Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أضر فوز غالاوي بحزب العمال لكنه انتصار أجوف للديمقراطية

استهزأ الرجل الذي يستخدم لغة خطاب مثيرة للجدل بكير ستارمر

على عكس ما يدعيه غالاوي، فإن بريطانيا ليست في وضع يمكنها من بذل الكثير في الشرق الأوسط (إكس)

ملخص

فوز  جورج غالاوي بالانتخابات الفرعية في بلدة روتشديل "صادماً" لأن الرجل معروف بخطاباته التحريضية الذي بدا شبيهاً بترمب أثناء إلقاء خطاب فوزه

مع أن جميع الإشارات كانت تنبئ بأن جورج غالاوي سيفوز في الانتخابات الفرعية في بلدة روتشديل، إلا أن هذا الفوز كان "صادماً".

"صادماً" لأن الرجل المعروف بخطاباته التحريضية، والذي بدا شبيهاً بترمب أثناء إلقاء خطاب فوزه ومعلناً أن "هذا الفوز من أجل غزة" – استهزأ بكير ستارمر وبحزب العمال.

في الواقع، لوضع "الصدمة" في السياق: يمكن تخيل المسألة كما لو أن مايك تايسون، في ذروة إثارة الجدل حوله، فاز بطريقة أو بأخرى في انتخابات فرعية. ربما فاز غالاوي – ملك العدوانية الخطابية، الذي يطربه الشقاق والانقسام – بمقعده، لكنه انتصار أجوف للديمقراطية.

لم تكن ليلة النتائج مناسبة للتحليل النموذجي للبيانات المعتادة للمناطق المتأرجحة، أو فوارق الإقبال، أو التصويت التكتيكي. بدلاً من ذلك، تحولت الانتخابات إلى انتخابات فرعية فوضوية، شابها تهديدات بالقتل، وأعمال تخريب، وارتداء المرشحين سترات واقية من الطعن.

على رغم الارتفاع المفاجئ والمحير في التوقعات لصالح فوز حزب العمال، منذ أن تخلى نائبهم عن مقعده، كان من المقدر لتلك اللحظة دائماً أن تكون لحظة جورج غالاوي. بعد حصوله على 40 في المئة من الأصوات وسط إقبال جيد، وجه غضبه بصورة مباشرة إلى ستارمر، قائلاً: "كير ستارمر، هذا من أجل غزة. ستدفعون ثمناً باهظاً لتمكينكم وتشجيعكم وتغطيتكم للكارثة التي تتكشف في قطاع غزة في فلسطين المحتلة".

لهذا السبب بالذات، لا تخبرنا انتخابات روتشديل الفرعية بأي شيء على وجه التحديد عن الانتخابات العامة المقبلة.

إن النتيجة التي وضعت غالاوي وحزبه الذي يسمى حزب العاملين Workers Party، أولاً، ورجل أعمال مستقل ثانياً، والمحافظين ثالثاً، ومرشح حزب العمال رابعاً، هي بالتأكيد مؤشر ضعيف إلى من سنرى في مقر رئاسة الوزراء، ومن المؤكد أن أحدث عضو يمثل قطاع غزة لن يصعد إلى هذا المنصب في أي وقت قريب.

كما هي الحال دائماً في مسيرته البرلمانية الطويلة والحافلة بالأحداث، سيكون لغالاوي حضور يتسم بالثرثرة والاستعراض في البرلمان، وسيسعد دائماً بطرده من القاعة، وسيكون أشبه بشخصية الشرير في مسرحيات البانتومايم الإيمائي، لكنه لن ينجح في هدفه المعلن المتمثل في "إنهاء الحروب الإمبريالية"، وتحرير فلسطين وإخراج المملكة المتحدة من الـ"ناتو". ومن المحتمل أنه كلما عرف الناخبون أكثر عن غالاوي، أصبح رأيهم فيه أقل تأييداً.

قد تكون هناك بعض التكهنات المبالغ فيها حول اتجاه "أصوات المسلمين" بعد هذه الانتخابات الفرعية، لكن الواقع هو أنه في الانتخابات العامة، لن تشكل أصواتهم كتلة متجانسة. وحتى لو حدث ذلك، فمن غير المحتمل أن تتحول نحو المحافظين أو أن تؤثر بصورة كبيرة في نجاحهم في الدوائر الانتخابية الهامشية.

تتمتع الدوائر الانتخابية التي تضم عدداً كبيراً من السكان المسلمين بغالبية عمالية قوية. وحتى لو كان هناك تحول جزئي في الدعم نحو المستقلين أو مرشحي حزب غالاوي، فمن غير المرجح أن يغير ذلك النتيجة الانتخابية. في المستقبل، إن حدث واستعاد المحافظون قدرتهم على المنافسة مرة أخرى، من المحتمل أن يخلق تصويت حزب العمال المنقسم فرصة لهم للخروج منتصرين (كما حدث تقريباً عندما تدخل غالاوي في باتلي وسبين في عام 2021) [حصل حينها غالاوي على 22 في المئة من الأصوات في وقت حصلت فيه مرشحة حزب العمال على 35 في المئة من الأصوات وبفارق 300 صوت تقريباً عن مرشح حزب المحافظين الذي حل ثانياً].

في الواقع، لا يستطيع أي زعيم لحزب العمال، ولا أي مدافع عن المبادئ الديمقراطية بالعموم، أن ينظر إلى الأحداث التي وقعت في روتشديل دون الاعتراف بالمستوى المثير للقلق من الانقسام والطائفية التي أشعلها جورج غالاوي والصراع في غزة، مما أثر في المعطيات السياسية المحلية للبلدة وعلى الحزب بصورة عامة. إضافة إلى ذلك، فإنه يدفع إلى التفكير في إخفاقات الحزب في معالجة هذه القضايا.

خسر المرشح السابق لحزب العمال أزهر علي مسيرته المهنية بسبب الترويج لنظرية مؤامرة تزعم تورط إسرائيل في تنظيم عمليات قتل لشعبها يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. إن مثل هذا السلوك يثير قلقاً عميقاً ويقوض سلامة الخطاب السياسي.

لقد عبر الناس في روتشديل عن آرائهم، لكن الحقيقة هي أن حزب العمال، والأحزاب الرئيسة الأخرى، هي التي خذلت الناس هناك لا العكس. كان أي مرشح لحزب العمال سيواجه صعوبة في الدفاع عن موقف كير ستارمر، كما كان عليه الحال مع أزهر علي، لكن كان من شأن مرشح أكثر مهارة منه أن يتعامل مع الموقف بطريقة أفضل. وإذا ما استعرنا عبارة عصرية، بوسعنا القول إن روتشديل كانت تستحق ما هو أفضل.

يمكن لحزب العمال هزيمة غالاوي في المرة المقبلة، لكن الأمر يتطلب مرشحاً محلياً قوياً وذو صدقية للقيام بذلك. كان فوز غالاوي في انتخابات فرعية سابقة أكثر إثارة للإعجاب، إذ أظهر قوة حملته وقاعدة دعمه.

كانت المنافسة في برادفورد ويست قبل عقد من الزمان مفاجأة أكبر بكثير من روتشديل، وتمكن غالاوي حينها من الحصول على 55.9 في المئة من الأصوات في ذلك الوقت، في ما كان في السابق أيضاً مقعداً آمناً لحزب العمال. إذا ما وضعنا ذلك مقابل نسبة 39.7 في المئة من الأصوات في روتشديل، ودون مواجهة معارضة حقيقية، فربما يتبين لنا أن التغير الحاصل ليس مزلزلاً تماماً مثلما يدعي غالاوي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بمناسبة نجاحه في مارس (آذار) 2012، أعلن حينها بأسلوبه الطنان المعتاد أن هذا كان "ربيع برادفورد"، في سياق ما افترض أنها انتفاضة عفوية أخرى في موجات الربيع العربي الاحتجاجية التي هزت آنذاك الأنظمة في تونس ومصر وسوريا باسم الديمقراطية. إلا أن الحال لم يستمر في غرب يوركشاير أيضاً.

في برادفورد كانت هناك خيبة أمل محلية كبيرة في شأن السياسة التي اتبعها حزب العمال، والتي استغلها غالاوي بمهارة، ولكن في الانتخابات العامة اللاحقة، في عام 2015، مني غالاوي بهزيمة نكراء على يد مرشحة حزب العمال ناز شاه، في ما كان عاما سيئاً جداً على الصعيد الوطني للحزب الذي كان يتزعمه إد ميليباند. ولا تزال شاه تحتفظ ببرادفورد ويست. وعلى افتراض أن قضية غزة ستهدأ كثيراً مع وقف إطلاق النار الذي سيجري التفاوض عليه قريباً، فقد لا يمكث غالاوي في البرلمان لفترة طويلة جداً.

ظهر حزب العمال كخاسر كبير في تلك الليلة، ليس كثيراً من الناحية النفسية - فهو في النهاية لم يقم بحملة - ومع ذلك سلطت النتيجة الضوء على واحدة من المجالات القليلة التي لا يزال فيها الحزب منقسماً بشدة، لكن الأحزاب الرئيسة الأخرى ليس لديها ما يدعو إلى التفاؤل أيضاً، وخاصة الديمقراطيون الليبراليون. ذات يوم، مثل روتشديل، من كان في حينه نجماً لامعاً، والذي أصبح اليوم ليبرالياً يلاحقه العار، سيريل سميث.

فاز سميث في انتخابات فرعية هناك في عام 1972، وفاز بها الحزب في عام 2005، عندما استعادها حزب العمال في أعقاب حرب العراق – وهو وقت كان فيه حزب غالاوي السابق، حزب الاحترام، على ما يرام بما يكفي لجعل غالاوي يفوز في بيثنال غرين وبو. في تلك المرحلة، كان الديمقراطيون الليبراليون هم الذين اجتذبوا الناخبين الساخطين المناهضين للحرب من حزب العمال، المسلمين وغيرهم، وفازوا أيضاً في انتخابات فرعية في معقل حزب العمال الآمن في ليستر الجنوبية، مرة أخرى بنسبة عالية من أصوات الأقلية العرقية، في عام 2004.

ربما قد يجد شاغل المنصب الحالي جون أشوورث قيمة في التأمل في هذا السياق التاريخي، لكن الديمقراطيين الليبراليين بقيادة إد ديفي الآن أضعف بكثير من أن يكرروا هذا النوع من النجاحات في مناطق العمال. الخلاصة الأوسع هي أن الغضب الشعبي في شأن حرب أجنبية لا يستمر بالضرورة عندما تتلاشى أخبارها من العناوين الرئيسة وتأخذ مزيداً من العوامل المحلية محلها.

كذلك خذل حزب الخضر روتشديل في التخلي عن مرشحهم وفشلهم في توفير بديل قوي.

الخاسر البارز الآخر، وهذا يجب أن يقال، هو حزب إصلاح المملكة المتحدة، الذي كان غير قادر تماماً على الاستفادة من الظروف الغريبة في الأسابيع الأخيرة. حل مرشحهم سيمون دانتشوك، النائب العمالي السابق للمقعد، في المرتبة السادسة، وفاز بحصة أصوات بلغت 6.9 في المئة فقط - وهي في الواقع أقل مما حققه سلفه، حزب "بريكست" في الانتخابات العامة لعام 2019، وأقل بكثير من حزب الاستقلال البريطاني الذي حقق 18.8 في المئة في عام 2015.

تشير الانتخابات الفرعية الأخيرة في ويلينغبورو وكينغزوود، جنباً إلى جنب مع روتشديل، إلى أن الارتفاع الملحوظ الذي حققه حزب الإصلاح في استطلاعات الرأي على مدى العام الماضي ربما وصل إلى مرحلة الثبات، وبخاصة في غياب شخصيات مثل نايجل فاراج أو المنشقين البارزين عن حزب المحافظين مثل لي أندرسون.

في جوهر الأمر، تبدو روتشديل وكأنها حدث منعزل، يشبه إلى حد كبير عضو البرلمان المنتخب حديثاً. لا ينبغي تجاهل أو ازدراء رد فعل المجتمع المسلم – مثل عديد من المجتمعات الأخرى – على الحرب المدمرة في غزة، يحق للناخبين في أي دائرة انتخابية التعبير عن مخاوفهم وتحديد أولوياتهم، بالتالي التصويت وفقاً لذلك – أما الأحزاب فما عليها سوى الاستجابة لتلك الأولويات. هذه هي الديمقراطية.

يتعين على حزب العمال والحكومة مواصلة تقييم موقفيهما من القضية الفلسطينية، لأن الاشمئزاز مما يحدث هناك منذ فظائع "حماس" في السابع من أكتوبر لا يقتصر بتأكيد أتباع الديانة الإسلامية.

في روتشديل أدلى عديد من الناخبين بأصواتهم على أساس مبادئهم، وهو أمر يستحق الثناء. لكن، على عكس ما يدعيه غالاوي في كثير من الأحيان، فإن بريطانيا ليست في وضع يمكنها من فعل كثير في شأن الشرق الأوسط، ولن تكون غزة القضية الحاسمة في الانتخابات العامة. ربما تغيرت التضاريس السياسية، الليلة الماضية، ولكن ليس بهذا القدر.

© The Independent

المزيد من آراء