Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زمن إفلات العملات المشفرة من القانون انتهى مع سجن بانكمان-فرايد

التكنولوجيا الجديدة أعلت شأن ملك الكريبتو لكن الحكم بحبسه قد يجعله رمزاً غير تقليدي لدخولها زمن النضج

"قدم نفسه كشخص طيب المخلص بالكامل لخدمة التنظيم التشريعي الجيد لصناعة العملات المشفرة" (غيتي)

ملخص

قصة صعود وسقوط سام بانكمان-فرايد مؤسس بورصة "أف تي إكس" لتداول العملات المشفرة ومن ثم سجنه يؤشر إلى نهاية زمن الحرية المنفلتة للكريبتو

في سبتمبر (أيلول) 2022، ظهر وجه سام بانكمان-فرايد على غلاف مجلة "فورتشن" (ثروة) Fortune، والتمع بريق اسم شركته في الملاعب الرياضية فيما انخرط بنفسه في محادثات مع إيلون ماسك عن مساعدة الأخير في الاستحواذ على منصة "تويتر". وبوصفه رئيس أكبر بورصة لتداول العملات المشفرة في العالم، أضحى أغنى شخص في العالم تحت سن الثلاثين، وذاع صيته بين مستثمرين في "وادي السيليكون" باعتباره التريليونير المقبل.

بعدها بثلاثة أشهر فقط، اعتقل الرجل الملقب بـ"ملك الكريبتو" وأدين بتهم احتيال وتبييض الأموال أدت إلى انهيار بورصة "أف تي إكس" FTX، في خاتمة المطاف. ولعله سجل في تلك اللحظة نفسها، رقماً قياسياً في الزمن الأقصر للتهاوي من بليونير إلى مفلس.

في هذا الأسبوع، بعد سنة من الإجراءات القانونية، نال حكماً بالسجن 25 عاماً بسبب جرائمه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال القاضي لويس كابلان الذي أصدر الحكم على بانكمان-فرايد في قاعة محكمة نيويورك بأن المتهم البالغ من العمر 32 سنة، "لم يفه بكلمة ندم عن ارتكابه جرائمه الفظيعة".

وبوصفه مؤسس "أف تي إكس" ورئيسها، وقد وصلت ذات مرة إلى التداول التجاري يومياً بـ21 مليار دولار (16.6 مليار جنيه استرليني)، رفع بانكمان-فرايد نفسه إلى مصاف القادة المرموقين في عالم العملات المشفرة. كما مثل في ديسمبر (كانون الأول) 2021، أمام الكونغرس كي يطرح للسياسيين أفكاره عن الطريقة الأمثل لوضع تنظيم تشريعي لهذا الكون [العملات المشفرة].

وبحسب القاضي كابلان، "قدم نفسه كشخص طيب المخلص بالكامل لخدمة التنظيم التشريعي الجيد لعالم العملات المشفرة. وفي رأيي، شكل ذلك تمثيلاً".

لقد أسهم سقوطه وتهاوي "أف تي إكس" في أحد أسوأ انهيارات سعر عملة "بيتكوين" في التاريخ. وبلغ مجموع ما خسره زبائن "أف تي إكس" بلايين الدولارات. وبالنتيجة، اختفى تريليونا دولار من سوق العملات المشفرة فيما سعى المستثمرون إلى التفكير بطريقة للخروج من فضاء بدا فيه أن أموالهم باتت تحت رحمة محتالين ومخادعين يسعون إلى الربح السريع.

لقد أطلق بانكمان-فرايد حقبة توصف غالباً بأنها أيام الغرب المتوحش [إشارة إلى تفلتها من القوانين كلها واعتمادها الكامل على قوة وأداء الأطراف المتصارعة على المصالح] للعملات المشفرة. وعلى غرار الحال مع كل تكنولوجيا جديدة، وجد المشرعون وواضعو القوانين أنهم يحاولون الالتحاق بالركب منذ ظهور بيتكوين للمرة الأولى في 2009. وفي غمرة ذلك الغياب للقواعد، أضحى سام بانكمان-فرايد أحد أشهر الأشرار في عالم العملات المشفرة.

بعد أن وجد ذلك الكاليفورني [بانكمان-فرايد] مداناً بما شكل أحد أضخم حالات الاحتيال المالي في تاريخ الولايات المتحدة، أفاد المدعي العام الأول داميان ويليامز، بأن "عالم العملات المشفرة ربما يكون جديداً، وقد يكون لاعبون مثل سام بانكمان-فرايد حالة جديدة، لكن هذا النوع من الاحتيال بمثل قدم الزمان، ونحن لا نطيق صبراً حياله".

منذ تهاوي "أف تي إكس"، نسق المشرعون جهودهم لتفادي حدوث كارثة مماثلة أخرى. ورفعت "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" [الهيئة الرسمية المسؤولة عن تنفيذ القوانين الفيدرالية للأوراق المالية ومكافحة التلاعب بالسوق] عشرات من القضايا القانونية المدنية ضد مجموعة من أكبر رموز صناعة العملات المشفرة. في العام الماضي، أفاد رئيس الهيئة غاري غينسلر، أن المشرعين باتوا في وضعية "الشرطي عند الطلب" بغية وضع حد لزمن "الغرب المتوحش" في عالم العملات المشفرة. وأورد أنه "على غرار أحزمة الأمان في السيارات، يجب علينا ضمان أن تأتي حماية المستثمرين متوافقة مع مستوى سوق العملات المشفرة".

وقد اتخذت "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" إجراءات ضد البورصتين الرئيستين للكريبتو، "بينانس" Binance و"كوين بايز" Coinbase، بالترافق مع سعيها إلى الموافقة على أول إقرار بصناديق لمبادلة بيتكوين مع ودائع. وجلب ذلك مئات مليارات الدولارات من التوظيفات المؤسساتية، مع تقديم عمالقة الأموال على غرار "بلاك روك" BlackRock و"فيدلتي" Fidelity للمستثمرين طريقة مأمونة للدخول إلى فضاء العملات المشفرة.

وتناولت المديرة العامة لـ"صندوق النقد الدولي" الأمر نفسه، إذ تحدثت عن "مغادرة زمن الغرب المتوحش" في عالم العملات المشفرة، عبر مجموعة جديدة من القوانين والتشريعات.

وفي خطاب ألقته خلال ديسمبر 2023، أفادت بأن "الغرب المتوحش شكل مكاناً قاسياً. مع وجود قلة ممن يحملون إشارة (شريف) [ضابط شرطة فيدرالية]، ومجموعة محدودة من التشريعات والقوانين، كان أرضاً للتصادم والجرائم. لا تهدف هذه القواعد القانونية الجديدة إلى إعادتنا لزمن ما قبل الكريبتو، ولا لتحطيم الابتكار. لم تتلوث كل العملات المشفرة بالاحتيال، على غرار القول إن الغرب المتوحش لم يقتصر على الأشرار، على رغم ما مارسوه من استغلال أسطوري".

خلال الـ15 شهراً التي تلت اعتقال بانكمان-فرايد، تزامنت عملية إعادة بناء صناعة الكريبتو مع صعود قياسي في سوق العملات المشفرة. وفي الشهر الجاري، سجلت بيتكوين رقماً قياسياً تاريخياً، إذ تضاعفت قيمتها أربع مرات منذ تهاوي بورصة "أف تي إكس".

والآن، يتطلع بانكمان-فرايد إلى قضاء مدة الحكم في ما يرجح كونه سجناً بحراسة مشددة. ولعله تجنب أحكاماً أشد سوءاً بكثير، ذلك أنه واجه إمكانية الحكم بالسجن لمئة سنة لو صدرت في حقه العقوبة القصوى. في الوقت نفسه تتطلع العملات المشفرة إلى ما يعتقد كثر بأنها ستغدو حقبة جديدة من التدقيق المتزايد والحمايات للمستهلكين.

مع إرسال "المطلوب الأول" في عالم "الغرب المتوحش" [للعملات المشفرة]، ثمة حقبة اتسمت بالجشع والعمل خارج القانون، وصلت إلى خاتمتها أخيراً.

© The Independent

المزيد من تقارير