Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بريطانيا الحذر فترمب يوشك على العودة

انتصارات الرئيس السابق التاريخية في "الثلاثاء الكبير" تقربه خطوة من ولاية ثانية انتقامية

"الثلاثاء غير الضروري": دونالد ترمب مبتهجاً يوم الثلاثاء الكبير (رويترز)

ملخص

ما تداعيات انتخاب ترمب لولاية ثانية على المملكة المتحدة على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟

كان الأمر أشبه بمشاهدة سباق للخيول يخوضه حصانان مسنان كان يجب إرسالهما إلى حظيرة للحيوانات المعتلة - سباق للخيول حيث الأمل الوحيد بتطور مثير يتلخص في انتظار انهيار أحدهما، ليحل محله حصان أصغر سناً وأكثر قوة.

في غياب أية مفاجآت في شأن من سيتم اختياره لخوض السباق الانتخابي إلى البيت الأبيض، كان من الأفضل وصف نتائج الانتخابات التمهيدية يوم "الثلاثاء الكبير" التي لاقت نسبة اقتراع عالية بأنها تمثل "ثلاثاء غير ضروري". في غياب تقاعد بسبب اعتلال الصحة (ليس مستحيلاً، لكنه غير محتمل)، سيكون جو بايدن ودونالد ترمب هما المرشحان للرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

على جانبنا من المحيط الأطلسي يجب أن نولي اهتماماً أقل إلى مناورات سياسية كهذه، واهتماماً أكثر إلى ما سيحدث إذا انتخب ترمب رئيساً، إذ يبدو أنه يتمتع بزخم أكبر، بعدما تجاوز في شكل غير متوقع بعض العقبات القانونية الهائلة. بعبارة أخرى، حان الوقت للبدء في وضع خطط للطوارئ.

ثمة سبب وجيه للاعتقاد أن ترمب بصفته الرئيس الأميركي الـ47 سيكون "نسخة أسوأ عن نفسه" مقارنة به عندما كان الرئيس الـ45. وفق ما يعلن هو نفسه، لديه ميول ديكتاتورية، ويعتزم أن يكون أكثر انتقاماً. سيتابع سياسته التي تضع أميركا أولاً بالقوة نفسها، مما سيؤدي إلى نتائج عكسية كما ثبت في كثير من الأحيان. كذلك سيكون قد تعلم بعض الدروس من ولايته السابقة، وإذا اقتصر ذلك على عدم توقعه الفوز عام 2016، ستدور في رأسه بعض الأفكار حول من يجب أن يكلفه بتنفيذ برنامجه الشعبوي الوطني.

ليس من الواضح إلى أي مدى سيسيطر ترمب في ولايته الرئاسية الجديدة على الكونغرس، لكنه سيظل قوة مهيمنة إذا فاز، وكما نعلم من التجربة، هو مستعد لتجاوز القواعد وفق ما يناسبه، يحميه قضاة المحكمة العليا المتساهلون الذين عينهم. وسيكون الحظ حليف أميركا ودستورها إذا بقيا سالمين خلال ولايته، لكن ولايته لن تكون أقل ضرراً لنا نحن الأوروبيين.

لن تكون الولاية، بداية، خبراً طيباً للمصدرين في المملكة المتحدة. يتمثل ما يمكن وصفه بسياسة اقتصادية ترمبية في فرض رسم جمركي شامل بنسبة 10 في المئة على صادرات المملكة المتحدة. ونظراً إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر سوق أجنبية للمملكة المتحدة، وثاني أكبر سوق حتى لو احتسبنا الاتحاد الأوروبي ككتلة، سيكون الخبر سيئاً بالفعل. سيارات "رنج روفر" الجميلة تلك كلها، والسكوتش اللذيذ ذلك كله، ومحركات الطائرات من طراز "رولز رويس" كلها التي نبيعها هناك ستتحمل رسوماً إضافية باهظة، مما يضر بالمبيعات والوظائف والأرباح في المملكة المتحدة.

ماذا بالنسبة إلى اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي اعتقدنا بأننا سنحصل عليها بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي؟ حسناً، لا يوجد سبب يجعل ترمب بوصفه الرئيس الـ47 أكثر اهتماماً بإنجازها منه بوصفه الرئيس الـ45. وحتى لو كان كذلك، ستكون اتفاقاً يطلب فيه من المملكة المتحدة قبول الدجاج المكلور والحبوب المعدلة وراثياً واللحوم المحقونة بالهرمونات. وحتى لو تقبل البريطانيون ذلك كله، قد يستخدم مجلس الشيوخ، المسؤول فعلياً عن مسائل كهذه، حق النقض ضدها، للأسباب الحمائية المعتادة كلها.

في الواقع تشكل الحمائية لصالح الشركات الأميركية واحدة من الأمور القليلة التي يتفق عليها الديمقراطيون والجمهوريون بحماسة. لن يحاول بايدن ولا ترمب ولا أي شخص في الكونغرس إنجاز اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفي حالة ترمب، سيكون الأمر عكس ذلك تماماً – مزيد من الحواجز أمام الصادرات البريطانية الحيوية. قد يكون ترمب عاطفياً في شأن التمثال النصفي الخاص بونستون تشرشل في المكتب البيضاوي، لكن مؤلف كتاب "فن الصفقات" لن يقدم أي خدمة للبريطانيين.

لا تنسوا أبداً أن ترمب، في وقت مبكر من رئاسته، كان في طريقه إلى قمة دولية تركز على الاقتصاد. سلمه مساعدوه مسودة خطابه، وكتب في أعلى الصفحة: "التجارة سيئة"، لن نتعامل مع طالب متحمس لأعمال ديفيد ريكاردو [عالم اقتصادي بريطاني (1772-1823) آمن بتخصص كل أمة في منتجات معينة تنافس بها في التجارة الدولية]. أشخاص مثل نايجل فاراج وليز تراس وبوريس جونسون - الذين يعتقدون أن ترمب سيكون صديقاً لبريطانيا - يقللون ببساطة من شأنه. ليس للمرة الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يصدق هذا أكثر عندما يتعلق الأمر بالأمن العالمي. نحن في أوروبا لا نستطيع أن نقول إننا تلقينا تحذيراً منصفاً. بحلول نهاية ولاية ترمب الثانية، سيكون حلف شمال الأطلسي قد انتهى فعلياً. ترمب، مثل أنصاره، انعزالي، وبعد عقود من الحروب الخارجية، من الإخفاقات المكلفة مثل حرب فيتنام ووصولاً إلى حرب العراق، يريد الأميركيون إنهاء مشاركات كهذه.

ستحتاج أوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة، إلى إطار جديد للأمن الجماعي، وإيجاد طريقة على نحو ما لخلق ما يعادل الضمانة الدفاعية الأميركية، التي سرعان ما ستضعف إلى حد كبير. إيمانويل ماكرون محق في أننا في حاجة إلى مجتمع دفاعي أوروبي - باستثناء أن أوروبا منقسمة للغاية فلا يمكنها بناء مجتمع كهذا.

مرة أخرى، لا ينبغي أن يكون هذا كله مفاجئاً. خلال ولايته الأولى، وبخ ترمب الأوروبيين لأنهم لم ينفقوا أكثر على الدفاع، وانتقد المستشارة أنغيلا ميركل لاعتمادها المفرط على الغاز الروسي. لقد ثبت أنه محق في كلا الأمرين، لكن موقفه يزداد صلابة منذ ذلك الحين.

يعتقد ترمب بالفعل بأن فلاديمير بوتين، الذي يعشقه في شكل غير مفهوم، يمكنه أن يفعل "ما يحلو له بحق الجحيم" مع البلدان التي لا تدفع فواتيرها، وربما مع بعض البلدان، مثل بولندا، التي تفعل. يقول إنه سيصنع السلام مع بوتين في شأن أوكرانيا في يوم واحد، ونحن نعرف ما يعنيه ذلك. إذا هدد بوتين بولندا أو إستونيا أو بلغاريا، فهل ستخاطر إدارة ترمب بالحرب مع بوتين؟ إنه موقف لا يمكن تصوره. ربما يتركنا بوتين وشأننا، وربما لا يتركنا، لكن أوروبا ستتعرض لتنمر.

ولعل الأمر الأكثر أهمية من ذلك كله هو الضرر الذي ستلحقه رئاسة أخرى لترمب باقتصاد الولايات المتحدة، ومن ثم باقتصاد العالم. سيحصل ذلك من خلال فرض حواجز تجارية تضخمية، وتسريع إبطال العولمة، وزيادة عدم الاستقرار وعدم اليقين الجيوسياسيين، وإضعاف مجلس الاحتياط الفيدرالي ودفع معدل التضخم صعوداً بمعدلات للفائدة منخفضة في شكل مصطنع، وترحيل الملايين من العاملين المهاجرين الضروريين للزراعة في الولايات المتحدة وغيرها من القطاعات - مما يرفع كلف العمالة ومن ثم معدل التضخم. يبدو الأمر كما لو أن شخصاً ما وضع قائمة بأسوأ جوانب السياسة الاقتصادية البريطانية الأخيرة بعد بريكست، وقرر ترمب تكييفها وتبنيها - في سلسلة من أعمال الإضرار بالذات. علماً أن اقتصاداً أميركياً ضعيفاً يعني اقتصاداً عالمياً ضعيفاً.

ماذا تستطيع الحكومة البريطانية المقبلة أن تفعل؟ ليس كثيراً، بقدر ما يتعلق الأمر بترمب. لا كير ستارمر ولا ريشي سوناك من النوع الذي يعجب ترمب بالضبط - لكن حتى لو تولى فاراج رئاسة الوزراء وترأس وزارة الخارجية، في حكومة محافظة قومية، لن يقدم هذا الرئيس الأناني للغاية إلى المملكة المتحدة أي خدمة في الاقتصاد أو الدفاع، ولن يساعدنا الكونغرس. الشعار "أميركا أولاً" يعني ذلك بالضبط - ومن الناحية العملية، يعني "أميركا فقط".

أفضل ما يمكن أن يأمله البريطانيون هو أن تستمر الولايات المتحدة في مشاركة أسرارها وتكنولوجياها النووية معنا، ونشر بعض القوات هنا. بخلاف ذلك، سيتعين علينا أن نبني دفاعاتنا الخاصة، التي ستكون باهظة الثمن، ونحاول جعل الدول الأوروبية ذات التفكير المماثل تعمل معاً، مما سيتسبب في فوضى.

الأثر الصافي هو أن المملكة المتحدة - ناتجها المحلي الإجمالي واستهلاكها الأسري وخدماتها العامة، بما في ذلك هيئة الخدمات الصحية الوطنية - ستتضرر من رئاسة أخرى لترمب. وبعيداً من كون بريطانيا أكثر أمناً وقدرة على إقامة علاقة خاصة جديدة مع ترمب، سينتهي بنا الأمر إلى إذلال وفقر.

سيكون ذلك الخيانة النهائية للمصلحة الوطنية للمملكة المتحدة من قبل مؤيدي بريكست. مثل ترمب، لن يعترفوا بذلك، وبالتأكيد لن يتأسفوا حياله.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء