Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

12 بصمة تجعل هرب الإنسان من هويته مستحيلا

حددها العلم كسمات خاصة وفريدة وثابتة مدى الحياة من بينها قزحية العين والشعر والرائحة والشفاه وصولاً إلى الحمض النووي

لا تقتصر البصمات على أصابع اليدين، فحتى باطن الكف وباطن قدم الإنسان وباطن أصابع قدمه تترك جميعها آثاراً مميزة (أ ف ب)

ملخص

صحيح أن وجوهنا تعد أكثر جزءاً يفرق بيننا كبشر، لكن ميزاتنا الفريدة والخاصة تتجاوز الوجوه بكثير، وتلك هي بصمات الإنسان 

بعد انقطاع دام حوالى عقد من الزمن، قررت أخيراً محاولة مشاهدة التلفزيون التقليدي، تلك التجربة التي يهدر فيها المرء أكثر من نصف الوقت الذي خصصه للفرجة في البحث عن قناة تعرض شيئاً يستوقفه، بينما يدعو في سريرته أن يكون منسقو جداول البث اختاروا مادة تتماشى وذائقته.

لحسن الحظ لم تستمر جولة التنقل العشوائي بين القنوات طويلاً، قبل أن يستوقفني فيلم "استبدال الوجه" (Face/Off) على محطة عربية لها باع طويل في عرض الأفلام الأجنبية، وقررت المتابعة لمحاولة معرفة ما إذا كانت مشاهدتي للعمل للمرة الثانية بعد سنوات طويلة ستكون مختلفة أم لا. ولمن لا يعرفون القصة فهي تدور حول عملية استبدال وجه عميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي بوجه زعيم عصابة حتى يتمكن العميل من دخول السجن والكشف عن مخططات لتفجير قنبلة نووية في المدينة ومحاولة إحباطها، لكن الأمور تنقلب في النهاية على عميل الـ"إف بي آي" إذ يعتقد الجميع أنه مجرم في حين أن الشرير الخطر يتجول في أروقة الشرطة.

بغض النظر عن الأداء المذهل لبطلي الفيلم، جون ترافولتا ونيكولاس كيج، فقد رحت أفكر كيف انطلت علي فكرة أنه يمكن تبادل الأدوار بمجرد استبدال الوجوه. ربما يبرر لي هذا التصديق الساذج أنني كنت في الصف الأول الإعدادي عندما شاهدت الفيلم عند صدوره (أرجو ألا تبدأ عمليات الحساب كي يعرف عمري الحقيقي!).

صحيح أن وجوهنا تعد أكثر جزءاً يفرق بيننا كبشر، لكن ميزاتنا الفريدة والخاصة تتجاوز الوجوه بكثير، ولكل منا بصمات تميزه عن الآخرين. بالطبع هناك ميزات لا يمكن التطرق إليها في عمل سينمائي، مثل بصمة الرائحة مثلاً، لكن كان حرياً بالقيمين على العمل عدم تبسيط الفكرة إلى هذا الحد. فما بصماتنا نحن البشر من الناحية العلمية، التي يتم اللجوء إلى بعضها في عمليات الكشف عن الجرائم؟

بصمات الأصابع

هي الأثر الذي تتركه الأصابع في الأسطح نتيجة وجود انحناءات على هيئة خطوط بارزة ومنخفضة على سطح الجلد، تتفرع وتتلوى لتشكل أنماطاً خاصة بكل إنسان، وتظل فريدة من نوعها ولا تتغير طوال حياته. هذه الانحناءات أو النتوءات ضرورية لأنها تجعل عملية الإمساك بالأشياء أكثر سهولة، وتستخدم هذه البصمات بشكل رئيس في الطب الشرعي لتحديد هوية الأفراد بدقة فائقة والتحقيق في الجرائم.

يتأثر تشكيل هذه الانحناءات بعوامل وراثية وبيئية، مما يجعل بصمة الفرد فريدة وتترك ملامح مفصلة ومميزة على الأسطح المختلفة. وتلعب الإفرازات الطبيعية مثل العرق دوراً أساسياً في ترك أثر البصمة على الأسطح، وتتباين سهولة ترك البصمة بحسب نوع السطح، فكلما كان مصقولاً أكثر مثل الزجاج أو المعدن، كان الأثر أوضح. وحتى بعد تنظيف المكان يظل أثر هذه الإفرازات قائماً في بعض الحالات، فيكون الحل الوحيد هو ارتداء قفازات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تقتصر البصمات على أصابع اليدين، فحتى باطن الكف وباطن قدم الإنسان وباطن أصابع قدمه تترك جميعها آثاراً مميزة يمكن من خلالها تحديد صاحبها.

أكد العلم أنه من المستحيل أن تتطابق بصمتان في شخصين مختلفين، حتى في التوائم المتماثلة، إذ يعتمد تكون النتوءات فوق سطح الجلد، الذي يحدث في الشهر الرابع من حياة الجنين، على أسباب وراثية لها علاقة بالشفرة الوراثية، إضافة إلى عوامل بيئية عشوائية مثل موقع الجنين في الرحم في لحظة معينة، وتركيز وكثافة السائل المشيمي المحيط به. هذه العشوائية أو الفوضوية الخاصة بالظروف الطبيعية بجانب العوامل الوراثية المختلفة بشكل واسع هي ما يجعل التطابق مستحيلاً.

على رغم أن مفهوم بصمات الأصابع كوسيلة لتحديد الهوية قد تطور بشكل كبير في العصور الحديثة، فإن هناك أدلة تشير إلى أن بعض الشعوب القديمة كانت سباقة في اعتمادها.

من المعروف أن الصينيين واليابانيين استخدموا بصمات الأصابع منذ آلاف السنين في فنون الختم، إذ كانوا يعتمدونها كطريقة فريدة للتوقيع على العقود والمستندات.

أحدث اكتشاف علم البصمات في القرن الـ19 ثورة علمية في مجال وسائل الكشف عن الجريمة، واعترفت معظم الأنظمة القضائية في العالم ببصمات الأصابع كدليل لا يحمل الشك أو التأويل.

وفي عالم يعتمد أكثر وأكثر على الرقمية، تعتبر بصمة الإصبع تقنية مهمة في تأمين الأجهزة الإلكترونية. تقول ميرا فاي تيرنر في كتاب "دليل الشباب لسرقة الهوية" (The Young Adult’s Guide to Identity Theft) إن وسيلة الحماية هذه تتفوق على تقنية التعرف على الوجه، وعلى مختلف أنواع كلمات السر، لما تتمتع به من دقة وموثوقية عاليتين وسرعة الاستجابة في فتح الأجهزة وتأكيد المعاملات ومقاومة التلاعب.

بصمة العين

تعد تقنية التعرف على بصمة قزحية العين وسيلة آلية متقدمة لتحديد هوية الأفراد، إذ تستخدم تقنيات رياضية لتحليل أنماط قزحية العين من خلال صور الفيديو. وتتميز قزحية العين بتعقيد وعشوائية فائقين، ويمكن الكشف عنها من مسافة بعيدة من دون الحاجة إلى ملامسة مباشرة كما الحال في بصمة الأصابع. كما أن رسم الحدقة يظل ثابتاً طوال العمر، إذ يتكون بعد ستة أشهر من الولادة، ويثبت بعد بلوغ الطفل عامه الأول، ويبقى على حاله حتى الوفاة.

يعتبر التعرف على القزحية أسهل طرق وأساليب تحديد الهوية من حيث التطبيق، نظراً إلى عدم علم الشخص أو شعوره بعملية قراءة بصمة قزحية عينه. تتكون بصمة قزحية العين من مجموعة من الثقوب والشقوق حول حدقة العين، وتختلف هذه الأنماط من شخص لآخر من حيث العدد والشكل والمسافة بينها.

يمكن رؤية بصمة العين عبر كاميرا فيديو تطلق الأشعة تحت الحمراء، فتحصل على صورة مفصلة للهياكل المعقدة للقزحية، ثم يتم تحويل الصورة إلى تفاصيل القزحية وإدخالها في خوارزميات رياضية وإحصائية تمكن من تحديد الأفراد والتمييز بينهم.

 

 

القزحية جزء داخلي في جسم الإنسان ومحمية من التغيرات أو التلف بواسطة القرنية. كما أن هناك عضلتين فقط تتحكمان بالقزحية، مما يجعل حركتها محدودة وتمييزها سهلاً.

وتستخدم تقنية مسح القزحية في المجالات الأمنية مثل المطارات والموانئ بشكل رئيس للكشف عن الأفراد المخالفين للقوانين والمطلوبين والمحكوم عليهم، كما أنها معتمدة في المؤسسات المصرفية والعسكرية والأماكن التي تفرض قيوداً على الدخول إليها. وتتيح الميزات الفريدة والسريعة والسهلة لهذه التقنية استخدامها في تحديد الهوية بكفاءة، ويسهل تطبيقها في مجالات عدة كالطب والأمن والمصارف.

كما تسمح تقنية المسح الحدقي للقزحية بتحليل حوالى 266 ميزة فريدة داخل القزحية، مثل حلقات القزحية والشقوق والبثور الصغيرة. ويتم تحويل هذه الميزات إلى شفرة رقمية تستخدم في تخزين قواعد البيانات. ويتميز المسح الحدقي بأنه يختلف حتى بين العينين في الشخص نفسه، مما يزيد من درجة التمييز.

تقنية بصمة العين هي من ابتكار شركة أميركية مختصة في صناعة الأجهزة الطبية قامت بتطويرها في الستينيات والسبعينيات من القرن الـ20، ويتم أخذ البصمة عن طريق تقنية اسمها المسح الحدقي أو iris scan تتطلب النظر في عدسة جهاز متخصص يقوم بالتقاط صورة لشبكية العين. وعند الاشتباه في هوية أحدهم يتم الضغط على زر معين لمقارنة صورته بالصورة المخزنة في ذاكرة الجهاز الذي يتمتع بسرعة استجابة فائقة، حيث لا يتجاوز وقت هذه العملية ثانية ونصف الثانية فقط، بينما يستغرق تسجيل البصمة لأول مرة ما لا يزيد على ثلاث دقائق. وتظل العملية فعالة حتى في وجود نظارات أو عدسات لاصقة.

على كل حال، وعلى رغم دقتها لا تستخدم بصمة العين إلى يومنا هذا كدليل قانوني للكشف عن الجرائم أو إثباتها ولا تحظى بقيمة قانونية.

بصمة الصوت

تعتمد تقنية بصمة الصوت على عملية تحليل نبرات وطبقات الصوت الفريدة لكل شخص، إذ يصدر الصوت نتيجة اهتزاز الأوتار الصوتية في الحنجرة بفعل هواء الزفير بمساعدة العضلات المجاورة. وتحيط بالحنجرة تسعة غضاريف صغيرة تشترك مع الشفاه واللسان، مما يسهم في إخراج نبرة صوتية تميز الإنسان.

لا يمكن تحديد تاريخ اكتشاف تقنية بصمة الصوت بشكل دقيق، إذ تطورت هذه التقنية مع مرور الوقت نتيجة للتقدم في مجالات التكنولوجيا وعلوم الصوت.

تاريخياً، بدأ البحث في مجال علم الصوت والنطق في فترات مبكرة، لكن تقنية بصمة الصوت كمفتاح للتعرف على الأفراد تطورت في العصور الحديثة مع تقدم التكنولوجيا الرقمية والحوسبة. لذلك يمكن اعتبارها نتاجاً للتقدم التكنولوجي في القرن الـ20 وما بعده. ويتم تحليل نبرات صوت الفرد وتسجيلها بذبذبة ترددية لا يمكن تقليدها بسهولة.

تستفيد بعض المصارف في يومنا هذا من تقنية بصمة الصوت كوسيلة أمان إضافية، إذ تخصص خزائن للعملاء تفتح فقط بواسطة بصمة الصوت، وكذلك تستخدم البصمة عند التواصل مع المصارف عبر الهاتف للتعرف على هوية صاحب الحساب لحمايته من الاختراق وعمليات التحويل والسحب غير المصرح بها.

تتنوع استعمالات تقنية بصمة الصوت ووصلت إلى المنازل، إذ تفتح الأبواب تلقائياً عندما يتحدث الشخص بكلمة معينة.

بصمة الشفاه

ثبتت فعالية بصمة الشفاه في المجال الجنائي في تحديد الهوية، إذ إنها تشبه بصمات الأصابع في عدم تطابقها بين الأفراد، ويتم تقصي بصمة الشفاه في مسرح الجريمة، إذ يمكن رفعها من مختلف الأسطح مثل أكواب الشرب وأعقاب السجائر. وتختلف هذه البصمة بين الأفراد وتتأثر بالجنس والمنطقة الجغرافية.

 

 

تظل بصمة الشفاه مميزة لكل شخص ولا تتغير مع تقدم العمر. يمكن أخذ بصمة الشفاه باستخدام جهاز يحتوي على حبر غير مرئي يتم وضعه على الشفتين والضغط على ورق حساس. تتميز بصمة الشفاه ببروزات فريدة لا يمكن تكرارها حتى بين التوائم المتطابقة.

نقطة الضعف في هذه البصمة هي أنها قد تتأثر بعمليات التجميل والحقن بالسيليكون، فعلى رغم فرادتها وثباتها إلى حد ما، فإن أي تغيير في هيكل الشفاه وحجمها يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في البصمة تكون ناجمة عن التغير في الملمس والشكل.

بصمة الرائحة

يمتلك كل إنسان رائحة فريدة وثابتة تعد بصمة خاصة به وعلامة تمييزية تشبه بصمة الأصابع في ثباتها وفرادتها. وتستخدم بصمة الرائحة في مجالات الأمن والبحث الجنائي، إذ يتم استغلالها في تتبع الآثار المادية للأشخاص عبر تدريب كلاب الشرطة على الكشف عن الروائح المميزة لهم. كما تم تطوير أجهزة لاستشعار بصمة الرائحة، إذ يمكن لهذه الأجهزة تحليل وتمييز الروائح وربطها بأفراد معينين.

عملياً يتم استشعار الرائحة عبر حاسة الشم، إذ تنتقل الروائح في صورة أبخرة وتحتوي على مجموعة متنوعة من المواد الكيماوية المعروفة بالفيرمونات. وتتكون الرائحة المميزة لكل فرد من تفاعل بين مكونات الجلد والعرق والشوائب التي يفرزها الجسم والبكتيريا الموجودة على الجلد. وتتطاير هذه المواد الكيماوية في الهواء وتعطي رائحة مميزة وثابتة لكل شخص.

قد تتغير بعض التفاصيل في بصمة الرائحة بناء على عوامل مثل العمر والتغيرات الجسمانية، ولكن بشكل عام تظل بصمة الرائحة فريدة وثابتة لكل فرد.

بصمة الأذن

في عام 2004، طور فريق من العلماء البريطانيين نظاماً حاسوبياً يمكن من التعرف على بصمة الأذن بكفاءة، وكان النظام الأول من نوعه في العالم الذي يستخدم لهذا الغرض ويساعد المحققين في البحث في قاعدة بيانات خاصة ببصمات الأذن، من دون الحاجة إلى مطابقة الصور يدوياً. ويعتبر أخذ بصمات الأذن سهلاً نسبياً، بخاصة مع عدم سهولة تغطية الأذن بقفازات كما الحال مع اليدين.

يعد اللجوء إلى رسمة الأذن في التعرف على الهوية من الممارسات التي كانت معتمدة منذ القدم، إذ تعتبر الأذن واحدة من الأعضاء القليلة في جسم الإنسان التي لا تتغير منذ الولادة وحتى الممات.

وتتمثل بصمة الأذن في الشكل الخارجي للصوان الأذني، الذي يعرف أيضاً بالجزء المكشوف من الأذن أو الأذن الخارجية. تتميز بصمة الأذن بفرادتها وتميزها، إذ لا يتشابه فيها اثنان من البشر، مما يجعل منها طريقة موثوقة وفعالة في تحديد الهوية.

بصمة اللسان

يمتلك اللسان، الذي يعتبر واحداً من أكبر العضلات في جسم الإنسان، إلى جانب وظيفته الرئيسة في عمليات النطق والتذوق، خصائص فريدة تمكنه من أن يكون وسيلة مميزة للتعرف على الأفراد، مع أن هذه الميزة غير مستخدمة بعد.

وجود اللسان داخل تجويف الفم يمنحه حماية إضافية تجعل تقليد بصمته صعباً جداً. علاوة على ذلك، من الممكن بسهولة إخراج اللسان خارج الفم لأغراض التشخيص والفحص. يحتوي اللسان على معلومات فريدة غير قابلة للتكرار، تتعلق بالمعلومات الفراغية وشكله وملمسه.

يذكر أن اللسان يحتوي على تركيب بكتيري يظهر تنوعاً فريداً، إذ اكتشف علماء في عام 2013 أن البكتيريا الموجودة على سطح اللسان، بخاصة تلك الكائنة تحت اللثة، تعتبر أداة فعالة جداً في تحديد الهوية وتمييز الأفراد. وتتنوع البكتيريا في فم الإنسان بين مختلف الأعراق، وتتفاوت نسبها وأصنافها وفقاً للتوزع الجغرافي والأصل العرقي.

بصمة العرق

اعتمد علماء التحليل الطيفي لتحليل عرق الأفراد والتعرف على عناصره، إذ تم التأكيد على وجود بصمة عرق فريدة تميز كل فرد. وتعتبر رائحة العرق من الأدلة الحيوية في أماكن الجريمة، إذ تستخدم الكلاب البوليسية للكشف عن الرائحة المتروكة على موقع الجريمة. إضافة إلى ذلك، تحمل بصمة العرق أهمية كبيرة في التعرف على بصمات الأصابع، التي تستخدم في تطبيقات الأمان المتعددة، إذ تساهم في رفع كفاءة هذه النظم إلى مستويات عالية.

في مجال الأمان والجريمة، يعتمد العلماء على قراءة بصمات الأصابع، التي يمكن غشها باستخدام مواد ملونة أو ارتداء قفازات بلاستيكية تشبه اليدين. للتغلب على هذا التحدي قام باحثون بتحسين برامج قراءة البصمات بشفرة تتيح اكتشاف بصمة العرق التي يفرزها الجسم، مما أدى إلى تقليل فرص الخداع إلى 10 في المئة فقط، في حين كانت تصل في السابق إلى 90 في المئة. لكن برامج قراءة البصمات التي تعتمد على تتبع مسار رشح العرق أثناء قراءة صور بصمات الأصابع غير فعالة مع الموتى حيث يتوقف إفراز العرق.

بصمة الأسنان

تم توظيف المعرفة السابقة حول الأسنان بشكل فعال من العلماء في مجال الطب الشرعي، إذ يتيح استخدام بصمات الأسنان التعرف على الأفراد، ويبرز ذلك بوضوح في تحليل بقايا جثث الأشخاص في حالات الوفاة الناتجة من جرائم قتل والحرائق والكوارث الطبيعية والحروب. إضافة إلى ذلك، تستخدم الأسنان في تحديد صفات متنوعة مثل العمر والعرق والمهنة.

 

 

تتم عملية تحديد هوية الفرد والتعرف عليه من خلال صور الأشعة المستخدمة للأسنان، وتتم مقارنة صور الأسنان قبل وبعد الوفاة لتحديد هوية صاحبها.

وكذلك تعد عضة الأسنان وسيلة فريدة لتحديد هوية الشخص، على غرار بصمة الأصابع. بشكل عام تتمتع أسنان كل فرد بخصائص تشريحية وإشعاعية وكيماوية فريدة، مما يجعلها وسيلة فعالة لتحديد الهوية الفردية.

بصمة الشعر

تعتبر بصمة الشعر إحدى العناصر الرئيسة في عملية تحديد البصمة الوراثية، إذ تشكل وسيلة مميزة للتعرف على الأفراد. ويعد الشعر من الأدلة الفعالة، نظراً إلى حفاظه على قوته ومتانته على مر الزمن. ويمكن من خلال فحص بصمة الشعر التعرف على هوية الشخص، سواء كان ضحية أم جانياً، وتم إدراج بصمة الشعر كدليل قوي أمام المحاكم منذ عام 1950.

في عملية التحليل، توضع عينة الشعر في مفاعل نووي حيث تتعرض لنيترونات، مما يؤدي إلى تحول كل العناصر النادرة في الشعر إلى مواد مشعة. وتحتوي كل شعرة على 14 عنصراً نادراً، ويتقاسم واحد من بين كل مليار شخص تسعة من هذه العناصر. وما زالت الجهود مستمرة في هذا المجال، إذ يعمل علماء التشريح والتحقق من الهوية على إجراء دراسات وأبحاث علمية وفنية لاستكشاف فرص الاستفادة من بصمات الشعر في مختلف المجالات، بخاصة في مجال التحقيق والبحث الجنائي.

بصمة الحمض النووي

تقدم تقنية بصمة الحمض النووي، المعروفة أيضاً بملف الحمض النووي، وسيلة موثوقة لتحديد هوية الأفراد بالاستناد إلى خصائص حمضهم النووي، إذ تتضمن مجموعة صغيرة من الاختلافات التي يعتقد العلماء أنها لا يمكن أن تكون متشابهة بين شخصين.

تمثل هذه التقنية، التي ظهرت للمرة الأولى عام 1985، تحولاً ثورياً في مجال الطب الشرعي والتحقيق الجنائي، ويكفي أن تترك شعرة واحدة أو حتى خلية واحدة منك في موقع الجريمة لتثبت وجودك هناك. ويمكن تحديد الهوية عبر الحصول على قطرات من العرق أو السائل المنوي أو اللعاب أو أي شيء قد يلامسه الشخص، إذ تسقط خلايا قليلة من جسمه عند التلامس.

 

 

تتكرر المادة الوراثية بطريقة عشوائية وبتتابعات فريدة لكل فرد لا يمكن أن تتشابه بين شخصين إلا في حال التوائم المتطابقة. وفي الجنس البشري يظهر الاختلاف الوراثي بنسبة واحد لكل تريليون، مما يجعل التشابه بين البشر مستحيلاً.

تتم عملية الحصول على بصمة الحمض النووي من خلال استخراجه من خلايا الجسم وفصله باستخدام إنزيم معين لإجراء قطع في مواقع محددة في شريط الحمض النووي. ويتم ترتيب هذه القطع مجدداً عبر عملية تفريغ كهربائي، إذ تتكون ممرات طولية تشبه الشرائط من الأجزاء المفصولة عن الشريط. ويجري تحويل هذه الأجزاء إلى فيلم يطبع باستخدام الأشعة السينية، إذ تظهر خطوط داكنة متوازية بنمط معين تحدد هوية الشخص.

بصمة الوجه

تمثل تقنية التعرف على الوجه أو بصمة الوجه مجالاً متقدماً في علم التحقيقات وأمان الطيران، إذ تجرى حالياً أبحاث عديدة لفهم سمات الأفراد من خلال ملامح وجوههم. وتطبق هذه التقنية بشكل متزايد في المطارات حيث يخضع المشتبه بهم للفحص بأجهزة تتعرف على ملامح وجوههم.

تتيح أجهزة التعرف على الوجه تصوير الموجودين في صالات المطارات وتحليل ملامحهم من خلال فحص نقاط محددة حول الأنف والفم والحاجبين وأجزاء أخرى من الوجه، إذ يسجل الجهاز الحركة المرافقة للرأس. ويعتبر هذا النوع من التحليل مؤشراً فعالاً للتعرف على الهوية، بخاصة أن ملامح الوجه تظل ثابتة ولا تتغير مع مرور الوقت أو مع التقدم في السن إلى حد ما.

مع ذلك يظل التعرف على الوجه قيد التحسين المستمر، وتبقى هناك بعض التحديات، مثل التوائم المتطابقة والأفراد الذين يغيرون مظهرهم بتطويل اللحى والشاربين أو زيادة الوزن أو الخضوع لعمليات التجميل، مما قد يكون عائقاً أمام الكشف الفعال عن هوياتهم.

وهكذا نرى أنه حتى لو خضع شخص ما لعميلة "استبدال وجه"، تظل هناك بصمات أخرى مميزة له، ذات أهمية بارزة في تفرده. ربما سيأخذ المخرج جون وو هذه النقاط في الاعتبار إذا فكر في صناعة جزء ثان بعد 27 عاماً من صدور فيلمه الذي أحدث ثورة في عالم سينما التشويق.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات