Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهجة "الحشاشين" تفك متلازمة التاريخ والفصحى

الغرض من العامية المصرية في المسلسل ضمان الوصول للجميع وتبسيط الفكرة وتوسيع قاعدة التوعية بفكر الجماعات التي تنتهج العنف

جرى العرف الإعلامي والدرامي أن يرتبط المحتوى الجاد الهادف بالفصحى، وأن تكون العامية للترفيه والمحتوى الخفيف (صفحة مسلسل الحشاشين)

ملخص

بعيداً من القبائل والرجال، يلاحظ أن جموع المعارضين والمنتقدين لفكرة تقديم عمل تاريخي، لا سيما إن كان دينياً، بالعامية لا تخلو دائماً من أنصار جماعات الإسلام السياسي، وذلك في اتساق فريد وانسجام نادر مع المعارضين لأسباب فنية أو نقدية أو علمية

مراكز تعليمية عدة تقدم دورات للكبار لتعلم العامية المصرية. يجلس الطلاب ويعلمهم الأساتذة "قواعد" العامية. نعم، فللعامية قواعد. بعضها مشترك مع العربية الفصحى، والبعض الآخر نتاج امتزاج الفصحى باللغة القبطية وكلمات من اللغات المصرية القديمة، إضافة إلى تداخلات كلمات من اللغات المختلفة مثل الإيطالية والفرنسية واللاتينية والإسبانية والإنجليزية والتركية وغيرها.
وإضافة إلى أنها خليط معتبر من الكلمات والعبارات الفريدة، فهي لهجة طاغية من حيث القدرة على الانتشار والتفوق على قرينتها العربية الفصحى، ناهيك عن نعومتها من حيث مخارج الألفاظ وشعبيتها من منطلق انتشارها في أرجاء العالم العربي، إضافة إلى المتحدثين بالعربية من غير العرب.

متلازمة التاريخ والفصحى

كل من يتحدث العربية يعتقد بأن أي عمل درامي تاريخي أو ديني يجب أن يكون بالعربية الفصحى. لذلك، فإن لا صوت يعلو منذ بداية شهر رمضان على صوت الجدال الدائر والاشتباك الحامي والنقاش المستعر حول العامية المصرية المستخدمة في مسلسل "الحشاشين". إنه المسلسل الذي بدأ "ترنده" قبل أن يبدأ، سواء لاسمه الذي اعتقد بعضهم بأنه يعني من يعاقرون القنب المخدر (الحشيش)، أو لدهشة من يعرفون المقصود بالكلمة والمرتبطة في كتب التاريخ بـ"أكثر الفرق دموية وسرية في التاريخ الإسلامي"، وما فجره ذلك من إسقاطات على جماعات الإسلام السياسي التي يتداخل في تاريخها الدين بالسياسة بالعنف. فكيف لعمل تاريخي وإسلامي وعربي أن يخرج بالعامية؟!

الجاد فصحى

جرى العرف الإعلامي والدرامي أن يرتبط المحتوى الجاد الهادف بالفصحى، وأن تكون العامية للترفيه والمحتوى الخفيف. وكلما أمعن المذيع(ة) والضيوف والخبراء في التحدث باللغة العربية الفصحى، كلما كان ذلك دليلاً على الجدية والمهنية واحترام المشاهد أو المستمع. أما نشرات الأخبار والصحافة المكتوبة، فلا مجال للجدال فيها. الفصحى سيدة الموقف.
يقول الشاعر والناقد المصري حمزة قناوي في مقالة عنوانها "اللغة العربية والإعلام الحديث" (2021) إن استخدام اللغة العربية الفصحى يُعد الأساس الذي ترتكز عليه البرامج والنشرات والمتابعات وحتى التغطيات الميدانية، غير أن تفاوت مستوى الأداء اللغوي يسِمُ الصورة، فالنشرات تعتمد بصورة كاملة على اللغة العربية الفصحى المحكمة لوجود آلية دقيقة تتابع إنتاجها، بدءاً من كتابة الخبر وصولاً إلى قراءته على الشاشة من محرر ورئيس تحرير نشرة ومدقق لغوي ومذيع أو مذيعة، وكذلك متابعة العناوين على الشاشة من خلال منتجي الأخبار. ويعتبر قناوي هذا الإحكام في إنتاج الخبر "السبب الرئيس في تعميق مهنية وفاعلية استخدام اللغة العربية في الخطاب الإخباري في النشرات والبرامج الإخبارية أو المتعلقة بقضايا الأخبار".
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن هذه الدرجة من الإحكام تغيب عن البرامج، "لا لتقصير، ولكن لأن الأمر راجع إلى طبيعة البرامج نفسها والتي بها من المرونة ومساحات التحاور وتفاوت المستوى اللغوي للضيوف، واستخدام لغة فصيحة وسطية غير رسمية ولا جافة، كل هذا ربما يجعل المخرج اللغوي للمحتوى البرامجي على شاشاتنا أقل إحكاماً، وهو لا يعني أكثر أخطاء بالضرورة".
واعتبر قناوي حضور اللغة العربية الفصحى في المحتوى المعرفي الثقافي الإعلامي والدارمي ضرورة، قائلاً "لا بد من أن تحضر فيه اللغة العربية بصورة أو بأخرى تجسيداً لجوهره". والمقصود بهذا المحتوى هو البرامج الثقافية، سواء كانت حوارية أو توثيقية أو تاريخية، أو مسلسلات ومواد منتجة عن المسرح أو الأدب أو التاريخ أو الفن أو العلوم، "فلا يمكن أن تقدم بغير اللغة العربية الفصحى".

عامية "الحشاشين"

لكن القائمين على المسلسل المصري "الحشاشين" التاريخي الإسلامي العربي الذي يعرض للجماعة التي تحمل هذا الاسم والتي أسسها حسن الصباح في القرن الـ11 الميلادي، والمنبثقة من الطائفة النزارية من المذهب الإسماعيلي، أدهشوا الجميع بخروج المسلسل بالعامية المصرية.
العامية المصرية هي اللهجة الأم وضمان وصول الفكرة إلى كل الناس، وبذلك فإن اللهجة العامية تيسّر عملية وصول فكرة المسلسل، حتى لو كان تاريخياً، إلى أكبر عدد من الناس، و"نتائج العامية ستكون أفضل من الفصحى"، بحسب ما قال الطبيب وعالم المصريات وسيم السيسي في تصريحات صحافية عن عامية "الحشاشين"، وأضاف أن "الهدف من المسلسل هو تسليط الضوء على الاغتيالات السياسية التي بدأت في القرن الـ11 مع حسن الصباح بغرض نفور الناس من مثل هذه الاتجاهات، لذلك العامية أفضل لأنها ستصل إلى الجميع".


ويرى السيسي أن الدراما لا يشترط فيها نقل الوقائع كما هي بالضبط في الحقيقة، لكن يشترط أن تصل فكرتها إلى عموم الناس، لا سيما حين تكون الفكرة توعوية وتهدف إلى تفنيد منظومة الاغتيال السياسي، لذا لزم الوضوح والتبسيط، مشيراً إلى أن أصل كلمة "اغتيال" بالإنجليزية Assassination هو "حشاشين"!

وداعاً للعرف؟

ضمان الوصول إلى الجميع وتبسيط الفكرة وتوسيع قاعدة التوعية بفكر الجماعات التي تنتهج العنف والقتل منهجاً هي بوابة العامية إلى الأعمال التاريخية. الناقد الفني طارق الشناوي يتحدث عن قواعد يتم توارثها من دون سبب مقنع، ويقول في تصريحات إعلامية تعليقاً على عامية "الحشاشين" إن "العرف جرى أن تكون الأعمال التاريخية والدينية باللغة العربية الفصحى، وهو النهج الذي اتبعه التلفزيون المصري في مثل هذه الأعمال منذ بدايته عام 1960، وقبله في الإذاعة. أما الأعمال الكوميدية، فدائماً تكون بالعامية، مما جعل الجميع يعتقد بأن هذه هي القاعدة".

نابليون بالإنجليزية

لكن ماذا عن قاعدة تقديم الأفلام والشخصيات التاريخية من الهند وبلاد العرب وأميركا اللاتينية، وحتى روسيا والصين، وغيرها باللغة الإنجليزية في هوليوود؟، يقول الشناوي إن "نابليون فرنسي، والأحداث التي صنعها وعاصرها دارت بالفرنسية، لكن المخرج ريدلي سكوت حين قدم فيلمه "نابليون" قدمه بالإنجليزية"، ويشير إلى أن "أحداً لم يتساءل عن سبب تقديم نابليون الفرنسي بالإنجليزية، أو اعتبر ذلك نقيصة لأن اللغة أو اللهجة في العمل الفني تفرض نفسها وتكون أشبه بالتعاقد مع المتلقي"، مذيلاً كلامه بعبارة "نحن من نصنع القاعدة".

التاريخ بالعامية

خروج "الحشاشين" عن القاعدة ليس الأول، وعلى الأرجح لن يكون الأخير في ما يتعلق بالأعمال التاريخية والدينية. فيلم "الناصر صلاح الدين" (1963) للمخرج الراحل يوسف شاهين مزج بين الفصحى والعامية مزجاً متفرداً وغريباً. وعلى رغم الغرابة، إلا أنه أحد أكثر الأفلام مشاهدة واستحساناً في العالم العربي. وحين قدم المخرج نفسه يوسف شاهين فيلم "المصير" (1997) الذي يراوح ما بين كونه سيرة ذاتية له وسرداً لما جرى للفيلسوف العربي ابن رشد في الأندلس في القرن الـ 12، قدمه بالعامية المصرية، مما حقق للفيلم انتشاراً جماهيرياً كبيراً.
جماهيرياً، وعلى رغم جودة كثير من الأعمال التاريخية، إلا إنها ترتبط لدى بعضهم بالمبالغة والإغراق في التراجيديا والإفراط في تقبيح العدو وتجميل الذات بصورة مناقضة للتاريخ والجغرافيا والمنطق.

حواجب الكفار

المنطق الذي جعل من كفار مكة مثلاً في الأفلام التاريخية إما رجالاً بحواجب كثيفة ملتصقة ببعضها وعبوس مزمن وكروش مهيبة وأصوات جشة وضحكات شريرة صاخبة أو نساء غانيات وراقصات وساقطات، هو المنطق نفسه الذي يجعل منهم بعد الإيمان رجالاً سمحي الوجوه بحواجب منسقة ووجوه مبتسمة وقدود نحيلة وأصوات رقيقة، ونساءً جليلات محتشمات بوجوه يشع منها نور الإيمان، هو كذلك المنطق الذي جعل من مثل هذه الأفلام مادة خاماً للسخرية الشبابية.
"ميمز" ساخرة من مظهر الشخصيات التي ترد في الأفلام التاريخية وملامح وجوهها تزخر بها الإنترنت. كما يتداول المصريون في ما بينهم "إفيهات" من هذه الأفلام، ما حوّلها من قمة التراجيديا إلى غاية الكوميديا. "شلت يدي" أصبحت عبارة متداولة على سبيل الدعابة، وهي الجملة المأخوذة من فيلم "فجر الإسلام" حين سخر "حنظلة" من الكفار أثناء تحطيم الأصنام مدعياً إصابة يده بالشلل، ثم قال "لا لا إنها سليمة".
ومن الفيلم نفسه، سؤال وجهه أحدهم لآخر حين اشتم رائحة طيبة، "ما هذه الرائحة النظيفة؟ هل أسلمت؟"، في إشارة درامية إلى ربط الاستحمام بالإيمان.
حتى أنشودة الكفار وهم يطوفون حول الكعبة التي وردت في عدد من الأفلام التاريخية الدينية "نحن غرابا عك عك" حوّلها المتفكهون على سبيل السخرية إلى "نحن نريدها هلس هلس، نريد دماراً شاملاً، هدفنا شباباً ضائعاً".
حدود السخرية من الجدية المفرطة للأفلام التاريخية والمبالغة في الصياح والإسراف في الصراخ والاصطناع في الأداء وصل إلى الدراما نفسها. دراما تسخر من دراما، ولعل "إفيه" "فلنأخذ من كل رجل قبيلة" من فيلم "عوكل"، فصاح الممثل محمد سعد بهذه العبارة بدلاً من العبارة المأثورة في الأفلام التاريخية الدينية "فلنأخذ من كل قبيلة رجلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الإسلام السياسي معترض

وبعيداً من القبائل والرجال، يلاحظ أن جموع المعارضين والمنتقدين لفكرة تقديم عمل تاريخي، لا سيما إن كان دينياً، بالعامية لا تخلو دائماً من أنصار جماعات الإسلام السياسي، في اتساق فريد وانسجام نادر مع المعارضين لأسباب فنية أو نقدية أو علمية.
ولا يمكن تجاوز أو تجاهل أتباع جماعات الإسلام السياسي المعاصرة والمتعاطفين معها، مثل الإخوان المسلمين، ضمن الأصوات المعترضة بشدة على عامية الدين والتاريخ. المتابع لكلام أعضاء هذه الجماعات يلاحظ تعمد استخدامهم للغة العربية الفصحى بصورة كاملة أو شبه كاملة حتى في الأحاديث والمناسبات الاجتماعية، وحتى صغارهم يربونهم أحياناً على مخاطبة الأب والأم بـ"أبي" و"أمي"، وليس "بابا" و"ماما" كما في اللهجة المستخدمة في كل بيت.

دق إسفين فتنة

هرع القيادي الإخواني المقيم خارج مصر عصام تليمة إلى تصوير فيديو "ساخن" عنوانه، "اللهجة العامية وأخطاء تاريخية كبيرة: مسلسل الحشاشين من تزييف الحاضر إلى تزوير التاريخ"، وتحدث فيه عن "الظاهرة الغريبة" للمسلسلات المصرية التاريخية في "الفترة الأخيرة" التي يتم إنتاجها بالعامية وليس العربية الفصحى السليمة.
ونظراً إلى أن المسلسل يدق على أوتار الجماعات الدينية التي تلجأ إلى العنف والاغتيالات، فسر تليمة ذلك بأنه "لا يتوسم الدقة في مثل هذه الأعمال الدرامية التي كثيراً ما يدخل فيها الهوى واستخدام التاريخ وتوظيف السياسة في الأعمال التاريخية والدينية".
ورأى أن "هناك توجهاً لاستخدام العامية في زمن لم تكن فيه هناك عامية". وانتقد لجوء المخرج الراحل يوسف شاهين إلى استخدام العامية في الأفلام التاريخية التي قدمها، "متعمداً الخلط بين الفصحى والعامية"، وذهب إلى درجة القول إن القرن الـ20 شهد دعوة إلى اعتناق العامية (باعتبار ذلك سبة ومؤامرة ضد الدين والفصحى).
وذهب إلى القول إن رموزاً دينية مسيحية، قبل أن يقرر ذكر اسم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل البابا شنودة، كان يتعمد الحديث بالعامية على رغم أنه كان يتقن الفصحى، مضيفاً أن "كلنا يعلم المعركة بين اللغة العربية واللغة القبطية في مصر"، في دق "إخواني" معتاد لإسفين فتنة باستخدام المسيحية ومسيحيي مصر. ومعروف أن كنائس ومؤسسات مسيحية في مصر شهدت سلسلة من الهجمات الإرهابية عقب أحداث يونيو (حزيران) عام 2013 والتظاهرات الشعبية الهادرة التي طالبت بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين.
يشار إلى أن الوصية الخامسة من وصايا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا هي "اجتهد أن تتحدث العربية الفصحى، فإن ذلك من شعائر الإسلام".

شعائر الثقافة المصرية

أبرز شعائر الثقافة المصرية عامية لهجتها وهي تتربع على عرش قواها الناعمة جداً، فالأفلام والمسلسلات المصرية عبرت الحدود واختصرت المسافات وأدخلت الثقافة المصرية إلى البيوت العربية عبر اللهجة العامية.
الكاتب والمحلل السياسي المصري جميل مطر كتب عام 2015 مقالة عنوانها "قوانا الناعمة"، وجاء فيها أن "الأغنية والموسيقى والسينما المصرية كانت من أهم قوى مصر الناعمة، وكلها اشتركت في نشر ودعم أهم قوانا الناعمة على الإطلاق بعد النهر العظيم، إنها اللهجة العامية المصرية".
وقال أيضاً "فُقنا من سنوات الوهم (سنوات حكم الرئيس السابق الراحل حسني مبارك) لنكتشف أن بعض قوانا الناعمة فقدت جاذبيتها وأننا توقفنا عن توليد قوى ناعمة جديدة. اكتشفنا أيضاً وما زلنا غير مصدقين تماماً أن النهر العظيم، أقوى قوانا الناعمة على الإطلاق، أصابه التلوث وها هو يتعرض لأخطار لم تكن في الحسبان".
ورأى مطر أن "شبكات القوة المصرية، الصلب منها والناعم وفي القلب منها اللهجة المصرية، وأدواتها مثل الأغنية والسينما والمسلسلات، تعرضت للاستنزاف من قبل عدد من القوى، وكان الهدف منها تقييد قوة مصر، من باب القوى الناعمة".

وللـ"سوشيال ميديا" رأي

قوة مصر الناعمة المتمثلة في عاميتها قوبلت بدعم جماهيري للفكرة المستخدمة في مسلسل "الحشاشين"، إذ إن الـ"سوشيال ميديا" عامرة بآراء المصريين وبعض العرب في هذا الشأن، بين سلاسة العامية مقارنة بالفصحى فسهولة الفكرة وبساطتها وأحقية مصر في إنتاج مسلسلات بلهجتها، إضافة إلى القول إن الأولين عاشوا حياتهم وتحدثوا بلهجاتهم وليس باللغة العربية الفصحى بالضرورة.

 


وجانب آخر من الحراك الجماهيري على الـ"سوشيال ميديا" تمسك بمتلازمة الأعمال التاريخية، لا سيما الدينية، واللغة العربية الفصحى، أو من منطلق أن العامية من شأنها أن تنتقص من جدية الفكرة أو تراجيديا الموقف أو صرامة الحدث.
ويبدو أن حدث عامية "الحشاشين" أثار الاهتمام العربي لدرجة أن رئيس هيئة الترفيه في السعودية تركي آل الشيخ كتب على صفحته في "فيسبوك" أن "من حق صناع مسلسل ’الحشاشين‘ اختيار اللغة التي تناسبهم واللهجة المصرية عريقة ومفهومة في كل العالم العربي. الأتراك عند إنتاجهم مسلسلات تكون بلغتهم وكذلك الأجانب في الغرب. اللغة الفصحى قد لا تجذب شريحة من الشباب. أنا أحب الفصحى لكن غيري قد لا يفضلها". وتساءل مداعباً "في حال إنتاج مسلسل عن الفراعنة، فهل سيكون باللغة الهيروغليفية مثلاً؟". وأعلن أن بلاده بصدد إنتاج سعودي ضخم برعاية هيئة الترفيه، وأنه في حيرة هل يختار الفصحى أو العامية للانتشار، مذيلاً ذلك بقوله إن "خطوة ’الحشاشين‘ شجعته على التفكير".

عربي ودخيل وعامي محض

وبالعودة للعامية المصرية، إذ يُؤرَّخ لبدايتها مع دخول عمرو بن العاص مصر سنة 21 هجرية، وبحسب ما جاء في دراسة عنوانها "الأمثال العامية المصرية: دراسة في ضوء علم الأصوات التوليدي" للباحثة في قسم اللغة العربية في كلية الألسن بجامعة "عين شمس" هدى عبدالغني باز، إن "المصريين كانوا وقتها يتحدثون العربية مع اللغتين السائدتين القبطية واليونانية". وأوضحت أن "المنافسة بين اللغات الثلاث كانت واضحة، إلا أن العربية أخذت في الانتشار على حساب القبطية واليونانية بسبب استخدامها في الدواوين" (المصالح)، وتشرح أن "اللغة العربية التي انتشرت خضعت لتغيرات كثيرة، وأدمجت معها ألفاظاً من القبطية واليونانية والعبرية والسيريانية، وغيرها من اللغات التي وجدت أو وجِد المتحدثون بها في مصر على مر التاريخ".

العالم والأديب ومحقق التراث العربي أحمد تيمور (1871-1930) قال إن "الكلمة العامية إما صحيحة في بعض ألفاظها وإما محرّفة وإما لحق معناها شيء من التصرف. لا تخلو العامية من كلمات دخيلة أو مرتجلة. فهي تنقسم ثلاثة أقسام، قسم عربي وهو الكثير الغالب، وقسم دخيل من لغات شتى، وقسم عامي محض لا أصل له".

المزيد من تحقيقات ومطولات