Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العربية في إسرائيل بين "معرفة العدو" والترقية

ارتفاع كبير في عدد الجنود الإسرائيليين لتعلم وفهم اللغة بعد حرب "طوفان الأقصى"

ملخص

مشروع "اعرف عدوك" يحفز من يريد الترقية إلى مناصب عليا في الجيش الإسرائيلي خصوصاً الاستخبارات

حتى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لم يتصدر تعلم اللغة العربية لليهود أهمية في مجمل القضايا التي يواجهها الشباب أو حتى من يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولكن بعد ثلاثة أشهر من عملية "طوفان الأقصى"، ارتفع عدد اليهود الذين يلتحقون بدورات خاصة لتعلم العربية وبينهم من خرجوا من القتال في غزة وقرروا تعلمها، وهذه المرة بهدف "اعرف عدوك" على أرض الواقع حيث يصادف الجنود، وفق حديث بعضهم، كثيراً من الكتابات والمستندات وأمور أخرى مكتوبة بالعربية من دون معرفتهم بمضمونها.

"سواء كنت تخدم في الجيش أو قبل التجنيد، فإذا كنت تعرف كيف تنطق العربية فهذا يمنحك ميزة كبيرة! وإذا كنت تخدم في جهاز الاستخبارات أو إذا كنت مقاتلاً أو حتى تخدم في أي منصب آخر، ينبغي عليك أن تتحدث العربية بل يجب أن يعرف كل شخص يرتدي الزي الرسمي كيف يتحدث العربية"، هذه واحدة من الإعلانات التي تتوجه فيها إسرائيل إلى الشباب الذين سيلتحقون بالجيش أو يخدمون في وحدات قتالية ويريدون الترقية والحصول على مناصب في أجهزة خاصة وحساسة في الجيش في مقدمها جهاز الاستخبارات العسكرية، (الموساد والشاباك). 

قبل حرب "طوفان الأقصى" شهدت إسرائيل عديداً من الدورات التعليمية الخاصة للغة العربية في وقت تم إدخالها إلى المدارس العبرية، وبحسب وزارة التربية والتعليم فإن أحد الأهداف هو أمني من الدرجة الأولى.

 

"اعرف عدوك"

معطيات أخيرة في إسرائيل أشارت إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب في غزة، ارتفع عدد اليهود الذين يلتحقون بتعلم اللغة العربية تحت عنوان "اعرف عدوك" من 13 شخصاً يسجل يومياً قبل السابع من أكتوبر إلى 50 يومياً بعد الحرب. واللافت، وفق ما تحدث أكثر من معلم أو معلمة للغة العربية، فقد تواصل عشرات الجنود من عمق غزة معهم ليستفسروا عن كثير من المصطلحات والكتب والكتابات التي صادفوها ولم يفهموا محتوياتها، ومن هناك انتقل الموضوع من جندي إلى آخر حتى بات معظم الذين يقاتلون في غزة، خصوصاً جنود الاحتياط، يرغبون بالالتحاق في دورات اللغة العربية، فيما عشرات الضباط والجنود الذين يخدمون في وحدات خاصة، خصوصاً المتعلقة بعمل الاستخبارات، يفترض أنهم يجيدون الحديث بالعربية وفهمها. 

وتقول المحاضرة في قسم اللغة العربية في جامعة "بار إيلان"مور شبيرا "عدد من الجنود الذين خدموا في غزة حافظوا على علاقة معها وهم في أرض المعركة وأطلعوها على الأوضاع التي مروا بها هناك خلال لقاءاتهم مع السكان المحليين، وخلال التواصل حصلوا على إرشادات في كيفية استخدام اللغة العربية التي درسوها معها وهم داخل غزة وخلال وجودهم بين السكان الفلسطينيين".

"انهيار إسرائيل"

وفق شبيرا، فإن معظم الجنود أرسلوا لها عبر تطبيق "واتس آب" من غزة كثيراً من المستندات والكتابات التي بقيت خلف عناصر "حماس" وأكثر العبارات التي ترجمتها لهم إلى العربية هي "انهيار إسرائيل" و"المقاومة" والبعض منهم حصل على كتاب "سقوط إسرائيل". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال التواصل مع مدرسة اللغة العربية كان الجنود يتلقون الترجمة لبعض تفاصيل ما في حوزتهم وخلال ذلك مساعدتهم في تعلم عديد من الكلمات بالعربية، اعتقاداً منهم أن ذلك سيساعدهم خلال وجودهم في غزة بمعرفة ما يدور من حولهم، وهناك من أعاد معه "تذكارات" من غزة بينها إعلانات نعي لعناصر من الفصائل الفلسطينية من بينها نعي هاني أبو القمبز. وتفاخر الجنود بمثل هذه التذكارات التي تحولت إلى درس في اللغة العربية. وبعد عودة الجندي الذي أحضر معه إعلان النعي من غزة، قالت شبيرا "بهذا النعي افتتحت حصة اللغة العربية بمشاركة الجنود العائدين من غزة".

إحدى طالبات اللغة العربية تقول "الحرب جلبت معها كثيراً من المخاوف بين الناس وهذا يدفعنا إلى تعلم اللغة العربية، حتى نعرف من هم الذين يعيشون من حولنا وحتى نتمكن من الاستماع لما يقولونه عبر التلفاز وشبكات التواصل الاجتماعي. حتى إننا نريد أن نفهم ما يقوله المختطفون الذين تنشر (حماس) لهم المقاطع المصورة"، قالت إحدى الطالبات التي تدرس اللغة العربية في مركز "مدرسة" في الجنوب إن أحد الطلاب الذين درسوا العربية معهم كانوا من بين المخطوفين في غزة وأضافت "هذا يساعدنا في حال تعرضنا لاختطاف لنفهم ما يقولونه ونعرف كيف نتحدث معهم".

وأجمع أكثر من طالب أن الحرب ستغير موقف المجتمع والمؤسسة الإسرائيلية من اللغة العربية، وسيتم الاهتمام بتعزيز دراستها في المدارس والدورات الخارجية أكثر من أي مرة سابقة.

لغة عربية وملامح شرقية

منذ الخمسينيات اتبع الجيش الإسرائيلي تفضيل الجنود والضباط الذين يريدون الالتحاق بأجهزة الأمن، تحديداً الاستخباراتية، ممن يتقنون اللغة العربية وحتى أصحاب الملامح الشرقية، وعبر هذا الشرط نجحوا في العمل الاستخباراتي سواء عن طريق "الشاباك" بين فلسطينيي 48 وفلسطينيي القدس والضفة الغربية وغزة أو عبر "الموساد" في دول عربية، وهناك كثير من الأحداث التي نجح فيها إسرائيليون في التجسس في دول عربية واختراق مؤسسات رسمية من خلال إتقان اللغة العربية وأيضاً ملامحهم الشرقية.

وإتفاق اللغة العربية لمن ينضم إلى أجهزة الاستخبارات لا يقتصر على معرفة الجندي أو الضابط الذي يتولى منصباً في الجهاز ما تعلمه من لغة عربية خلال دورة خاصة، بل تجري لكل واحد منهم دورة فردية لتعلم اللغة وإتقان لكنات عدة، إضافة إلى عادات شائعة بين العرب يمكن استخدامها وفهمها جيداً.

وحدة المستعربين

ووحدة المستعربين هي واحدة من الوحدات العسكرية التي ينبغي على من يلتحق بها إتقان اللغة العربية، إذ يتقمص هؤلاء شخصية الفلسطيني خلال العمليات في الضفة وغزة لتحقيق أهداف عملياته الاستخباراتية أو القتالية.

ومن أجل ضمان نجاح العمل الاستخباراتي هناك تعاون كبير بين وزارة التربية والتعليم والجيش من أجل تمرير المواد والدروس التي تساعد الطالب في التعرف إلى مختلف الجوانب العسكرية.

ولا يقتصر تعلم اللغة العربية على الدراسة الشفهية بل هناك دروس تطبيقية بينها تعلم التعامل باللغة العربية مع "سيناريو" تهديدات وهجوم على المدرسة من قبل "العدو". وركز الجيش على مدى سنوات طويلة تدريبه في المدارس على ما أطلق عليه "لحم الاستخبارات العسكرية".

يشمل الدرس أربع مهمات بالعربية: الأولى هي اكتشاف موقع الهجوم باستخدام لغز الكلمات المتقاطعة، والثانية هي الحصول على تفاصيل حول منفذ العملية حيث تكون مواصفاته شرقية (أي شارب ونظرة جادة ولون شعر أسود) والثالثة هي فك رموز محادثة باللغة العربية تتعلق بنقل الأسلحة والرابعة هي اكتشاف وقت الهجوم.

ما يتضمنه مثل هذا الدرس يعكس بشكل واضح إخضاع تعليم اللغة العربية للاحتياجات العسكرية والعلاقة الوثيقة بين جهاز التعليم والمؤسسة العسكرية.

وتتطرق دروس أخرى بالعربية إلى تهديد الأنفاق. ومن بين الدروس التي سبق وتعلمها طلاب يهود هي عملية اغتيال القيادي الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) وكذلك اغتيال يحيى عياش واغتيال القيادي في "حزب الله" عباس الموسوي.

ويرد في بعض الدروس حول أهمية تعليم اللغة العربية الرد على سؤال "لماذا علينا تعلم اللغة العربية"؟ وتكون الإجابة "لأن معرفة جنودنا للغة العربية تجعل الجيش على معرفة كاملة بالعمليات التي تخططها التنظيمات الإرهابية أو الدولة المعادية ضدنا".

المزيد من تقارير