Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيؤثر تعليق تيغراي محادثاتها مع أديس أبابا في المشهد العام؟

يستعد فيه الطرفان لإجراء مناقشات دورية ينظمها مندوبو الاتحاد الأفريقي لمعالجة التحديات المتعلقة بالتنفيذ الكامل لاتفاقية بريتوريا

رئيس حكومة تيغراي جيتاشو رضا (أ ف ب)

ملخص

الموقف الجديد لحكومة تيغراي الموقتة بشأن تعليق المحادثات الثنائية الخاصة بتدابير تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام، يكشف عن انسداد أفق المحادثات الثنائية

أعلنت حكومة تيغراي الموقتة تعليقها التعامل مع الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا، في ما يخص تدابير تنفيذ اتفاقية بريتوريا لوقف الأعمال العدائية CoHA الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وقالت الحكومة الإقليمية التي يقودها جيتاشو رضا، "تأكيداً على مساعينا التعاونية المستمرة مع الحكومة الفيدرالية بهدف معالجة القضايا العالقة بخصوص اتفاقية السلام، وتدابير بناء الثقة، ونظراً للمسار المتعرج الذي عرفته الاتفاقية، فإننا سنتعامل حصرياً مع لجنة الاتحاد الأفريقي، في كل ما يخص تنفيذ اتفاق بريتوريا". وأضاف البيان الصادر من مقلي "أن الحكومة الموقتة ستعلق أي تعامل ثنائي مع أديس أبابا، بخصوص هذا الملف".

وذكر أن "حكومة تيغراي ستنأى بنفسها عن الارتباطات الثنائية المباشرة مع الحكومة الفيدرالية".

يأتي هذا الإعلان بعد اختتام اجتماع مجلس وزراء الإدارة الموقتة، الذي عقد الأحد، بهدف بدء حوار شامل حول تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام.

وأشار البيان الصادر من مقلي إلى "خطورة الوضع الحالي في الإقليم والبلاد عموماً"، مؤكداً أن الحكومة الموقتة في مقلي تجدد التزامها بالسعي الحثيث إلى إرساء السلام، واستخدام استراتيجيات حل النزاعات سلمياً كبدائل لمجابهة التحديات القائمة، التي تنذر بالفوضى.

وشددت مقلي على الأهمية القصوى لحل مسألة الحدود الإقليمية وفقاً لاتفاق بريتوريا والدستور الاتحادي.

وأوضح البيان الصادر عن مجلس الوزراء التابع للإدارة الموقتة، أنه "لم يتم التوصل إلى أي اتفاق تنفيذ ثنائي مع الحكومة الاتحادية" في هذا الشأن.

وأكد أن "السلام الدائم في المنطقة مرهون بالحفاظ على سلامة أراضي تيغراي، وفقاً لدستور البلاد، وانسحاب قوات الأمهرة والوحدات الإريترية من تيغراي، وإعادة السكان النازحين إلى ديارهم".

وحث البيان كلاً من الحكومة الفيدرالية والاتحاد الأفريقي إلى الاضطلاع بجدية بمسؤولياتهما.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه كل من أديس أبابا ومقلي لإجراء مناقشات دورية ينظمها مندوبو الاتحاد الأفريقي والوسطاء المعينون بهدف معالجة التحديات المستمرة المتعلقة بالتنفيذ الكامل لاتفاقية بريتوريا.

تراشق بين أسمرة ومقلي

وقال ريداي حليفوم، رئيس مكتب الاتصالات في إدارة تيغراي الموقتة، إن المناقشات المقبلة تهدف إلى معالجة القضايا الأساسية التي تعيق التنفيذ الكامل لاتفاق بريتوريا للسلام.

وأوضح أن عدم التنفيذ الفعال أدى إلى ظروف معاكسة للنازحين والسكان المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الإريترية والأمهرة.

من جهتها، ردت الحكومة الإريترية على تصريحات المسؤول التيغراوي ببيان صدر عن وزارة الإعلام، فند ما أسماه "الادعاءات المروجة حول تواجد قوات إريترية داخل إقليم تيغراي الإثيوبي".

وقال بيان أسمرة "إن القوات الإريترية ليست موجودة في أي نقطة خارج حدود البلاد"، مؤكداً "أن الادعاءات الأخيرة تهدف إلى تصدير الأزمات الداخلية نحو الخارج".

ياتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين أديس أبابا وأسمرة، أزمة صامتة بخاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول سعي بلاده لتوفير منفذ بحري على شواطئ دول الجوار وتشكيل قوات بحرية إثيوبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، رأى المتخصص في الشأن التيغراوي محاري سلمون، أن الموقف الجديد لحكومة تيغراي الموقتة، بشأن تعليق المحادثات الثنائية الخاصة بتدابير تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام، يكشف عن انسداد أفق المحادثات الثنائية، "في ظل تلكؤ أديس أبابا بتنفيذ بعض بنود الاتفاقية، لا سيما المتعلقة بإعادة انتشار القوات الفيدرالية ومسلحي الأمهرة من الإقليم الشمالي".

ويضيف "ثمة قضايا أخرى عالقة تتطلب إجراءات قانونية، من بينها إعادة اعتماد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، كحزب سياسي فاعل، بخاصة بعد إزالتها من تصنيف الجماعات الخارجة عن القانون".

أزمة صامتة

ورأى سلمون أن "الحرب في إقليم الأمهرة وعدم قدرة الجيش النظامي على تنفيذ بند نزع سلاح كافة الميليشيات، يحولان دون إلزام قوات الفانو الأمهرية على الانسحاب من المناطق التيغراوية التي احتلتها أثناء تحالفها مع الجيش النظامي في حرب تيغراي (2020/2022)".

ولفت إلى أن هناك تدابير أخرى تتعلق باعادة النازحين وتعويض المتضررين من الحرب، فضلاً عن إطلاق الموازنات المجمدة منذ عام 2020، إذ تطالب الحكومة الموقتة بضرورة حل هذه القضايا قبل الشروع في أي محادثات ثنائية مع أديس أبابا.

ويُقدر المحلل التيغراوي أن أحد الملفات الأكثر تعقيداً يتعلق بالقضية الحقوقية، إذ تنص اتفاقية بريتوريا على ضرورة متابعة المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب، والتطهير العرقي في تيغراي، وتوصي بضرورة عدم إفلات المتهمين بالضلوع في هذه المزاعم من العقاب. ويمثل هذا الملف مطلباً أساسياً للحكومة الموقتة في مقلي، في حين تطرح الحكومة الفيدرالية صيغة أخرى تحت مسمى "العدالة الانتقالية"، وهو ما تعتبره حكومة تيغراي بمثابة تنصل من التزامات بريتوريا للسلام، بخاصة وأنه يحرجها أمام الناخبين التيغراويين.

بدوره رأى المحلل السياسي الإثيوبي، ملكياس قامو، أن "الموقف الذي أعلنته حكومة جيتاشو رضا، بتعليق المحادثات الثنائية مع أديس أبابا، يأتي كمحاولة لكبح جنوح صقور الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، لإدانة الحكومة الموقتة واتهامها بالتماهي مع سياسات أديس أبابا".

ويضيف أن الاجتماعات المفتوحة للقيادات العليا للحزب الحاكم في تيغراي، والتي استمرت أكثر من شهر، كشفت أن ثمة أزمة عميقة بين جناحين داخل الجبهة، الأول يمثله رئيس الحكومة الموقتة والذي يوصف بـ"جناح الحمائم"، وآخر بقيادة الرئيس السابق للإقليم دبرظيون جبر ميكائيل، الذي يوصف بـ"الصقور"، الذي ينتقد سياسات الحكومة الموقتة ويتهمها بموالاة المركز في أديس أبابا.

ويضيف ملكياس أن تعليق المحادثات الثنائية حول تدابير تنفيذ اتفاق السلام، لا يعني وقف التنسيق في الملفات الأخرى، مشيراً إلى الاجتماع الأخير الذي جمع قيادات الجبهة برئيس الوزراء آبي أحمد.

ويوضح المحلل الإثيوبي أن حصر إدارة المحادثات حول تنفيذ اتفاقية السلام بلجنة الاتحاد الأفريقي يتماشى أساساً مع مقررات بريتوريا، إذ إن الاتحاد الأفريقي يعد الوسيط الذي أنجز الاتفاق.

ويضيف أن "الخطوة الأخيرة تبدو دعائية أكثر منها جوهرية، إذ إن إدارة المحادثات من قبل لجنة الاتحاد الأفريقي، لن تخلق واقعاً جديداً، لكن تبعث برسالة للداخل التيغراوي، بأن الحكومة الموقتة لن تفرّط في مقررات بريتوريا، وأنها ملتزمة بتنفيذها بشكل صارم".

سيناريوهات الحل

ورأى ملكياس أن سيناريوهات عدة يمكن قراءتها في ظل الوضع الراهن، فالقضايا العالقة بالأساس تتعلق بعدم توافر المناخ الأمني والعسكري الذي يتيح تنفيذ بعض البنود، وعلى رأسها نزع سلاح كافة الميليشيات واحتكار وزارة الدفاع الوطني للقوة العسكرية في البلاد، مشيراً إلى أن حكومة آبي أحمد تبدو أكثر استعداداً لتحقيق هذا البند، إذ إنها تخوض حرباً في إقليم الأمهرة من أجل هذا الهدف.

وبالتالي فإن تقديرات لجنة الاتحاد الأفريقي لن تحيد عن هذه الرؤية.

ويوضح أن رفض المجموعات المسلحة الأمهرية لمبدأ نزع السلاح، ودخولها في حرب مع المركز، يمنحان الحكومة الفيدرالية أفضلية أمام الوسطاء لتبرير مواقفها حول عدم تنفيذ هذا البند. وبالتالي فإن السيناريو الأقرب أن تتفهم لجنة الاتحاد الأفريقي هذا الموقف، وترجئ تنفيذ هذا البند لحين توافر الظروف الأمنية والعسكرية.

ويقر ملكياس بأن ثمة مخاوف من تدهور العلاقات بين مقلي وأديس أبابا في ظل الضغوط التي تقودها مجموعة "الصقور"، وبالتالي إمكانية تحرك الأذرع العسكرية التابعة للجبهة الشعبية لاستعادة بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الأمهرة. لكن هذا السيناريو غير مرجح في ظل الأوضاع الإنسانية والاجتماعية التي يعيشها الإقليم الشمالي، لا سيما في ظل نذر المجاعة، وعدم جاهزية القوات التابعة للتيغراي. كذلك أن تجدد المواجهات بين قوات التيغراي والأمهرة قد يفتح الباب واسعاً لتحالف أريتري أمهراوي.

ويختم ملكياس أن السيناريو الأقرب للتحقق، يتعلق بإطلاق محادثات مكثفة برعاية الاتحاد الأفريقي، لإيجاد مخارج مناسبة حول الملفات الخلافية، سواء المتعلقة بإطلاق الموازنة، والتكفل بضحايا الحرب، ومواجهة شبح المجاعة، مقابل إرجاء ملف السلاح وإعادة انتشار القوات لوقت لاحق.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير