤشرات السوق. ومعظم هؤلاء يتحوطون من الآن لهذا الاحتمال أكثر من تأمين استثماراتهم تجاه تغيرات تصحيحية من قبيل الانخفاض المعقول ومعاودة الارتفاع

أثارت تصريحات رئيس "الاحتياط الفيدرالي" (المركزي الأميركي) جيروم باول هذا الأسبوع بأن البنك ما زال بحاجة إلى مزيد من الإثبات بأن معدلات التضخم في أكبر اقتصاد في العالم تراجعت بما يكفي قبل بدء خفض الفائدة، موجة قلق في السوق. لكن القلق في الأسواق، خصوصاً في قطاع الأسهم، لا يقتصر على مخاوف استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول كما بدا من تصريح باول، إنما هناك أسباب كثيرة تجعل المستثمرين والمحللين يتوقعون عدم استمرار الوضع الحالي من الارتفاع المتواصل في مؤشرات السوق وقيمة الأسهم على هذا النحو.

وفي تحليل نشرته "بلومبيرغ ماركتس" يلاحظ أن المستثمرين في الأسهم الذي يتبعون طريقة المضاربة على تحركها المستقبلي (Put Options) أصبحوا لا يراهنون على عملية تصحيح، أي تراجع طفيف في المؤشرات وقيمة الأسهم، وإنما يضعون رهاناتهم أكثر على احتمال انهيار كبير في السوق. فمع نهاية الربع الأول آخر أيام الشهر الماضي، ارتفع مؤشر "أس أند بي500" القياسي بنسبة 10 في المئة هذا العام، وحقق خلال فترة الأشهر الثلاثة الأولى من العام مستوى قياسياً من الزيادة 22 مرة.

كذلك تواصل المؤشرات الرئيسة في الأسواق الكبرى الصعود بصورة مطّردة منذ الخريف الماضي، فبحسب مذكرة لكبير الاقتصاديين في المعهد الأميركي للبحوث الاقتصادية بيتر غيرل فإنه في الفترة من الـ27 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والـ28 من مارس (آذار) 2024 قفز مؤشر "أس أند بي 500" بنسبة 28 في المئة وارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 30 في المئة وزاد مؤشر "داو جونز" بنسبة 23 في المئة.

متفائلون ومتشائمون

بحسب تحليل "بلومبيرغ" فإن الغالبية في السوق تتحسب لاحتمال انهيار كبير في قيمة السهم، ومن ثم في مؤشرات السوق. ومعظم هؤلاء يتحوطون من الآن لهذا الاحتمال أكثر من تأمين استثماراتهم تجاه تغيرات تصحيحية من قبيل الانخفاض المعقول ومعاودة الارتفاع. وينقسم الاقتصاديون والمحللون بين متفائل باستمرار صعود مؤشرات السوق وأسعار الأسهم، ومتشائم لا يتوقع مجرد هبوط تصحيحي إنما يرجح انهياراً كبيراً في قيمة الأسهم.

ونتيجة الارتفاع المتواصل في مؤشرات الأسواق لفترة طويلة، أصبحت قيمة السهم كبيرة على نحو يعتبره بعضهم مبالغاً فيه، فضمن مذكرة له نهاية الشهر الماضي، توقع المستثمر المخضرم جون هوسمان انهياراً كبيراً في السوق استناداً إلى تقديره بأن قيمة الأصول في السوق أصبحت في منطقة متطرفة تشبه ما حدث عام 1929 حين أعقب غليان قيمة الأصول انهيار السوق وفقدان مؤشر السوق الرئيس نسبة 89 في المئة.

يذكر أن هوسمان سبق وتوقع انهيار السوق عام 2000 وفي 2008 قبل حدوثه، مستنداً أيضاً إلى تطرف الارتفاع في قيمة الأصول. وعلى رغم أن بعض الاقتصاديين يتفقون مع تقديرات المستثمر المخضرم، إلا أن التقديرات بأن الوضع الحالي ربما يشبه الزيادة في قيمة الأصول في السوق عام 2021 التي أعقبها تراجع الأسواق، لكن ليس بقدر انهيار مطلع القرن الماضي.

ويظل هناك متفائلون يرجحون استمرار منحى الارتفاع في مؤشرات السوق وقيمة السهم، خصوصاً أننا على وشك موسم إفصاحات مالية ربع سنوية ربما ينعش السوق بنتائج إيجابية للشركات.

وتقول ليزا شاليت من إدارة الثروات في "مورغان ستانلي" إن "السوق تظهر مزيداً من الثقة بمجرد هبوط تدريجي غير حاد أو ربما حتى عدم الهبوط مطلقاً... ويفسر ذلك توقع أن عدداً كبيراً من الشركات، حتى تلك المتأثرة بالدورات الاقتصادية من الارتفاع والتراجع، مثل الشركات الصناعية وشركات الطاقة يمكن أن تشهد أداءً جيداً".

5 أخطار تواجه السوق

لكن ما يزيد من أخطار تغير منحى السوق من الارتفاع الحالي واستمرار زيادة قيمة الأسهم احتمال حدوث أي شيء طارئ يؤدي إلى انهيار السوق، وليس مجرد التراجع التدريجي في أسعار الأسهم. ويخلص بيتر إيرل في مذكرته إلى أن الاقتصاد عام الانتخابات ربما يشهد بداية تصدع سوق العمل وتراجع إنفاق المستهلكين ونفاد المدخرات التي تراكمت في فترة وباء كورونا.

إجمالاً، يمكن القول إن هناك خمسة عوامل تمثل الأخطار الأساسية أمام السوق خلال الأسابيع المقبلة، استناداً إلى مجموعة من مذكرات إدارات الاستثمار في البنوك الكبرى والمؤسسات المالية والاقتصاديين الذين يراقبون جوانب السوق المختلفة:

المغالاة في قيمة الأسهم، بحسب كل الأرقام والبيانات بنهاية الربع الأول من هذا العام، تظهر غالبية المؤشرات في الأسواق الكبرى أعلى من معدلاتها التقليدية في تلك الفترة، وربما خلال فترة الأشهر الستة الماضية كلها، وهناك ملاحظة مهمة في حركة السوق في الأسابيع الثلاثة الأخيرة تشير إلى السلوك "الدفاعي" من قبل المستثمرين في السهم والأوراق المالية، إذ من الواضح أن معدل ارتفاع قيمة الأصول تتجاوز بكثير معدلات زيادة النمو.

أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يعود قدر كبير من استمرار ارتفاع مؤشرات الأسهم في الفترة الماضية إلى الحماسة الشديدة تجاه الذكاء الاصطناعي وإقبال المستثمرين على شراء أسهم شركاته، إلا أن ذلك الوضع قد لا يستمر على هذا النحو. ففي حال تراجع عائدات شركة مثل "إن فيديا" أو غيرها من شركات التكنولوجيا السبع الكبار التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي أو إصدارها توقعات أقل من تقدير السوق في موسم الإفصاح المالي المقبل، سيقود ذلك إلى صدمة في السوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفائدة والسياسات وغيرها، استمر صعود المؤشرات وقيمة السهم استناداً إلى تقدير السوق بأن الاحتياط الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام. لكن حتى إذا حدث ذلك كما هو متوقع فإن تأثيره في سوق الائتمان وكلفة الاقتراض لن يكون كبيراً. وربما يؤدي ذلك إلى رد فعل سلبي في السوق. ثم إن هذا العام هو عام انتخابات في الولايات المتحدة وغيرها من دول رئيسة، وغالبا ما تتأثر السوق (ولو بما يسمى "العامل النفسي") بتوقعات الانتخابات ومن سيأتي وسياساته الاقتصادية، فضلاً عن استمرار التوترات الجيوسياسية حول العالم من حرب أوكرانيا إلى حرب غزة وتأثير ذلك في التجارة والاقتصاد حول العالم، ومن ثم في الأسواق.

التضخم والإنفاق الاستهلاكي، على رغم التراجع في معدلات التضخم إلا أن اأسعار تظل مرتفعة، مما يجعل السر تردد في زيادة الإنفاق الاستهلاكي ويضغط نزولاً على معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي. وتتأثر أسواق السهم أكثر باستمرار ارتفاع كلفة الاقتراض للمؤسسات والمستثمرين والأسر، خصوصاً مع استمرار أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول. ثم هناك الزيادة الواضحة في عمليات التخلف عن سداد الدين بصورة عامة، تحديداً الديون الشخصية وديون بطاقات الائتمان. وبحسب الاحتياط الفيدرالي لنيويورك، ارتفع حجم القروض الشخصية وديون الأسر في الولايات المتحدة في الربع الأخير من العام الماضي 2023 بمقدار 212 مليار دولار، بزيادة بنسبة 1.2 في المئة عن الربع السابق، ووصل حجم الديون الشخصية إلى 17.5 تريليون دولار.

الإنفاق الحكومي والدين العام، كان التقدير السابق لكلفة إنفاق الحكومة الأميركية مثلاً لتفادي أضرار أزمة وباء كورونا عند 5 تريليونات دولار، أي نحو ربع الناتج المحلي. لكن تلك الكلفة في ازدياد مطّرد وبلغ حجم الدين القومي 33 تريليون دولار ويزيد بمقدار 1 تريليون دولار كل 100 يوم بحسب تقديرات لجنة مسؤولية الموازنة الفيدرالية. وتشير كل البيانات إلى أن استمرار زيادة الإنفاق يبقي النقد المتداول في الاقتصاد في حال زيادة مطّردة، ومن شأن ذلك أن يحد من تراجع معدلات التضخم مما يزيد من قلق الأسواق.

في النهاية تظل كل تلك العوامل والأخطار في إطار التقديرات والتوقعات، لكن الخلاصة هي أن غالبية المستثمرين في السوق يميلون الآن إلى التشاؤم أكثر من التفاؤل إزاء استمرار ارتفاع المؤشرات وقيمة الأصول، مما يجعل كثيرين يتجهون نحو التحوط لاحتمال انهيار وليس تراجعاً تصحيحياً في السوق.