Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدارس العراق مكتظة في قطاع تعليمي منهك

واحدة من كل اثنتين بحاجة إلى إعادة تأهيل وسط تراجع عدد الأساتذة فيما الحكومات المتعاقبة تخفق في تخصيص موازنة كافية

أضعفت سنوات الصراع قدرة الحكومة العراقية على تقديم خدمات تعليمية جيدة  (أ ف ب)

ملخص

 في ظل النقص الكبير داخل القطاع التعليمي العراقي تقول السلطات إن البلاد بحاجة إلى 8 آلاف مدرسة.

داخل غرفة ضيقة ومتهالكة، تكدس تلاميذ مدرسة ابتدائية في إحدى قرى وسط العراق لتعكس حالتها المتردية وحماماتها المشيدة من دون أسقف الإهمال الذي يلم بقطاع التعليم في بلد عانى طويلاً الحروب والأزمات.

ويقول مدير المدرسة في قرية العيثة عدي عبدالله لوكالة الصحافة الفرنسية إنه عندما تهطل الأمطار "نعطل الدوام، إذ تتساقط مياه الأمطار على التلاميذ عبر الأسقف، وهي عبارة عن خشب نخيل وقطع من القش والنايلون، ونخشى أن تنهار عليهم".

بنية تحتية متهالكة

وعلى رغم ثرواته النفطية الهائلة يعاني العراق بنية تحتية متهالكة جراء الحروب والنزاعات والفساد المنتشر في مؤسساته، مما ينسحب أيضاً على نظامه التعليمي الذي كان في الماضي الأفضل في المنطقة، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وتفتقر صفوف هذه المدرسة الابتدائية إلى التدفئة خلال فصل الشتاء مما يجبر الأساتذة على إغلاق النوافذ بألواح خشبية أو قطع كرتون لمنع تسرب الهواء البارد ومياه الأمطار، وتتضمن حمامين فقط وضعا في الخارج ومن دون أسقف.

يقول عبدالله، "يتشارك 200 تلميذ مغسلة واحدة" في المدرسة الواقعة في ناحية بني سعد في محافظة ديالى.

ولا يختلف الحال كثيراً في باقي أنحاء البلاد، حيث تعمل المدارس في دوامات عدة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ، كما تنتشر المدارس الطينية وتلك التي ليست سوى مقطورات حديدية.

وفي ظل النقص الكبير في القطاع التعليمي تقول السلطات إن العراق بحاجة إلى 8 آلاف مدرسة.

مدرسة في أرض زراعية

وفي بني سعد أغلقت السلطات عام 2011 مدرسة "التفوق" لبناء أخرى حديثة، لكن المشروع لم ينفذ حتى الآن، مما دفع أولياء أمور التلاميذ بالتعاون مع إدارة المدرسة إلى استئجار مبنى صغير وسط أرض زراعية وتحويله إلى مدرسة، ومنذ ذلك الحين يدفع الأهالي إيجاراً سنوياً لصاحب المزرعة.

قبل أن يبدأ حصته يقول معلم الرياضيات أحمد لطيف إن "المكان يغطيه الغبار، وعندما تسقط الأمطار فهناك طين وعقارب وأفاع".

 

ويضيف، "هذه مدرسة في بستان لا تصلح حتى للاحتفاظ بأفراخ دجاج".

ويتكدس تلاميذ المدرسة الابتدائية في ست غرف، ثلاث منها تولى كلفة بنائها المعلمون وعائلات التلاميذ بدعم من أهالي القرية، أما جرس المدرسة فليس سوى حديدة صدئة مثبتة بأسلاك على شجرة نخيل.

ويقول لطيف بنبرة غاضبة إن تلاميذ المدارس "لديهم حصة في النفط"، في إشارة إلى عائدات الدولة الغنية بالموارد النفطية، ويضيف "لكن التلميذ لا يحصل على حقوقه، ولا حتى والديه من قبل".

عجز الموازنة وعرقلة النمو الاقتصادي

وبحسب تقرير لـ "يونيسف" فقد "أضعفت أعوام الصراع قدرة الحكومة العراقية على تقديم خدمات تعليمية جيدة للجميع، وأدى العنف والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والنزوح الجماعي للأطفال والأسر إلى تعطيل تقديم الخدمات التعليمية، وباتت واحدة من بين كل مدرستين بحاجة إلى إعادة تأهيل، وتراجع عدد الأساتذة المؤهلين فيما أخفقت الحكومات المتعاقبة في تخصيص موازنة تكفي للنهوض بقطاع التعليم".

وفي تقرير صدر عام 2021 حذر البنك الدولي من أن "أوجه القصور الكبيرة في قطاع التربية على جميع المستويات أدت إلى ارتفاع البطالة بين الشباب، والتباين الكبير بين المهارات ومتطلبات سوق العمل وانخفاض المشاركة في قوة العمل"، معتبراً أنها جميعاً عوامل "تعرقل النمو الاقتصادي في العراق".

وعلى رغم ترحيب البنك الدولي بالإستراتيجية الوطنية الهادفة إلى زيادة مخصصات التعليم في الموازنة العامة من 10 إلى 16 في المئة بحلول عام 2031، معتبراً أنها "خطوة أساس"، إلا أنه شدد على أن القطاع التعليمي بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات لتلبية حاجات البلاد الكبيرة من الموارد البشرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشكل الشباب تحت سن 25 عاماً 60 في المئة من سكان العراق البالغين 43 مليون نسمة، وفق تقديرات للأمم المتحدة.

النظام التعليمي بات أولوية

ويقول المتحدث باسم وزارة التعليم كريم السيد إن هناك "أكثر من 12 مليون طالب في عموم المحافظات العراقية"، ويوضح أنه لا تتوافر في كثير من المدارس مستلزمات البيئة السليمة من ساحات وانتشار وصحيات ومختبرات ومسارح، لكنه يؤكد أن النظام التعليمي بات أولوية للحكومة، مشيراً إلى مشروع لبناء 1000 مدرسة بالشراكة مع شركات صينية بحلول عام 2025.

وأكد السيد أن "أولويتنا المقبلة هي التخلص من المدارس الطينية والكرافانات".

التعليم الخاص

لكن الأوضاع على حالها في بني سعد وفقاً لسائق الشاحنة الذي يبلغ من العمر 50 سنة، وهو أب لخمسة أطفال، ويقول "ناشدنا وناشدنا، فجاءت لجان وعادت لجان ولم نستفد منها أي شيء".

وفي ظل الفجوة الكبيرة في القطاع التعليمي الرسمي وقلة التمويل يزداد الاقبال بشكل كبير على المدارس الخاصة التي باتت تنتشر في أنحاء البلاد، وإن كانت كلفتها تفوق أحياناً قدرة الأهالي المادية.

ولم يجد وسام (44 سنة)، وهو موظف حكومي، خياراً سوى نقل ابنته (10 سنوات) إلى مدرسة خاصة في بغداد لتوفير أفضل تعليم لها على رغم راتبه الحكومي المحدود، وبات يدفع سنوياً مليون دينار (680 دولاراً).

ويقول إن المدرسة الخاصة "نظيفة وصفوفها مجهزة بتبريد ووسائل راحة، كما أن مستوى التدريس جيد".

ويضيف "ماذا أفعل؟ هل أتركها هناك؟ كان في صفها أكثر من 40 تلميذاً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات