Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تمهد انتصارات الجيش في أم درمان الطريق لاستعادة ود مدني؟

هزيمة "الدعم السريع" الأولى تشعل نيران السيطرة على المواقع

عشية مداهمة الجيش الإذاعة والتلفزيون شدد مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا على ألا هدنة في رمضان (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

الجيش السوداني يبشر بانتصارات مقبلة و"الدعم السريع" تتوعد، والسؤال: هل تتحول ولاية الجزيرة إلى مصيدة على رغم تحذيرات "الدعم السريع"

خلال احتفاله بالنصر مع الضباط والجنود داخل سلاح المهندسين بأم درمان وتهنئتهم باستعادة مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وسط المدينة، وعد رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان بسلسلة انتصارات مقبلة، متوعداً بالقضاء على قوات "الدعم السريع" التي دخلت ولاية الجزيرة وسط السودان، بعد أن تمت محاصرتها، وباتت داخل الشرك الذي قال قائدها محمد حمدان دقلو أنه نصبه للجيش. فهل تمهّد انتصارات الجيش السوداني الأخيرة في العاصمة الخرطوم الطريق إلى استعادة مدينة ود مدني وتحرير ولاية الجزيرة؟

 

الهزيمة الأولى

يرى مراقبون أن استعادة مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون لم يكن بالنسبة للجيش مجرد انتصار، بل بمثابة كسر ظهر، إذ كان المقر الذي تم تحريره بمثابة نقطة الارتكاز والانطلاق الأهم لقوات "الدعم السريع".

وتحسباً لرد فعل انتقامي، انتشرت قوات من الجيش في معظم شوارع منطقة أم درمان القديمة، في وقت تواصلت، بحسب مصدر عسكري، المعارك لاستكمال تحرير بقية مناطق وأحياء جديدة، بما فيها مناطق أم بدة وصالحة وأجزاء من المربعات في أبو سعد والفتيحاب، لافتاً إلى أن إكمال السيطرة على مدينة أم درمان بات وشيكاً جداً بعد فتح خطوط الإمداد بين سلاح المهندسين وقاعدة كرري العسكرية شمال أم درمان.

 

"الدعم" تتوعد

وعلى رغم قرار مجلس الأمن الدولي وما تبعته من دعوات إقليمية ودولية لوقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان، تواصلت الاشتباكات بالعاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش وقوات "الدعم السريع".

وعشية مداهمة الجيش الإذاعة والتلفزيون، شدد مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا على ألا هدنة في رمضان، ولا تفاوض من أجل إيقاف الحرب ما لم تلتزم "الدعم السريع" بتنفيذ مخرجات اتفاق جدة.

في أعقاب إعلان الجيش استعادة مقر الإذاعة والتلفزيون، أكدت قوات "الدعم السريع" على حسابها بمنصة "إكس" استعدادها لهجمات تستهدف معاقل الجيش في محلية كرري ومنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، كما بثّت مشاهد قالت إنها من آثار دمار ألحقه القصف الجوي لطيران الجيش على مناطق وأحياء سكنية في ولاية الجزيرة، متوعدة بالتصدي لكل من يحاول الاقتراب من مدينة ود مدني.

ود مدني

في الأثناء، كشفت مصادر عسكرية عن تزايد نشاط العمليات الحربية على الأرض في ولاية الجزيرة، حيث يعمل الجيش على تضييق الحصار على مدينة ود مدني وإغلاق منافذها من الجهتين الشرقية والغربية بما فيها جسرا حنتوب شرقاً وبيكة غرباً تمهيداً لعمل عسكري كبير يستهدف تحرير المدينة. وأوضحت المصادر أن الجيش تمكّن، خلال الأيام القليلة الماضية، من تدمير وتحييد مجموعات قتالية كبيرة من قوات "الدعم السريع" على تخوم مدينة المناقل، في وقت يتابع الطيران الحربي ضرباته في محيط المدينة وضواحيها، مع تواصل محاولات "الدعم السريع" قطع الطريق أمام تقدم الجيش صوب كبري بيكة المدخل الغربي لمدينة ود مدني.

واعتبر العميد الركن علي إدريس قائد لواء الدفاع الجوي بمنطقة دنقلا العسكرية شمال البلاد، أن انتصار الجيش في أم درمان خطوة على طريق خطوات أخرى مدروسة لتحرير بقاع السودان كافة.

كما توعد قائد قوات العمل الخاص الفريق محمد الحافظ عقلة "الدعم السريع" "بنهاية مريرة خلال الأيام المقبلة"، مشيراً إلى أنها بداية الانتصارات لتحرير كامل العاصمة وولايات الجزيرة ودارفور.

تحول معنوي

ورأى الباحث الأمني ضو البيت دسوقي أن الانتصار الأخير للجيش في أم درمان يمثل بداية خسارة "الدعم السريع" مكاسبه الميدانية، "ويشكل نصراً معنوياً هائلاً للجيش"، ووصف دسوقي انتصار الإذاعة بأنه نقطة تحول لتعزيز الخطط الميدانية للجيش في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم في محاور عدة أخرى ومن بينها ولاية الجزيرة، لا سيما بعد مرارة سقوط مدينة ود مدني، بكل ما ترتبت عليها من انتهاكات تمنحها أولوية التحرير بعد الإذاعة السودانية، وباتت ود مدني المعركة المقبلة".

الخطوط الأمامية

وفي وقت تدور معارك متقطعة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بولاية الجزيرة، تفقّد والي الولاية المكلف الطاهر إبراهيم الخير الدفاعات والخطوط الأمامية لتحرير عاصمتها ود مدني، برفقة اللواء ركن عوض الكريم علي سعيد قائد الفرقة الأولى مشاة بولاية الجزيرة، وعماد سيد أحمد مدير الاستخبارات بالولاية، وأكد أن "القضاء على التمرد بالجزيرة يعني تحرير السودان بأكمله لكونها تمثل قلب السودان".

وأكد اللواء ركن حيدر الطريفي قائد الفرقة 18 مشاة، خلال اجتماع ضم مجموعة من القادة العسكريين مع الوالي المكلف، جاهزية القوات لوضع حد لممارسات "الدعم السريع" ورفع رايات النصر قريباً في عاصمتها وكل أراضي الجزيرة.

وبينما قالت قوات "الدعم السريع" إنها بسطت كامل سيطرتها على بلدة المدينة عرب، وتستعد للهجوم على مدينة المناقل غرب الولاية، أعلن الجيش انطلاق عملياته العسكرية لتحرير مدن وقرى ولاية الجزيرة عبر محاور ميدانية عدة. وأوضحت مصادر ميدانية أن الجيش تمكن من تحرير مصنع سكر سنار، 30 كيلومتراً شمال غربي مدينة سنار، بينما تدور مواجهات واشتباكات في محيط قرى المناقل غرب الولاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت قوات "الدعم السريع" قد رحبت بدعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى وقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان، ما يمثل دليلاً على الرغبة في وقف الحرب واستثمار أي فرصة لتجنيب المدنيين ويلات الحرب وتسهيل حصولهم على المساعدات ووقف حركة النزوح الواسعة التي أنتجتها الحرب.

في السياق، أوضح المحلل والمراقب العسكري إسماعيل يوسف أن "قوات الدعم السريع التي دخلت الجزيرة أوقعت نفسها في مأزق حقيقي في أراض لا يعرفون طبيعتها ولا مداخلها ومخارجها، فضلاً عن أنها لا تمثل قوة ضاربة لكنها وجدت وضعاً أمنياً هشاً للتوغل في قرى المنطقة حيث لا توجد حتى أقسام للشرطة، ويتمركز ثقل قواتها غرب وجنوب ود مدني، وفي شارعي المناقل وسنار، وتتخذ من مباني رئاسة مشروع الجزيرة في ضاحية بركات مقراً لقيادتها".

أما الجزء الشرقي والشمالي من الولاية فتنتشر فيه قوات "درع السودان" بقيادة أبوعاقلة كيكل.

فعالية المقاومة

وأوضح يوسف أن المقاومة الشعبية لعبت دوراً مهماً في إسناد وتأمين ظهر الجيش ما أتاح حرية ومرونة التحركات وتعزيز عمليات المشاة البرية، وكان لهذا الأمر دور ملحوظ في تحول موازين القوة في جبهات قتالية عدة بالعاصمة وبعض الولايات، وأضاف "لعبت المسيرات دوراً مهماً وحاسماً في تدمير قدرات "الدعم السريع" وإضعاف نيران مدفعيتها، وحال تمكن الجيش من نقل مراكز تحكم المسيرات ذات المدى الطويل إلى ولاية الجزيرة فستكون فعاليتها أكبر مع المقاتلات الحربية في تلك المناطق شبه المفتوحة، ما سيسرّع في عملية تحرير ود مدني".

ولم يستبعد المحلل العسكري أن تسعى "الدعم السريع" للرد "ربما بضربات في مناطق شمال أو شرق السودان بالتسلل عبر الطرق البرية الوعرة من شرق الجزيرة وسهول البطانة الممتدة حتى ولاية البحر الأحمر، وأيضاً حتى حدود ولاية القضارف"، مشيراً إلى أن "حصول الجيش السوداني على طائرات إيرانية وتركية مسيرة متقدمة أسهم في تغيير مجرى المعارك".

احتفالات بالولايات

وكان الجيش السوداني، أعلن تحرير مبنى الإذاعة والتلفزيون بأم درمان بعد 11 شهراً من المواجهات، وزار البرهان سلاح المهندسين، للمرة الأولى، منذ نشوب الحرب.

كما احتفل معظم الولايات بتحرير مبنى الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون بوصفه انتصاراً كبيراً للجيش.

يُذكر أن ولاية الجزيرة المقدر عدد سكانها بحوالى ستة ملايين نسمة، استضافت، في وقت سابق أكثر، من خمسة ملايين نازح من الفارين من القتال بولاية الخرطوم.

اجتياح وانتهاكات

وفي 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023، اجتاحت "الدعم السريع"، على نحو مفاجئ، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وتوغلت بعدها، بشكل كامل، داخل بلدات وقرى الولاية.

وأسفرت حرب السودان عن سقوط أكثر من 14 ألف قتيل في عموم البلاد، بجانب تدمير البنى التحتية، ونزوح نحو ثمانية ملايين شخص داخل البلاد، ولجأ أكثر من 1.7 مليون منهم إلى دول الجوار، وصنف هذا النزوح كأكبر أزمة نزوح في العالم بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات