Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أجانب بلا جنسية وبلا وطن... بريطانيا لا تريدهم وبلادهم لا تستقبلهم

أودّ العودة إلى ماليزيا ولكنني لا أستطيع. أنتظر هنا وأبدّد حياتي سدى

ليو تيه الماليزي الذي أصبح من دون جنسية بعد محاولاته الحصول على الجنسية البريطانية (الصورة من ليو تيه)

عندما أبلغت الحكومة البريطانية آدم كي، وهذا اسمه المستعار،  أنّه سيرّحل إلى ماليزيا عام 2011، اعتقد أنّ ثمّة خطأ لا بد أن يكون قد حصل. عاش الرجل، 37 عاماً، في بريطانيا ستّة أعوام. وفيما كان بلا جنسيّة، علم بأنّ بلده الأمّ لن يمنحه حقّ الدخول.

 حاول مراراً أن يشرح للسلطات بأنّه واحد من كثيرين من المواطنين البريطانيين الأجانب ممن لايحملون جنسية والذين يعيشون في بريطانيا ولاتزال قضاياهم بانتظار الحل، لكنه لم يلقَ آذاناً صاغية وبقيت قوّات الحدود عازمة على ترحيله. وفعلاً قاده ثلاثة من رجال الشرطة، مخفوراً، إلى مقعده على متن طائرة مغادرة إلى بلاده.

وكما توقّع، منعته السلطات الماليزية من دخول البلاد، وذلك لأنه تخلى عن جنسيّته عام 2005، وهو قرار يقول أنّه اتخذه بناءً على نصيحة محاميه والمفوضية العليا الماليزية، وهو نادم عليه الآن.

في غضون ساعاتٍ قليلة من وصوله، كان مجدداً على متن طائرة عائدة إلى المملكة المتحدة في إجراء وصفه بأنّه "هدر كامل للأموال".

ويتذكر ما حصل له قائلاً "لقد صُدمت وشعرت بالارتباك عندما أبلغوني بأنّني سأُرّحل لدى ذهابي إلى وزارة الداخلية وفق جدول مراجعاتي لها المعتادة.. نقلوني من مركز الشرطة إلى عددٍ من مراكز الاحتجاز خلال أسبوع قبل أن أسافر في  رحلتين طويلتين إلى ماليزيا ذهاباً وإياباً من دون راحة، إذ كان معي ثلاثة مرافقين. شعرت بأنّني عوملت  كمجرمٍ سيء أو ربما ليس كإنسان. كنت منهك القوى بعد مرور أسبوع على تلك الرحلة المأساوية التي لاتُنسى."

يُشار إلى أن كي هو واحد من مئات المواطنين الماليزيين سابقاً الذين أصبحوا بدون جنسية منذ ما يربو عن عقدٍ من الزمن عندما أُخبروا بأنهم سيحصلون على الجنسية البريطانية لانهم يحملون جواز سفر "المواطن البريطاني الأجنبي"، وهذا التصنيف وجواز السفر الخاص به هما من مخلفات ماضي بريطانيا  الاستعماري.

وفي هذا السياق، يُقرّ طاقم وزارة الداخلية البريطانية بأنّ هؤلاء الافراد "عالقين في فخ" إذ ترفض ماليزيا السماح لهم بالعودة إلى البلاد كما أنّ الحكومة البريطانية ترفض من جهتها أيضاً منحهم أيّ وضعية قانونية تسمح لهم بشيء من الاستقرار وتتركهم غير قادرين على العمل ممّا يجعلهم عرضة للاستغلال الذي يضطرون للقبول به كي يستمروا بالعيش.

وفي حالاتٍ مماثلة، تمّ احتجاز آخرين في مراكز الهجرة قبل أن يُفرج عنهم لعدم وجود إمكانية لترحيلهم، في حين جرى ترحيل شخصين، كان كي أحدهم،  ومن ثمّ إعادتهما فوراً من ماليزيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ الإفراج عن كي من من مركز الاحتجاز، اشتغل كعامل تسليم غير رسمي يتقاضى أجراً متدنياً ويعتمد على أصدقائه لإيوائه. ووصف مأزقه قائلاً "إنّه لأمر محزن ومضنٍ. عليك العمل بشكلٍ غير شرعي والاستمرار في العيش بمفردك، وعندما تسألك وزارة الداخلية عليك الإجابة أنّك لا تعمل. كيف يتوقعون منّا العيش؟ أودّ العودة إلى ماليزيا ولكنني لا أستطيع. أنا عالق هنا ولا يمكنني الذهاب إلى أيّ مكان. أنا أنتظر هنا وأبدّد حياتي سدىً."

يان كيت، 42 عاماً، هو أحد الضحايا الآخرين، فقد وصل إلى المملكة المتحدة عام 2001 لدراسة الهندسة الميكانيكية. بدأت مشاكله في عام 2005 عندما تقلى نصيحة، على غرار كي، مفادها بأنه سيحصل على الجنسية البريطانية إذا تخلّى عن جنسيّته الماليزية.  يقول أنّه يرغب بالعودة إلى ماليزيا حيث تعيش زوجته ولكنّ السلطات الماليزية أعلمته مباشرةً بأنّه ما من سبيلٍ لمنحه الإقامة هناك أبداً.

وفي عام 2005، أوقفت سلطات الهجرة كيت، الذي يعيش مع عمّه لعجزه عن إيجاد مالكٍ يؤجّره لان وضعٍه غير قانوني في المملكة المتحدة، وذلك أثناء مداهمة المرآب الذي كان يعمل فيه. وذكر انهم "حاولوا الاتصال بالحكومة الماليزية لترحيلي لكنها قالت غن ذلك غير ممكن لأنني لم أعد مواطناً ماليزياً. وفي نهاية المطاف، أطلقت وزارة الداخلية سراحي مجدداً ولم تفعل شيئاً لحلّ المسألة. لم أتمكّن من العمل منذ ذلك الوقت. والآن أجلس في المنزل وحسب. والأسوأ أنّه يتوجّب عليّ الذهاب كلّ شهر لمراجعة وكالة الحدود البريطانية، ولكن هذا لا يعني شيئاً. أسألهم، لكن لا يمكنهم أن يقولوا لي شسئاً عما يحصل. كلّ ما يفعلونه أنّهم يمنحونني موعداً وحسب للمراجعة المقبلة ."

ويضيف كيت أنّه بينما يستطيع زيارة زوجته في ماليزيا بموجب تأشيرة سياحية لمدة شهر واحد فقط والسفر مكلف جداً. ويردف "لو أنني أستطيع استعادة جنسيّتي الماليزية لكان بوسعي أن أرجع."

من جهته، يقول ليو تيه، وهو شخص آخر يؤثر فيها هذا الوضع إنه تلقّى صدمة عام 2009 عندما أبلغته وكالة توظيف أنّه ليس بوسعه الحصول على أيّ وظيفة بسبب وضعه القانوني المتعلق بالهجرة. وكان تيه، 38 عاماً، الذي يسكن في تيلفورد قد أنهى دراسة الماجستير في المملكة المتحدة عام 2005 وتقدّم بطلبٍ للحصول على الجنسية البريطانية بعد أن تخلّى عن جواز سفره الماليزي عملاً بنصيحة محاميه.

يذكر تيه "كنت أدرس لنيل الشهادة وتوقّفت حياتي هنا ولم تعد تمضي قدماً. لم أتمكّن من استخدام مهاراتي. أردت تحقيق حلمي ومسيرتي المهنية ولكن تحوّل كلّ شيء إلى فوضى. شعرت بالاكتئاب الشديد. ليس بوسعي الذهاب لرؤية والداي لأنني أخاف ألا أتمكن من العودة. لا يمكنني الدخول في علاقة أو أي شيء آخر لأنّ كلّ شيء عالق."

ويضيف الذي لم يعد بإمكانه تحمّل نفقات محامٍ أنّه يكافح لحلّ المسألة بمفرده وأنّ تحدّثه إلى الصحافة شكّل ملاذه الأخير. واضاف "أنا ممتنّ لأنّ بعض أصدقائي يدعمونني ولكن ليس بوسعي الاعتماد عليهم إلى الأبد. بأمرٍ ما لأتمكن من مواصلة حياتي."

وقال متحدّث بإسم وزارة الداخلية "ستعمل وزارة الداخلية مع المواطنين الماليزيين البريطانيين الأجانب الذين يعانون في وضع هجرتهم."

­­­­­­­­­

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات