ملخص
ارتفع مؤشرا أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي والأساس بنسبة 2.6 في المئة في ديسمبر الماضي
كشفت بيانات حديثة عن أن ارتفاعات الأسعار تراجعت بشكل أقل من المتوقع بالسوق الأميركية خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنها لا تزال تقدم لمحة من الارتياح للأميركيين الذين عانوا بعضاً من أشد ارتفاعات الأسعار منذ أربعة عقود.
أظهر المقياس الأول للتضخم لعام 2024 مؤشر أسعار المستهلك، ارتفاعاً بنسبة 3.1 في المئة خلال الأشهر الـ12 المنتهية في يناير الماضي، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، ويمثل ذلك خطوة إلى الوراء عن معدل ديسمبر (كانون الأول) البالغ 3.4 في المئة، وتهدئة كبيرة عن الزيادة البالغة 6.4 في المئة في يناير 2023.
وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.3 في المئة الشهر الماضي، مع ارتفاع كلفة المأوى بشكل متواصل، وهو ما يمثل ثلثي الزيادة، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل. وساعد انخفاض أسعار الغاز محافظ المستهلكين الشهر الماضي، ومع ذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.4 في المئة مقارنة بديسمبر الماضي، وهو أعلى معدل شهري خلال عام.
وفي حين أن أسعار المواد الغذائية لم تعد تتجاوز معدل التضخم الإجمالي، إلا أنها تضرب بقوة على مستوى المطاعم، إذ يرتفع التضخم بنسبة 5.1 في المئة سنوياً، في مقابل متجر البقالة الذي ترتفع أسعاره بنسبة 1.2 في المئة على أساس سنوي.
ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي
وتعتبر التغيرات الشهرية في أسعار المواد الغذائية متقلبة، ويمكن أن تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الأحداث الجوية والأمراض، لكنها تحركت في الاتجاه الخاطئ بالنسبة إلى عديد من الأميركيين. وفي مذكرة بحثية حديثة، قال اقتصادي الشركات في اتحاد الائتمان الفيدرالي البحري روبرت فريك، "استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، وهذه نقطة ألم حقيقية... هناك معدل التضخم الذي ينخفض، ثم هناك وزن التضخم الذي يستمر في الارتفاع. لذلك حتى لو كان لديك ثلاثة في المئة، فهذا يعني ثلاثة في المئة فوق جبل من التضخم يحمله الناس بالفعل".
وكان الاقتصاديون يتوقعون أن يتراجع التضخم إلى 0.2 في المئة خلال يناير 2024 عن ديسمبر 2023، وأن يتباطأ إلى 2.9 في المئة سنوياً، وفقاً لتقديرات المحللين، فيما ارتفع التضخم مقاساً بمؤشر أسعار المستهلك، بنسبة ثلاثة في المئة أو أكثر لمدة 34 شهراً على التوالي، وهي أطول فترة منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. أضاف فريك، "بالطبع ثلاثة في المئة هو إجراء تعسفي، ولكن هذه هي الطريقة التي يفكر بها البشر في الأمر".
ومع ذلك فإن تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر يناير يمثل "تقدماً كبيراً" في المعركة لخفض التضخم، بحسب ما قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين خلال خطاب ألقته في بيتسبرغ. وأضافت "انخفض معدل التضخم الإجمالي بنحو الثلثين منذ ذروته. إن أسعار النفقات المنزلية الرئيسة مثل الغاز والبيض وأسعار تذاكر الطيران انخفضت"، مشيرة إلى أن التضخم في مؤشر أسعار المستهلك انخفض بنسبة ست نقاط مئوية عن ذروته.
وبينما مؤشر أسعار المستهلكين هو مقياس يراقب عن كثب لبيان كيفية تأثير التضخم في المستهلكين في نفقات معيشتهم اليومية، فإن بنك الاحتياط الفيدرالي يستخدم المؤشر كأساس لهدف التضخم بنسبة اثنين في المئة.
وفي ديسمبر الماضي ارتفع مؤشرا أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي والأساس بنسبة 2.6 في المئة و2.9 في المئة سنوياً على التوالي.
كلفة السكن تزيد معدل الإنفاق
في الوقت نفسه تنخفض أسعار السيارات لكن كلفة المأوى لا تزال في ارتفاع، إذ ارتفعت الزيادات السنوية في الأسعار بعد الوباء، وبلغت ذروتها عند 9.1 في المئة خلال يونيو (حزيران) 2022. وفي معركته لخفض هذا التضخم، قدم بنك الاحتياط الفيدرالي 11 زيادة كبيرة في أسعار الفائدة، بدءاً من مارس (آذار) 2022، بهدف سحق الطلب وتثبيط الإنفاق.
وباستثناء فئات الغذاء والطاقة الأكثر تقلباً، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.4 في المئة مقارنة بشهر ديسمبر، ولم يتزحزح المعدل السنوي عن الزيادة البالغة 3.9 في المئة التي أبلغ عنها في الشهر السابق. وأظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلك أن أسعار السيارات المستعملة انخفضت كما هو متوقع في يناير، إذ انخفضت بنسبة 3.4 في المئة على أساس شهري، مما يعكس انخفاض أسعار الجملة والتراجع عن الزيادات التي شوهدت في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر الماضيين.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في "كونفرنس بورد" دانا بيترسون، "على جانب السلع، يكون التضخم صفراً بشكل أساس، من شهر لآخر ومن عام لآخر، وما يمنع التضخم من الانخفاض بشكل أسرع، هو كله في جانب الخدمات، وقد يكون التضخم أكثر ثباتاً في الشركات الموجهة نحو الخدمات، بخاصة بسبب التأثيرات الأشد للأجور وكلفة العمالة الأخرى، وهذا أحد أسباب ارتفاع تضخم أسعار المطاعم بنسبة 5.1 في المئة سنوياً، في مقابل زيادة قدرها 1.2 في المئة على أساس سنوي في متجر البقالة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ذهب عديد من التوقعات إلى انخفاض أسعار المنازل بنسبة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة في المئة خلال عام 2023، بحسب ما يقول فريك، مضيفاً "هذا بالتأكيد لم يحدث، وهذا الانخفاض لن يأتي بسرعة، فكلما طال أمد هذه العوامل وغيرها من العوامل في فرض ضغوط تصاعدية على التضخم الإجمالي، كلما طال أمد اضطرار الأميركيين إلى تحمل أسعار الفائدة المرتفعة لعقود من الزمن، مما يجعل شراء السلع الباهظة الثمن أكثر كلفة والديون أكثر كلفة".
الأجور الحقيقية للأميركيين آخذة في النمو
أثرت ثلاث سنوات من التضخم الأعلى من المعتاد في محافظ المستهلكين ومشاعرهم تجاه الاقتصاد، وانخفضت قياسات معنويات المستهلكين التي تراقب عن كثب مع استمرار ارتفاع الأسعار، ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة تحسن كلا الجانبين، حين تجاوزت مكاسب أجور الأميركيين التضخم، وشعر الناس بتحسن كبير عما كانوا عليه في ما يتعلق بالاقتصاد.
ووصل مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن "كونفرنس بورد" في يناير الماضي إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2021، وبلغ استطلاع منفصل حول المعنويات أجرته جامعة ميشيغان أعلى قراءة له منذ يوليو (تموز) 2021.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع قدم بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك بعض الأخبار الجيدة الإضافية، إذ يعتقد المستهلكون بشكل عام، أن التضخم سيستمر في التباطؤ، ويشعرون بأكبر قدر من التفاؤل في شأن مستقبلهم المالي منذ ما قبل الوباء.
لكن نسبة المستهلكين الذين يعتقدون أنهم سيكونون "أفضل حالاً إلى حد ما أو أفضل حالاً بكثير" بعد عام من الآن هي الأعلى منذ فبراير (شباط) 2020، وفقاً لبنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك، إذ ارتفع متوسط الدخل الحقيقي (المعدل بحسب التضخم) في الساعة بنسبة 0.3 في المئة على أساس شهري، و1.4 في المئة على أساس سنوي، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل الصادرة، في ثامن شهر على التوالي من نمو الأجور الحقيقية بالساعة على أساس سنوي.
وقال الرئيس جو بايدن في بيان حديث، "يظهر التقرير أن نمو الأجور كان الأقوى من أي انتعاش اقتصادي منذ 50 عاماً. في وقت يظل فيه النمو والتوظيف قويين، انخفض التضخم بمقدار الثلثين عن ذروته، لكننا نعلم أنه لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لخفض الكلفة".