Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استخدام السياسيين في بريطانيا للطائرات الخاصة ضرورة أم بذخ؟

وسط اتهامات بالنفاق بشأن نفقات رحلة وزير الداخلية البريطاني إلى رواندا، هل ينبغي منح الشخصيات العامة بعض الامتيازات في ترتيبات النقل الخاصة بهم، أم أن الحكمة السياسية تقتضي سفرهم مع عامة الناس في الدرجة الاقتصادية؟

هذا الكشف يعزز التصور بأن سلوك هذه الحكومة يتسم بالتبذير في التعامل مع أموال دافعي الضرائب (غيتي)

ملخص

إن هذا الكشف مثير للقلق لأنه يعزز التصور بأن سلوك الحكومة البريطانية يتسم بالتبذير في التعامل مع أموال دافعي الضرائب، وأن وزراءها يستمتعون بالانغماس في الملذات؛ وأن خطة رواندا، كما قال وزير الداخلية نفسه، هي "إهدار مجنون للمال"

أنفق وزير الداخلية البريطاني، جيمس كليفرلي، نحو 165561 جنيهاً استرلينياً العام الماضي (208 آلاف دولار أميركي) على استئجار طائرة خاصة لرحلة ليوم واحد ذهاباً وإياباً إلى رواندا لتوقيع معاهدة جديدة من شأنها، كما هو مفترض، إنكار ما توصلت إليه المحكمة العليا البريطانية من أن رواندا ليست بلداً ثالثاً آمناً لترحيل اللاجئين. ومن الإنصاف القول إن الطلب العاجل والمفاجئ للحصول على ضمانات جديدة بشأن حقوق الإنسان من الروانديين له دوافع سياسية، إذ يرى رئيس الوزراء أن خطة رواندا هي "الرادع" الرئيس في كفاحه من أجل "وقف القوارب" المليئة بطالبي اللجوء الذين يعبرون القنال الإنجليزي.

إن هذا الكشف مثير للقلق لأنه يعزز التصور بأن سلوك هذه الحكومة يتسم بالتبذير في التعامل مع أموال دافعي الضرائب، وأن وزراءها يستمتعون بالانغماس في الملذات؛ وأن خطة رواندا، كما قال كليفرلي نفسه مراراً وتكراراً في جلسة نقاش قانوني، هي "إهدار مجنون للمال". كما أن استئجار طائرة خاصة هو أيضاً إحدى أكثر الطرق المدمرة للبيئة للسفر جواً، إذا كان هناك من لا يزال يهتم. ومن الناحية السياسية، فإن الجدل الذي تثيره مثل هذه الرحلات يمكن أن يكون مقلقاً للغاية.

ما المشكلة...؟

واحدة من أقوى التهم التي يمكن لوسائل الإعلام أن توجهها إلى سياسي في الخدمة - على بعد خطوات فقط من التآمر على القتل (وقد حدث ذلك بالفعل) - هي "النفاق". فأي وزير يقضي وقته في إلقاء المحاضرات على كل من يستمع إليه حول التبذير والإسراف في الحكومة، ثم يُضبَط وهو يستخدم طائرة خاصة، قد يتوقع بعض التغطية الإعلامية القاسية.

قد يدعي كليفرلي أن رحلته كانت ضمن القوانين، وأنها كانت إنجازاً دبلوماسياً سيخدم البلاد لعقود مقبلة، لكن الانطباع هو أنه لم يستطع الانتظار بضعة أيام ليقوم برحلة مجدولة إلى كيغالي. إلى جانب ذلك، فإن حزب العمال المعارض - إذا ما شكل الحكومة المقبلة كما هو شبه مؤكد - سيلغي خطة رواندا بأكملها، وربما قبل أن تقلع رحلة واحدة.

انتهز وزير الهجرة في حكومة الظل العمالية، ستيفن كينوك، الفرصة إلى أقصى حد، حيث قال: "بما أن إنفاق مبلغ 600 مليون جنيه من أموال دافعي الضرائب للحكومة الرواندية من أجل 300 لاجئ فقط لم يكن مهيناً بما فيه الكفاية، قرر وزير الداخلية إنفاق 165 ألف آخرين على رحلة جوية للتوقيع على الخطة الخرقاء. إن حماسة هذه الحكومة لإهدار أموال دافعي الضرائب لا تعرف حدوداً".

هل أصبحت إدارة سوناك مدمنة بعض الشيء على أسلوب حياة السفر بالطائرات؟

يبدو الأمر كذلك، وقد أصبح تفضيل ريشي سوناك لاستخدام طائرة هليكوبتر باهظة الثمن، بدلاً من القطار أو السيارة، حتى في الرحلات القصيرة داخل المملكة المتحدة سيئ السمعة بعض الشيء - فهو رجل ثري، على وشك أن يصبح مليارديراً، ويبدو أن لديه إحساساً بالاستحقاق أيضاً، وهذا يجعله يبدو بعيداً من الواقع بشكل متزايد. وهو يدعي من دون خجل أن هذا هو أفضل استخدام لوقته الثمين، وهي نقطة وجيهة، ولكنها تدل أيضاً على افتقاره إلى البراعة السياسية.

ما هي التكلفة؟

في سياقِ إجمالي الإنفاق العام البالغ نحو 1 تريليون جنيه، أي 1000 مليار جنيه، فإن التكلفة الإجمالية للرحلات الجوية غير المجدولة لجميع وزراء الدولة ورؤساء الوزراء البالغة نحو 5 ملايين جنيه في 2022-23 هي تكلفة ضئيلة - ولكن هذا ليس هو المقصود؛ وكما يؤكد حزب العمال، ويميل الناس إلى الموافقة، فإن الوزراء يقومون بعدد مفرط من الرحلات الجوية غير المجدولة بـ"تكاليف باهظة".

هل هذا مهم من الناحية السياسية؟

نعم، وهذا الانطباع بالنفاق ضار. لقد قدم سوناك بالتأكيد الكثير لوزيرة خزانة الظل المتقشفة. فقد هاجمت وزيرة الخزانة في حكومة الظل رايتشل ريفز، التي تعطي انطباعاً بأنها تُفضل السير على الأقدام على أن تنفق أموال الشعب على ركوب حافلة بأجرة جُنَيهَين، "عادةَ الطائرات الخاصة" التي يتبعها سوناك، وهي تقول إن حزب العمال سيفرض قواعد وزارية على استخدام الطائرات الخاصة في الرحلات الرسمية، مما يوفر "ملايين الجنيهات لدافعي الضرائب".

هل الأمر عادل؟

نعم ولا. من المؤكد أن المروحية توفر الوقت، ورئيس الوزراء مشغول دائماً. لا يمول دافعو الضرائب سفرياته الخاصة، أو الرحلات المتعلقة بحزب المحافظين، كما أثبت الكشف المؤسف عن قيام المتبرع المحافظ فرانك هيستر بدفع 15 ألف جنيه لرحلات رئيس الوزراء بالمروحية. كما أن سوناك قبل أكثر من 70 ألف جنيه من متبرعين سياسيين هذا العام من أجل السفر على متن طائرة خاصة ومروحية لحضور فعاليات حزب المحافظين.

وتنطبق حجج مماثلة في ما يتعلق بالوزراء الآخرين. فقد اجتذب جيريمي هانت، وزير الخزانة، الذي قام أخيراً برفع رسوم السفر جواً على المسافرين على متن الطائرات الخاصة للأثرياء، بعض الدعاية غير المواتية عندما قرر أن يستقل الطائرة إلى مانشستر لحضور مؤتمر حزب المحافظين. وكانت المفارقة الإضافية هي أن هذا المؤتمر هو الحدث الذي أعلن فيه رئيس الوزراء عن إلغاء خط القطار فائق السرعة HS2 من لندن إلى مانشستر.

 

لكن الواقع هو أن سوناك يستخدم النقل الجوي الخاص على نفقة دافعي الضرائب أكثر من أسلافه. تُظهر البيانات الصادرة العام الماضي أن سوناك استقل طائرة رسمية تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني كل ثمانية أيام في المتوسط خلال الأشهر السبعة الأولى من توليه المنصب. وهذا أكثر تواتراً من تيريزا ماي أو بوريس جونسون أو ليز تراس (على رغم أن أرقام جونسون وتراس غير دقيقة بسبب الإغلاق أثناء جائحة كورونا وقِصر فترة تراس بنحوٍ رهيب). وقد استخدم سوناك هذه الطائرات في زياراته لأماكن تخدمها خطوط نقل عام معقولة، مثل نيوكواي ودوفر وليدز.

ألم يحب جونسون ركوب الطائرة؟

بلى. على رغم حماسته الشديدة لركوب الحافلات، إلا أنه لم يتراجع عن ذلك عندما كان الآخرون يتكفلون بمصاريفها. على سبيل المثال، استخدم بِحُرية طائرة شركة JCB الخاصة وطائرة هليكوبتر بقيمة 47 مليون جنيه خلال حملة انتخابية محلية، وبالتالي ضخ 21 طناً من ثاني أكسيد الكربون - وهي حقيقة لا تتفق بوضوح مع رئاسة المملكة المتحدة لـ "كوب 26"، أو مع طموحات رئيس الوزراء السابق في تحقيق صافي صفر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ماذا عن فاتورة الضيافة؟

في سياق ما يقرب من 30 مليار جنيه التي كلفت الأمة خلال فترة توليها منصبها ونتيجة لذلك [عقب الاضطراب الذي أعقب موازنتها المصغرة]، فإن تكاليف الضيافة التي تكبدتها تراس في بعض رحلاتها حين كانت وزيرةً للخارجية بسيطة - لكنها لا تزال مهينة. فعلى رغم عدائها لـ "المؤتمرات العالمية"، أنفقت تراس أكثر من 15 ألف جنيه على خدمات الضيافة على متن الطائرة في رحلة إلى أستراليا. كما كلفت فاتورة رحلة الطائرة الخاصة لعام 2022 أكثر من 1400 جنيه للفرد الواحد لـ 12 ممثلاً حكومياً.

وبالمثل، كلفت زيارة قبل شهرين من ذلك الوقت إلى ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند دافعي الضرائب 12700 جنيه في خدمات الطعام، أو 1300 جنيه للفرد. أما إذا كانت المكاسب في التجارة والأمن القومي تستحق العناء فهو أمر قابل للنقاش.

ماذا عن بلير والطائرة "فورس وان" Force One - ألم يكن حزب العمال الجديد بنفس السوء؟

لقد أُغروا بالطبع، لكن غوردون براون اعترض على فكرة النقل الجوي المخصص للملكة ورئيس الوزراء، لذلك لم تُقلع طائرة بلير "فورس وان" أبداً، بأي شكل من الأشكال - كذلك سُحِبَ اليختُ الملكي "بريطانيا" من الخدمة (ولم يُستَبدل، على رغم محاولات جونسون ومايكل غوف للقيام بذلك للاستخدام الرسمي الأوسع، أي من قِبلِهما).

وفي نهاية المطاف، في عام 2016، بُنِيت مثل هذه الطائرة المصممة بحسب الطلب في عصر التقشف المفترض في عهد ديفيد كاميرون. وقد أُطلِق عليها اسم "كام فورس وان" Cam Force One، وكانت جزءاً من سلاح الجو الملكي البريطاني، أما الطائرة الحالية فقد لُونت بألوان علم المملكة المتحدة بناءً على أوامر جونسون.

الموقف الحالي هو أنه من المتوقع أن يستخدم الوزراء (ومعظم أفراد العائلة المالكة) وسائل النقل العام العادية والرحلات الجوية المجدولة، ولا يتم اللجوء إلى الطائرات التي يديرها سلاح الجو الملكي البريطاني أو الطائرات الخاصة المستأجرة إلا عند الضرورة - "الضرورة" مصطلح غير موضوعي مفيد بالطبع.

لماذا نرى في بعض الأحيان أمثال الأمير ويليام على متن شركات الطيران الاقتصادية؟

لأن ذلك قد يكون مريحاً بالنسبة لهم، كما أنه يجعل العلاقات العامة ممتازة بشأن مصداقيتهم البيئية وأذواقهم المتواضعة. استخدمت عائلة كامبريدج شركة "فلاي بي" للوصول إلى بالمورال، بينما حضر هاري وميغان قمة تغير المناخ على متن طائرة من طراز "ليرجيت" المجهزة بشكل جيد. هذا يوضح وجهة نظر.

ما هو الجواب؟

استقل القطار - وإذا كان ذلك آمناً، اجلس مع عامة الناس، فقد تتعلم شيئاً ما.

© The Independent

المزيد من تحلیل