Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إياد نصار: الدراما العربية المشتركة لا تناسبني

أنحاز للأدوار المركبة ومشروعي ليس الفن من أجل المال

تميل معظم أدوار إياد نصار إلى الشخصيات المركبة والمثيرة للجدل (أ ف ب)

ملخص

 إياد نصار يكشف عن سبب مقاطعته للدراما العربية ورأيه في الصراع بين العلم والدين في "صلة رحم" وعشقه للشخصيات المركبة، وموقفه من السينما والإيرادات، كما كشف عن أسباب بعده عن الدراما العربية المشتركة وعدم التحدث بلهجة غير مصرية في أي عمل.

فتح مسلسل "صلة رحم" باب المناقشة والجدل ووضع صراع العلم والدين والتقاليد والأعراف في مواجهة أمام الجمهور، وجسد الممثل الأردني إياد نصار شخصية حسام الطبيب الذي يفقد ابنه الأول ويحاول الإنجاب مرة ثانية، فتحدث كارثة لزوجته تجعل الحلم مستحيلاً مما يضطره إلى استئجار رحم فتاة فقيرة، متحدياً العلم والقانون والفتاوى الدينية.

دور إياد كان شديد الجرأة والعمق وأثار ردود أفعال مختلفة بين الغضب والتعاطف مع تلك الشخصية المركبة التي يحترفها في معظم أعماله.

"اندبندنت عربية" التقت إياد نصار في حوار خاص ليتحدث عن "صلة رحم" وعشقه للشخصيات المركبة، وموقفه من السينما والإيرادات، كما كشف عن أسباب بعده عن الدراما العربية المشتركة وعدم التحدث بلهجة غير مصرية في أي عمل.

لا خلاف مع الدين ولا القانون

بدأ الحديث مع إياد عن اختياره مسلسل "صلة رحم" وطرح قضية تأجير الأرحام وتوقعات حدوث تصادم كبير مع الجمهور لأنها مخالفة للقانون والشرع فقال، "كنت أعلم أن الموضوع مهم وجديد وجريء ولهذا تحمست له جداً، ولكن إذا نظرنا إلى الطرح بوجه عام فسنجد أن المسلسل لم يخالف القانون ولا الدين، ولم يحرّم الحلال ولم يحلل الحرام، وكان دافع بطل العمل "حسام" إلى التجربة هو مجرد قرار شخصي، بخاصة أنه سأل في البداية الشيخ خالد الجندي عن رأي الدين وأكد له أن الأمر محرم، وهو يعلم كذلك أنه يسير ضد القانون، والمسلسل أوضح ذلك في البداية فلم يكن هناك صدام مع المسلّمات، وعلى رغم كل ذلك استكمل المشاهد العمل ليرى مصير تجربة حسام الذي خالف كل الأعراف لتحقيق رغبته بأن يكون أباً على حساب الدين والقانون والمجتمع".

هل من حق الفن الجنوح للخيال في الأفكار والطرح حتى وإن خالف الأعراف والتقاليد؟ سؤال أجاب عليه إياد قائلاً "دور العمل الفني أن يطرح الأسئلة، ماذا لو أراد شخص القيام برحلة معينة؟ وماذا سيحدث له؟ فدورنا طرح فكرة التجربة وآثارها النفسية والاجتماعية، والعمل الفني أو المسلسل ليس ندوة تطرح من خلالها تجربة كاملة على أنها ثوابت، ولكنه يطرح فكرة، كما يطرح الجزء الإنساني لتجربة شخصية، ويعبر عن الآثار والانفعالات والتوابع، وفي الوقت نفسه يتطرق لأكثر من طبقة من الناس ولعدد من المشكلات والقضايا، وفي ’صلة رحم‘ لم يكن تأجير الأرحام القضية الوحيدة، ولكنه عرضها من خلال قضايا أخرى مثل الإجهاض والصراعات المجتمعية والإنسانية، والحكم على الناس من دون معرفة دوافعهم، وركز كذلك على أن حكمنا على الأشخاص يجب أن يخرج من منظور إنساني حتى يكون عادلاً، وليس من الحكمة إطلاق أحكام جافة".

 

أبرز المسلسل صراعاً بين الدين والعلم، ففي وقت يحرّم الأول تأجير الأرحام لتحقيق الأمومة أوجد العلم الوسيلة، ورد إياد على هذه النقطة "لم أرَ أن المسلسل يروج لفكرة وجود صراع بين العلم والدين، ولكنه كان يعبر عن أنهما قد يختلفان أحياناً، ويكون هناك جمود يسبب هذا الاختلاف، لكن قطعاً الأديان هدفها الأساس منفعة الإنسان لا ضرره أو تشويهه، بل على العكس تسعى إلى تحسين الحال النفسية والأخلاقية والاجتماعية، والخلاف بين العلم والدين ليس صحيحاً ولكن أحياناً هناك تفسيرات دينية في شكل فتاوى قد تتغير مع معطيات الحياة، والموضوع يستغرق وقتاً طويلاً، وهنا يأتي دور الفن والفلسفة في الطرح والمناقشة لا إصدار الأحكام القطعية".

وأشار نصار إلى أن "العالم يقوم في أحكامه على التوازن بين ثلاثة أشياء وهي الدين والفن والفلسفة، ولو اعتمد على الدين فقط فسيكون متطرفاً، ولو على الفلسفة وحدها فسيكون منعزلاً، وإذا احتكم إلى الفن فسيكون خيالياً، لذلك لا بد من توازن الثلاثة في الأحكام والرؤية، فالفن يطرح القضايا والدين يضبطها والفلسفة هي البحث عن وجودك، لكن الفن لا يمكن أن يحكم وحده ويجزم بأن الفعل صواب أو خطأ أو أخلاقي أو غير ذلك".

أدوار مركبة

تميل معظم أدوار إياد نصار أو جميعها تقريباً للشخصيات المركبة والمثيرة للجدل، وتحمل كثيراً من العقد الإنسانية، وعند سؤاله عن عن اختيار هذه الشخصيات قال، "لا أعشق فكرة الأدوار المركبة كطريقة لاختيار أعمالي، ولكن لدي قناعة أنه لا يوجد إنسان بلون واحد ولا حتى في أفلام الرسوم المتحركة، وكل إنسان لديه عقد وصراعات ومشكلات، والشخصية الأحادية في المطلق لا أجدها مهمة أو مثيرة أو جذابة، بل لا تعني شيئاً على الإطلاق، ولا أستطيع تجسيد شرير مطلق أو طيب مطلق كممثل".

وهنا قاطعناه بأن شخصية البطل المطلق الأحادي المشاعر مثل الطيبة المطلقة أو الشجاعة الفائقة هي السمات الأكثر تفضيلاً لنجوم الشباك الذين يحصلون على أجور ضخمة ولهم قاعدة جماهيرية كبيرة فأجاب، "شخصية البطل من هذا النوع سواء الشرير أو الطيب المطلق ليست مرتبطة بالتركيبة المعقدة، والإنسان في الحقيقة من دون نقاش هو أكثر من لون ومكون من شخصيات عدة داخله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعترف بانحيازه إلى الأدوار المركبة قائلاً، "أنحاز للدور المركب فأنا أبحث في المادة الإنسانية ولن أستمتع بتأدية شخصية بلون واحد، ولكنني لست ضد من يؤدونها، فكثير منهم يحققون نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير، أما أنا فتكويني كممثل يعتمد على التلون، وأحب أن أغوص في النفس البشرية التي أدركها بحكم التحليل النفسي الذي يفيد أنه لا يوجد شخص سوي بشكل مطلق، لذلك دائماً أقدم شخصية الإنسان بما فيها من تناقضات وعقد حتى أنزله إلى الأرض وأستطيع استيعابها وتجسيدها، وطريقة البطل الأحادي ليست العالم الذي أقتنع به ولن أنجح في تجسيدها، وحتى إن قدمتها فسآخذها للعالم الخاص بي لأخرج عقدها".

وأكد إياد أنه لا يهتم بتجسيد شخصية بطل أحادي ليحقق أجراً بالملايين، قائلاً إن "مشروعي الحقيقي أن أمثل ما يعجبني ويأسرني داخلياً، وليس هدفي الأساس أن أحقق إيرادات مليونية أو أقدم عملاً جماهيرياً يكسر الدنيا، ولو كان ذلك هدفي لقدمته منذ زمن، فأنا أشعر برضى كامل وأعيش في مستوى مادي جيد، ولا أحتاج إلى تقديم ما لا يشبهني أو يشبعني من أجل المال".

الأعمال المشتركة

معظم أعمال اياد نصار باللهجة المصرية منذ نحو 16 عاماً، فهو لا يشارك في الأعمال باللهجات العربية، وكذلك المسلسلات والدراما العربية المشتركة التي خاضها بنجاح ممثلون تحدثوا لهجات مغايرة لجنسيتهم مثل ظافر عابدين، وعن  النقطة أوضح "أعيش في مصر منذ 16 عاماً ولم أخرج منها، وزوجتي مصرية، وأولادي في مدارس مصرية، وأعرف الشارع المصري جيداً وأفهم المواطن في الشارع وأوجاعه وتفاصيله، ولن أكون صادقاً لو تحدثت بلهجة غير مصرية وعن شارع أو مواطن غير مصري، فكيف أقدم شيئاً عن الشارع اللبناني وأنا لا أعرفه؟ قطعاً سأكون كاذباً وموجوداً لمجرد الوجود بالشكل فقط، فأنا لا أفهم عوالم أخرى غير المصري حالياً، فقد هضمت الشارع ولهذا أستطيع التعبير عنه".

وشدد على أنه لا يشارك في دراما عربية مشتركة لأنه لن يعرف كيف يجسدها، ولن يفهم ماذا يقول وكيف يقدمها بحكم أنه ليس قريباً من الشارع اللبناني أو العربي غير المصري ولا يعرف تفاصيل حياة أفراده، وهذا يعوق فكرة التجسيد بالنسبة إليه وسيكون التقمص خارجياً فقط.

وعن الدراما الأردنية وعدم المشاركة فيها قال، "حتى الشارع الأردني تغيبت عنه 16 عاماً ولذلك لن أكون صادقاً في التعبير عنه حالياً، وسأقدمه وفق معلوماتي القديمة قبل الاستقرار في مصر".

خطوات سينمائية

شارك نصار في عدد من الأفلام السينمائية المصرية، ولكن تبقى خطواته التلفزيونية أقوى أثراً وأوسع انتشاراً، وحول مشاركاته ورضاه عن وضعه السينمائي تحدث قائلاً، "في السينما هناك متلازمة أن النجاح هو الإيرادات، ولا يمكن الفصل بينهما لأن الإيرادات تعبير عن الإعجاب بالمشروع وترجمة مادية له وجماهيرية". وشدد أنه إذا شارك في السينما فبالتأكيد سيكون من أهم أهدافه تحقيق إيرادات ضخمة.

وكشف عن سبب عدم كثافة حضوره السينمائي بقوله، "السينما أحياناً تقوم بعمل نقلات وطفرات في نوعية الأفلام، ولكن بعد ذلك تعود مرة أخرى للتحرك في نمط واحد وتذهب للاتجاه السائد وهو الكوميدي والخفيف، وأنا لست ضد هذه النوعية لكن عندما كان هناك تحرك ما يناسبني قدمت أفلاماً مميزة مثل ’كازابلانكا‘ و ’أولاد رزق 2‘ و ’الفيل الأزرق 2‘ و ’الممر‘ ولكن عندما ارتدت للنمط السائد لم أجد ما يناسبني فابتعدت، وعندما تعود للنمط الذي يناسبني ستجدونني بالتأكيد".
 

 

ومن أبرز محطات إياد نصار مسلسل "الجماعة" الذي جسد فيه سيرة زعيم "الإخوان المسلمين" حسن البنا، وتعاون فيه مع الكاتب وحيد حامد والمخرج محمد ياسين، وشرح إياد تأثير المخرج محمد ياسين على تكوينه الفني ومشواره وكيف غير توجهه بالكامل وقال، "ياسين غيّر مشروعي كله كممثل، فعندما حضرت إلى مصر كنت ممثلاً له طريقة معينة ومشروع مختلف، ولكن بعد تعاملي معه في مسلسل ’الجماعة‘ تغير مشروعي تماماً وأصبحت ممثلاً من نوع مختلف، وتعلّمت منه كثيراً، وربما لو لم يظهر في حياتي لما كنت بهذه الشخصية كممثل حالياً، وتراكم الأثر بأكثر من عمل بعد مسلسل ’الجماعة‘ مثل ’أفراح القبة‘ و ’موجة حارة‘ واكتشف أنني تفاعلت مع تجاربي معه ومدرسته لدرجة أن أي مشروع أقدمه أحوله إلى موضوع وتجربة تشبه مدرسته ومشروعه".

وتحدث نصار كذلك عن تجربته مع المخرج تامر محسن في مسلسل "هذا المساء" الذي أثّر كثيراً في مشواره وقال، "أعشق تجربتي مع تامر محسن فهو رجل متمكن من النص والسيناريو وبناء الشخصيات، وتعلمت منه قراءة الشخصية والنص وفهمهما لأن له عالماً ساحراً في تكوين أدوات وشخصيات العمل، وهذا يطور الممثل بشكل كبير جداً".

أداء صوتي

وكذلك قدم إياد نصار تجربة التجسيد الصوتي لرواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي، وكشف عن أسباب التجربة وتأثيرها وهدفها بقوله، "وافقت على الفكرة وأثارت حماستي عندما عرض على أن أجسد بصوتي رواية فيها كثير من الأحاسيس، وشعرت بأنها تجربة تمثيلية حقيقية ولكن بالصوت، ووضعت لها تفاصيلاً ولزمات، وهي مفيدة لي جداً على مستوى التمثيل وتطوير المشاعر، وقد لا يظهر كل المجهود الذي بذلته، لكنني سعيد بها جداً لأنها أثرت فيّ وأحدثت تطوراً مختلفاً".

وختمنا حوارنا بسؤاله حول ما هو المفيد في أن يظل النجم في حال بحث وتقديم تجارب جديدة طالما وصل إلى نجومية كاسحة في الفن وبين الجمهور؟ فأجاب، "الممثل ينتهي حين يطمئن، فالثقة جيدة جداً وحب الناس عظيم، ولكن على الفنان أن يطور نفسه ويغير أدواته ويعمل على تطوير شخصيته بشكل مستمر حتى يكون دائماً في منطقة الاستمتاع الشخصي كممثل متطور ومختلف، وفي الوقت نفسه يحافظ على حب الناس ويحقق ما يتمنونه ويثقون به".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون